أشهر كتب مالك بن نبي

محتوى

مالك بن نبي هو أحد أشهر وأهم المفكرين الجزائريين في العصر الحديث، اعتبره الباحثون والمفكرون امتدادًا لابن خلدون، وأحد رواد النهضة الفكرية الإسلامية، وتعد مدرسته الفكرية من أكثر المدارس التي أثرت أثرًا كبيرًا وواضحًا في وضع وتحديد ملامح الفكر الإسلامي الحديث. وفي هذا المقال نقدم مراجعة لمجموعة من أشهر كتب مالك بن نبي.

الاستعمار ليس من عبث السياسيين، ولا من أفعالهم، بل هو من النفس ذاتها، التي تقبل ذل الاستعمار، والتي تمكن له في أرضها
مالك بن نبي

الكتاب الأول: كتاب الظاهرة القرآنية

يعد كتاب الظاهرة القرآنية دراسة غير نمطية للقرآن الكريم من حيث كونه وحيًا، فقد تناول تكوين الرسول (صلى الله عليه وسلم) النفسي في مراحل حياته المختلفة، ثم تحدث عن الوحي وخصائصه، وكيفية تمييزه عن غيره من الظواهر، وكيفية التفريق بين الإلهام والوحي، ليصل إلى إثبات أن القرآن وحي منزل وليس كلامًا بشريًّا.

ثم عرض ابن نبي في الكتاب مقارنة بين القرآن والإنجيل للدلالة على وحدة مصدرهما، ثم فصل في تناول القرآن وكيف أنه وافق العلم في كثير من آياته، وكيف أنه احتوى على صور لأشياء لم يعرفها إنسان عربي مثل النبي (صلى الله عليه وسلم)، مما يصب في نفس الاستنتاج السابق أن القرآن كلام منزل من الله.

الكتاب الثاني: كتاب شروط النهضة

قدم كتاب شروط النهضة عرضًا لملامح الشعوب التاريخية، وللروابط التي تجمع بينها، وذكر أن العقل المفكر مع اليد العاملة بمنزلة المحرك الأساسي لنهضة الشعوب، وأن تسيير هذا المحرك وتوجيهه في الوجهة الصحيحة من أهم عوامل النهضة وبناء الحضارة.

وأشار الكتاب إلى عائق مهم في بناء الحضارة وتحقيق النهضة، وهو حالة الضعف التي فرضها المستعمر على الشعوب وأوهمهم بها، وسيطرة هذه الحالة على عقول الأفراد في المجتمع والتكيف معها، وذكر أن الخطوة الأولى لتحقيق النهضة تكون بالتخلص والتحرر من هذا الضعف.

ألا قاتل الله الجهل، الجهل الذي يلبسه أصحابه ثوب العلم، فإن هذا النوع من العلم أخطر على المجتمع من جهل العوام
مالك بن نبي

الكتاب الثالث: كتاب مشكلة الثقافة

يبدأ كتاب مشكلة الثقافة بعمل دراسة تحليلية لكلمة الثقافة ومفهومها والعناصر الأساسية المكونة لها، ويبين التداعيات المختلفة للمراحل الزمنية التي قد تصبح معها بعض الثقافات غير صالحة إلا للزمن الخاص بها.

ثم يتحدث الكتاب عن التوجه العالمي نحو الثقافة والدور الذي لعبته العولمة في هذا التوجه، وعن أهمية التعايش بين الثقافات المختلفة مع احتفاظ كل مجتمع بثقافته الخاصة به، وفرق بين الحضارات الثقافية المبنية على القوة العسكرية والحضارات الثقافية المبنية على التسامح والفكر.

الكتاب الرابع: كتاب مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي

يستكمل كتاب مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي ما بدأ ابن نبي بالتأصيل له في كتاب شروط النهضة، إذ ركز على الأفكار ودورها في بناء الحضارة، وذكر مشكلات العالم الإسلامي في الانفصال والتنصل من جذوره.

ويتحدث الكتاب عن توجهات الإنسان الفكرية التي إما أن تتوجه إلى الأرض حيث عالم الأشياء وسيطرة المادة، وإما إلى السماء حيث عالم الأفكار الذي يتسم بجذوره الأخلاقية والغيبية، وقسم المجتمعات زمنيًّا إلى ثلاثة مراحل: مرحلة ما قبل التحضر والتمركز حول الأشياء والأصنام، ومرحلة التحضر والتمركز حول الأفكار، ومرحلة بعد التحضر التي تمركزت حول الأشخاص.

ومن سنن الله في خلقه أنه عندما تغرب الفكرة، يبزغ الصنم
مالك بن نبي

الكتاب الخامس: كتاب الصراع الفكري في البلاد المستعمرة

تحدث كتاب الصراع الفكري في البلاد المستعمرة عن الاستعمار وسيطرته على الحالة الفكرية والثقافية للبلدان المستعمرة، وسعيه المستميت لإحباط وخنق أي فكرة جديدة أو أي شخص يحاول إيقاظ الناس من سباتهم، وتشويهه لأي فكرة جوهرية مهمة واستبدال الأفكار الجزئية السطحية بها، وإقناع الناس بأنها أصح من غيرها.

ويوضح ابن نبي في هذا الكتاب أن الاستعمار يعمل على عالم الأفكار للشعوب المستعمرة، لإدراكه التام أنه لن يسيطر سيطرة تامة على البلاد التي يستعمرها إلا بتحكمه وامتلاكه لأفكار شعوبها، لذا فإن الخطوة الأولى للتحرر من الاستعمار هي استقلال الأفكار بعيدًا عن فكر المستعمر.

الكتاب السادس: كتاب ميلاد مجتمع

يعد كتاب ميلاد مجتمع من الكتب المؤسسة والمكونة لفكر مالك بن نبي، ويهدف إلى التأسيس للمفاهيم الخاصة ببناء المجتمعات، ويتحدث عن كل ما يخص المجتمع؛ مفهومه ونشأته والعوامل المؤثرة فيه، وفرق بين المجتمعات البدائية والمجتمعات التاريخية.

وذكر الكتاب أن أي مجتمع لا يستطيع تأدية أنشطته المشتركة من دون وجود شبكة للعلاقات الاجتماعية بين أفراد هذا المجتمع، ولا بد من وجود قيمة أخلاقية دينية لدى هذه الشبكة، كي لا تنهار وبهذا يفقد المجتمع قيمته التاريخية ويصبح مجرد تجمع للبشر بلا هدف لوجوده.

وإنها لشرعة السماء: غير نفسك، تغير التاريخ
مالك بن نبي

نبذة عن مالك بن نبي

في الأول من يناير عام 1905م في مدينة تبسة التابعة لولاية قسنطينة الجزائرية ولد مالك بن نبي، ونشأ في أسرة متدينة فقيرة ومحافظة، وانتقل للعيش مع عمه في مدينة قسنطينة بسبب ضعف موارد والديه وفقرهما.

وتأثر ابن نبي بما سمعه عن رفض الكثيرين مخالطة الفرنسيين وإن كلفهم ذلك الهجرة من بلادهم إلى بلاد أخرى، مما رسخ في ذهنه أن المحتل يجب أن يقاوَم حتى إن كانت هذه المقاومة بمجرد الاعتزال والرفض، وأكد ذلك لديه رؤيته للرذائل التي انتشرت بسبب الاختلاط بالفرنسيين.

على الرغم من فقر أسرة مالك بن نبي، حرصوا على تعليمه، فقد تعلم القرآن في صغره، ثم التحق بمدرسة فرنسية في أثناء تعلمه بالمساجد، وبعد أن حصل على الابتدائية انتقل إلى قسنطينة ليكمل تعليمه فيها حتى تخرج في عام 1925م.

اختار مالك بن نبي أن يقيم في فرنسا ثم تزوج بامرأة فرنسية دخلت الإسلام على يديه، وهناك تفرغ لحياته الدراسية والفكرية، وبدأ في تأليف الكتب عن القضايا التي تخص العالم الإسلامي، وله كتب مهمة جدًّا في هذا المجال وتعد من أهم المؤلفات العربية في القرن العشرين.

وفي باريس شارك ابن نبي في نقاشات عقدية مع مسيحيين هناك، واستطاع في هذه الفترة أن يكون شبكة واسعة من العلاقات الفكرية والثقافية، إذ التقى بشخصيات مهمة هناك مثل غاندي وشكيب أرسلان، ولقب هناك بلقب زعيم الوحدة المغربية، بسبب تميز حضوره في أوساط المغاربة في باريس.

وفي عام 1954م وبعد إعلان اندلاع الثورة الجزائرية، فر هاربًا من فرنسا إلى القاهرة التي أقام فيها نحو سبع سنوات، وقد رفضت زوجته مصاحبته إلى هناك، ولم يرجع إلى زوجته إلا عام 1971م، وقد تمتع في مصر باحترام وتقدير كبيرين، وعمل فيها مستشارًا لمنظمة التعاون الإسلامي، مما سمح له باستكمال ومواصلة رحلته الفكرية.

عمق مالك بن نبي معرفته وعلمه باللغة العربية، وراجع بعد ذلك كل مؤلفاته المترجمة إلى العربية وأعاد تحريرها، ثم بدأ بالتأليف والكتابة باللغة العربية وكذلك ألقى محاضرات عدة بالعربية، ثم سافر إلى سوريا ولبنان وألقى محاضرات بهما.

وعاد إلى الجزائر في عام 1963م بعد استقلالها، وعمل في عدد من المناصب من أهمها عمله مديرًا عامًّا للتعليم العالي في عام 1964م، ثم استقال في عام 1967م كي يتفرغ لعمله الفكري الإسلامي، وتركزت ودارت أغلب أعماله وكتاباته حول التغيير، وعملية إعادة بناء المجتمعات الإسلامية، فقدم مقالات عديدة للصحافة الجزائرية وكتب عددًا من الكتب المهمة.

في يوم 31 أكتوبر لعام 1973م في الجزائر، توفي المفكر والكاتب والفيلسوف مالك بن نبي عن عمر يناهز ثمانية وستين عامًا، ودفن في مقبرة سيدي أمحمد بوقبرين بمدينة الجزائر العاصمة، تاركًا خلفه تراثًا مهمًّا من المؤلفات والأفكار القيمة.