أكثر من مجرد عنوان!
أكثر من مجرد عنوان!
“لا تأكل نفسك” مقال من أقوى وأشهر ما دونه الأستاذ عبد الوهاب مطاوع، لهذا اُختير عنوانًا للكتاب، وبالنظر إليه فإن أول ما يتبادر إلى الذهن عن طبيعة النص أنه عن التوتر والضغط، وهذا صحيح تمامًا، لكن أين تبدأ القصة؟
تبدأ القصة بكاتبنا المنهمك على دراسته في منحة حازها في إنجلترا، وفي أثناء انكبابه على الكتابة وجه إليه المحاضر سؤالًا غريب الوقع لم يسبق أنه سمعه “ماذا يأكلك؟”، فيما بعد أدرك أنه مصطلح اعتاد الإنجليز استخدامه مجازيًّا للإشارة إلى أثر الاكتئاب والقلق، وهو ما استرعى تفكير الكاتب وتأمله، منتوج هذا الفكر هو حقيقة علمية، فتوتر الأعصاب ينهش الجسد، يبدأ بالعصارة الهضمية فيحيلها إلى مادة كاوية تذيب جدار المعدة، وهكذا ينتقل أثره من عضو إلى عضو، حتى يودي بحياة صاحبه، ولا يستحيل أن تكون أشد الأمراض المستعصية كبعض أنواع السكري وأمراض المخ والقلب ذات صلة بهذا الشعور المهلك، فكما قال وليم جيمس مؤسس علم النفس الحديث: “إن الله يغفر أخطاءنا، لكن جهازنا العصبي لا يغفرها لنا أبدًا”.
هكذا مشاعر سلبية لا تخلو منها الحياة نتيجة ما يحيط بالإنسان من مخاوف كرهبة الموت وفقدان الأحبة، وخسارة الوظيفة والفشل وضغوطات الالتزامات الأساسية، لكن إن تجاوزت تلك المشاعر حدها الطبيعي وصارت مؤثرًا يحد من أداء المهام، فيجب على الفرد تدارك صحة جهازه العصبي أولًا، ومحاولة كسر تلك المشاعر باختلاف مسماها، وجعلها نقطة انطلاق محورية بهدف التغيير إلى الأفضل واكتساب مقومات وصفات حياتية تعين على النجاح.
الفكرة من كتاب صديقي لا تأكل نفسك
“صديقي لا تأكل نفسك” جملة معدودة الكلمات يطول فيها الشرح وتنبض بها الحكمة، فهي خلاصة ما مر به الكاتب في إحدى مرات سفره مصوغة في قالب مقالي، وعلى هذا النمط الأدبي خرج لنا هذا الكتاب حاويًا مجموعة من المقالات المختلفة يبلغ عددها الخمسة وعشرين مقالًا في المواقف الاجتماعية والحياتية التي عايشها، والتأملات الفكرية التي مر بها، أي أنه يكتب أبرز ما مر به من قصص تخرج المكتئب من طور حزنه، وتسلي الضجر، وترشد الهائم في اختيارات الحياة، بما يحقق أقصى استفادة ممكنة، وها نحن نقدم عصارتها المكثفة لك قارئنا، ذاكرين مقاطع مختارة لأكثر ما احتواه تأثيرًا؛ كي تنهل وتسترشد من خبرات أحد أبرز كُتاب العصر الحديث.
مؤلف كتاب صديقي لا تأكل نفسك
محمد عبد الوهاب مطاوع الكاتب الصحفي مخموم القلب خفيف الكلام، ولد -رحمه الله- في مصر عام 1940، درس الصحافة بكلية الآداب جامعة القاهرة عام 1961، وعمل محررًا صحفيًّا بقسم التحقيقات في جريدة الأهرام المصرية ثم سكرتيرًا للتحرير، ثم نائبًا فمديرًا للتحرير في ذات الصحيفة، كما شغل رئيس تحرير مجلة الشباب.
وله العديد من المناصب المرموقة الأخرى التي شغلها طيلة حياته، ولا ينسى منها ما كان يشرف عليه من باب بريد الجمعة وباب بريد الأهرام اليومي، حيث عدها كمنصة تعينه على قضاء حوائج الناس وتقديم الاستشارات في مختلف الأمور الحياتية بأسلوبه الراقي اللين، لذا كان حقًّا أن يلقب بـ”صاحب القلم الرحيم”، ومن أهم أعماله وأكثرها رواجًا: “وقت للسعادة ووقت للبكاء”، و”أقنعة الحب السبعة”، و”قالت الأيام”، و”طائر الأحزان”.