يوسف السباعي أحد أشهر وأبرع الأدباء والمفكرين المصرين في العصر الحديث كما أنه سياسي وعسكري بارع فقد جمع السباعي بين حبه للأدب والسياسة والفكر في وقت واحد مما ساعده في تكوين العديد من الكيانات الأدبية العربية ناهيك عن دوره الكبير في الصحافة. ولقد تميز السباعي عن غيره من الأدباء والكتاب بأسلوبه البسيط السهل الذي لا يكلف القارئ عناء في إدراك مقصوده، وقد لُقب السباعي بفارس الرومانسية كما لقبه نجيب محفوظ بجبرتي العصر. وقي هذا المقال نقدم مراجعة مختصرة لـ أشهر روايات يوسف السباعي.
وتعد رواية أرض النفاق من أعمال السباعي المميزة والأكثر شهرة حيث يتناول موضوع مهم وهو النفاق وذلك في إيطار أدبي نقدي ساخر حيث يصور الفساد الأخلاقي من كذب وخداع ورياء وذلك من خلال روايته لقصة رجل يشتري بعض الشجاعة والمروءة من متجرٍ للأخلاق.
وتعد رواية السقا مات من أعمال السباعي المميزة والأكثر شهرة وذلك لما تحمله من رسالة قيمة وعظيمة حيث تتناول الموت والحياة ومفهوم الصبر والابتلاء وذلك من خلال قصة شخص يعمل في حي من أحياء القاهرة الجديدة كسقا (ساقي الماء) وهو راضٍ وصابر على الابتلاء وقصة الأفندي الذي يكسب المال من اظار الحزن والبكار في الجنازات، كما يعرض الكاتب الحوار الممتع بين السقا والأفندي والذي تظهر رسالة الكاتب من خلاله.
وتعد رواية لست وحدك من أعمال السباعي المميزة والشهيرة حيث يتناول فيها السباعي قصة مجموعة من البشر مكونة من ست أشخاص مختلفة الشخصيات والطبائع، حيث تقوم هذه المجموعة برحلة إلى الفضاء ليستقروا على سطح كوكب جديد يسكنه الأشجار، لتقوم هذه المجموعة بتعليم الأشجار طبائع البشر المختلفة.
وتعد رواية ابتسامة على شفتيه من أعمال السباعي المميزة والتي يصور فيها ما يعانيه الشعب الفلسطيني من مجازر وحروب من قِبل الكيان الصهيوني وذلك من خلال روايته لقصة شاب فلسطيني فقد ابتسامته عندما قُتلت كامل أسرته أمام عينه وهو طفل صغير من قبل الإحتلال الإسرائيلي، لتعود على وجهه الابتسامة عندما أمسك ببندقيته وأطلق الرصاصة في وجه المحتلين لأرضه ووطنه فلسطين.
وتعد نحن لا نزرع الشوك (الجزء الأول) من أعمال السباعي المميزة والأكثر شهرة والتي قد تحولت إلى عمل سينيمائي ومسلسل تلفزيوني، والتي يتناول فيها السباعي قصة فتاة تسمى سيدة توفي والدها وهي في صغرها فأخذها صاحب والدها لتعيش معه ومع زوجته التي تعاملها بقسوة شديدة وتجعلها تقوم بمهام صعبة وشاقة على طفلة في عمرها.
وتعد رواية نحن لا نزرع الشوك (الجزء الثاني) من أعمال السباعي المميزة ففي هذه الرواية يستأنف السباعي قصة الفتاة سيدة التي مرت بأوقات صعبة وأليمة بعدما توفي والدها، حيث يوضح قصة هروبها من منزل صديق والدها والذهاب للعمل في بيت حبيبها حمدي الذي لاقت في بيته أوقات من السرور وكثير من الشقاء لتستمر معاناة هذه الفتاة التى اضطرتها للهروب من جديد.
وتعد رواية جفت الدموع (الجزء الأول) من أعمال السباعي المميزة والتي تقع أحداثها بين مصر ودمشق حيث تتناول الكثير من الجوانب السياسية في فترة الخمسينيات والستينيات مثل السيوعية والاشتراكية كما تناولت مفهوم الوحدة العربية، وذلك من خلال قصة حب بين السياسي “سامي” والمطربة “هدى” لتتناول الرواية ملامح هذه العلاقة والتي ينعكس من خلالها الكثيرمن المفاهيم الهامة.
وتعد رواية جفت الدموع (الجزء الثاني) من أعمال السباعي المميزة والتى يستكمل فيها الكاتب قصة السياسي “سامي” والمطربة “هدى”، والتي ذهبت لإجراء عملية جراحية عاجلة، وانهيار سامي لعدم التمكن من مرافقتها، لتعرض هذه الرواية ما يتؤول إليه هذا الحب الوطيد بينهما وما يواجههم من تحديات مخيفة قد تودي بعلاقتهم وتنهيها.
وتعد رواية الليلة الأخيرة من أعمال السباعي المميزة والتي تم إنتاجها كفيلم من تأليف يوسف السباعي والذي يتناول قصة الفتاة “نادية” التي فقدت الذاكرة وأصبحت لا تدري من هي في الحقيقة ولا من زوجها، حيث يتم محاولة إقناعها بأنها شخص آخر وفي إيطار درامي مليء بالإثارة والتشويق يروي لنا السباعي قصة هذه الفتاة “نادية” وما سوف تواجهه بعدما فقدت ذاكرتها.
وتعد رواية طريق العودة من أعمال السباعي المميزة ويكمن تميز هذه الرواية في الفكرة الطروحة بها حيث يعرض السباعي مفهوم الاختلاف الإنساني من خلال عرضه لأربع شخصيات مختلفون في الطباع، والذين تقودهم الظروف للعيش تحت سقف واحد.
وُلد يوسف السباعي في منطقة الدرب الأحمر في القاهرة، حيث نشأ في بيت أدبي من الطراز الأول، فكان والده محمد السباعي شغوفًا بكل ما يتعلق بالآداب العربية سواء كان الشعر منها أو النثر، وقد كان واسع الاضطلاع علي الفلسفات الأوروبية والإنجليزية الحديثة وقد ساعده في ذلك إجادته للغة الإنجليزية إجادة تامة، وقد انعكس ذلك بالطبع علي حياة ابنه يوسف السباعي وعمل على ثقل حسه الأدبي.
كان والده محمد السباعي كاتبًا ومترجمًا كبيرًا ومن أعماله أنه قام بترجمة كتاب (الأبطال وعبادة البطولة) لتوماس كارلايل وقد شارك يوسف السباعي والده في إتمام هذا العمل حيث كلفه والده بنقل تلك المقالات إلي المطابع ليتم تجهيزها ثم يعود بها ليقوم والده بتصحيحها ليتم طباعتها ونشرها لاحقًا.
وفي عام 1931م لم تكن الحياة في جعبتها الكثير من الاستقرار للصبي الصغير الذي لم يتجاوز الرابعة عشر من عمره حيث توفي والده محمد الذي كان يعمل على كتابة كتاب قصة الفيلسوف ولم يستطع الانتهاء منها وكان يوسف يحبه حبًا شديدًا مما جعل يوسف يدخل في حالة نفسية مضطربة لأكثر من عام كامل بسبب عدم تصديقه لوفاه والده، حيث ظل يظن أن أبيه في وقت ما سوف يعود إليه، ونتيجة لهذه البيئة الأدبية الفذة تكون لدى يوسف السباعي تلك الملكة الكتابية التي تميز بها.
حصل يوسف السباعي على شهادته الابتدائية ثم حصل على الشهادة الإعدادية ليلتحق السباعي بالمرحلة الثانوية بمدرسة شبرا الثانوية والتي تميز فيها من كافه النواحي العلمية والأدبية حتي تخرج منها بجدارة في عام 1935م.
وفي شهر نوفمبر في نفس العام الذي تخرج فيه من المدرسة الثانوية التحق السباعي بالكلية الحربية رغم حبه وشغفه الكبير بالأدب حيث أثبت كفاءته في الكلية الحربية وتخرج منها عام 1937م وذلك بعد ترقيته حتى أصبح بدرجة جاويش في السنة الثالثة له في الكلية الحربية.
بعد التخرج تم تعيينه قائدًا عسكريًا في سلاح الصواريخ، وكان أحد الركائز الأساسية فيه، كما كان له الفضل في تأسيس سلاح المدرعات، وفي عام 1940م تولى السباعي مسؤلية تدريس سلاح الفرسان بالكلية الحربية وذلك بعد ثلاث سنوات فقط من تخرجه كما انتقل بعد ذلك إلى تدريس مادة التاريخ كما اُختير السباعي ليصبح مديرًا للمتحف العسكري في سن الثانية والثلاثين.
قد بدأ السباعي طريقه الأدبي مبكرًا حيث تولى تأسيس مجلة تابعة لمدرسة شبرا الثانوية التي كان يرتادها السباعي، وقد لفتت تلك المجلة هيئة أعضاء التدريس بالمدرسة وأصبحت تصدر منذ ذلك الوقت تحت مسمى (مجلة مدرسة شبرا الثانوية) وكانت تلك المجلة شاهدة على أول قصصه والتي جاءت بعنوان “فوق الأنواء” وكان عمره آنذاك سبعة عشر عامًا.
كما كان قد انتهى من كتابة قصته الثانية والتي صدرت بعنوان “تبت يدا أبي لهب وتب” والتي تولى مسؤلية نشرها الصحفي المصري أحمد الصاوي محمد في مجلة “مجلتي” وكان رئيس تحريرها فكانت تلك الخطوة بمثابة نقلة كبيرة في مشوار السباعي الأدبي حيث جعلت اسمه بجوار كبار الأدباء مثل طه حسين ويوسف إدريس ونجيب محفوظ وغيره من الأدباء أصحاب المكانة المرموقة.
وقد عشق يوسف السباعي الكتابة والأدب فعندما ذهب السباعي إلى الجيش وقد كان ضابطًا صغيرًا لم يكف عن الكتابة وبل استمر في مشواره الأدبي فقد كان يكتب قصة قصيرة كل أسبوع وأعمال ولوح فنية أخرى والتي كانت تنشر في مجلة “مسامرات الجيب” لصاحبها عمر عبد العزيز ورئيس تحريرها أبو الخير نجيب.
تدرج السباعي في الوظائف، فقد عُين سكرتير عام المحكمة العليا للفنون وبعد ذلك تولى منصب السكرتير العامة لمؤتمر الوحدة الأفرو أسيوية في عام 1959م، وفي عام 1965م شغل منصب رئيس تحرير مجلة آخر ساعة وبعدها بعام رئيسًا لتحرير مجلة الرسالة الجديدة كما أنه أصبح رئيس مجلس إدارة دار الهلال عام 1971م
وفي شهر مارس عام 1973م في عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات رئيس جمهورية مصر العربية أصبح السباعي وزيرًا للثقافة وظل في منصبه حتى توفاه الله، وفي نفس عام توليه الوزارة حصل علي جائزة الدولة التقديرية في الآداب، كما أصبح رئيس تحرير مجلة الأهرام عام 1976م.
آمن السباعي أن الأديب يجب أن يكون صاحب رسالة سامية وأنه يجب عليه أن يتحمل مسؤولية ترسيخ مفاهيم كثيرة كمفهوم السلام والتعايش، كما أنه يجب أن يكون معاصرًا للأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية لأن الأديب لا يعيش منعزلًا عن باقي البشر، بل هو فرد منهم يعيش حياتهم ويعاني مما يعنون منه لذلك يجب عليه أن ينقل ما يشعرون به من خلال أعماله.
فضَّل يوسف السباعي البعد عن الخصومات والصراعات السياسية والحزبية ولكن بحكم مكانته وعمله نقيبًا للصحفيين بالإضافة إلى الوظائف الأخرى الهامة التي تقلدها فقد حشد عدد من الخصومات ومع ذلك كان يعامل خصومه بكل حيادية وهذا ما كان يؤكده في حديثه حيث كان يقابل خصومه بكل ترحيب وحب دون أي ضغينة أو كره وكان يقول أنه لو خُير بين كل هذه المناصب التي تولاها وبين الكتابة لاختار الكتابة دون تفكير.
في يوم السابع عشر من شهر فبراير عام 1978م هبطت طائرة السباعي علي مطار قبرص الدولي بصحبة الوفد الخاص به لحضور مؤتمر التضامن الأفرو آسيوي في نسخته السادسة كأمين عام لمنظمة التضامن الأفريقي الآسيوي ولكونه وزير الثقافه المصري.
وفي صباح اليوم التالي الثامن عشر من شهر فبراير عام 1978م وبعد حضوره المؤتمر في أحد الفنادق وأثناء قراءته لإحدى المجلات قتله رجلان متطرفان أحدهما فلسطيني والآخر عراقي وقاموا بأخذ باقي الحاضرين في ساحة الفندق بمثابة رهائن إلي أن تم الإفراج عنهم في ما بعد بعد تحقيق مطالب القاتلان وهي خروجهم في طائرة خاصة.
وفي يوم التاسع عشر من فبراير عام 1978م، أُقيمت جنازة السباعي التي شهدت حضور عدد غفير من محبيه التي جاءت للتشيع كما حضر وزير الدفاع المصري محمد عبد الغني الجمسي ونائب رئيس الجمهورية -في ذلك الوقت- محمد حسني مبارك. وهكذا رحلت شمس الكاتب الكبير يوسف السباعي، حيث توفي عن عمر يناهز الستين عامًا كانت حافلة بالكثير من الانجازات وعدد كبير من الأعمال الأدبية والروائية.
شوقي ضيف هو لغوي وأديب مصري ورئيس سابق لمجمع اللغة العربية في جمهورية مصر العربية،…
كتاب القسم في القرآن هو أحد أهم وأشهر كتب الدكتور شوقي ضيف. وشوقي ضيف هو…
كتاب محمد خاتم المرسلين هو أحد أهم وأشهر كتب الدكتور شوقي ضيف. وشوقي ضيف هو…
كتاب الوجيز في تفسير القرآن الكريم هو أحد أهم وأشهر كتب الدكتور شوقي ضيف. وشوقي…
كتاب في الشعر والفكاهة في مصر هو أحد أهم وأشهر كتب الدكتور شوقي ضيف. وشوقي…
كتاب البطولة في الشعر العربي هو أحد أهم وأشهر كتب الدكتور شوقي ضيف. وشوقي ضيف…