أحمد السرهندي والصحوة الإسلامية في الهند
محتوى
هو أحمد بن عبد الواحد السرهندي الفاروقي، ولقب بالفاروقي لأن نسبة يمتد إلى الفاروق عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ولد سنة 971 هجرية في بلدة سرهند في الهند، عكف على تعليم العلوم الظاهرية للطالبين، وألّف رسائل عديدة منها: الرسالة التهليلية، ورسالة إثبات النبوة، ورسالة رد الرافضة. وكان له علم بعلوم الأدب والبلاغة والفصاحة. توفاه الله سنة 1034هجرية، وكان رحمه الله من رواد الصحوة الإسلامية في الهند.
نشأته
لازم السرهندي والده فتعلم على يديه مبادئ كتب العرب، وأتم حفظ القرآن الكريم في الصغر، وحفظ عدد من المتون في فروع العلوم، كما أنه تعلم على يد كبار علماء عصره، ثم شد الرحال إلى سيالكوت التي تعتبر مركزاً كبيراً في تدريس العلوم. واستقى هنالك العلوم العقلية والنقلية من حشد كبيرمن العلماء، واهتم السرهندي بالفقة والتفسير والحديث اهتمامًا كبيرًا. ولما جاوز عمره السابعة عشر، كان قد قطع شوطًا كبيرًا في تحصيل العلوم الظاهرية، فرجع لأبيه وهم بإلقاء الدروس إلى جانبه. وفي هذه الفترة أجازه القاضي بهلول بداخشاني في التفسير والحديث .
السرهندي يتصدى للضلال
ولما جاوز عمره العشرين عاماً ألف كتابه “إصابة النبوة”، والذي فيه تصدى لعلماء البلاط المنحرفين نحو الضلال، حيث أظهروا إعجابًا واضحًا بالفلاسفة وأعلوا من قدرهم ووضعوهم في مرتبة أعلى من الأنبياء. حيث تناول في كتابه الأدلة العقلية والنقلية التي تثبت لزوم النبوة وأهميتها.
الإمام المجدد وبره بوالده
وبعد كتابه هذا، لازم أباه وداوم على حضور مجلسه، وعندها صب كل جهده على التربية التصوفية. وحتى يتفادى التقصير في القيام بخدمته وبره لازم والده ملازمةً تامة، فلم يتركه أبدًا حتى توفي والده سنة 1007 هجرية. وكان قد أعطاه والده الخلافة قبل وفاته بفترة قصيرة.
السرهندي يعظ السلطان
لما بلغ الإمام ما وصل إليه السلطان بابور- وكان سلطانًا مسلمًا ولكنه كان أميًا فكان ينصاع لما يمليه عليه من لازمه من علماء الضلال- من ضلال وانحراف للأباطيل والأفكار الضالة، فذهب الإمام – رحمه الله – إلى العاصمة ، وكانت حينئذ تسمى “آغرا”، والتقى بعض المقربين إلى السلطان، ونصحهم فقال: “إن السلطان قد وقع في معصية الله تعالى ورسوله، فذكّروه بأن ملكه وسلطانه سوف يتصدع وينهار. فليتب من معصيته، وليعد إلى سلوك سبيل الله ورسوله”.
بعض آراء الإمام المجدد
رأيه عن أهمية الصحبة الصالحة
كان يرى الإمام الفاروقي أهمية الصحبة الصالحة وضرورتها وأثرها على الفرد المسلم، فكان دائمًا ما يقول لطلبته كما أنه ذكر هذا الكلام في إحدى مكتوباته فقال: ” لا تعدل بالصحبة شيئاً أياً ما كان، ألا ترى أن أصحاب رسول الله قد فُضلوا بالصحبة على من عداهم سوى الأنبياء عليهم السلام “.
رأيه عن استغلال فرصة الدنيا
كان الإمام – رحمه الله – يرى الحياة الدنيا القصيرة على أنها فرصة كبيرة، ويوصي طلابه بالعمل على استغلال الدنيا بأفضل طريقة، فيقول في أحد مكتوباته: ” أيها الولد الأعز! إن الفرصة مغتنمة، فينبغي أن لا تصرف تمام العمر في أمور لا طائل فيها، بل ينبغي أن يصرف تمامه في مراضي الحق جل وعلا”.
رأيه في ترك النفس
يرى الإمام أن ترك اللذات لله الشرط الأول للارتقاء بالروح. ولا يمكن للإنسان أن ينال المحبة الإلهية من دون ترك النفس وحظوظها. ويُعبر عن هذه الحقيقة بقوله: ” إن القلب لا تتعلق محبته بأكثر من واحد. فما دام التعلق بذلك الواحد قائماً لم تتعلق محبته بما سواه”.
الإمام السرهندي يرحل عن العالم
وقبل وفاته بعدة شهور، بدأت تصيب الإمام – رحمه الله – نوبات من ضيق التفس، فعند ذلك قطع كل علاقاته بالطلاب والناس والعالم الخارجي وعزم على الاختلاء بنفسه لا يخرج من عزلته إلا لأداء الصلوات الخمس في جماعة،. فكان يقضي غالب وقته في الذكر والاستغفار، حتى رحلت شمسه عن العالم عام 1034 هجرية.
من مؤلفاته
وكان قد اعتنى بتأليف”المكتوبات الربانية”، حيث احتوى هذا الكتاب على معلوماته ومعارفه التي اكتسبها طوال حياته، كان بعضها في ذم الدنيا، وبعضها في النصح والوعظ، وبعضها في الترغيب في أحكام الشريعة، وأغلبها في توضيع أسرار الشريعة وتحقيق حقائقها.