أصبحت جميع القضايا في هذا العصر تعالج في إطار المرجعية الأخلاقية، فإذا زادت شعبية اليمين المتطرِّف يتم تنشيط مبادئ حقوق الإنسان، وإذا كان العالم الثالث يرضخ تحت الفقر ويموت جوعًا فلننظم عروضًا إغاثية، وإذا كان كوكب الأرض يتعرض للخطر فلنجعل …
مقالات أفكار الكتب من أخضر.
كانت الأسرة حتى وقت قريب تتعرض لهجوم واتهامات عنيفة، وكان الشباب المتطلع إلى الحرية يعدُّها مؤسسة للإخضاع يجب التمرد عليها، لكنَّ الأمر انقلب، فلم تعد الأسرة اليوم مؤسسة يُهدف إلى التخلص منها، وأصبح الكثيرون يصرحون بأنهم مستعدون للتضحية من أجلها، …
كانت حمى النزعة الصحية والنظافة والعناية بالجسد حتى منتصف القرن العشرين مرتبطة بالواجبات تجاه الذات، وكان يُنظر إلى مدمن الكحول على أنه شخص بهيمي يُخرِّب الأسر والنسل والأوطان، فهو يُسيء إلى نفسه وإلى المجتمع معًا، فكان يُعد خطرًا على المجتمع …
إن المسار ما بعد التخليقي يتجاوز اليوم مجال الأخلاق الجنسية، واستولى على "الأخلاق الفردية" وهي واجبات الإنسان تجاه نفسه، ففي عصر الواجب كان على كل فرد احترام الإنسانية التي فيه، ومن ثمَّ لا يمكن للمرء أن يتصرَّف في نفسه بأي …
بعد التمجيد المتعاظم للواجب الأخلاقي حلَّ زمن أفوله ونزع مصداقيته، فمنذ منتصف القرن العشرين ظهر ضابط اجتماعي جديد للقيم الأخلاقية، إذ تخلَّى عن "ينبغي أن" لصالح تعظيم السعادة، واللزوم القطعي لصالح الإثارة الحسية، والمنع القطعي لصالح الضبط الاختياري، وعُوّض خطاب …
كانت الأخلاق في الغرب المسيحي مصدرها الإله حتى جاء عصر الأنوار، ومن الإله وحده كانت تأتي الأوامر العُليا، ومن ثمَّ كان المعتقد السائد أن الفضيلة مرتبطة دائمًا بالإيمان بالكتاب المقدس وخشية الإله ولولاهما لوُجد الضلال والرذيلة، وبناءً على ذلك ترسخ …
يرى البعض أن نظرة أفراد المجتمع تجاه ثقافة الاستهلاك تتعلق بالنزعة الأخلاقية لدى هؤلاء الأفراد، بينما يرى البعض الآخر عدم وجود دور للأخلاق في مثل هذه القضايا التي تتعلق بشكل رئيس بالاقتصاد.
ارتبط ظهور ثقافة الاستهلاك في المجتمع الأمريكي بظواهر عدة، أهمها ظاهرة نقص العمالة، وكانت المرأة هي إحدى الوسائل المستخدمة لتعويض هذا النقص في العمالة، فكان لها الدور الأبرز في عمل رئيس يتعلق بكيان الأسرة في المنزل وخارجه، ومن ثم جاءت …
لا تخلو الأنباء الإخبارية من نوع اتصال بثقافة الاستهلاك، إذ تحول قراء الصحف ومشاهدو النشرات وغيرهم ممن يرغبون في مواكبة الأحداث الجارية إلى مستهلكين، كذلك أصبح الشعار السائد في نشرات الأخبار والصحف "يجب ألا يشكو الجمهور"، فإذا كان الجمهور يبحث …
أنت أهم شيء على وجه الأرض والكون كله وجد لأجلك، تعتبر هذه الفكرة هي أهم الأفكار التي سيطرت على عقل الإنسان الغربي عقب ما وصل إليه من تقدم علمي وتطور، فلا عجب أن يسعى هذا الإنسان للتحكم في الطبيعة عن …
يعمل الأمريكيون عدد ساعات أكبر من أي شعب متقدم آخر (باستثناء اليابانيين) لكي يدفعوا مقابل عاداتهم الشرائية، مع ذلك فهم لا يشعرون بالرضا عن وظائفهم إلا لكونها تجلب لهم المال، ورغم ساعات العمل الإضافية التي يعملونها فإنهم في سعي مستمر …
رغم الاستياء القوي في المناقشات الفكرية من شيوع ثقافة الاستهلاك، فإن كثيرًا من الشعوب ما زالت تحت عبودية النظام الاقتصادي الذي يدعو إلى المتعة والاستهلاك، إذ أصبحت العادات الاستهلاكية تمثل نمطًا معبرًا عن هوية الفرد وتدل على وضعه الاجتماعي والاقتصادي.
بدأ ظهور المجتمع الاستهلاكي نتيجة لأشياء عدة يرتبط بعضها ببعض، بداية من الأفكار التي سيطرت على المناخ الثقافي الغربي، من كون الأرض ملكًا لنا نحن البشر وأننا محور الكون، مرورًا بشيوع المادية الحديثة والتطور التقني، وانتهاءً باقتحام الدعايا والإعلانات لحياة …
إن التغيرات الحاصلة للأسرة والمرتبطة بالتحول إلى الرأسمالية المؤسسية، قد أزاحت الأسرة الممتدة (الأجداد، الآباء، الأبناء، الأحفاد) وأحلت محلها الأسرة البرجوازية (الأسرة النووية) من أجل مراكمة رأس المال واستبقاء أنفسها للإنتاج، ومن ثمَّ تطورت طقوس اجتماعية جديدة تقوم على ضبط …
رأى "ماركوزه" أن العلاقة الضدية بين رغبات الفرد الغريزية ومتطلبات المجتمع واحتياجاته أمر عالمي حتمي، يؤدي إلى كبت الغرائز الفردية التي تفضي إلى التعاسة والعصاب كثمن يدفعه الفرد من أجل الحضارة، فقديمًا لُجمَ السلوك العاطفي الانفعالي المتصل بالبواعث الجنسية والضارة …
يتضمن مفهوم النفس الخبرات الذهنية والعاطفية، وكل شيء جرت العادة بحشده تحت مقولة النفس، وتتمثل المهمة الأساسية لوصف تطور النفس والتطور التدريجي لعمليات التحكم الذاتي المستقل في التصدي لمجموعة من الأسئلة على رأسها: كيف ينمو الأطفال الرضع ليصبحوا لاحقًا مشاركين …
بالاعتماد على ما كتبه "هابرمس" فإن المجتمعات تتألف من مؤسسات وأنشطة تؤدي جملة من الوظائف الجوهرية، تنقسم هذه الوظائف إلى فئتين: الفئة الأولى "النظام" الذي يشير إلى المعارف والأنشطة المتعلقة بإعادة إنتاج المجتمع إنتاجًا ماديًّا، يتمثل ذلك في الممارسات الزراعية، …
خلقت الحداثة مجتمعات حديثة تُكابد في إنتاج بالغين قادرين على الألفة والعمل والاستمتاع والعيش الأخلاقي، فنشرت ضروبًا من الحياة التالفة، فقد أصبح الإنسان الحداثي لا يعرف ما يجب عليه عمله في حياته، ومن ثمَّ فإن إحدى أكبر المشكلات الحداثية أننا …
أكدنا أن غائية الوجود أو وجود المعنى احتياج فطري للإنسان وذلك لتناقضات عدة فيه وفي العالم سبق شرحها، والإجابة لا تنتمى إلى عالمنا بل هي وحي منزل من الله تعالى، لا تنفي الآلام كما وعدت الحداثة كذبًا، بل تسهل من …
كان الفن قديمًا وسيلة لتأكيد القيم والمعاني الدينية والأخلاقية والسياسية عبر تمثيلها وتمريرها للأفراد للتأثير فيهم وإرشادهم لفعل ما، وتطورت أشكاله وتعددت واتخدت صورًا متطرفة وصاخبة أكثر مع مرور الزمن، وارتبط بالمشاعر والعواطف واللذات الوجدانية التي تحقق هزة في باطن …
بوصفها جزءًا من الذات انتقلت الأهمية إلى المشاعر، فأخذت الحداثة تبحث عنها وتكثفها وتخرجها في صور متطرفة لإثارة الانفعال، وتبني علاقات كاملة على مركزية المشاعر، وينتشر هوس البحث عنها في التفاصيل الصغيرة العادية، والمحاولة المستمرة لتهييجها، لينغمس الفرد فيها بعد …
بعد تنحية الدين ومحاربة المؤسسات الصلبة كالمجتمع والأسرة وهدم اليقين وانتشار العدمية والشك، وقبول النسبية كحل أخير للتعايش، فكل شيء يحمل معانيَ مختلفةً بعدد الأفراد الذين ينظرون إليه، لم يبق شيء للذات حتى تستمد منه المعنى إلى الجسد، كشيء مادي …
يضم سؤال المعنى أسئلة كبرى عدة، من ضمنها سؤال الهوية، وهي تعريف الإنسان لنفسه ووظيفته ودوره وهدفه، وأول ما يقيد ذلك هو المجتمع، فيكبت الكثير من شهوات الفرد ورغباته ليتنازل عن بعضها، وفي الوقت نفسه يخبرنا مجتمعنا الحديث أن جميع …
المسؤول الأول عن كل ما يحيط بأزمة المعنى ونتائجه وآثاره هي الحداثة وما بعدها، فقد علت بقيم العقلانية والفردانية والحرية إلى مستوى التقديس بدلًا من الإله، وإذا نظرنا إلى مراحل ذلك الاستبدال فسنجد أنه بدأ مع المسيحية في أوروبا متمثلة …