الإمبريالية الثقافية

الإمبريالية الثقافية
على الرغم من انتهاء عصور الاستعمار والإمبراطوريات، فإنها تركت إرثًا يتمثل في الإمبريالية الثقافية، وهي “سيطرة الدول الغربية على الإعلام حول العالم، من خلال فرض ثقافتها وآرائها على العالم الثالث، فتدمر الثقافات المحلية، ثم تحل محلها”.

وتتفرع نظرية الإمبريالية الثقافية من «نظرية فرانكفورت النقدية»، التي اهتمت بنقد المجتمعات الرأسمالية الحديثة، وتحولها إلى قفص حديدي يقيد الإنسان، من خلال تحكمها في السياسية والاقتصاد والثقافة والتكنولوجيا والمنصات الإعلامية في المجتمع.
وتعد الإمبريالية الثقافية سلاحًا فعالًا في يد الحضارة الغربية، لما تمتلكه من موارد مادية، تمكنها من صنع غالبية المنتجات الإعلامية حول العالم، بينما يستهلك باقي العالم هذه المنتجات، لأنها أرخص من إنتاج إعلام محلي خاص به، من ثم تتأثر هذه الشعوب بما يُعرَض أمامها على الشاشات، فتقلد كل ما تراه من مظاهر الحضارة الغربية، لأنها لا ترى سواها، مما يؤدي إلى انصياعها التام للغرب.
وترتبط الإمبريالية الثقافية بنظرية المركزية العرقية، التي تقوم على استعلاء شعب على آخر، باعتباره أكثر رقيًّا وتفوقًا من النواحي العلمية والدينية والثقافية، أي إن العرقية هي أساس الإمبريالية، ومن أشهر الأمثلة على ذلك، أن الأنجلو-أمريكان قديمًا كانوا يعدون الهنود كائنات متخلفة بالوراثة، وعبيدًا بالفطرة، وأنهم أكثر منهم تفوقًا ورقيًّا، مما يعطيهم الحق في السيطرة على هذه الشعوب.
وقد ورث الغرب هذه النظرة الاستعلائية من الحضارة اليونانية، فقد كانت أثينا أكبر مالكة للعبيد في منتصف القرن الرابع ميلاديًّا، وعَد أرسطو كل جنس غريب لا يجيد اللغة اليونانية، هدفًا للمطاردة والاستعباد، ثم تطور ذلك الفكر إلى الاعتقاد بأن الأوربيين الإغريق يميلون بالفطرة إلى ممارسة الحرية والعقل، وأن الشرقيين يميلون إلى العبودية، ويفتقرون إلى العبقرية، وبحلول القرن التاسع عشر سيطر الشعور بالفوقية على العقلية الغربية، وشعر الغرب بحقهم في امتلاك الشرق واستعماره بحجة مساعدته على التمدن، ومن هنا اعتقدت أمريكا أنها بتفوقها العرقي والثقافي، يحق لها قيادة العالم.
الفكرة من كتاب إيران وهوليوود: القوة الناعمة لصناعة صورة الآخر
بدأ الصراع الأمريكي الإيراني منذ قيام الثورة الإسلامية في إيران عام ١٩٧٩م، التي أطاحت بالشاه مُحمَّد رِضَا بَهْلَوِي، حليف أمريكا وحامي مصالحها النفطية في الشرق الأوسط، فعدت أمريكا إيران عدوًّا لها، وتهديدًا لمصالحها الاقتصادية في المنطقة، ثم صنفتها دولة إرهابية، بسبب امتلاكها برنامجًا نوويًّا، ودعمها لحركات المقاومة في لبنان وفلسطين، وبعد أن فشلت سياسات الاحتواء والعقوبات الاقتصادية، التي طبقتها أمريكا على إيران، أصبح الخيار الوحيد أمامها هو تغيير شخصية النظام بطرق غير عسكرية، من خلال استخدام أدوات القوة الناعمة.
يتناول هذا الكتاب دراسة أدوات القوة الناعمة الأمريكية تجاه إيران، خصوصًا أفلام هوليوود، التي ركزت على تصوير المجتمع الإيراني في ظل نظام الحكم الإسلامي، كما يناقش العلاقة بين نظرية الإمبريالية الثقافية وشعور أمريكا بالتفوق العرقي، الذي يجعلها تؤمن بأحقيتها في الهيمنة على ثقافات الآخرين، كما يقدم تحليلًا مفصلًا لبعض نماذج أفلام هوليوود عن إيران.
مؤلف كتاب إيران وهوليوود: القوة الناعمة لصناعة صورة الآخر
د. حوراء حوماني: كاتبة لبنانية، وأستاذة جامعية في كلية الإعلام بالجامعة اللبنانية، وباحثة في مجال الإعلام والاتصال، حصلت على درجة الدكتوراه في علوم الإعلام والاتصال من المعهد العالي للدكتوراه في الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية بالجامعة اللبنانية، وعملت إعلامية في قناة المنار، وصحفية لعدد من الصحف اللبنانية، آخرها جريدة الأخبار، كما أنها عضوة في الرابطة العربية للبحث العلمي وعلوم الاتصال «AARCS»