تولستوي هو أهم الروائيين في تاريخ الحضارة الروسية. ويُعد أحد عمالقة الأدب الروسي والعالمي في القرن التاسع عشر، وقد اعتبره بعض الأدباء من أفضل الروائيين على الإطلاق. وكان ليو تولستوي مفكرًا أخلاقيًا، وداعية سلام، ومصلحًا اجتماعيًا. وفي هذا المقال سنقدم مراجعة لمجموعة من أشهر كتب تولستوي.
كتاب حكم النبي محمد يتحدث فيه الأديب الروسي تولستوي، عن النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- ودينه الذي جاء به. ويُعبر الكاتب في هذا الكتاب عن إعجابه الشديد لبعض الأحاديث النبوية التي قالها النبي، ونُقلت عنه. وقد بلغ عدد الأحاديث التي ذكرها الكاتب وتحدث عنها ما يقارب ستة وخمسون حديثًا.
وفي الكتاب يصف تولستوي دين النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنه الدين الصحيح والمنصف. وتحدث الكاتب كذلك عن بعض النظريات التي تحدث عنها في أغلب أعماله الأدبية، كنظرياته عن الحياة والفلاحين، ونظرياته عن الطبقة الغنية في روسيا.
كتاب السند المزيف لم يُنشر إلا بعد وفاة تولستوي، وهو آخر أعمال تولستوي الأدبية. ويُشير التوقيت الذي كُتب فيه هذا الكتاب إلى أنه يشتمل على وصية الكاتب الأخيرة، والتي كانت السبب في خلافاته مع أسرته. وقد أثار هذا الكتاب العديد من الأسئلة الأدبية والفنية والفكرية.
ويحتوي الكتاب على الكثير من القصص والشخصيات، التي تتشابك بشكل رائع، في محاولة لإدخال القارئ إلى عالم جديد لأحد أهم أعمدة الأدب الروسي. وقد تخلى تولستوي في هذا الكتاب عن استعراضه لقدراته الوصفية، وركز اهتمامه على قوة الفكرة وعمق التحليل.
كتاب اعتراف يتحدث عن نبذة مختصرة عن فترة من حياة الكاتب، وهذا الجزء يتحدث عن صراع فكري شديد عاشه الكاتب، باحثًا عن إجابات لبعض الأسئلة الوجودية، كسؤال لماذا نحن هنا؟ وما الهدف من كل ما يحدث معنا؟ ومن خلال هذا الكتاب ينقل الكاتب كيف تعامل مع هذا الصراع؟ وكيف نجى منه؟ وما توصل إليه طوال فترة هذا الصرع.
ظل تولستوي يبحث عن إجابات لأسئلته، من خلال الخوض في المعارف البشرية، لكنه لم يصل إلى إجابات تريح صدره أثناء بحثه عنها في هذا المجال. فبدأ بالبحث بطريقة مختلفة عن سابقتها، حتى توصل إلى التصالح مع البشرية بأكملها، والتصالح مع حياته ومرضه وكل معاناته، والتصالح مع الموت.
كتاب ملكوت الله في داخلكم يعتبر أحد كتب الفلسفة الدينية. ويناقش تولستوي في هذا الكتاب بعض القضايا العقائدية الخاصة بالدين المسيحي، والتي أثارت الكثير من الجدل بين عدة طوائف مسيحية، مثل الأرثوذوكس والكاثوليك والبروتستانت.
ويوضح الكتاب كيف قام بعض القياصرة والأباطرة اختيار بعض النصوص، التي تساعدهم في أهدافهم السياسية والسلطوية، وانتقاد بعض النصوص، واستخدامها لإسقاط الضوء على نفس المنهجية السياسية في روسيا. ويكشف تولستوي بعض الزيف بين كنائس أوروبا الشرقية والغربية.
يحتوي كتاب ما هو الفن؟ على ثروة ثقافية ضخمة عن الفن، حيث قدم فيه تولستوي مناقشته لمجموعة كبيرة من آراء المفكرين ويطرحها بشتى اتجاهاتهم. ويركز الكاتب على الفن، ويحاول توضيح فكرته وجوهرها، ويعمل على تنقيتها من بعض الأفكار الأخرى التي تتداخل معها كالجمال والحقيقة وغيرها.
نُشر هذا الكتاب لأول مرة باللغة الأنجليزية، وذلك بسبب بعض الصعوبات التي واجهها من الرقابة الروسية. وأوضح الكاتب خلال كتابه كيف يساهم الفن الحقيقي على نشر التفاهم بين الناس وتوحيد مشاعرهم، واهتم كذلك بالتحذير من الفن المزيف، والذي يُشكل خطرًا كبيرًا بسبب قدرته على التشويه والتزييف.
كتاب في الدين والعقل والفلسفة يحتوي على مجموعة من المقالات والرسائل، والتي تُظهر تولستوي مفكرًا وفيلسوفًا. وهذه المقالات تُظهر الصراع الفكري لمثقفي القرن التاسع عشر، وتُلخص فكر الكاتب حول الدين والإيمان. وفي هذا الكتاب يحاول الكاتب تتبع الحقائق، مستشهدًا بوقائع من التاريخ، ومستندًا إلى المنطق للوصول بالقارئ إلى بديهيات راسخة، ومنتهيًا إلى قناعات مناسبة لِفكره.
والكتاب يناقش وجهة نظر تولستوي بخصوص الدين بطريقة فلسفية جديدة، للوصول للدين الصحيح والأديان المزيفة السائدة. ويوضح تولستوي بأن الإيمان الحقيقي هو الاعتراف بوجود إله خالق لكل شيء، وأن الدين هو الذي يحدد علاقة الإنسان بالإله. ويقول تولستوي أنه يجب على الإنسان إنكار الذات وضبط السلوك، لكي يعيش حياة صالحة.
ولد الكونت ليو نيكولاس يافينتش تولستوي في قرية ياسنايا بوليانا، التابعة لمقاطعة تولا، التي تقع بجنوب مدينة موسكو في روسيا. وكان هذا في يوم التاسع من شهر سبتمبر لعام 1828م.
نشأ ليو تولستوي في أسرة من أعرق الأسر الأرستقراطية، وهي أسرة ألمانية الأصل، كانت قد هاجرت أثناء عهد بطرس الأكبر، وقد عُرف عن أفرادها براعتهم في السياسة والفن. كان والده يدعى “نيكولاس تولستوي”، ووالدته هي الأميرة “ماريا فولكونسكي”، والتي كانت تنتمي لسلالة الحاكم الأول روريك والذي ذكر اسمه في تاريخ روسيا.
عندما بلغ تولستوي عُمر العامين، توفيت والدته عام 1830م. وتولى رعايته في طفولته أكثر من شخص، وقامت إحدى قريبات والدته بمساعدة والده في رعايته. وفي عام 1837م توفى والده هو الآخر، وأصبح يتيم الأبوين وهو صغير مما جعل طفولته مأساوية، وانتقلت رعايته بوصية قانونية لعمته الكونتيسة “الكسندرا أوستن” كحاضنة شرعية له، وبعد وفاتها انتقل هو وأخوته للعيش مع عمته الثانية في مدينة كازان.
بدأ تولستوي تعليمه الابتدائي في المنزل تحت إشراف معلمين فرنسيين وألمان. وفي عام 1843م التحق بكلية اللغات الشرقية بجامعة كازان. واختار دراسة اللغتين التركية والعربية، لكونه مهتمًا بدراسة آداب الشعوب الشرقية، وكانت لديه الرغبة ليصبح دبلوماسيًا في منطقة الشرق الأوسط، وعلى الرغم من كل هذا لم يستطع النجاح في تلك الدراسة، وفشل في امتحانات الصف الأول الجامعي بسبب انشغاله في الحياة الاجتماعية. وانتقل بعد ذلك لدراسة القانون، ولكن لم تعجبه طريقة التدريس بها ولم يمكث بها فترة طويلة حتى ترك الدراسة في جامعة كازان في عام 1847م، دون أن يحصل على المؤهل الجامعي.
عاد تولستوي إلى قريته ومنزل والديه، وهناك قرر الإشراف على زراعة الأراضي ولكنه لم يتمكن من المواظبة على تلك المهمة بسبب كثرة زياراته الاجتماعية إلى مدينتي تولا وموسكو، وسرعان ما اتضح له أنه غير مؤهل للإشراف على الأراضي الزراعية، فبدأ بتثقيف نفسه ودراسة ما كتبه بعض عظماء الفكر في ذلك الوقت كروسو وهيجو وبوشكين وغيرهم، وشرع في الكتابة، وشغلته في هذه الفترة أسئلة الفلسفة وقضاياها.
قرر تولستوي ترك قريته، والتحق بالجيش الروسي وهو في سن الثالثة والعشرين. وشارك في حرب القرم بالقوقاز عام 1851م، وشارك في بعض الحروب ضد جيش المريدين بقيادة الإمام شامل. وانضم إلى حرب البرنس غورتشاكوف، ثم عُين قائدًا لفرقة مدفعية بعد أن انتقل إلى سباستبول. وقد كتب عن بعض تجاربه في تلك الفترة والتي نُشرت في بعض الصحف فيما بعد.
وكان لتلك الفترة تأثيرًا كبيرًا في حياة تولستوي وكتاباته، فقد كتب روايتين عن تلك الفترة، وهما رواية الحرب والسلام و رواية الكوزاك. واستغل بعض فترات السلام أثناء وجوده في الجيش، فقام بتأليف رواية تحكي عن سيرته الذاتية وأطلق عليها رواية الطفولة. وتمكن من مواصلة تأليف كتبه أثناء حرب القرم وكتب رواية الصبا تكملة لرواية الطفولة. وعبر عن آرائه حول التناقضات التي حصلت خلال الحرب في سلسلة كتب أسماها حكايات سيباستوبوب.
بعد انتهاء تولستوي من الخدمة العسكرية، تزوج بابنة طبيب ألماني تُدعى “صوفيا أندرييفنا بيرز” والتي كانت تصغره بستة عشر عامًا، وأنجبا ثلاثة عشر طفلًا توفي منهم خمسة في الصغر. وأقام مع زوجته وأولاده في قريته، وكانت حياته تتسم بالبساطة، فكان الزواج يعيده من دوامة الأفكار الذهنية إلى واقع الحياة. وكانت زوجته صوفيا خير عون له في كتاباته حيث قامت بنسخ روايته سبع مرات والذي أمضي جزءًا كبيرًا من عقد الستينات في تأليفها وكانت تلك الرواية هي رواية الحرب والسلام، كما كان يعمل في فلاحة الأرض صيفًا ثم ينقطع للتأليف والكتابة في فصل الشتاء.
وقد واجه تولستوي بعض المشاكل العائلية مع زوجته، لأنه كان يرغب في التخلي عن ثروته كاملة. واستمرت الخلافات بينهما حتى وافق على منح زوجته حق الحصول على عائدات النشر الخاصة بمؤلفاته وذلك قبل عام 1881م.
يعد تولستوي من أهم الروائيين في تاريخ الحضارة الإنسانية في روسيا. فقد قام بإتقان الكثير من اللغات المختلفة، واشتملت مكتبته على أكثر من ثلاثة وعشرين ألف كتابٍ مختلف بتسع وثلاثين لغة مختلفة. وقد عبرت مؤلفاته عن الكثير من القضايا العديدة التي تحدث في أوروبا وخاصة وضعها السياسي، وذلك لكونه كان مُشاركًا في الحرب في ذلك الوقت مما أثر على تفكيره ونفسه.
وقد تناول تولستوي في كتاباته الأدبية موضوعات أخلاقية وأدبية واجتماعية، فكان عميق التفكير. وكان يحترم الأدب العربي، والثقافة العربية، فقد عرف الحكايات العربية منذ صغره كحكاية علاء الدين والمصباح السحري. وكتب مجموعة من القصص والروايات التي لاقت انتشارًا واسعًا إلى يومنا هذا في المكتبات العربية والأجنبية.
توقف الكاتب الروسي تولستوي عن الإنتاج الأدبي واهتم بالفسلفة المسيحية اهتمامًا شديدًا. فقام بمعارضة الكنيسة الأرثوذكسية بروسيا، ودعا إلى السلام وحذر من الاستغلال. وانتشرت أراؤه وأفكاره سريعًا في المجتمع الروسي، ولكن الكنيسة لم تتقبل تلك الأفكار والأراء فقامت بتكفيره وحرمته من رعايتها.
وكأديب أخلاقي، اعتنق تولستوي أفكار المقاومة السلمية، وظهرت تلك الأفكار في روايته التي كتبها تحت عنوان رواية ملكوت الله في داخلكم، وهي العمل الذي أثر على بعض مشاهير القرن العشرين في جهادهم بالمقاومة السلمية النابذة للعنف. وقد سافر إلى أوروبا الغربية وهناك أُعجب بطرق التدريس، ولما عاد إلى قريته بدأ بتطبيق ما تعلمه في دول أوروبا من نظريات تربوية وتقدمية. وقام بفتح مدرسة خاصة لأبناء المزارعين، وأنشأ مجلة تربوية أوضح فيها أفكاره التربوية ونشرها بين الناس.
عاد تولستوي إلى التأليف والإنتاج الأدبي في أواخر حياته قبل إصابته بإلتهاب رئوي حاد، مما أدى لوفاته في يوم العشرين من شهر نوفمبر لعام 1910م، عن عمر يناهز اثنين وثمانين عامًا، ودفن في قريته في مقاطعة تولا بروسيا.
شوقي ضيف هو لغوي وأديب مصري ورئيس سابق لمجمع اللغة العربية في جمهورية مصر العربية،…
كتاب القسم في القرآن هو أحد أهم وأشهر كتب الدكتور شوقي ضيف. وشوقي ضيف هو…
كتاب محمد خاتم المرسلين هو أحد أهم وأشهر كتب الدكتور شوقي ضيف. وشوقي ضيف هو…
كتاب الوجيز في تفسير القرآن الكريم هو أحد أهم وأشهر كتب الدكتور شوقي ضيف. وشوقي…
كتاب في الشعر والفكاهة في مصر هو أحد أهم وأشهر كتب الدكتور شوقي ضيف. وشوقي…
كتاب البطولة في الشعر العربي هو أحد أهم وأشهر كتب الدكتور شوقي ضيف. وشوقي ضيف…