هل اهتم الإنسان بمعرفة نفسه؟ في الواقع إن اهتمام الإنسان بالإجابة على هذا السؤال اختلف على مر الزمان، فقد بلغ أوجَه في العصور اليونانية والرومانية القديمة وانحسر قليلًا بعد ذلك، بل مؤخرًا قد تم تجاهل هذا التساؤل في عصر العلم …
مشى موكب العزة الصغير الجليل في الصحراء الواسعة الساكنة، حتى أشرف على المدينة واستقبلته الجموع المؤمنة الغفيرة، فكان هذا أول النصر والتمكين وابتداء التاريخ لسائر المسلمين.
هو موسم من أعظم مواسم الإسلام، موسم مليء بالذكريات، والخطباء يتحدَّثون فيه عن أمجاده، وينشد الشعراء مآثره، إنه الحدث الذي لا تُشبهه الحوادث، حدث أكرم ما يكون على التاريخ، وأسمى من مآثر الأمم جميعها، إنها هجرة النبي العدنان من مكة …
رحلة الإسراء والمعراج، من مكة إلى بيت المقدس، رحلة لم تُصدِّقها قريش، وكذَّبت قول الصادق الأمين لعجز عقولها عن تصوُّر ما جاء به من لا ينطق عن الهوى، لكنهم برغم سمته الصادق فإن الحكاية كانت أعظم من تصوُّراتهم.
إن الآيات القرآنية والأحاديث الصحيحة قد بيَّنت أن محمدًّا (صلى الله عليه وسلم) وُلِد ورُبِّي كما كان يحدث لأبناء قريش، غير أن الله سبحانه عصمه من عبادة الأصنام ومن الغشِّ والكذب ومن كل ذنوب اللسان، ونزِع من قلبه الشريف كل …
إن القرآن الكريم قد بيَّن بيانًا صريحًا لا شكَّ فيه ولا غموض ولا مجال لتبديل ولا تأويل، بأنه (صلى الله عليه وسلم) بشرٌ يُوحى إليه من رب العالمين، كما كان يوحى إلى الأنبياء جميعهم من قبله، ولا يوحى إلى أحدٍ …
إن العُظماء يكونون عظماء في أقوامهم فقط، ينفعونها بقدر ما يضرُّون غيرها، أو تكون عظمتهم عالمية الأثر لكن في جانب محدود فقط دون غيره، أما محمدٌ (صلى الله عليه وسلم) فكانت عظمته عالمية المدى والأثر، وكانت شاملةً في تفاصيلها وأركانها …
تاريخ الأمم ليس شيئًا جامدًا ولا يسير على وتيرة واحدة، لذا تعدَّدت العوامل الرئيسة المحركة للتاريخ، فالعالم إلى وقت قريب كان يترنَّح ما بين آلهة دينية وأحزاب سياسية وجماعات عرقية، واقتصر أثر الثورات والحروب في الغالب على تغيير الأسماء ليس …
إذا كانت هناك عوامل لتكون الأمم والحضارات وتدعيم قوائمها، فيمكن القول حينئذٍ إن إنهيار تلك الأمم وتحلُّلها يبدأ بنقض تلك الأركان وتهدُّمها، فالآلهة مثلًا ضرورة أوجدتها الحاجة البشرية، ومن ثمَّ تعد ركنًا أساسيًّا في البناء الحضاري، وعلى ذلك فالحضارات إنما …
إذا كانت الفلسفة هي البحث عن ماهية الأشياء، فعلى ذلك تكون فلسفة التاريخ هي كنهه وماهيته، ولمعرفة ماهية الأشياء يتم تجزئتها إلى عناصرها الأولية البسيطة، فإذا كان التاريخ يُعبر عنه كوحدة موضوعية واحدة إلا أنه ينطوي على العديد من العناصر …
يتكوَّن تاريخ الأمم من سجل حافل بالأحداث والوقائع، كما يمتاز كذلك بالتطور والتجدد المستمر كموجات البحر المتتابعة، فمن إنسان بدائي محدود الذكاء مُسيَّر بقسوة الهمجي إلى إنسان الإنترنت والمعلومات، ومن الطبيعي أن تصاحب تلك الموجات من التطور تحوُّلات اجتماعية تختلف …
انتهج المؤرخون عددًا من المناهج المختلفة ما بين الغث والثمين في تسجيل الوقائع والأحداث المختلفة، فبعضهم انتحل أسلوب الروائي في كتاباته، فهو لا يعدو أن يكون مجرد آلة ناسخة للقصص والحكايات على غرار قولهم إذا جمعت فقمِّش، وبعضهم كان يتعامل …
تعدُّ الرغبات والغرائز، ومفاهيم كاللذة والألم، هي الباعث الأول على النشاط الإنساني بصفة عامة، ومن هذا المنطلق يمكن اعتبار الحيوان مجرد آلة لمصفوفة من الأفعال المتكررة تتلخَّص في تحصيل أسباب البقاء والتحصُّن ضد أسباب الفناء، ويشذُّ الإنسان قليلًا عن تلك …
الكل لديه نظرته إلى الصراع وقناعاته المتعلِّقة بالنزاعات، ربما نعتاد سماع التحليلات من ساسة البلاد والسياسيين المحنَّكين أو حتى المغمورين، وقد يتحدَّث عنها الجنود وقادة الجيوش أو العامَّة من رجال ونساء باختلاف أعمارهم وأدوارهم المجتمعية، لكن ماذا إن رأيناها بمنظور …
تمثِّل القصة وجهًا آخر من أوجه الخيانة المتحدَّث عنها، تلك التي تودي بأجساد المناضلين وتعرقل أهدافهم، بل أهداف وطن مصيره معلَّق على مجهود كل فرد صادق في جهاده متسم بالوطنية الحقيقية، أما القصة المكتوبة فهي قصة كل مقاوم، على أنه …
إن أكثر استراتيجية يتبعها كل منحرف عن النص الشرعي هي: استراتيجية اللابديل، فمثلًا يقول: "يجب تجديد أصول الفقه ويسكت"، فهو نقاش مفتوح لا يمكن الإمساك بشيء محدد ننطلق منه في الحوار، وإذا سألته ما الشيء الصحيح الذي تراه؟ لا يقدِّم …
يفضل الإنسان المعاصر المشاعر المتفجرة على الأحاسيس المخفَّفة، ويعاني في الوقت نفسه تهييجًا زائدًا وانعدامًا في الإحساس، وتفضيل مشاعر الصدمة هو أصل الشر الذي ينخر النفسية المعاصرة، ويؤدي إلى الإصابة بـ(متلازمة فقدان الإحساس)، وداء القرن الجديد أن الخيال أصبح فقيرًا، …
لدينا هنا قصتان مختلفتان، كلتاهما تبدأ بالعودة إلى الأرض، لكن المفارقة هي اختلاف الغايات، أطلق غسان على الأولى عنوان: "إلى أن نعود"، وتحكي قصة مقاوم متسلِّل عاد ليبدأ انتقامه من كل جريمة مفجعة قام بها العدو، ويتذكَّر كيف أحرقت الأراضي …
نسمع الكثير يُردد عبارات يُشبه مضمونها "الإسلام لا يصادم الحضارة"، "الإسلام ليس دينًا رجعيًّا، فلا بدَّ أن تُجاري الأحكام الشرعية مُتطلبات الحضارة"، وهكذا يُفكر من انهزم أمام الثقافة الغالبة، ويسعى إلى مبدأ "تطوير أحكام الإسلام لتتناسب مع ذوق العصر" حسب …
هل لا نزال نوظف المشاعر توظيفًا صحيحًا؟ إننا في حقبة تميل إلى المبالغة وحبِّ الإفراط، وتفضيل المشاعر القوية على حساب المشاعر الهادئة، فهل نحن حقًّا بصدد العودة إلى طبيعتنا ككائنات حساسة، أم نحن مجرد هستيريين خاضعين لأحاسيسنا؟ إن نهم الأحاسيس …
سعيد الحمضوني المقاتل في ثورة 1936، رجل من أبناء قرية سلمة مميزي الملامح بوجهه المستطيل وحاجبيه المعقودَين، قليل الكلام إذا ما تحدَّث، لا يذكر الماضي ولا يسرد الحكايات، ينحصر حديثه عن المستقبل وما سيكون عليه، فلفَّه الغموض، واختلفت حوله الروايات، …
يذكر الكاتب قول أحدهم بأسلوب السخرية "كم هو مضحك أن يكون تتبُّع الرخص زندقة؛ مع أن الله يحب أن تؤتى رخصه؟!"، ويوضح أن هذه المقولة تكشف الجهل الحاصل في ذكر الرخص بهذا المقام، وهو أنه لم يُفرق بين "رخص الله" …
للمشاعر دور تواصلي واجتماعي يتمثَّل في صورٍ عديدة، فهي على سبيل المثال تُسهم في (الاهتمام بالآخر)، وهناك أيضًا صور (تقاسم المشاعر) بين التجمعات البشرية لمشاركة الغبطة الجماعية، وهناك الكثير من الأحداث تشهد أننا بحاجة إلى عيش مشاعر جماعية، فالتجمُّعات العاطفية …
في ليلة ماطرة أشد ما يكون فيها البرد، يقف أبو عبد الرحمن المثقل من عناء البحث عن عمل طول النهار أمام خيمته، يتخوَّف من الدخول والنظر إلى عيني زوجه المتكدرة من انعدام المال وقلة الغذاء، وتقتله رؤية ابنه المنكمش في …