تعلّق قلق..سبيلك إلى الشعور بأمان أكبر في الحياة والحب

مقدمة
مريم شابة ذكية، موهوبة، وطيبة
عاشت طفولة هادية وسعيدة وسط عيلة من أب وأم محبين وناس لذيذة..
لكن كان في مشكلة
الأب والأم، على الرغم من محبتهم لمريم
كانوا دايمًا مشغولين في الشغل أو السفر أو مشاكلهم الخاصة
أحيانًا كانوا يهتموا بيها ويدوها وقت
وفي أوقات تانية كانوا مش موجودين
ولما مريم كبرت، بدأت تحس إن ده طبيعي في العلاقات
أوقات الشخص بيكون معاك، وأوقات تانية بيبعد
فلازم تبذل مجهود علشان تمنع ده
لازم تهتم أكتر بالطرف التاني
وتبعت مسدجات على واتساب أكتر
تسأل وقت ما يغيب وميسألش هو
ورغم إنها عملت كل ده مع خطيبها
إلا إن الخطوبة فشلت
وسابها
ورجعت مريم تسأل:
"هو أنا عملت ايه غلط؟"
مشكلة مريم إنها مش فاهمة نظرية التعلق
مش عارفة ايه اللي بيحرك البشر في أنماط العلاقات
ازاي بيرتبطوا ببعض؟
ازاي يتواصلوا بأحسن طريقة؟
وايه المشاعر الصحية اللي المفروض تحافظ على العلاقة؟
والأهم
ازاي نكتشف الجروح النفسية والعاطفية القديمة؟
وازاي كمان نتعافى منها؟
لإنها هتفضل معانا في علاقاتنا الجديدة
واحنا قررنا نتكلم في كل ده في حلقة النهاردة المبنية على كتاب:
"تعلّق قلق..سبيلك إلى الشعور بأمان أكبر في الحياة والحب"
للدكتورة جيسيكا باوم | Jisseca Baom
ايه بقى حكاية التعلق القلق؟!
نظرية التعلّق
مبدئيًا.. علشان نفهم العلاقات بشكل أفضل لازم نفهم نظرية التعلق..
لأنها من أهم المفاهيم النفسية اللي بتفسر تطور العلاقات بين الأشخاص
النظرية دي ابتكرها الطبيب النفسي جون بولبي "John Bowlby"
وبتقول إن الطريقة اللي الوالدين بيعاملوا بيها الطفل
بتأثر على نفسيته ونظرته لحياته ونفسه وعلاقاته..
وبتربي عنده نمط تعلق بيوجّهه في العلاقات بعد كده
ازاي يا أخضر؟
هقولك
الطفل عنده احتياجات أساسية: اهتمام وتواصل جسدي وتغذية وحب ورعاية..
والطريقة اللي الأب والأم بيُشبعوا بيها الاحتياجات دي بتخلق نمط عند الطفل بيأثر عليه بعد كده لما يكبر
ويبدأ يكوّن علاقاته الاجتماعية ويرتبط بالناس على أساس نمط تعلقه اللي اتكوّن واتشكّل من صغره.. سواء كان تعلق كويس او تعلق وحش..
هو فيه فيه تعلق حلو وتعلق مش حلو ؟ آه..
أصل فيه 4 أنماط للتعلّق
الآمن، والقلِق، والتعلق التجنّبي، والتعلق المضطرب.
النمط الآمن دول ناس عندهم الثقة والراحة والسعادة والتوازن في العلاقة.
أما النمط القلِق فأشخاصه بيخافوا من الوحدة والهجر
وعندهم حساسية وأوفر ثينكنج "OverThinking".
أما النمط التجنبي فدول بيسيبوا مسافة في العلاقة مع الطرف التاني
وعندنا بقى النمط المضطرب ده كوكتيل من النمط القلِق و النمط التجنبي..
بس احنا هنركز في حلقتنا على نمط التعلّق القلِق
لأنه حسب الدراسات فهو النمط المنتشر أكتر بيننا.
التعلّق القلِق
وخلينا نسأل.. ايه اللي بيميّز التعلق القلق؟
وازاي تعرف لو ده نمطك في العلاقات؟
في 6 خصائص واضحة في النمط ده بتقول إن عندك تعلق قلِق..
- أول خاصية هي الخوف من الهجر
الواحد دايما خايف من إن الطرف التاني يبعد
أو إن صحابه يمشوا ويسيبوه
وده بيخليه يعمل شوية سلوكيات علشان يتأكد إن الطرف التاني لسة موجود
زي التحقق المستمر أو البحث الدائم عن الاهتمام
فلازم يستقبل رسايل على طول
يخرج كل يوم
ياخد وعود مستمرة بالبقاء
- وتاني خاصية للتعلق القلق هي الحساسية المفرطة
الأفراد بيبقوا حساسين لأي تغيير في مزاج الطرف التاني أو أي تغيير في التفاعل معاه
وبيفسروها إنها تهديد محتمل للعلاقة
يعني لو لو شخص نسي يكلم خطيبته قبل ما ينام تلاقي خطيبته اللي عندها تعلق قِلق دخلت في موود الـ
: "ااااااه مبقاش يحبني زي الأول"
و"احنا لازم نتكلم عن مستقبلنا ونقيم علاقتنا تاني"
- أما تالت خاصية هي انشغال الشخص بالعلاقة بزيادة اوي
يعني الأشخاص القلقين مهووسين بالتفكير في علاقاتهم
ممكن يسيبوا شغلهم وصحتهم وحياتهم علشان يهتموا أكتر بالعلاقة من كتر ما هما خايفين عليها
- أما الخاصية الرابعة هي حاجة الشخص للشعور بالطمأنينة باستمرار
دايما الشخص القلقان بيلف جوا حلقة ملهاش أول من آخر علشان يهدي قلقه الداخلي
حاسس أنه محتاج يسمع طول الوقت كلام دعم وحب
وعايز يشوف سلوكيات رعاية مستمرة
وأي غياب أو تغيير في الحتة دي بيترجمه لإنذار خطر وريد فلاج "Red flag"
- أما الخاصية الخامسة للتعلق القلِق هي المزاج المتقلّب
يعني ممكن يومك يتقلب لو قلت كلمة غلط
أو نسيت السناكس "Snacks" المفضل لشريك حياتك.. الشخص اللي عنده تعلق قِلق علطول مزاجه حبه فوق وحبه تحت وممكن في ساعة واحدة تشوف منه مشاعر عكس بعض.
- وآخر خاصية معانا هي التضحية بالنفس
ممكن الشخص القلِق يهمل احتياجاته ورغباته علشان يجري يحقق رغبات واحتياجات الطرف التاني
وده بيسهّل من استغلالهم عاطفيا والتلاعب بيهم
وبيفتح باب للنرجسيين والشخصيات التوكسيك علشان تدخل منه لحياتهم
وده بسبب إنهم حاسين بعدم استحقاقهم الحب
جذور نمط التعلق القلق
ليه كل ده؟
كبرت الموضوع يا أخضر والله
يا صديقي الموضوع كبير لوحده
وراجع من مرحلة الطفولة
لأن جذور أنماط التعلق بتتشكّل في الطفولة
وبالذات في تعاملنا مع الوالدين
لو حد منهم مش متاح عاطفيًا أو بيحبنا بطريقة غير مستقرة
ده بيزرع فينا إحساس بالخوف
يعني لو ماما مثلاً كانت مرة حنينة قوي
وفي مرة تانية مشغولة أو متجاهلة
الطفل بيفضل مش فاهم هل هو محبوب فعلاً ولا لأ !
وده بيخلق شعور عميق بعدم الأمان
فيبدأ الطفل يطور استراتيجيات تعويضية
زي أنه يجذب الانتباه بأي شكل
أو يعتمد على نفسه عاطفيًا
ويحاول يستقل بنفسه عن أهله بدري
وبيحاول يبعد أي تقارب مع الأهل عشان يتجنب الألم
التجارب دي مش بتأثر على الطفل نفسيًا بس
لكنها كمان بتأثر على جسمه
لما الطفل يحس بعدم الأمان بشكل متكرر بيبرمج جهازه العصبي إنه يكون في حالة استعداد دائم لأي خطر
حتى لو مفيش خطر حقيقي
وعلشان كده، لما يكبر ويحب حد
لو حس إن الطرف التاني بعيد شوية أو مش مهتم
بيبدأ جسمه يدي ردود فعل زي القلق أو الخوف الشديد
المحفزات العاطفية
بس خلي بالك يا صديقي
جذور نمط التعلق القلق بتصحى أو بتتحرك لما بيستفزها محفز عاطفي خارجي
زي موقف أو كلمة تلعب على وجع قديم
يعني مثلا رسالة يترد عليها متأخر
فيكون رد فعلك عصبي وقوي
وممكن تعمل مشكلة مع الطرف التاني
وده لأن فيه جذور قديمة في اللاوعي
والموقف ده صّحاها بس
وعلشان نتعامل مع المحفزات العاطفية كويس
ممكن نطبق 3 نصايح
أول نصيحة هي التنفس العميق
لما تحس إنك هتتوتر أو تقلق
حاول توقف لحظة وخد نفس عميق
التنفس البطيء بيهدي الجهاز العصبي ويخليك تفكر بشكل أوضح
وتاني نصيحة هي تسمية المشاعر
لما تحس إن مشاعرك بدأت تخرج عن السيطرة
اسأل نفسك: "إيه اللي مضايقني بالظبط؟"
مجرد إنك تسمي الشعور
زي "أنا حاسس بالخوف" أو "أنا متوتر"
بيساعدك تبقى واعي وتحجّمه
أما تالت نصيحة هي التحقق من الواقع
يعني لما تظهر الأفكار السلبية
حاول تتحقق من واقعية الأفكار دي
اسأل نفسك: "هل اللي بفكر فيه دلوقتي له دليل حقيقي
ولا مجرد قلق نابع من تجربة قديمة؟"
الطريقة دي بتخليك تفصل بين الواقع الحقيقي وبين الذكريات المقلِقة
وبدل ما تلوم نفسك على ردود فعلك
حاول تتعاطف معاها
احنا بشر بنغلط وبنتعلم وبنتطور
وأي تعافي من الجروح القديمة بياخد وقت ومجهود
وجرب تتكلم مع الطرف التاني بوضوح
وشارك مخاوفك وقلقك
قوله: "لما حصل كذا، حسيت بالخوف إني ممكن أفقدك"
بدل ما تنفعل أو تغضب
الطريقة دي بتساعدك تبني جسر بينك وبين الشخص اللي بتحبه
بدل ما تخلق فجوة تفصلكم عن بعض
رحلة التعافي
طب حلو
احنا كده فهمنا نظرية التعلق وخصائص النمط القلق
والجذور العاطفية والمحفزات
نتعالج ازاي بقى؟
عالجني يا عاااطف
حاضر يا صديقي مالك قلقان كده ليه!
كإني هسيبك وأمشي.. ودي تيجي مني بردو؟
التعافي من التعلق القِلق مبيحصلش لما تنهي القَلَق والتوتر في العلاقات
لكن هو رحلة مستمرة لتطوير الذات
التعافي بيبدأ من جواك أنت
وبيتطلب وعي وتدريب على 4 حاجات مهمين جدا جدا
- أولهم الوعي بنمط التعلق
خليك فاهم كويس إن أول خطوة في التعافي هي إنك تفهم نمط تعلقك
وتبقى واعي بأفكارك وتصرفاتك
لما تبدأ تلاحظ إنك بتتصرف من منطلق الخوف
اسأل نفسك: "إيه اللي بيخليني أحس كده؟"
- أما تاني حاجة هي العناية الذاتية
الشخص القلِق غالبًا بينسى نفسه
وبيحط احتياجات الآخرين قبله
فاتعلم تهتم بنفسك أكتر
امشي، انزل الجيم اللي أنت دافع اشتراكه ومبتروحش، اتعلم تطبخ أكل صحي، وافصل عن الموبايل شوية
حط رغباتك واحتياجاتك قدام عينك في أي علاقة هتدخلها واعمل حساب إن فيه وقت من يومك للحاجات دي.. اوعى تقع في فخ إنك طول اليوم بتحقق رغبات الطرف التاني وبس.
- أما تالت حاجة للتعافي من التعلق عايز أقولها لك.. تسامح مع الماضي
لأن كتير من مشكلات التعلق القلق مرتبطة بجروح قديمة زي ما قولت لك
فممكن تكتب عن تجاربك وتبدأ تتسامح مع اللي فات
حتى لو كان صعب
التسامح بيريحك نفسيًا وبيساعدك تتقدم
- وآخر حاجة في رحلة التعافي هي التدريب العقلي
ودا بيساعدك تسيطر على أفكارك وتخفف من القلق
خصص وقت يومي تتنفس فيه بعمق وتفكر في نفسك بهدوء
التعافي رحلة بتاخد وقت، وده طبيعي
المهم إنك تستمر
وتفتكر دايمًا إنك تستحق الحب والدعم
من غير ما تبذل مجهود مضاعف علشان تثبت ده
بناء روابط أكثر صحة
طب نبني ازاي علاقات صحية ومستقرة طالما هنفكنا من التعلق القلِق دا؟
بص، عشان نبني علاقات صحية ومستقرة
محتاجين نشتغل على نفسنا ونتعلم استراتيجيات جديدة
فلو أنت من الأشخاص اللي عندهم نمط تعلق قلق
أول حاجة محتاج تشتغل عليها هي الثقة بالنفس
تقولي ازاي؟
أقولك تشتغل على إحساسك باستحقاق الحب والرعاية من نفسك لنفسك.. بعيد بقى عن انتظارها من طرف تاني..
لازم تتعلم تحب نفسك الأول
متستناش حد من برة يديك ده
وأنا ميرضنيش أنك تمد ايدك لحد.. ادخل على تطبيق أخضر بقى وعيش حياتك.. اتعلم حب الذات وقبول نفسك والاهتمام باحتياجاتك من ملخصات أهم كتب النمو الشخصي..
حاجة تاني لازم تعملها عشان تبني علاقة صحية ومستقرة.. وضّح حدودك بوضوح
الشخص القلِق أحيانًا بيتنازل عن حدوده الشخصية
علشان يرضي الطرف التاني
لازم تبدأ تتعلم تقول "لأ" للحاجات اللي مش بتناسبك
ارفض سياسة الأمر الواقع
وخلي عندك شجاعة المناقشة والرفض
كمان خليك صادق في تواصلك وقول كل اللي حاسس بيه
بدل ما تخبي مشاعرك أو تحاول تتحكم في تصرفات الطرف التاني
حاول تتكلم بوضوح
قوله: "لما بتعمل كده، بحس بخوف أو قلق"
الطريقة دي مش بس بتساعدك تفهم نفسك أكتر وبس لكن كمان بتفتح باب للتفاهم
وبتسمح للطرف التاني يشاركك مشاكلك
وآخر حاجة هنبهك عليها
هي التوازن في العطاء والأخذ
لأن العلاقات الصحية علاقات تكافلية
يعني مبنية على التوزان والمشاركة والتبادل والتوافق
مينفعش تكون معتمدة على شخص واحد بس يدي طول الوقت حب ورعاية واهتمام وتضحية
وشخص تاني بيستقبل وخلاص
لو حسيت إنك دايمًا بتضحي
اسأل نفسك: "هل الطرف التاني بيعمل نفس المجهود عشان العلاقة؟"
لو الإجابة كانت لأ
يبقى انت محتاج تراجع أولوياتك في العلاقة
معلش احنا بنهدي النفوس
العلاقات أساس الحياة
وفي نهاية رحلتنا
أخضر بيقولك إن العلاقات جزء أساسي من حياتنا
لكن علشان نحقق فيها السعادة والاستقرار
محتاجين نفهم أنفسنا الأول
كل نمط تعلق ممكن يكون له جذور عميقة في تجاربنا السابقة
بس مع الوعي والتطوير الذاتي
نقدر نخلق روابط أقوى وأصح
ابدأ من نفسك، حبها، واحترم احتياجاتك وحدودك
افتكر دايمًا إنك تستحق علاقة أساسها التوازن، والدعم، والحب المتبادل
الرحلة مش سهلة
العلاقات الحقيقية هي اللي بتحسسك بالأمان
من غير ما تبذل مجهود مضاعف علشان تثبت قيمتك
ورحلة أنك تفهم نمط التعلق القلق وتتعافى منه مش مجرد تغيير في العلاقات اللي حوالينا
دي رحلة استكشاف للنفس
وافتكر إن التغيير بيبدأ من جوه
وإن بناء روابط متوازنة وصحية مبني أساسًا على الثقة بالنفس، ووضوح الحدود، والتواصل الصادق
كل خطوة هتاخدها في الرحلة دي هتقربك من حياة فيها حب أكتر وأمان أعلى..
وبس كده يا صديقي
سلام.