عين العقل
قرأ أوليفر كتابًا بعنوان “لمس الصخور: تجربة مع العمى” يشرح فيه كاتبه جون هال تجربته مع فقدان البصر، ويذكر خصيصًا ما عاناه من ضعف تدريجي في الصور البصرية حتى اختفت تمامًا، وهي حالة سُمِّيت بالعمى العميق، وقد استاء هال من هذا الأمر في البداية لكنه تقبَّله، وشعر أن فقدان الصور البصرية ساعده على تطور حواسه الأخرى، وكأنه يبصر بكامل جسده، ويُفسِّر هذا ما اكتشفه العلماء عن مرونة الدماغ، حيثُ تُستخدم مناطق القشرة البصرية عند من ولدوا مكفوفين، لمعالجة الصوت واللمس.
تلقَّى أوليفر رسائل غاضبة من أشخاص مكفوفين بعد كتابته عن حالة هال لأنهم لم يمروا بنفس التجربة ولم يفقدوا صورهم البصرية، ما جعله يتساءل عن صحة اعتباره لحالة هال بأنها الحالة النموذجية، خصوصًا بعد تلقِّيه رسالة من عالم نفس أسترالي اسمه زولتان توري أصيب أيضًا بالعمى، لكنه عزم على تطوير عينه الداخلية وقدراته على التصوُّر البصري، وبالفعل استطاع بناء عالم بصري افتراضي بدا له أكثر واقعية، وتوسَّع أوليفر أكثر وقرأ العديد من المذكرات في هذا الصدد، واكتشف أن كل شخص يتعامل ويتكيَّف مع العمى بشكل مختلف.
من ضمن التكيفات المذهلة التي قد تكشفها حالات العمى، ما يُسمَّى بالرؤية الوجهية، وهي القدرة على استخدام منبهات الصوت أو اللمس للشعور بحجم أو شكل شيء ما، وكتب الفيلسوف مارتن ميرجن الذي أُزيلت كلتا عينيه في سن الثانية أن الأشخاص الذين يولدون مكفوفين ويتمتعون بسمع طبيعي يسمعون الأشياء عندما تكون في يدهم.
وبناءً على هذه المعلومة، صنع عالم يُسمى باخ واي ريتا أداة تسمح للكفيف بتكوين صورة لمسية لبيئته، من خلال استخدام شبكات من الأقطاب الكهربائية على اللسان، وبالفعل استطاع مرضاه باستخدام هذا الجهاز تكوين صورة على اللسان نفسه، وأُجريت هذه التجربة على أشخاص مكفوفين خلقيًّا أيضًا وحقَّقت النجاح.
الفكرة من كتاب عين العقل
يسرد طبيب الأعصاب أوليفر ساكس عددًا من الحالات الطبية المثيرة للاهتمام التي مرَّت عليه، ويشتركون جميعًا في الإصابة بأمراض عصبية مختلفة أثَّرت في قدرتهم على رؤية وإدراك العالم من حولهم، ويسلِّط الطبيب الضوء على كيفية تكيُّف كل شخص مع حالته ودور العقل البشري في إيجاد طرق مبتكرة ليساعد صاحبه على التعامل مع عالمه المتغير.
مؤلف كتاب عين العقل
أوليفر ساكس: طبيب أعصاب بريطاني، وكاتب، قضى حياته المهنية في الولايات المتحدة الأمريكية، وحاز رتبة القائد في رتب الإمبراطورية البريطانية، وكان عضوًا في جمعية الكلية الملكية للأطباء في بريطانيا.
من أعماله: “الرجل الذي حسب زوجته قبعة”، و”أريد ساقًا أقف عليها”.
معلومات عن المترجمة:
ياسمين العربي: مُترجمة تخرجت في كلية الدراسات الإنسانية، قسم اللغة الإنجليزية وآدابها والترجمة الفورية، بجامعة الأزهر، عام ٢٠٠٩، وتعمل حاليًّا في مؤسسة هنداوي في وظيفة مترجم أول.
من ترجماته: “هدنة لالتقاط الأنفاس”، و”قانون رجال العدالة الأربعة”.