إيطاليا.. صناعة تاريخ بالقوة
إيطاليا.. صناعة تاريخ بالقوة
إن أول ما لفت بنيتو موسوليني إلى الاهتمام الوطني كان عام 1912، حيث كان زعيمًا للجناح الراديكالي للحزب الاشتراكي الإيطالي المناهض لجوليتي وحربه في ليبيا، ثم انحاز عام 1915 إلى جانب القوميين ودخلت إيطاليا الحرب التي نجحت في تغييرها ولم تخلق الوحدة الوطنية التي حلم بها القوميون، بل على العكس أدت إلى إضرابات، وسرى انخفاض الروح المعنوية للشعب من الجنود جراء الهزيمة، والتحقت النساء ببعض الوظائف التي كانت مخصصة للذكور، ولم تتسبب الهزيمة في إثارة الرأي العام إلا في وقتٍ متأخر، وعملت الاضطرابات الاجتماعية المستمرة على تفاقم الغضب القومي، واحتلت المصانع وعمد العمال المعدمون إلى احتلال الأراضي غير المزروعة.
وحقَّق الحزبان الاشتراكي والكاثوليكي مكاسب كبيرة في الانتخابات العامة عام 1919، وفي ظل هذه الظروف تحولت الفاشية إلى حركة جماهيرية، ولم يكن موسوليني فاشيًّا بمعنى الكلمة، وقد ضمَّت عصبة المناضلين التي أسَّسها في ميلانو أطيافًا مختلفة من العسكريين السابقين والنقابيين والمستقبليين، وفصل موسوليني الدين عن السياسة ومنح المرأة حق التصويت، ولم تحظَ الفاشية بأصوات كثيرة عام 1919 إلا أنها بدأت تكسب المزيد من المؤيدين مع بلوغ غضب طبقة العاملين ذروته، وبدأت الكتائب الفاشية حملات الترويع، وبحلول عام 1922 نجح الفاشيون في تولي تطبيق القانون والنظام في العديد من المناطق الريفية وبلغ عددهم ربع مليون، وقدم كبار الملاك لهم التشجيع والأموال بعد أن يئسوا من فض إضرابات العمال، ثم أمسكوا بزمام الحكومة.
وقد هاجم الفاشيون اليساريين، وعندما تولى موسوليني رئاسة الوزراء في 29 أكتوبر 1922 تفكَّك الحزب الكاثوليكي نتيجة الهجمات عليه وزوال دعم الكنيسة، وعدَّل موسوليني قانون الانتخابات بما يضمن فوز الفاشيين بأغلبية البرلمان عام 1924، وفي يناير 1925 أعلن موسوليني عن إقامة نظام فاشي حقيقي، وبحلول نهاية العام كانت المعارضة السياسية قد تمَّ حظرها وقُمِعت حرية الصحافة وأُلغيَت انتخابات الحكومات المحلية، وبحلول عام 1943 احتلت قوات الحلفاء إيطاليا ودبرت مؤامرة لعزل موسوليني من منصبه، وتحولت إيطاليا إلى ساحة حرب، وسجن موسوليني، ثم أخرجته قوات الألمان ليظل حتى نهاية الحرب رئيسًا صوريًّا لدولة تسيطر عليها ألمانيا.
الفكرة من كتاب الفاشية: مقدمة قصيرة جدًّا
يزخر التاريخ بالعديد من المصطلحات والأحداث، منها الفاشية، فما هي، وكيف نشأت، وما الأفكار التي انبثقت عنها، وما الذي سبقها من تدبير؟ كل هذا وأكثر نعرفه في ضوء هذا الكتاب الذي يعد شرحًا لمصطلح الفاشية وأحداثه التاريخية وما صاحبه من أفكار وعداءات.
مؤلف كتاب الفاشية: مقدمة قصيرة جدًّا
كيفن باسمور: كاتب ومحاضر في مادة التاريخ في جامعة كارديف، حصل على درجة البكالوريوس في التاريخ الأوروبي الحديث والدكتوراه من جامعة وارويك، ومن بين مؤلفاته: “من الليبرالية إلى الفاشية: اليمين على أرض فرنسية”، و”تسجيل تواريخ وطنية: أوروبا الغربية منذ عام ١٨٠٠م”، و”المرأة والنوع واليمين المتطرف في أوروبا، ١٩١٩: ١٩٤٥م”.