تعد رواية الجريمة والعقاب من أشهر أعمال فيودور دوستويفسكي وهو فيلسوف روسي وروائي عالمي وكاتب قصصي شهير، فهو أحد أشهر الكتاب والمؤلفين حول العالم، حيث نالت أعماله الروائية والقصصية شهرة واسعة وترجمت إلى لغات العالم المختلفة، لتنتشر أفكار الفيلسوف الروسي في جميع أنحاء العالم، وفي هذا المقال نقدم مراجعة مختصرة وسريعة لهذا العمل المميز.
اسم الكاتب | فيودور دوستويفسكي |
لغة الكتاب | اللغة العربية (مُترجم) |
جهة نشر الكتاب | المركز الثقافي العربي |
عدد صفحات الكتاب | 980 صفحة |
تصنيف الكتاب | رواية جريمة |
تعد رواية الجريمة والعقاب أحد كلاسيكيات الأدب العالمي وهي من أشهر أعمال الكاتب الروائي والفيلسوف العالمي الكبير فيودور دوستويفسكي، حيث انتشرت هذه الرواية وذاع صيتها وتُرجمت لجميع لغات العالم لتنتشر أفكار كاتبها في الأوساط الأدبية والثقافية المختلفة.
وتعد هذه الرواية من أعمال دوستويفسكي ذائعة الصيت والشهرة حيث حققت انتشارًا كبيرًا جدًا حول العالم، فعلى الرغم من قدم هذه الرواية التي سطع نورها للمرة الأولى في منتصف القرن التاسع عشر، إلا أنها لم تفقد رونقها وشهرتها حتى يومنا هذا بل يكثر الطلب عليها من قبل قراء القرن الواحد والعشرين، لتحقق هذه الرواية مبيعات ضخمة عامًا تلو العام في جميع معارض الكتب؛ المحلية والدولية وبالطبع العالمية منها.
ويتميز فيودور دوستويفسكي بالأسلوب الفلسفي الفريد من نوعة، حيث يستخدم هذه النزعة الفلسفية الفريدة والملكة الكتابية المتقنة؛ للإبحار في خبايا النفس البشرية؛ لمعرفة تفاصيلها ودوافعها؛ لكي يكشف الخبايا التي لا تُرى، والتناقضات التي لا تُحس، فاشتهر بالتوجه الإنساني في الكتابة وهذا ما ميز دوستوفيسكي وجعله على قمة هرم الأدب العالمي.
تعد رواية الجريمة والعقاب ثاني أطول أعمال دوستويفسكي الروائية والتي تعتبر أفضل عمل أدبي له على الإطلاق، بل هي من أفضل وأشهر الأعمال الأدبية في التاريخ، وتعد هذه الرواية مثال واضح يتأصل به أسلوب دوستويفسكي الإنساني الفريد حيث يتضح فيها نزعته الفلسفية ورعايته بحالة الشخصية النفسية والروحية وذلك بتعمقه في مكنونات الشخصية عن طريق رسم وإيضاح البعد الخفي منها.
ولأن الفقر هو الذي يصنع الفنان -كما يري دوستويفسكي- فإن معالم وسمات هذه الرواية الخالدة تشكلت لدى الكاتب وهو في أشد حالات الضيق من الحزن والفقر الشديد، بل إن مراحل كتابة هذا العمل كانت وهو في أسوء أحواله المادية فكان لا يجد المال ولا الطعام، ويرى النقاد أن هذه المحن الصعبة التي مر بها دوستويفسكي شكلت الأثر الأكبر في نضج أفكاره مما أدى إلى انعكاس هذا الخليط الرائع من النضج المصحوب بالمعاناة على هذه الرواية.
وتمثل رواية الجريمة والعقاب الصراع الإنساني الأبدي بين الخير والشر وبين الجريمة والعقاب، ولعل الكاتب هنا يعرض هذا الصراع من منظور المجرم فيتوغل في مكنونات نفسه ويرسم بقلمه الصراع الداخلي المستمر الذي يمر به بعدما ارتكب جريمته كما صور دوافع الجريمة وما يصاحبها من محاكمة قاسية وأليمة، القاضي بها هو ضمير المجرم والذي يصدر العقاب النفسي الأليم الذي يجعل المجرم في صراع دائم وألم متجدد.
ومجرم هذه الملحمة الفريدة هو روديون راسكولنكوف وهو طالب سابق وكانت دراسته الحقوق، يعيش راسكولنكوف في فقر شديد ومدقع فهو يعاني من الحرمان الشديد واليأس من محاولاته الفاشلة لإعالة نفسه وأسرته، فيخطط لقتل سيدة مرابية عجوز تدعى “أليونا إيفانوفنا” وسرقة أموالها التي ستساعده هو وأسرته في الخروج من حالة الفقر والاحتياج الشديد.
وبعد الكثير من التردد والتأني تسلل راسكولنكوف إلى شقة المرابية إيفانوفنا وقام بقتلها ولكنه اضطر إلى قتل أختها أيضًا والتي كانت شاهدة على الواقعة ومع ذلك لم يستطع أن يأخذ إلا جزء قليل من أموالها وهرب مسرعًا حريصًا على ألا يترك خلفه أي دليل يدينه، وبمجرد ارتكاب جريمته دخل راسكولنكوف في حالة من الصراع النفسي بين التبرير لارتكاب جريمته وبين رغبته في الاعتراف وتسليم نفسه لينال العقاب جزاء جريمته.
وتتوالى الأحداث المتداخلة والحوارات المثيرة بين محور الرواية وشخصيتها الرئيسية راسكولنكوف وبين الشخصيات الأخرى التي ساهمت في التأثير علي قرارات راسكولنكوف والتي قدم راسكولنكوف تحليله الشخصي لها ورؤيته النفسية وشعوره الإنساني تجاهها، وكان هذا جوهر الرواية الرائعة التي تعمد الكاتب فيها التعمق في دوخل جميع الشخصيات لاسيما شخصية راسكولنكوف، ليكون هذا التعمق بمثابة رسم شامل لنوازع النفس البشرية.
ولد فيودور دوستويفسكي في الحادي عشر من شهر نوفمبر وذلك في عام 1821م بمدينة موسكو بروسيا، ونشأ في أسرة من الطبقة المتوسطة، وهو الابن الثاني لأبويه، فأبوه هو ميخائيل دوستويفسكي وهو من عائلة نبيلة متعددة الأعراق والمذاهب الدينية وكان أفرادها يعملون كرجال دين ولكن ميخائيل فر بعيدًا والتحق بأكاديمية موسكو الطبية الجراحية وعمل كطبيب، أما والدته فهي ماريا نيشاييفا وكانت عائلتها تعمل بالتجارة.
نشأ دوستويفسكي في أسرة محبة للعلم والأدب، حيث كان لوالديه أثر كبير في تعلقه بالأدب وذلك من خلال حكايات وقصص قبل النوم التي كانا يقصانها عليه باستمرار، ولم يقتصر والداه على ذلك بل عرفاه على مختلف أنواع الأدب، كما تعرف على أعمال أشهر المؤلفين الروسيين أمثال بوشكين وشيلر وكرامزين ووالتر سكوت وغيرهم الكثير.
وهو في سن الرابعة من عمره قامت أمه بتعليمه القراءة والكتابة وذلك من خلال تدريسه للكتاب المقدس، كما اعتادت أمه على رواية العديد من الأساطير والقصص له حتى توفيت بداء السل وذلك عام 1837م وكان دوستويفسكي يبلغ من العمر خمسة عشر عامًا في ذلك الوقت.
في عام 1833م أرسل ميخائيل دوستويفسكي ابنه فيودور إلى مدرسة داخلية في فرانسا، ثم ألحقه بمدرسة شيرماك الداخلية والتي اضطرت ميخائيل إلى الاقتراض لدفع رسومها، وفي هذه المدرسة عانى فيودور ولم يستطع التأقلم والتناغم مع الأرستقراطيين هناك وقد عبر في كتاباته عن هذه الفترة من حياته والتي انعكست بدورها على بعض أعماله الأدبية وبخاصة في رواية المراهق.
وبعد وفاة أمه في السابع والعشرين من شهر سبتمبر لعام 1837م، أرسله والده في مايو من العام نفسه مع أخيه الأكبر ميخائيل للدراسة بمعهد نيكولايف للهندسة العسكرية، ليتم قبول فيودور في المعهد وذلك في يناير عام 1938م، بينما لم يتم قبول أخيه لأسباب صحية.
وفي السادس عشر من شهر يونيو عام 1839م، توفى والده ميخائيل ليؤثر ذلك على ابنه بصورة كبيرة، حيث ظهرت علامات الصرع على فيودور منذ وفاة والده ميخائيل، ليستكمل فيودور دوستويفسكي دراسته في معهد نيكولايف للهندسة العسكرية وكان لا يحب الدراسة به لعدم اهتمامه بالرياضيات والهندسة العسكرية، ليتخرج بعد ذلك بلقب مهندس عسكري، ليقرر الاستقرار بعيدًا عن هذه الأكاديمية، ليذهب لزيارة أخيه ويستقر بالقرب منه.
وفي الثاني عشر من شهر أغسطس لعام 1843م، عمل دوستويفسكي كمهندس برتبة ملازم، وفي نفس العام أنهى أول أعماله الأدبية والتي كانت ترجمة لرواية فرنسية شهيرة، ليقوم بعدها بنشر عدد من الترجمات التي لم تحقق أي نجاح، ليمر بعد ذلك بصعوبات وأزمات مالية جعلته يجعل من كتابة الروايات مهنة له.
وفي مايو عام 1846م نشر دوستويفسكي روايته الشهيرة الأولى والتي تسمى المساكين أو الفقراء، وقد حققت هذه الرواية نجاح كبير جدًا وانتشارًا تجاريًا واسعًا، حيث وصف الناقد الروسي الشهير فيساريون بيلنسكي تلك الرواية بأنها الرواية الاجتماعية الروسية الأولى.
أدرك دوستويفسكي مدى حبه للكتابة والأدب، فلم يرد أن تمنعه وظيفته كمهندس من الانتاج الأدبي فقرر ترك وظيفته العسكرية، حتى يستطع التفرغ التام للأدب، ليقوم بإصدار روايته الثانية وهي رواية الشبيه ولكنها لم تحقق النجاح المأمول ولاقت نقدًا سلبيًا كبيرًا فأثر ذلك على حالته الصحية وازدادت نوبات الصرع لديه.
واستمر دوستويفسكي في مسيرته الكتابية فخلال الفترة من عام 1846م إلى عام 1848م أصدر عدد كبير من القصص القصيرة وذلك عن طريق مجلة تاريخ الوطن، ولكنها لم تحقق النجاح المطلوب، مما أثر على أحوال دوستويفسكي المالية.
وفي عام 1846م قام دوستويفسكي بالانضمام إلى رابطة بيتراشيفسكي ومؤسسها هو ميخائيل بيتراشيفسكي وهو من الشخصيات العامة الروسية والتي كانت تدعم الاشتراكية الخيالية، وتهدف هذه الرابطة إلى المطالبة بالإصلاحات في المجتمع، ومقاومة الاستبداد القيصري ونظام العبودية الذي كان سائدًا في روسيا.
وفي عام 1849م أمر الامبراطور نيكولاس الأول بالقبض على أعضاء الرابطة، وتم اتهام دوستويفسكي بقراءة الكتب الممنوعة والقيام بالأعمال المحظورة ومعاداة السياسة الروسية وحث الشعب على ذلك، وقد تم إجراء التحقيقات لمدة أربعة أشهر، ليصدر الحكم في حق دوستويفسكي والمجموعة التي معه بالإعدام.
وقبل تنفيذ الحكم بلحظات تم إيقاف الإعدام وذلك من خلال مرسوم بإيقاف تنفيد الحكم من قِبَل الامبراطور نيكولاس الأول، ليتم الحكم على دوستويفسكي بالنفي إلى مقاطعة أومسك بسيبيريا لمدة أربعة أعوام، قضاها في الأعمال الشاقة في معسكر سجن كاتورغا هناك.
وبعد المعاناة التي قضاها دوستويفسكي في السجن والتي صورها في روايته بيت الموتى، أُجبر على الخدمة العسكرية والعمل لدى الجيش السيبيري، وقام بآداء الخدمة العسكرية في مدينة سيميبالاتينسك، التي قام فيها بإعطاء دروسًا خصوصية للعديد من الأطفال هناك، وتواصل مع أخيه من سيميبالاتينسك وطلب منه مساعدات مالية وإرسال كتب ومؤلفات الكثير من كبار الأدباء له.
وفي عام 1859م خرج دوستويفسكي من الخدمة العسكرية بسبب سوء أحواله الصحية، وسُمح له بالعودة إلى روسيا، ليلتقي بأخيه ميخائيل لأول مرة بعد عشر سنوات، ليقوم بعد ذلك في عام 1862م برحلة إلى أوروبا الغربية وزار فيها مجموعة من المدن الكبيرة والشهيرة وقابل فيها الكثير من الأدباء المشهورين، ليتبع هذه الرحلة برحلة ثانية إلى أوروبا الغربية مرةً أخرى وذلك في العام التالى من رحلته الأولى.
وأثناء وجوده في أوروبا خسر دوستويفسكي أمواله في المراهنة، ليمر بأزمة مالية ويقرر العودة إلى روسيا ليتزوج من سكرتيره له تسمى آنا غريغوري سنيتكينا، وذلك بعد وفاة زوجته الأولى ماريا وكانت آنا تساعده على إنهاء رواية المقامر في أسرع وقت ليبيعها ويسدد بثمنها ديونه.
وبعد ذلك أسس مع زوجته دار نشر تسمى شركة دوستويفسكي للنشر وقام بكتابة وإنتاج عدد كبير من أعماله الشهيرة مثل رواية الجريمة والعقاب والأخوة كارامازوف والكثير الكثير من الأعمال العالمية الخالدة وعلى الرغم من شهرة الأديب الروسي الكبير فيودور دوستويفسكي إلا أنه ظل يعاني من الأزمات المالية والديون حتى وفاته.
وخلال تواجد دوستويفسكي في سيميبالاتينسك التقى فيودور دوستويفسكي بـ ماريا دميتريفنا إيساييفا وكانت أرملة ولديها ابن ووقع دوستويفسكي في حبها وتزوج منها ولكن حياتهما معا لم تكن سعيدة؛ بسبب سوء أحواله المادية ونوبات الصرع الكثيرة التي كانت تأتيه، وبعد وفاتها تزوج من آنا سنيتكينا وهي كاتبة روسية وقامت بكتابة كتابين عن السيرة الذاتية له، وكان دوستويفسكي يكبرها بخمسة وعشرين عامًا.
وفي سنوات دوستويفسكي الأخيرة تفاقم مرضه شيئا فشيئا، وتدهورت حالته الصحية، وكثرت نوبات الصرع عليه، ليمر بعد ذلك بنزيف رئوي حاد عدة مرات حتى توفي في التاسع من شهر فبراير لعام 1881م، لتغرب شمس هذا الأديب والفيلسوف العالمي الكبير فيودور دوستويفسكي عن العالم.
شوقي ضيف هو لغوي وأديب مصري ورئيس سابق لمجمع اللغة العربية في جمهورية مصر العربية،…
كتاب القسم في القرآن هو أحد أهم وأشهر كتب الدكتور شوقي ضيف. وشوقي ضيف هو…
كتاب محمد خاتم المرسلين هو أحد أهم وأشهر كتب الدكتور شوقي ضيف. وشوقي ضيف هو…
كتاب الوجيز في تفسير القرآن الكريم هو أحد أهم وأشهر كتب الدكتور شوقي ضيف. وشوقي…
كتاب في الشعر والفكاهة في مصر هو أحد أهم وأشهر كتب الدكتور شوقي ضيف. وشوقي…
كتاب البطولة في الشعر العربي هو أحد أهم وأشهر كتب الدكتور شوقي ضيف. وشوقي ضيف…