ألمٌ بنكهة الحداثة
![](https://a5dr-wp.fra1.cdn.digitaloceanspaces.com/bookidea/qMYF20Uj-70-1.jpg)
ألمٌ بنكهة الحداثة
تعتمد الكاتبة في إجابة السؤال على دراسة المُجتمع الأوروبي بشكل أساسي، فتعقد المُقارنة أولًا بين طبيعة الروابط الرومانسية بين الرجل والمرأة في أوروبا في عصر ما قبل الحداثة وعصر الحداثة، وتقصد الكاتبة أن عصر الحداثة هو الفترة التي تلت الحرب العالمية الأولى، والتي شهد العالم فيها انتقالًا من عالمٍ قديم إلى عالمٍ جديد، من عالم كان الدين، والجماعة، والاستقرار، والنظام مُتمثِّلًا فيه؛ إلى عالمٍ تسوده العلمنة، وانعدام اليقين، وانحلال الروابط المجتمعية، والاقتصاد الرأسمالي.
![](https://sp-ao.shortpixel.ai/client/to_auto,q_glossy,ret_img/http://a5dr.com/bookidea/wp-content/uploads/2021/02/old-min-1.jpg)
فقد كانت الروابط الرومانسية قديمًا تقوم على قيم اجتماعية، بمعنى أن المعاناة التي يلقاها المُحبُّون تكون في الغالب عقبات اجتماعية، كاختلاف الطبقة بين الطرفين، أو بعض القيود الثقافية كالعادات وغيرها، فقد كان التوافق الاجتماعي والاقتصادي شرطًا للحُب، أي إنها عوامل خارِجة عن الإنسان ذاته.
لكن في عصر الحداثة سادت فكرة الفردنة، وصار الإنسان هو المسؤول عن كُل شيء؛ الإنسان بوصفه ذاتًا لا جماعة، وذلك لأن تلك الذات تشكَّلت وفق ترتيبات مؤسَّساتية، فالمشكلة ليست في طفولة مختلَّة، أو في نقص الوعي الذاتي؛ وإنما حقيقتها التوترات الاجتماعية والثقافية، ما أدَّى إلى تشكُّل هويَّة حديثة ناتجة عن النموذج الاقتصادي الاستهلاكي، ومن ثورة الفردانية، ومن علم التحليل النفسي الحديث الذي يضع على كاهلنا جميع مآسينا، فحتى تتعافى لا بد أن تعرف ذاتك! حتى تعيش سعيدًا؛ يجب أن تبحث عن ذاتك! وهذه الفكرة بطبيعتها تتفق مع المزاج الفرداني الليبرالي.
وبالتالي فالمعاناة بين المُحبِّين حديثًا تعكس وضع الذات لا الظروف المُحيطة، على عكس القديم، وهذا بدوره شكَّل ألمًا من نوعٍ آخر، ولفهم هذا الألم الجديد يُمكننا فهم الذات الحديثة من خلال ثلاثة جوانب: تشكُّل الإرادة، كيف نريد شيئًا ما؟ والاعتراف، ما الذي يمنح إحساسنا القيمة؟ وأخيرًا: الرغبة، ما الذي نتوق إليه، وكيف؟
الفكرة من كتاب لماذا يجرح الحب: تجربة الحب في زمن الحداثة
لماذا يجرح الحُب؟ يُبدو السؤال في ظاهره سؤالًا مشوِّقًا لكثيرين مِمَّن مرُّوا بتجارب حُب مؤلمة، ولكن الحقيقة أن هذا الكتاب يُقدِّم الإجابة بشكل مُختلف، إذ إنه تحليلٌ اجتماعي مُقارن بين عصرين؛ الحداثة وما قبلها، فالحُب في كُل الأزمنة له حالاته المُصاحبَة بالألم، لكن في كتابنا توضح الكاتبة أن ألم الحُب في عصر الحداثة يختلف عن أيِّ ألمٍ للحُب في كل عصرٍ قبلها.
وذلك بسبب تغيُّر العديد من العوامل الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي بتغيُّرها تغيَّرت طبيعة الروابط الرومانسية، وقد حاولت الكاتبة توضيح تلك التغيُّرات من خلال تحليلها للنصوص الأدبية، وقيامها بعدد كبير من الحوارات واللقاءات مع عدد من الناس لتقيِّم حقيقة هذه التغيُّرات ومدى تأثيرها، لتُقدِّم لنا نتيجة هذه الدراسة وهذا التحليل في كتابنا.
مؤلف كتاب لماذا يجرح الحب: تجربة الحب في زمن الحداثة
إيفا إيلوز: عالمة اجتماع وُلِدت في مدينة فاس بالمغرب سنة 1961م، وكانت نشأتها في فرنسا وفي فلسطين -الأرض المُحتلَّة- والولايات المتحدة الأمريكية.
ركَّزت في مؤلفاتها على دراسة التقاطع بين تأثير الاقتصاد والثقافة في العاطفة والمشاعر، كما قامت بالكتابة في مواضيع مختلفة كالأدب والسياسة والشؤون الاجتماعية، وقد دُعِيَت لإلقاء المحاضرات في بلاد مختلفة، وفازت بعدد من الجوائز الدولية.
ألَّفت عددًا من الكُتب في عدَّة مجالات، منها:
Oprah Winfrey and the Glamour of Misery: An Essay on Popular Culture.
حميميات باردة: تشكيل الرأسمالية العاطفية.
معلومات عن المُترجم:
خالد حافظي: تونسي الجنسية، ويعمل أستاذ لغات ومترجمًا، وقد قام بترجمة عدد من الكُتب، ومنها:
الفلسفة: من الذي يحتاج إليها؟
هل يستطيع التابع أن يتكلم؟