أربعون

مقدمة
تخيل نفسك لحالك بجزيرة بعيدة لمدة 40 يوم!
لا نت ولا ناس .. بس أنت وأفكارك .. وكل يوم فرصة تواجه نفسك بصدق.
الإعلامي أحمد الشقيري سواها!
الشقيري اللي دايم نعرفه مصدر إلهام ، وتغيب عن بالنا فكرة انه شخص عادي مثلنا عنده صراعات داخلية وعادات يحتاج يغيرها ، أعطى نفسه فرصه يراجع حساباته ويصلح ذاته لما قرر يعزل نفسه 40 يوم على جزيرة لحاله بدون نت وبدون ناس.
وشاركنا تجربته المليانة تحدي مع الذات
في كتابه «أربعون» وأخضر دوت كوم يقدملك خلاصة هالتجربه.
في هالأربعين يوم كان صادق مع نفسه ، يحدد إيجابياته وسلبياته ، ويراجع حياته ويصحح أخطاءه اللي تراكمت قبل هالتجربة.
قرر يبتعد عن كل شيء يشتته ، الجوال ، السوشال ميديا ، و أي شيء يلهيه عن مواجهة نفسه ، عشان يعيش أبسط حياة ممكنة في التجربه ويركز على تطوير ذاته و بس.
هدفه كان واضح ، تهذيب الذات ، والتخلص من العادات السيئة ، وبدأ صفحة جديدة بحاضر واعي ومستقبل أفضل.
تخيل 40 يوم كل يوم فيها يمر وأنت تسأل نفسك .. هل حياتي ماشية صح؟ هل أنا راضي عن قراراتي؟ هذا اللي عاشه احمد الشقيري ، وعلّمنا إن مواجهة النفس أحيانا أصعب من مواجهة العالم كله.
أولًا
في أحد أيام التجربه تذكر الشقيري موقف.
كان جالس مع صديقه و فجأة ! جاه شخص يهاجمه ويتهمه بالغرور لأنه ما رد على رسالته من سنة.
تذكر الشقيري موقف النبي صلى الله عليه وسلم مع شخص هاجمه من قبيلة قريش وكيف استمع له الرسول الكريم لين أنهى كلامه رغم أذاه ، فقرر الشقيري يقتدي بالرسول ويطبق نفس التصرف.
والنتيجة؟ الشخص اللي كان يهاجمه بدأ يهدأ وصار يعتذر وتفهم انشغاله.
الشقيري استوعب وقتها إن الصمت سحر ، وإن الأحسن نعطي فرصة للشخص إنه ينهي كلامه ويهدأ بدل ما نزيد المشكلة ونكبرها.
زي لو واحد غلط عليك في العمل أو في محيطك
لو رديت ونت متنرفز الموضوع بيكبر ، لكن لو سكت وتعاملت بهدوء ، كل شيء يهدأ بالتدريج والناس تفهم موقفك أسرع.
وعلى طاري الغرور ذكر الشقيري موقف مشابه له.
لما قرر يلتزم ويحفظ القرآن ويطول لحيته ، وبمجرد ما حفظ ستة أجزاء حس ان عنده المقدره على الإمامة.
و تعلم وقتها درس مهم ، الأعمال الصالحة لله ما هي للناس.
زي يوم تساعد شخص محتاج أو تعطي صدقة بالسر وتحس بالرضا الداخلي بدل ماتنتظر مدح الناس لك.
ثانيًا
بما إن الشقيري رجل مشهور فأول شي خطر في باله في عزلة الأربعين يوم هو الشهره.
قال: الشهرة مشكلتها ان الناس يشوفون المشهور بنظرة مثالية ، وإذا بيوم تصرف خطأ تحولت نظرتهم لسلبيه.
دايم تغيب عنهم حقيقة إن الكمال لله وحده وكلنا بشر نصيب ونخطأ ، وخيرنا التائب المعتذر.
عشان كذا المفروض ما نعظّم احد ونرفعه للسما ولا نشوفه شيطان ، أساسًا الحكم على اي احد مرفوض ، مهم نحترم مبدأ قداسة الكلمة ، يعني نوزن كلامنا ونعتبره عهد على أنفسنا ونصون لساننا عن الاذى.
اما عن الحزن والألم يقول الشقيري:
الإنسان علمه محدود وما يعرف إذا الفرح أو الحزن اللي يمر فيه خير أو شر له فبيحس براحة لو ما بالغ بالفرح ولا بالحزن و استشعر النعم الموجودة عنده بدل ما ينشغل بالمفقود ، وأهم شي يحط رضا الله غايته.
ودايم دوام النعم مرتبط بالشكر والإمتنان لله سبحانه.
ومن أفضل طرق شكر الله الصدقة خصوصًا صدقة السر.
أحيان تجينا أوقات نظن إن الله ما يستجيب دعواتنا
لكن هالدعوات اللي ما لمسناها استجابها الله لنا بلطف خفي ، يوم حقق لنا خير ومنع عنا شر.
هذا غير الدعوات الي طلبناها وبمرور الوقت عرفنا ان ماهي خير لنا ، وإن الله عطانا أفضل مما طلبنا ، فدعوة الرزق ممكن تتحقق في صورة بركه في الصحه والعمر .
ونعرف مع الشقيري ان الألم له نوعين :
جسدي وفكري
الألم الفكري مرتبط بالخوف من انتقاد الناس وكيف يشوفونك وهذا الألم يعكس الفجوة بين رغباتك والواقع اللي تعيشه بالإجبار لخوفك من الأحكام.
عشان تحل هالمشكلة ، يا إنك تغير واقعك مثل ماتبي
او تغير رغباتك بحيث تتوافق مع واقعك.
وعشان تاخذ قرار صحيح لازم يكون عندك معرفة واسعه بمشكلتك ، اقرأ عنها من مصادر مختلفة وخذ هدنة تبعد فيها عن أسبابها.
ولا تنسى تحط المشكلة في حجمها الحقيقي لا تكبرها ولا تقلل منها ولا تسمح لها تمتد لكل جوانب حياتك.
ثالثًا
رجع الشقيري بالذاكره لعمر الـ ٢١ سنة ، وقت ما قرر يرجع للصلاة ، لحظتها واجه صعوبة كبيرة وصراع عميق مع نفسه عشان يسيطر على أهواءه ، فقرر يصلي صلواته الخمس بالمسجد مهما كان ظرفه ، وفعلاً نجح في تحقيق هدفه ، مع إن قراره ذا كان يضايق بعض أصحابه يوم يتركهم ويروح يصلي ، بنفس هالسنة صارت له مواقف كثيرة مهدت له الطريق في الإعلام ووصوله لبرنامج «يلا شباب» وبعده «خواطر»
أثر والده كان حاضر وبقوة في حياته ، في عزلته تذكر الدروس اللي زرعها فيه والده ، مثل اذا سلف احد فلوس يكون على استعداد يخسر هالمبلغ ، عشان يظل صدره صافي تجاه الناس ، وإنه ما يحط نفسه ابد بموقف يخليه يطلب مساعده من أحد ويعتمد دايمًا على الله ، ويقدم الحُسنى في تعامله مع الكل.
وتعلم بعد من والده قيمة القراءة وفايدتها في تطوير الفكر وفتح فرص جديدة للإنسان ، وكان يقول له لو خصصت نص ساعة يوميا للقراءة ، بتصير من ضمن الـ ٥٪ الأعلى قراءة في العالم.
وبالنسبة للتربية يشوف الشقيري إن التعامل مع الطفل لازم يكون حسب عمره .
فالطفل لعمر السبع سنوات يكون التعامل معه بلطف والترغيب في توجيهه ، ومن سبع لعشرة سنوات يستخدم الأهل اسلوب الإقناع و شوي حزم وصرامه عند الضروره ، ومن عشر لـ 13 سنه عامله بالمنطق ووضح له المنافع والأضرار ، وبعدها يجي وقت المصاحبة والنصح اللي بتستمر لبعد سن الـ 18 بالإضافه لتقبل الوالدين فكرة إنه ولدهم صار شخص مستقل.
يحكي الشقيري موقف له مع ابنه يوم رجع من المدرسه ويحكي له سالفه صارت له بالمدرسة وكان يحاول يطلع نفسه منها ويبرر موقفه فيها ، فكانت ردة فعل الشقيري إنه عزز عنده قيمة الصدق وشجعه إن علاقتهم تبنى على الثقة وقال له مهما كان خطأك تقدر تتكلم معي فيه بأريحية هالتصرف خلا ابنه ثاني يوم يعترف له بخطأه بدون خوف.
رابعًا
في ايامه عالجزيره تفكر الشقيري في آيات من القرآن الكريم أثرت في حياته ، مثل قصة الخضر وموسى عليه السلام في سورة الكهف ، اللي علمته فهم أقدار الله و الحكمه فيها ، وتعلم بعد يهتم إنه يكون معروف بالسماء ، ويُذكر اسمه عند الملائكة أكثر من اهتمامه بشهرته في الدنيا.
ومن القرآن أدرك ثمار الإيمان بالله ، اللي يخفف حزن الإنسان على ماضيه وقلقه على مستقبله ، وأدرك إن علاقته بالله سبحانه تعطيه الأمان والحماية والنجاة.
وكل ما تدبر آيات الرزق وتوزيع الله الأرزاق بحكمته شعر بالطمأنينة وفهم إن الإنسان لو استسلم لشهواته راح ينحرف عن مبادئه ، وإن اللي يجاهد نفسه الله يهديه للطريق الصحيح ويبارك فيه وفي رزقه.
خامسًا
لو تذكر بالبدايه قلنا من أهداف الشقيري من هالعزلة إنه يفك تعلقه بالأشياء اللي مدمن عليها.
فكيف نتخلص من العادات السيئة المرتبطة بالإدمان؟
هالعادات تبدأ بالإثاره ، بعدها الرغبة ، بعدين الفعل ، وآخرها الندم ، وتكوّن دايره صعبة الكسر ، عشان كذا نحتاج نفهم عقولنا أكثر.
العقل مقسم لثلاثة أقسام:
عقل الزواحف ، عقل الثديات ، العقل المفكر
عقل الزواحف يلبي احتياجات الجسم ، عقل الثديات يلبي احتياجات النفس والمشاعر ، اما العقل المفكر ماسك المنطق والتفكير.
فمتى نوصل لسلام داخلي؟
لما تندمج الأجزاء الثلاثة مع بعض ، ويستلم قيادتها العقل المفكر اللي يقدر يتحكم في شهواتك ومشاعرك ، هالسلام الداخلي يحتاج مثابرة ومجهود كبير ممكن يستمر معك لسنوات ، لكن نتيجته فعلاً تستاهل.
انت يوم تتعلم شيء جديد مثل السواقة
تستخدم عقلك الواعي لين تتقن المهارة ، وبعدها يتحول الموضوع لعقلك اللاواعي وتصير تطبقها بتلقائيه وسلاسه وبدون جهد.
نفس الشيء ينطبق على العادات اللي تحتاج تغيرها أو تكتسبها ، تحتاج منك مجهود بالبداية وبعدها تصير تلقائية وسهله وتقدر تسويها بدون وعي.
سادسًا
ومن وسائل تحسين النفس تحسين العلاقات الأسرية.
تبي تحسن علاقتك مع عايلتك؟
جرب تبادر بالكلمه الطيبه والتسامح ، بالتواصل والإهدائات وحاول تكسب رضاهم.
ولا ننسى تنظيم الوقت كجزء من تحسين النفس.
بس كيف تنظم وقتك؟
أنجز الأشغال المهمة قبل ما تصير عاجلة.
ولا تتهرب من مسؤولياتك أو تلوم الظروف ، تحمل المسؤولية وحدد أهدافك بوضوح وإكتبها قدامك ، وحط خطة لتحقيقها.
وفكر دايم وش رسالتك في الحياة؟ وش نقاط قوتك اللي بتساعدك تحقق أهدافك في الخمس سنوات الجاية؟
سابعًا
من أهم الأمور اللي نطمح ننولها الحرية المالية.
يعني تملك أصول زي العقارات والأسهم ، تحقق لك ارباح سنويه بدون عمل.
طيب كيف اوصل للحرية المالية؟
استثمر من 10% إلى 20% من دخلك السنوي وأعد إستثمار الأرباح.
مثلاً لو دخلك السنوي 120 ألف ريال واستثمرت 10٪ منه بعائد 10٪ سنوي بعد 35 سنة بيكون عندك دخل 325 ألف ريال ، وهاذي فايدة الادخار والاستثمار.
صراحه الكلام عن الأرقام يجوّع شوي ..
لكن هل كنت تدري إن مزاجك ومستوى نشاطك يعتمد على نظامك الغذائي؟
الزيوت والمقليات الي تاكلها ، المشروبات الغازية ، والأكل اللي يحتوي سكر معالج ، كلها لها أضرار صحيه عليك وتعزز الخمول .
عشان كذا "الصيام" من الأمور الي تحسن جودة حياتك وفوق هذا كله يابختك بالأجر.
عود نفسك تصوم الاثنين والخميس وشوف إنتاجيتك كيف ترتفع! ، اما ممارسة الرياضة إضافه إيجابيه لنظام حياتك كله.
جرب تستعين بتطبيقات تساعدك في هالأمور وإستغل التكنولوجيا لصالحك بدل ما تكون سلبيه عليك.
رشح لك الشقيري تطبيق Day One لتسجيل الذكريات واليوميات وملاحظة تطوراتك وSleep Cycle لضبط نومك بحيث تصحى نشيط بدون منبهات ، وكمان مجموعة كتب أثرت في حياته وطورت تفكيره وغيرت عاداته مثل:
"أول مرة أصلي" - "كان للصلاة طعم آخر" - "القرآن محاولة لفهم عصري" - "تربيتنا الروحية" - "هكذا ظهر جيل صلاح الدين" - "الذاكرة الفائقة" - "تعليم طفلك كيفية التفكير"
جرب تقرا بعضها وبتلقى نفسك تكمل البقيه.
ثامنًا
واضاف الشقيري مبادئ وقوانين لحياة يومية أفضل
منها قانون الـ 5 دقايق .
بس ايش هو قانون الـ 5 دقايق؟
لما يكون عندك شغله تحسها ثقيله عليك ، اقنع نفسك إنك بتسويها لمدة 5 دقايق بس ، بعدها بتستسهل فكرة انك تكملها وتنجزها بالكامل .
عطانا بعد قانون الضفدع ، اللي معناه تبدأ بالمهام الصعبة أو اللي ما تدانيها أول شيء.
وإذا تبي تنتقد سلوك شخص استخدم قانون الساندويتش.
امدحه أول شيء ثم وجه له انتقادك وانهي الكلام بمدحه ، بتلاقيه يتقبل كلامك بصدر رحب.
واختم يومك بتدريب الشكر.
جب ورقة وقلم واكتب ثلاث أشياء صارت لك بيومك تستحق الشكر والامتنان ، وشوف تأثير هالتدريب عليك مع الوقت.
خاتمة
وبالختام إعطي حياتك قدرها المناسب ووازن بين جوانبها ، ولا تسلّم للقلق وتخليه يسرق متعة حياتك.
وإن ما حققت شيء عظيم؟
إنجز أشياء بسيطة بس بطريقتك العظيمة.
وتذكر دايم إن الشيء الوحيد الثابت في الحياة هو التغيير.
هاذي كانت تجربة شخصية للعزلة .
تجربة استمرت 40 يوم ، وأثمرت عنها مقالات وكتب وخواطر وأتاحت مواجهة عميقة للنفس.
وأنت؟ تقدر تاخذ قرار من خلاصة هالتجربه و تبدأ رحلتك الحقيقيه لإكتشاف ذاتك.
إبدأ رحلة إكتشاف ذاتك اليوم بخطوة صغيره.