تتلخَّص المشكلة الاقتصادية في عدم التناسب بين الموارد المتاحة والحاجات البشرية، ففي حين تتصف تلك الموارد بالندرة نجد على النقيض تمامًا الحاجات البشرية تتصف بالتعدد، فهي لا حصر لها، وتتصف بالتجدد أي لا تنتهي بمجرد إشباعها مرة واحدة، كالطعام مثلًا، …
بدايةً يُدرج علم الاقتصاد تحت مظلة العلوم الإنسانية، وهي تلك العلوم التي ميدانها الأساسي الإنسان، فكلٌّ منها يدرس السلوك الإنساني وفق إطار معين، وبصفة عامة يمكن تعريف علم الاقتصاد بأنه دراسة السلوك الإنساني وكيفية استخدامه الموارد المتاحة لإشباع حاجته، بيد …
يتساءل البعض عن حروب الإسلام، وعن تناقضها مع دعواته للسلم والتعارف، ولكن إن عدنا لتاريخ أول غزوة في الإسلام وجدنا أنها كانت ردًّا على إيذاء الكفار وكفًّا لهم، وكانت لرفع الظلم عن المستضعفين من المؤمنين فقال تعالى: ﴿وَمَا لَكُمْ لَا …
جاء الإسلام ليكون رسالة للناس كافة في كل الأرض، وقال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا﴾، فدعا للتعارف مع كل البشر، ودعا للبر والقسط والرحمة، حتى مع الكافرين: ﴿لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ …
والشريعة الإسلامية شريعة وسطية تقوم على الاعتدال لا المغالاة، حتى في التعبُّد يقول النبي الكريم: "إن الدين متين فأوغل فيه برفق"، وكذا في أمور المعيشة والإنفاق والمأكل والملبس، وكل التشريعات مرآة لقوله تعالى ﴿وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾، فنجده وسطًا بين …
ما يقوم عليه بناء الدولة هو المجتمع ومدى قوته وترابطه، والفرد وحدة بناء هذا المجتمع، فتكون العناية للأفراد أولًا ثم بالمجتمع كله، والمنشغلون بتقويم المجتمعات يعلمون أن الأخلاق هي المقياس، وأن المجتمع بحاجة إلى وعي جمعي وحس أخلاقي بالصواب والخطأ، …
حين نتأمَّل في العبادات، نجد أن الصلاة رابطة ثلاثية الأطراف بين المصلي وربه وإمامه وبقية المصلين، جماعة متراصة، المناكب حذو المناكب، والأصوات موحَّدة والحركات متوافقة، تتلو الفاتحة فإذا بها بضمير الجمع (نعبد، نستعين، اهدنا)، لم تكن بصيغة المتكلم بل المتكلمين، …
لحظات الشك البريئة غالبًا ما تكون نتاج غفلة صاحبها، واستغراقه في هموم الدنيا، وانشغاله عن التفكير والتعلم، أما من يكون إلحاده إصرارًا وجحودًا، فإنما ذلك غرور الإنسان بنفسه، وبخاصةٍ مع تطور العلوم، واعتقاد البعض أنهم ملكوا زمام الدنيا، وذلك الغرور …
كان هدف التشريع الإسلامي دائمًا هو الإصلاح وإنشاء مجتمع قوي سليم، ويتكوَّن هذا التشريع من عنصرين: عنصر العبادات، ووقودها العقيدة، وعنصر المعاملات، وإذا افترضنا أن الدين يتألف من إيمان وإسلام، فإن الإيمان هو الجانب الاعتقادي النظري، بينما الجانب العملي فهو …
يقوم الملاحدة بترويج فرضية أن الحياة انبثقت من المادة، وأن الكون خُلق من لا شيء، ولكن كيف يمكن لمادة غير حية وغير عاقلة أن تنتج الحياة، وتنتج لنا كائنات لها نهايات جوهرية وقدرة على التكاثر؟ كيف يمكن للمادة غير الواعية …
تخيَّل معي أنك سافرت في رحلة إلى أحد البلدان، وقمت باستئجار غرفة في أحد الفنادق لتسكن فيها خلال تلك الرحلة، وعندما دخلتَ الغرفة وجدتَ أن جهاز التسجيل يعزف المعزوفة الموسيقية التي تحبها، ووجدت فوق السرير لوحة معلقة تشبه تمامًا تلك …
إن أكثر الحجج التي تدعم وتؤكِّد وجود الله وأكثرها شهرة هي حجة "التصميم"، وتقوم تلك الحجة على أن التصميم الواضح في الطبيعة يدل على وجود "مُصمِّم" لهذا الكون، فالإنسان يشاهد أن هذا الكون منظم وليس عشوائيًّا، وهذا النظام المشاهد يدل …
يرى أنتوني أنه لا بد أن يكون هذا الكون قد جاء بواسطة ذكاء لا محدود، لأن قوانين الكون المعقدة تبيِّن بما لا يدع مجالًا للشك أن وراءها ما يسميه العلماء "عقل الإله"، فالحياة وإعادة الخلق أساسها مصدر إلهي، هذا ما …
فلنتخيل معًا أن هناك هاتفًا متصلًا بقمر صناعي سقط على جزيرة نائية، وتسكن تلك الجزيرة قبيلة بدائية لم تتصل بالحضارة الحديثة حتى الآن، وعندما وقع هذا الهاتف في يد أبناء تلك القبيلة قاموا بالضغط على الأزرار الموجودة على سطح الهاتف، …
شارك "أنتوني فلو" في آخر مناظرة له في عام 2004 وفاجأ الجميع وأعلن خلالها أنه يقبل بوجود إله لهذا الكون، حيث إن المعطيات الحديثة تشير إلى وجود "ذكاء خارق" أنتج هذا الكون العظيم، وبيَّن أن اكتشاف الحمض النووي DNA أظهر …
أوضح أنتوني فلو أنه خلال فترة المراهقة بنى إلحاده على سببين، السبب الأول: أنه رأى في مشكلة الشر ووجود الألم وانتشارهما في العالم دليلًا قويًّا يدحض القول بوجود إله كامل الخيرية وكامل القدرة، والسبب الثاني: أن دفاع المؤمنين بالإله بأن …
يرى غينون أن عددًا أكبر من الناس أدركوا حقيقة الأزمة التي تمر بها الحضارة الغربية، لكنهم مخطئون حيث يظنون أن هذه هي نهاية العالم، فغينون يعتقد أننا قاربنا على نهاية العالم الحديث تحديدًا، أي أنه يتنبأ بسقوط الحضارة الغربية بشكلها …
يوضح غينون كيف يقوم الغرب باجتياح كل شيء، سواء من خلال الاستعمار والغزو، أو من خلال التجارة والاستيلاء على موارد الآخرين، وبينما لم يستطع الاستعمار سوى التحكُّم بالأجساد ولم تتعدَّ آثاره المجال السياسي والاقتصادي، فإن التغريب والابتعاث استطاعا التأثير في …
يرى غينون أن العالم الغربي يعيش حالة من الفوضى في المجال الاجتماعي، فلم يعد هناك أحد من الناس يجد المكانة التي تناسبه داخل المجتمع، وأصبح الناس يعملون فيما لا يُحسنون، ويرى غينون أن السبب في هذه الفوضى هو إنكار الفوارق …
تعني الفردانية إنكار أي مبدأ أعلى من الفرد، وبالتالي اختزال الحضارة في العنصر الإنساني فقط، هذه الفردانية هي نفسها الإنسانوية التي ظهرت في عصر النهضة، ومن نتائج الفردانية: إنكار الحدس العقلي والجانب الروحاني لأنها ملكات أعلى من الفرد، ووضع العقل …
يفرِّق غينون بين العلم المقدس وبين العلم الدنيوي؛ فالعلم الدنيوي هو العلم الحديث الذي اقتصر على الحس والتجربة، وأحدث قطيعة مع مصادر المعرفة الأخرى كالحدس، أما العلم المقدس فهو العلم التقليدي الذي لا يقتصر على مصدر واحد للمعرفة ويأخذ في …
يبيِّن غينون أحد أسباب التعارض بين الشرق والغرب، وهو المقابلة بين المعرفة (أو التأمل) والفعل، فالعقل الشرقي يتجه نحو التأمل أكثر ولكنه لا يلغي الفعل بل يعتبره ثمرة ونتيجة للتأمل، بينما العقل الغربي يتجه نحو الفعل لكنه يؤكد هيمنة الفعل …
يوضح غينون أن التمايز بين الحضارات المختلفة لا يعني التعارض بينها، فيمكن أن يكون هناك تفاهم أو تكامل بين تلك الحضارات إذا كانت ترتكز على نفس المبادئ، وهذه المبادئ تتمثَّل في الحدس العقلي والمذهب الميتافيزيقي الروحي.
يسمِّي غينون هذا العصر الحديث بـ"العصر المظلم"، ولكي نعرف كيف وصلنا إلى العصر المظلم نحتاج العودة إلى التاريخ، ويركز غينون على العصر الوسيط الذي يمتد من عهد شارلمان إلى بداية القرن الرابع عشر لأنه يمثل بداية انحلال المسيحية وبداية الأزمة …