يوسف إدريس هو كاتب مسرحي وقصصي رائع، كما أنه روائي عظيم، أثرى المكتبة العربية بالعديد من القصص الأدبية القصيرة والروايات. ولذلك فقد تحولت كتاباته إلى أعمال سينمائية، وظل معظمها مقروءًا ليحتفظ برونقه الأدبي الممتع. وفي هذا المقال سنقدم مراجعة مختصرة لـ أشهر روايات يوسف إدريس.
وتعتبر رواية الحرام من أعمال يوسف إدريس الأدبية المتميزة، حيث يَكمُن موطن التميز في هذه الرواية في أنها تتحدث عن الفئة الفقيرة المهمشة من المجتمع التي قلما يذكرها أحد ويعطيها هذا الجانب من الاهتمام، موضحًا جانب كبير من الظلم الاجتماعي والطبقية التي تعيش فيه.
فإدريس هنا يتحدث بشكل خاص عن عمال التراحيل يصور حياتهم ويتفاعل مع مشاكلهم وآلامهم في صورة رائعة من البساطة والعمق في آنٍ واحد، وفي هذه الرواية قلب إدريس كل الموازين، فبين قبح العنصرية والطبقية والقسوة المتواجدة في المجتمعات بأنواعها : المُترفة والمعدمة، حتى أحدثت الرواية نقلة كبيرة في الوعي المصري وقت نزولها ولا شك.
تعتبر رواية العيب من أعمال يوسف إدريس الأدبية الهامة، وتتمحور أهمية هذه الرواية حول الفكرة المطروحة بها، حيث تتحدث الرواية عن مرض انتشر في المجتمع وهو الرشوة، وأثر هذه الآفة على حياة الإنسان، الذي تتدهور حياته وتملأها الظلمات عندما يقدم التنازلات وتغريه المطامع البشرية المختلفة.
وفي هذه الرواية يتجلى ذكاء يوسف إدريس، فهو لم يعرض القضية كما لو أنها محاضرة، بل ترك الفائدة تجرى مع أحداث الرواية ويتشربها القارئ الذكي، عندما يري عواقب التنازل الأول وما يجره على صاحبه في سلسلة من التنازلات التي لا تنتهي إلا وقد تركت صاحبها في الظلام.
وتعتبر رواية البيضاء من أعمال يوسف إدريس الأدبية العميقة جدًا في محتواها، بل قال النقاد أنها أعمق أعماله، كما أنها من أطول أعمال إدريس الأدبية، وعلى الرغم من تميز إدريس وعبقريته في هذه الرواية، إلا أنه لم يَسلم من النقد والهجوم عليه سياسيًا وفنيًا.
وفي هذه الرواية يتجلى في وصف وتأريخ فترة محددة من الحياة السياسية في المجتمع المصري، وذلك في فترة حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وحلل إدريس هذه الفترة المملوءة بالتناقضات من خلال قصة حب طبيب شاب وكاتب مهتم بالعمل السياسي لفتاه من الحركة اليسارية المصرية، وتتوالى الأحداث الثورية التي توضح هذه الحقبة الزمنية المهمة في تاريخ الوطن.
وتعتبر رواية نيويورك 80 من أعمال يوسف إدريس الأدبية الفريدة في نوعها، ويتمركز تفرد هذه الرواية في الفكرة المطروحة بها، حيث تتحدث الرواية عن التصارع الحضاري بين الشرق والغرب، في نظرة فلسفية عميقة، يقوم فيها إدريس بتحليل جميل للذات العربية في مواجهة الآخر المادي الغربي.
وتعد هذه الرواية إحدى روايات إدريس التي سماها النقاد بمصطلح روايات المواجهة الحضارية، وتدور أحداث هذه الرواية بين رجل مصري يمثل الحضارة الشرقية وفتاه تمثل الحضارة الغربية، حيث يدور بينهما الحوار الذي يكشف الكثير من الاختلاف الحضاري.
وتعتبر رواية العسكري الأسود من أعمال يوسف إدريس الأدبية القوية في فكرتها، حيث تتناول القمع السياسي وما ينتج عنه من عنف وظلم مجتمعي كبير، وإدريس هنا يسلط الضوء بصورة غير مباشرة علي فترة حكم الرئيس جمال عبد الناصر، التي طالما نالت النقد من قِبَل إدريس.
وفي هذه الرواية يعرض لنا الكاتب نتائج هذا الاستبداد السياسي وعواقبه الكارثية من ضياع للحقوق وانحطاط لقيمة الإنسان وضياع حريته، فكانت هذه الرواية بمثابة الصرخة المجتمعية ضد هذا الاستبداد الذي تحياه القوى الفكرية المختلفة.
وتعتبر رواية قصة حب من أعمال يوسف إدريس الأدبية الهامة التي تتسم بالعبقرية في كتابتها وفي المشاعر المحيطة بها، تلك المشاعر التي تنتقل إلى القارئ دون أن يدري ليجد نفسه جزء من الحدث يتفاعل معه ويتأثر به.
وهذه الرواية تتحدث بشكل أساسي عن قصة حب بين شاب وفتاه، جمعهما حبهم لوطنهم ورغبتهم في تحقيق استقلاله، فكان حبهما الصادق بمثابة القوة الهائلة الموجهة للسعي من أجل تحرير الوطن والنضال من أجل استقلاله.
وُلد يوسف إدريس في قرية البيروم، وهي تابعة لمركز فاقوس محافظة الشرقية، وذلك فى يوم التاسع عشر من شهر مايو عام 1927م. وكان والده يعمل فى استصلاح الأراضى، وكان من طبيعة عمله كثرة التنقل بين المدن، وانعكس هذا على ابنه (يوسف) الذى أُرسل ليعيش مع جدته فى القرية.
كان منذ صغره مهتمًا بالعلوم الكيميائية والحيوية، فكان يحلم بالالتحاق بكلية الطب، حتى التحق بها وحصل على بكالوريوس الطب عام 1947م، ثم عمل طبيبًا بالقصر العيني بين عامي 1951م و1960م.
نشأ في فترة حرجة من تاريخ الوطن حيث الاستعمار البريطاني، والثورة على نظام الملك فاروق، حتى أثر هذا الوضع السياسي المضطرب في الشاب. فتفاعل معه وأثر فيه في جميع مراحل حياته.
وخلال سنوات دراسة الفتى لم يشغله تفوقه الأدبي والعلمي عن الانخراط في الحياة السياسية المصرية، ولا عن المشاركة في الاتحادات الطلابية وأنشطتها المختلفة، حتى صار السكرتير التنفيذى للجنة الدفاع عن الطلبة عام 1951م.
أكمل إدريس التعليم الأساسي لينتقل إلى التعليم الجامعي، وكان يحلم منذ صغره أن يدخل كلية الطب، فالتحق بكلية الطب وحصل على بكالوريوس الطب عام 1947م.
تخرج إدريس من كلية الطب سنة 1947م، ثم عمل كطبيب مقيم بمستشفى القصر العيني سنة 1951م. وفي عام 1956م تخصص في الطب النفسي، لكنه لم يلبث أن ترك العمل في هذا التخصص، ليعمل كمفتش صحة، لكن بعد ذلك ترك ممارسة الطب ليتفرغ للأدب، فعمل كمحرر صحفي بجريدة الجمهورية سنة 1960م، ثم كاتب بجريدة الأهرام منذ عام 1973م حتى عام 1982م.
أثناء دراسته بكلية الطب شارك في مظاهرات كثيرة ضد الاستعمار البريطاني، وضد الملك فاروق، حتى نشر مجلات ثورية أدت إلى سجنه ومنعه من الدراسة عدة أشهر.
شارك في النضال الجزائري عام 1961م، حيث انضم إلى المناضلين في الجبال، وحارب معهم من أجل الاستقلال، حتى أُصيب وأُهدي وسامًا تقديرًا لجهوده ثم عاد إلى مصر.
اهتم بالقضايا السياسية، معبرًا عن رأيه، منتقدًا لنظام عبد الناصر في مسرحيه المخططين، ثم مُنعت بعد ذلك. وكان له علاقة طيبة بنظام السادات، ثم انتقده أشد النقد، فكانت علاقة معقدة، بدأت بالمودة وأنتهت بالعداوة والخلاف.
كان يوسف إدريس روائي مرموق، حيث يُعد من أفضل من تطرقوا إلى القضايا الإجتماعية والسياسية والفكرية، حيث مزج الفصحى مع العامية في قصصه القصيرة، فكانت قريبة للقارئ مملوءة بالحياة.
كان غزير الثقافة، واسع الاطلاع، مُلم بالأدب العالمى وبخاصة الأدب الروسي. كما قرأ في الأدب الأسيوي والصيني والياباني، فتأثر بهذا الخليط الرائع من الأدب، حتى أُخذ عليه ذلك، لعدم توسعه في الأدب العربي.
منذ دراسته الجامعية وهو يحاول نشر كتاباته وقصصه القصيرة التي كانت تنال إعجاب زملائه، حتى بدأت تُنشر قصصه القصيرة منذ عام 1950م. وفي عام 1954م أصدر مجموعته القصصية الأولى.
وهكذا توالت أعماله الروائية والقصصية فى الانتشار بين قصص وروايات ومسرحيات ومقالات وترجمت أعماله إلى أربع وعشرين لغة عالمية، حتى لُقب بـ “أمير القصة العربية”.
تزوج من السيدة رجاء الرفاعي بعد خِطبة قصيرة لم تتجاوز الشهرين، وأنجب منها ثلاثة أبناء: ولدان وبنت، هم سامح و بهاء ونسمة.
حصل على وسام الجمهورية عام 1963م، واُعترف به كأحد أهم كتاب عصره، كما حصل على وسام الجزائر عام 1961م. وفي عام 1980م، حصل على وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى والذي يُعد من أرفع الأوسمة في البلاد إلى وقتنا هذا.
وفي مطلع شهر أغسطس لعام 1991م، رحلت شمس كاتبنا الكبير عن العالم، تاركًا خلفه تراثًا كبيرًا من الكتابات الروائية والأعمال المسرحية والقصصية التي ستحمل اسمه عبر التاريخ وتظل منارةً للأجيال القادمة.
شوقي ضيف هو لغوي وأديب مصري ورئيس سابق لمجمع اللغة العربية في جمهورية مصر العربية،…
كتاب القسم في القرآن هو أحد أهم وأشهر كتب الدكتور شوقي ضيف. وشوقي ضيف هو…
كتاب محمد خاتم المرسلين هو أحد أهم وأشهر كتب الدكتور شوقي ضيف. وشوقي ضيف هو…
كتاب الوجيز في تفسير القرآن الكريم هو أحد أهم وأشهر كتب الدكتور شوقي ضيف. وشوقي…
كتاب في الشعر والفكاهة في مصر هو أحد أهم وأشهر كتب الدكتور شوقي ضيف. وشوقي…
كتاب البطولة في الشعر العربي هو أحد أهم وأشهر كتب الدكتور شوقي ضيف. وشوقي ضيف…