اصطياد الجواهر البشرية
اصطياد الجواهر البشرية
إنَّ التقاط المتفوقين من بين حشد هائل ليس بالأمر اليسير -عزيزي القارئ-، ولكنه ضرورة لتنمية قدراتهم واستغلال طاقاتهم التي ربما يُساء توجيهها أو تضيع هباءً إذا أُهملت لردح من الزمان، فكيف لنا اصطياد تلك الجواهر البشرية الصغيرة؟
يتم الاعتماد على السجل الجمعي ودراسات الحالة بجانب اختبارات الذكاء العام والمهارات الإبداعية لتجميع أكبر قدر من البيانات والتأليف بينها، ويمكن جمعها خلال أطوار عمرية مختلفة، ولا ريب أن الاكتشاف المبكر -في مرحلة الروضة والمدرسة الابتدائية- يحقق قدرًا أكبرَ في تنمية المتفوقين، ويمكن معرفة الطفل المتفوق بواسطة الملاحظة المباشرة لأنشطة الطفل وسلوكياته في حجرة الدراسة وساحات اللعب مثل قوة التعلم والحفظ دون الحاجة إلى التكرار، وحضور البديهة وسرعة الفهم، وطرح أسئلة ذات مغزى، والصبر على نشاط لمدة طويلة، وتفضيل الألعاب الذهنية.
ويتم استعمال مقاييس خاصة مثل مقياس وكسلر لذكاء أطفال ما قبل المدرسة للقدرات العقلية، ومقياس تورانس للأداء والحركة الذي يكشف القدرات الإبداعية، كما أن اختبارات الذكاء الجمعية والفردية من الأدوات الأساسية للتعرف على الموهوبين، والاختبارات الفردية أدق، لكن تُكلف وقتًا وجهدًا وتحتاج إلى المتخصص لتفسير النتائج، ومن أشهر المقاييس اختبار ستانفوردبينيه ويميزه أنه يقيس القدرات الحالية ولا يعني بالخصائص الفطرية، ويعيبه عدم اقتصاره على تقويم الذكاء العام بل تتداخل القدرات الأخرى بنسبة 50٪ تقريبًا، كما أن نتائجه تتأثر بعادات الطفل الانفعالية مثل الخجل من الأغراب، ويركز على قدرات الجانب الأيسر من الدماغ (التفكير المنطقي) دون الأيمن (التفكير الإبداعي).
ولرأي معلم الفصل ثِقَل إذا كان مدربًا على التعامل مع الموهوبين وكيفية اكتشافهم، ولكن الواقع أن أكثر المعلمين يرتبون التفوق على التحصيل الدراسي ودرجة الاختبارات وقد يضيقون ذرعًا بأسئلة الطفل وطموحاته العالية التي قد تفوق قدراتهم أنفسهم! أما أولياء الأمور فنظرتهم أدق لكثرة الاحتكاك وشمولية النظرة، ولكنَّ كثيرًا من الآباء يجهلون ماهية التفوق العقلي، أو يضعون له تصوُّرات خاطئة نتيجة المبالغة في تقدير الأبناء.
الفكرة من كتاب المتفوقون عقليًّا
لم تكن رعاية المتفوقين وأصحاب القدرات الخارقة ترفًا من الفكر أو نفلًا من العمل بل واجب تربوي ضروري لتحسين المجتمع، ومسألة جوهرية في أي نظام تعليمي يهدف إلى تخريج الكوادر والكفاءات. لكن ما معنى التفوُّق العقلي؟ وكيف نكتشف المتفوقين؟ وكيف نضع برامج مناسبة لرعايتهم يمكن تطبيقها بمرونة واحترافية وتحديد دور الأسرة والمدرسة والمتخصصين فيها؟ في هذا الكتاب يُسلِّط المؤلفان الضوء تجاه تلك الأسئلة وغيرها، محاولَين التوفيق بين الإجابات المتعددة لها.
مؤلف كتاب المتفوقون عقليًّا
د. عبد الرحمن سيد سليمان: أستاذ ورئيس قسم التربية الخاصة بجامعة عين شمس، تخرَّج في الجامعة عام 1974 ثم خلال عامين اجتاز دبلومة الصحة النفسية والتربية الخاصة، قبل أن ينال درجتي الماجستير والدكتوراه.
له إسهامات عديدة في مجال تربية الأطفال والمراهقين، ومن أبرز مؤلفاته: “مناهج البحث التربوي”، و”الذاتوية.. إعاقة التوحد لدى الأطفال”.
د. صفاء غازي أحمد: كاتبة وأكاديمية مجتهدة، تدرَّجت حياتها المهنية من الخدمة بوزارة التربية والتعليم إلى مدرس مساعد بكلية التربية جامعة عين شمس إلى أستاذ مساعد بقسم علم النفس بجامعة الملك سعود، ودرست في كلية الآداب قسم علم النفس، ثم حازت بعد تخرُّجها أربع درجات علمية شملت دبلومتين تربويتين وشهادتي الماجستير والدكتوراه. ومن أبرز مؤلفاتها: “المرجع في التربية الخاصة”.