كتاب الصحة النفسية للجميع ج٢

Book-Cover

كتاب الصحة النفسية للجميع ج٢ (المؤلف: فيكرام باتل)


الشخص الذي يشعر بالتعب طوال الوقت


هذا الشخص يشعر بالتعب طوال الوقت، وتعبه هذا يُترجَم لقلة نشاط، نجده لا يريد القيام بأي شيء وغالبًا يأتي مع قلة نشاطه هذا رغبة شديدة في النوم، ولكن حينما يحاول النوم لا يستطيع.

الأسباب الشائعة للتعب المزمن

التعب المزمن له عدة أسباب منها بعض الأمراض، مشكلات صحية جسدية مثل السكري والالتهابات المزمنة، ومنها المشكلات الصحية النفسية كالإحباط والقلق.

ومنها أيضًا مشكلات متعلقة بنمط الحياة مثل كثرة العمل، ولا سيما العمل اليدوي أو قلة الحركة، الحقيقة نعم أحيانًا قلّة الأنشطة تؤدي للشعور بالتعب.

التعامل: سلوك بسيط ممتع في أول اليوم

حسنًا ما الذي يمكننا فعله لهذا الشخص؟ في حال عدم وجود دليل لمرض جسدي يمكننا أن نطرح عليه بعض الأسئلة لنعرف من خلالها إن كان السبب متعلقًا بنمط الحياة أو أنه اضطراب نفسي.

نسأل عن أعراض الاكتئاب والقلق ونحاول مراقبة معدّل أنشطته اليومية التي قام بها في آخر أسبوع.

ومن ثم نعمل معه على زيادة الأنشطة تدريجيًّا، نطلب منه أن يقوم بنشاط بسيط مسلّي في بداية يومه، ما الأمور التي يحب أن يقوم بها؟ يحب أن يسقي النباتات في الشرفة مثلًا، نطلب منه أن يقوم بذلك في بداية نهاره لمدة ربع ساعة، ومن ثم يقوم بنشاط بسيط آخر، لكنه أصعب قليلًا كالمشي للبقالة القريبة منه وشراء شيء يحبه.

فلو بدأ يومه بهذه الطريقة بشكل مستمر سيكون أكثر نشاطًا لعمل نشاطاته العادية.

الشخص الذي يكرر السلوك نفسه مرة بعد أخرى


الشخص الثاني معنا لديه اضطراب تكرار السلوك نفسه عدّة مرات. فيمكن أن يغسل يديه أو يستحم مرات كثيرة في اليوم، ويمكن أن يتأكد من قفل الباب عشرات المرات. هذه الأعراض اسمها "السلوك القهري"، وغالبًا هذا السلوك يكون متصلًا بوسواس - أفكار تتكرر في رأسه وتضغط عليه للقيام بتلك السلوكيات فيظن مثلًا أنه لم يقفل الباب، وهذه الفكرة تضغط عليه فيتأكد من قفله مرارًا وتكرارًا ربما لعشرات المرات-.

التعامل: المواجهة ومنع ردّ الفعل

التعامل مع هذه المشكلة يرتكز على وضع الشخص في مواجهة الأفكار المسببة للوسواس، وفي الوقت نفسه منعه من القيام بالسلوك القهري. ومن الطبيعي أن يشعر بالقلق المرتبط بالأفكار، ولكنه من خلال مقاومة ردّ الفعل سيتخطى القلق، ويتعلم كيف يتكيف مع الأفكار بالشكل الملائم. مثلًا بفرض أنه يعاني من سلوك قهري في غسل يديه، سنسأله عن الحالات التي تدفعه لغسل يديه فيجيب مثلًا أنه كلما رأى شيئًا متسخًا حتى لو لم يقم بلمسه يغسل يديه. نوضّح له من البداية بأن الأسلوب الذي سنطبقه سيشعره بالتوتر وأن هذا هو جزء من الحل ثم نطلب منه في أثناء جلستنا أن يبحث بنظره عن بعض الأوساخ وعندما يجدها نطلب منه مقاومة الرغبة الملحّة التي يشعر بها وتدفعه لغسل يديه.

وهكذا سندعه في أثناء وجودنا معه يستدعي التوتر وندرّبه على تجاهله وبعد فترة من الزمن سندعه يطبق هذه الطريقة بنفسه بدون وجودنا. شيئًا فشيئًا سيشعر بتوتر أقل وسيكون قادرًا على السيطرة عليه.

ضحية العنف المنزلي


الشخص الثالث هو امرأة ضحية للعنف المنزلي. هي تتعرض لسوء المعاملة في المنزل، كلمة سوء المعاملة هنا لا تعني فقط العنف الجسدي وإنما تشمل العنف المعنوي والعاطفي كالسخرية والإذلال والتهديد.

التعامل

كيف نتعامل مع المرأة في هذه الحالة؟

أولًا: نطمئنها بأنها ليست المسؤولة عن سوء المعاملة هذا أو عن المشكلة، هذه نقطة مهمة؛ لأن كثيرًا من النساء تتولّد لديهن مشاعر سلبية تجاه أنفسهنّ، فبالرغم من أنهن الضحايا؛ فإنهنّ يفسرن ما يحدث على أنه تقصير من جانبهنّ.

ثانيًا: ألا نستعجل في إنقاذها بحيث إنه لا أحد يجب أن يأخذ مكانها في أخذ القرار الذي تراه مناسبًا لها سواء كان الاستمرار أو الانفصال.

ومن ثم نحاول أن نشرك الزوج في الإرشاد الزوجي.

في الحقيقة ليس شرطًا أن يكون الزوج سيئًا، ربما يكون شخصًا محتاجًا إلى المساعدة لأنه يعتقد بأن هذه الطريقة مقبولة لمعالجة الخلافات لأنه رأى والده يقوم بذلك مع أمه، وبذلك فهي طريقة ملائمة لإخضاع المرأة، ويمكن أن يكون عنيفًا بسبب عادات سيئة أو إدمان، ويمكن أن يكون شخصًا يعاني مشكلات صحيّة نفسية في السيطرة على الغضب. يجب أن نفهم السبب الذي وراء تصرفه هذا ونحاول التعامل معه.

شخص يعاني الرهاب


الشخص الرابع هو شخص يعاني الرهاب، يتجنب مواقف معيّنة.

التعامل: المواجهة

كيف نتعامل معه؟

الطريقة الوحيدة التي تساعد الشخص الذي يعاني الرهاب على تخطي خوفه هي مواجهة هذا الخوف إلى أن يتلاشى.

وبهذه الطريقة سيكون عنده ثقة بأن الموقف الذي يمرّ به لا يستدعي الخوف، نشرح له هذه النقطة ونوضّح له بأنه كلّما تجنّب الشيء الذي يخاف منه، زادت مشكلته أكثر فأكثر. نشجّعه على المواجهة بصورة مدروسة كي نبني ثقته بنفسه شيئًا فشيئًا.

سنضع هذا الشخص تدريجيًّا في مواجهة المشكلة ونبدأ من الحالات الأقل تسببًا بالخوف، وكلما شعرنا أنه أصبح مسيطرًا أكثر على الحالة وأصبح قادرًا على مواجهتها بدون خوف، نشجعّه أن ينتقل للحالة الثانية وهكذا.

الطفل وسوء التصرف


الشخص الخامس هو طفل يُفقد أهله صوابهم من سوء تصرّفه.

لكن متى نعدُّ أن تصرف الطفل مشكلة وليس مجرّد شقاوة؟ لو استمرت المشكلة لأكثر من ستة أشهر ونتج عنها تصرفات عدوانية تجاه الآخرين لم تكن موجودة قبل كالضرب أو سوء المعاملة، أو لو ترافقت مع تغير في الأداء الدراسي أو ترافقت المشكلة مثلًا مع تصرفات قد تكون إجرامية كالسرقة.

لماذا يسيء الأطفال التصرّف؟

لثلاثة أسباب:

أولًا: الإهمال

عندما يُهمل الطفل سيتعلّم أن سوء التصرّف هو الطريقة الوحيدة للفت الانتباه.

ثانيًا: مشكلات سلوكية

هذه المشكلات قد تكون بسبب مشكلة صحيّة نفسية كفرط النشاط.

ثالثًا: تعلّم قواعد النظام

وهو سبب أساسي وراء أغلب المشكلات السلوكية الطريقة التي علّم بها الأهل الأطفال قواعد النظام؛

فالطفل عندما يرى أهله يتصرفون بعنف ينسخ تصرفاتهم، ويتعلم أن هذه إحدى الطرق التي يستخدمها البالغون عندما يغضبون أو يشعرون بالتعاسة، ويقوم الطفل بالسلوك نفسه.

التعامل: التفاوض

كيف نتعامل مع هذه المشكلة؟ نشرح للأهل قواعد تربية الأطفال المناسبة وأن قواعد السلوك تكون واضحة وثابتة وتطبّق على الجميع.

فلا يجوز أن يُمنع من الصراخ والبكاء عندما يشعر بالغضب، في حين أن شخصًا بالغًا في العائلة يقوم بذلك.

الشيء الآخر هو إبرام عقد سلوكي مع الطفل؛ فنسأل الطفل ما الأمور التي تريد من أهلك السماح لك بالقيام بها؟ فيجيب بكذا وكذا، ومن ثم نسأله حسنًا؛ ما الشيء المقابل الذي أنت على استعداد للقيام به؟ ونتفق معه على عقد، فيه تلك البنود، ما الأمور المتوقعة منه؟ وما الأمور التي سيحصل عليها بالمقابل، ونوضّح فيه أيضًا ما التدابير مقابل التصرفات السيئة.

وإذا التزمنا كلّنا بالعقد بعد فترة وجيزة ستختفي كل السلوكيات السيئة من تلقاء نفسها.

الاكتئاب عند المراهق


الشخص السادس معنا هو شاب مراهق يعاني الاكتئاب.

أعراض الاكتئاب يمكن أن تتوجه للناس المحيطة به كتعامله بمزاجية وسرعة انفعال، أو أن نجده يختلق المشكلات مع أهله في المنزل طوال الوقت، ويمكن للأعراض أن تتوجه له كأعراض جسدية، صعوبة في التركيز وأداء دراسي ضعيف وشعور سلبي تجاه نفسه فيستنتج أنه أقل جاذبية وذكاء من الآخرين، أو تتوجه للحياة كأن يرى أن حياته ليس لها جدوى.

التعامل: التكيّف

كيف نتعامل مع هذا الشخص؟

نستمع له عن مشاعره والأمور التي تقلقه. معظم المراهقين تتحسن حالتهم بمجرّد الحديث. فلو تحدّثت معهم واستمعت لهم ولمخاوفهم ومشاعرهم مجرّد فعلك لذلك يعدُّ علاجًا فعّالًا.

أيضًا هناك شيء آخر، هذا الشاب لم ينمّ احترامًا مناسبًا للذّات بعد، ولم يتعلّم بعد الشعور الجيد تجاه النفس.

والشعور السيئ تجاه النفس هو سبب شائع جدًّا، وعلى الأغلب فإنه هو السبب في مشكلته وتحديدًا نظرته تجاه شكله الخارجي. في حياتنا الحالية بسبب صناعة الموضة والأفلام أصبحت بعض المظاهر تصنّف على أنّها مقياس للجمال أو النجاح وهذه المعايير تضغط عليه عندما يعتقد أنه لا يمتلكها. هنا مثلًا نسلّط الضوء على دور الفرد بكليّته وليس بشكله فقط، نعرض عليه صور بعض العظماء الذين استطاعوا بناء مجتمعاتهم واستطاعوا أن ينجحوا وأن يكسبوا تقدير الناس واحترامهم رغم أنهم لم يمتلكوا تلك الصفات والمعايير. ونسلط الضوء على أن هذا الشاب لديه معطيات أخرى يستطيع العمل على تحسينها وتطويرها وكلما ساعدناه أن يشعر بشعور أفضل تجاه نفسه سيُترجم ذلك لثقة أعلى، والثقة هذه ستُترجم لمواجهة التحدّيات بصورة أسهل والاستمتاع بالحياة بدون مشكلات ولا دراما.

صحة كبار السن


الشخص السابع معنا هو رجل كبير في السن. في معظم الحالات يعيش كبار السن حياة صحيّة جيدة ويتمتعون بقدرات ذهنيّة معقولة، لكن لو أراد الشخص الكبير في السن أن ينعزل بشكل كبير أو بدأ يواجه شكلًا من أشكال مشكلات الذاكرة كيف يمكننا رعايته؟

رعاية كبار السن

أول شيء نقوم به هو جعل جدول أعماله رتيبًا ويتكرر كل يوم بالطريقة نفسها، هذا سيبسط الأمور عليه ولن يحتاج إلى مجهود كبير كي يتذكر ما الذي ينبغي عليه فعله، كم مرة في اليوم وما إلى هنالك. أيضًا لا ننسى أنه إنسان وله كرامته؛ فلا نتكلم عنه بطريقة مسيئة، ولا بدَّ أن نمنحه استقلاليته قدّر الإمكان للحفاظ على حالته النفسية مستقرة.

أيضًا ألا نعارضه ولا نجادله، نساعده بأن يشاركنا أفضل ما عنده من قدرات، يعني نبحث له عن أعمال بسيطة يستطيع القيام بها، وفي الوقت نفسه تكون بمثابة تمارين بدنية له. يمكن أيضًا أن نستخدم الألعاب لمساعدته في تقّوية ذاكرته، كأن نضع إشارات على الأبواب للإشارة إلى الحمام مثلًا، أو أن نضع لوحة في غرفته مكتوب عليها اليوم والتاريخ في كل صباح وهكذا.