إلى أين ينتهي بنا مطاف الإدمان؟

إلى أين ينتهي بنا مطاف الإدمان؟
مطاف الإدمان تحفُّه الأضرار من كل جانب وينتهي بمضاعفات لا حد لها ولا حصر، منها المضاعفات العامة كفقدان الوزن وضعف المناعة وحساسية الجلد أو الصدر، وكذلك منها المضاعفات الموضعية، أي التي تحدث في موضع الحقن كالخراج وتليف الأوردة وإصابة الأعصاب، ومنها أيضًا مضاعفات الجهاز التنفسي وعلى رأسها الإصابة بمرض الدَّرَن أو السُّل والالتهاب الشعبي المزمن ومختلف أنواع سرطانات الجهاز التنفسي، بالإضافة إلى مضاعفات القلب والدورة الدموية، كارتفاع نسب الإصابة بجلطات القلب والأوعية الدموية

واضطراب ضغط الدم وانفجار الشرايين، وقد تحدث أيضًا جلطات وخراريج على المخ أو الحبل الشوكي نتيجة الحساسية من المواد المغشوشة التي تختلط بالمواد المخدرة، وغير ذلك تحدث مضاعفات الجهاز الهضمي بداية من الحموضة، وقرح المعدة، والإمساك المزمن، والإصابة بفيروسات الكبد المختلفة خصوصًا فيروس C، انتهاءً بتليف الكبد والفشل الكبدي وسرطانات الجهاز الهضمي، كما يتضرر الجهاز البولي أيضًا وتزداد حصيات الكلى واحتباس البول والفشل الكلوي وسرطانات المثانة والكلى، وبالطبع يكثر تسوس الأسنان ومشكلاتها وكسور العظام، وننهي هذه المجموعة المأساوية من الأمراض بالعقم والعجز الجنسي وزيادة خطر الإصابة بالأمراض المنقولة جنسيًّا وأولها الإيدز
كما رأينا قائمة مطولة من المضاعفات الجسدية، توجد أيضًا قائمة تنافسها في الطول والخطورة وهي قائمة المضاعفات النفسية، التي قد تنتج بسبب الإدمان، أو في أثناء فترات الانسحاب، أو التي كانت موجودة من قبل وهي السبب وراء اللجوء إلى الإدمان، لكنها ازدادت خطورة بعد الإدمان، وتنقسم الأمراض النفسية ثلاث فئات أساسية: الأولى هي الأمراض الذُّهانية، والثانية هي الأمراض العُصابية، أما الثالثة فهي اضطرابات الشخصية. ولنبدأ مع الأمراض الذُّهانية.. وهي خلل يصيب العقل فيفصل المريض عن الواقع ويجعل أفعاله وأقواله غريبة غير منطقية، ويبدأ في رؤية هلاوس سمعية أو بصرية ويعتنق ضلالات معينة ويؤمن بها بشدة، ومن المستحيل إقناعه بخطئها،
كأن يعتقد أنه المهدي المنتظر أو أنه مُضطهَد وتراقبه الكاميرات أينما ذهب، وأبو كل الأمراض الذُّهانية هو الفُصام أو الشيزوفرينيا، ويميَّز مرضى الفُصام من غيرهم بأنهم لا يؤمنون بكونهم مرضى، أو بمعنى آخر يفقدون الاستبصار بحالتهم. أما الأمراض العُصابية فيكون الفرد فيها عاقلًا مستبصرًا حالته بشكل كامل، وله القدرة على اتخاذ القرار والتصرف والتحدث بشكل منطقي، وإنما تكون المشكلة على مستوى المشاعر وطرائق التفكير، وأشهر الأمراض العُصابية الاكتئاب والقلق والوسواس القهري. وآخر نوع من الأمراض النفسية هو اضطرابات الشخصية، وهي أنواع عدة، لكن تزداد منها بين المدمنين بشكل خاص اضطرابات الشخصية الحدية والشخصية المضادة للمجتمع أو السيكوباتية.
الفكرة من كتاب المخدرات والإدمانات الأخرى.. ما هي؟ وما أسباب تعاطيها؟ وما مضاعفاتها؟
المخدِّرات! هذه الكلمة المخيفة التي لا ننطقها في سلام أبدًا، إنها ليست مجرد حروف يرتص بعضها بجوار بعض لتكوّن كلمة، وإنما هي سلاسل وأغلال وسعير تجتمع لتصبح سجنًا أشبه بالجحيم، لنترك مخاوفنا وتخيلاتنا ونذهب إلى العلم ونسأله.. لماذا لا ننطق الكلمة في سلام؟ وماذا تكون المخدِّرات وغيرها من الإدمانات؟ أهي فقط مواد كيميائية أم تمتد إلى أكثر من ذلك؟ ولماذا يلجأ إليها البعض ويلقي بنفسه في التهلكة؟ وما الذي يلقاه المدمن في نهاية إدمانه؟ دعونا نرَ هل الحقائق العلمية مخيفة كما في خيالنا أم سنعرف أشياء مغايرة!
مؤلف كتاب المخدرات والإدمانات الأخرى.. ما هي؟ وما أسباب تعاطيها؟ وما مضاعفاتها؟
د. إيهاب الخراط: استشاري الطب النفسي، تخرج في كلية الطب بجامعة القاهرة عام 1982، وحصل على درجة الدكتوراة من جامعة «كنت» بإنجلترا، وهو مؤسس مؤسسة الحرية لعلاج الإدمان وإعادة التأهيل ومديرها، وتضم المؤسسة 38 مركزًا علاجيًّا وتأهيليًّا، بالإضافة إلى كونه الرئيس السابق للتجمع العالمي للتعامل مع التعاطي والإدمان الذي يضم أعضاءً من 75 دولة.
من أعماله:
التعافي من الإدمان.. أساسيات المشورة وإعادة التأهيل.