كتاب المسلم في عالم الاقتصاد هو أحد أهم وأشهر كتب المفكر الإسلامي الجزائري مالك بن نبي، ويعد مالك بن نبي أحد أبرز وأهم المفكرين المسلمين والعرب في القرن العشرين، فقد كان مفكرًا ذا نظرية تتسم بالعمق في فهم النموذج الحضاري وتفسيره، وكذلك بالتركيز على القضايا المهمة والأساسية التي تخص العالم الإسلامي، وله أعمال عديدة باللغتين العربية والفرنسية تعتبر من التراث الفكري المهم. وفي هذا المقال نقدم مراجعة لهذا الكتاب المهم.
الاستعمار ليس من عبث السياسيين، ولا من أفعالهم، بل هو من النفس ذاتها، التي تقبل ذل الاستعمار، والتي تمكن له في أرضها
مالك بن نبي
اسم الكاتب
مالك بن نبي
لغة الكتاب
العربية
جهة نشر الكتاب
دار الفكر
عدد صفحات الكتاب
112 صفحة
تصنيف الكتاب
اقتصادي – فكري
نبذة عن كتاب المسلم في عالم الاقتصاد لـ المفكر مالك بن نبي
كتاب المسلم في عالم الاقتصاد هو أحد أهم كتب المفكر الجزائري مالك بن نبي، وقد نال الكتاب شهرة واسعة واستحسانًا كبيرًا في أوساط المثقفين، إذ يتميز ابن نبي بقوة أفكاره وعرضها بطريقة تحليلية بأبعادها المختلفة بناء على القضية التي يطرحها.
وتتميز كتابات ابن نبي ومؤلفاته بتركيزها على القضايا الخاصة بالعالم الإسلامي، مثل قضية النهضة والثقافة والاستعمار والتبعية وقضية الحضارة، فقد تناول مالك بن نبي هذه القضايا في كل مؤلفاته وشرحها من جميع أبعادها، وكرس حياته الفكرية من أجلها.
وتميزت كتابات مالك بن نبي بتركيزها على عنصر البناء لا الهدم، واعتبار ذلك هو الأمر الأكثر إفادة وصلاحًا للأمة الإسلامية، فكان هذا من أسباب انتشار كتاباته واكتسابها شعبية وقبولًا واسعين، واعتبر أن بناء أي مجتمع ونهضته يحدث في نفس ظروف ميلاده، لذا فنهضة المجتمع الإسلامي تأتي من منطلق الدين كأساس لأي تغيير.
يتحدث كتاب المسلم في عالم الاقتصاد عن حاجة المسلمين إلى أن يمتلكون اتجاهًا خاصًّا بهم في الاقتصاد، اقتصاد ليس بالرأسمالي الصرف القائم على الفائدة والمنفعة، ولا اشتراكيًّا خالصًا يمركز دور الدولة في كل التعاملات المالية.
وينتقد الكتاب فكرة تطبيق النظريات الاقتصادية الغربية في المجتمعات الإسلامية دون مراعاة لطبيعة المجتمع المختلفة، ويتحدث عن العمل والأيدي العاملة باعتبارها الوسيلة الأكثر فاعلية، ورأس المال الأكبر من أجل نمو اقتصاد الدول النامية.
ألا قاتل الله الجهل، الجهل الذي يلبسه أصحابه ثوب العلم، فإن هذا النوع من العلم أخطر على المجتمع من جهل العوام
مالك بن نبي
نبذة عن حياة المفكر مالك بن نبي
نشأته وطفولته
في الأول من يناير عام 1905م في مدينة تبسة التابعة لولاية قسنطينة الجزائرية ولد مالك بن نبي، ونشأ في أسرة متدينة فقيرة ومحافظة، وانتقل للعيش مع عمه في مدينة قسنطينة بسبب ضعف موارد والديه وفقرهما.
بدأ وعي الصبي مالك يتشكل عن طريق الحكايات التي كان يسمعها من جدته حول ثواب الأعمال الصالحة، مما غرس في نفسه ووجدانه القيم الدينية، وكذلك تأثر بحكايات العجائز وحكايات جدته عن بدايات الاحتلال الفرنسي لبلده ،وعن جرائمه التي ارتكبها بحق الجزائريين.
وتأثر ابن نبي بما سمعه عن رفض الكثيرين مخالطة الفرنسيين وإن كلفهم ذلك الهجرة من بلادهم إلى بلاد أخرى، مما رسخ في ذهنه أن المحتل يجب أن يقاوَم حتى إن كانت هذه المقاومة بمجرد الاعتزال والرفض، وأكد ذلك لديه رؤيته للرذائل التي انتشرت بسبب الاختلاط بالفرنسيين.
ومن سنن الله في خلقه أنه عندما تغرب الفكرة، يبزغ الصنم
مالك بن نبي
رحلته التعليمية وسفره
على الرغم من فقر أسرة مالك بن نبي، حرصوا على تعليمه، فقد تعلم القرآن في صغره، ثم التحق بمدرسة فرنسية في أثناء تعلمه بالمساجد، وبعد أن حصل على الابتدائية انتقل إلى قسنطينة ليكمل تعليمه فيها حتى تخرج في عام 1925م.
بعد تخرجه سافر إلى فرنسا مع أحد أصدقائه، ولم تكلل زيارته بالنجاح فعاد بعدها مجددًا إلى مسقط رأسه، وشرع في البحث عن عمل فكان من أهم الأماكن التي عمل بها محكمة آفلو التي تعامل فيها وتعرض للفئات البسيطة من الشعب، وتعرف من خلالها حال بلاده، واستقال من عمله هذا في عام 1928م.
وفي عام 1930م سافر مجددًا إلى فرنسًا في رحلة علمية، حاول آنذاك الالتحاق بمعهد الدراسات الشرقية ولم يفلح في ذلك لأنه جزائري ولا يسمح للجزائريين بالالتحاق به، مما أثر في نفسه ولكن سرعان ما عدل هدفه والتحق بمدرسة اللا سلكي، وتخرج فيها مساعد مهندس كهربائي.
وإنها لشرعة السماء: غير نفسك، تغير التاريخ
مالك بن نبي
الحياة الفكرية لابن نبي
اختار مالك بن نبي أن يقيم في فرنسا ثم تزوج بامرأة فرنسية دخلت الإسلام على يديه، وهناك تفرغ لحياته الدراسية والفكرية، وبدأ في تأليف الكتب عن القضايا التي تخص العالم الإسلامي، وله كتب مهمة جدًّا في هذا المجال وتعد من أهم المؤلفات العربية في القرن العشرين.
وفي باريس شارك ابن نبي في نقاشات عقدية مع مسيحيين هناك، واستطاع في هذه الفترة أن يكون شبكة واسعة من العلاقات الفكرية والثقافية، إذ التقى بشخصيات مهمة هناك مثل غاندي وشكيب أرسلان، ولقب هناك بلقب زعيم الوحدة المغربية، بسبب تميز حضوره في أوساط المغاربة في باريس.
وفي عام 1954م وبعد إعلان اندلاع الثورة الجزائرية، فر هاربًا من فرنسا إلى القاهرة التي أقام فيها نحو سبع سنوات، وقد رفضت زوجته مصاحبته إلى هناك، ولم يرجع إلى زوجته إلا عام 1971م، وقد تمتع في مصر باحترام وتقدير كبيرين، وعمل فيها مستشارًا لمنظمة التعاون الإسلامي، مما سمح له باستكمال ومواصلة رحلته الفكرية.
عمق مالك بن نبي معرفته وعلمه باللغة العربية، وراجع بعد ذلك كل مؤلفاته المترجمة إلى العربية وأعاد تحريرها، ثم بدأ بالتأليف والكتابة باللغة العربية وكذلك ألقى محاضرات عدة بالعربية، ثم سافر إلى سوريا ولبنان وألقى محاضرات بهما.
وعاد إلى الجزائر في عام 1963م بعد استقلالها، وعمل في عدد من المناصب من أهمها عمله مديرًا عامًّا للتعليم العالي في عام 1964م، ثم استقال في عام 1967م كي يتفرغ لعمله الفكري الإسلامي، وتركزت ودارت أغلب أعماله وكتاباته حول التغيير، وعملية إعادة بناء المجتمعات الإسلامية، فقدم مقالات عديدة للصحافة الجزائرية وكتب عددًا من الكتب المهمة.
أبرز وأهم أفكاره
أفرد ابن نبي اهتمامًا واسعًا بقضية الحضارة، وقال إن الحضارة نتاج بشري ولذا فإن التخلف الذي يسيطر على العالم الإسلامي نابع في الأساس من داخله، وراجع إلى الطبيعة التي شكلت عقلياتهم وطرق تفكيرهم، وذكر أن فاعلية المجتمع وانطلاقه نحو الحضارة ينبع في الأساس من فاعلية الفرد الذي يعيش فيه.
وتحدث حول الأفكار التي تشكل عائقًا لتقدم العالم الإسلامي، وقسم هذه الأفكار إلى أفكار ميتة وأفكار مميتة، فالأفكار الميتة هي الأفكار التي تعيش في عقول الناس وتمنعهم من استبدال غيرها بها لأنها متوارثة، والأفكار المميتة هي تلك الأفكار التي تقتل العقول وتحدد تفكيرها وتمنعها من التفكير والتحليل وتقتل إبداعها.
ووضع مالك بن نبي مفهومًا جديدًا من ابتكاره وهو القابلية للاستعمار، إذ أدرك أن الأمة الإسلامية في خطر كبير لشيوع ظاهرة القابلية للاستعمار فيها، وهي تعني بعض الخصائص التي تشيع في المجتمع والتي من شأنها تسهيل سيطرة الغزاة عليه، وقال إن بعض المجتمعات تعرضت للاحتلال لكنها مجتمعات غير قابلة للاستعمار، وفي المقابل فإن بعض المجتمعات لم تتعرض للاحتلال لكنها تمتلك القابلية للاستعمار.
الكتاب هو الخطاب الموجه إلى الأصدقاء المجهولين على وجه الأرض
مالك بن نبي
وفاته
في يوم 31 أكتوبر لعام 1973م في الجزائر، توفي المفكر والكاتب والفيلسوف مالك بن نبي عن عمر يناهز ثمانية وستين عامًا، ودفن في مقبرة سيدي أمحمد بوقبرين بمدينة الجزائر العاصمة، تاركًا خلفه تراثًا مهمًّا من المؤلفات والأفكار القيمة.
