فن الانتقاء

Book-Cover

مُقدِّمة

إذا رأيت قطارًا يتحرك بسرعة كبيرة والفرامل الخاصة به قد تعطّلت، وهذا القطار يمشي في طريق فيه خمسة عمال يؤدون عملهم، وتستطيع أن تغير مسار القطار وتجعله ينتقل إلى طريق آخر فيه عامل واحد فقط، ومع الأسف لن تستطيع أن تنبّه أحدًا منهم، ماذا ستفعل؟ ومن ستختار؟

يموت شخص واحد ويعيش خمسة، أم العكس؟

وهل ستختار على أساس فطرتك، أم مشاعرك، أم حسك بالعدالة؟
بصراحة هذا ليس سؤالًا عاديًّا، بل معضلة افتراضية اسمها (trolley dilemma)، توضح طريقة أفكارنا واختياراتنا، لكن في حياتنا عمومًا إن تعرضت لموقف مشابه أو أسهل قليلًا، كيف تختار؟

هل تلجأ إلى القرعة وتتبع الحظ، أم إلى بعض الدوافع والتحيزات؟

وكيف تؤثر اختياراتك في حياتك؟
وهل أنت واثق باختياراتك وتعرف العوامل التي تؤثر فيها؟
وهل كلما أتيحت لك اختيارات أكثر وصلت إلى قرار أو اختيار أصوب؟

ماذا يعني (فن الانتقاء)؟

شيينا إينجار

دعنا أولًا نمر بحياة الكاتبة شيينا إينجار ونطمئن إلى اختياراتها ونفهم سبب كلامها عن فن الانتقاء.

سنعرف من اسمها أنها هندية، هي وأهلها يؤمنون بالمعتقد السيخي، وتعد هذه أول بطاقة حمراء في قصتها، لأن المعتقد السيخي يترك مساحة صغيرة للفرد في اختياراته، إذ يحدد له ماذا يأكل، ونمط ملابسه، ودراسته وعمله، حتى إنه يحدد للفرد من يتزوج وما صفات شريكه، وأشياء أخرى.

لكن الكاتبة لم تستمتع بمساحة الاختيارات الصغيرة التي أتاحها لها المعتقد، لأنها أصيبت في صغرها بمرض نادر في شبكة العين وأصبحت كفيفة، فأصبح أهلها يتخذون كل القرارات نيابةً عنها من منطلق "يا بنتي.. نحن نرى مصلحتك" حرفيًّا!

 ولكن دعنا لا نحكم على شيينا الآن، ولنلقِ نظرة على المرحلة الثانية من حياتها عندما سافرت مع أهلها إلى أمريكا، وهناك عاشت وكبرت وتعلمت واختلطت بالشعب الأمريكي الذي يمتلك عقلية متساهلة، ولا بأس عنده بأي شيء.

نحن الآن لا نعرف إن كانت شيينا ملتزمة بالمبادئ السيخية أم لديها عقلية متساهلة كعقلية الأمريكيين.
في الحقيقة.. لقد استفادت شيينا جدًّا من هذا المزيج واستطاعت أن تفهم من خلاله كيف تؤثر الثقافات والديانات والمجتمعات في اختياراتنا، وحصلت على الدكتوراه في علم النفس الاجتماعي من جامعة ستانفورد.

أما عن كونها كفيفة فقد ساعدها هذا على أن ترى الأمور ببصيرة أكبر وعلى حقيقتها من دون أن تتأثر بشكلها ولونها وطريقة تقديمها، لدرجة أنها أصبحت شخصية مؤثرة وقدمت محاضرات في TED.

هل الاختيار فطرة؟ 

 أعتقد أننا الآن نفهم اختيارات الكاتبة، لذا دعنا نتكلم عن الاختيارات، ولنرَ.. هل الاختيار رغبة فطرية فينا أم نحن مُسيّرون في كل شيء؟
*ولو أردنا أن نعرف ماذا يقول العلم:
واستخدمنا الرنين المغناطيسي (MRI) على الدماغ، فسنجد جزأين يساعداننا في عملية الاختيار:

-  أول جزء هو الخطوط القشرية في وسط الدماغ، وهذه الخطوط مسؤولة عن جمع المعلومات عن طريق الحواس كاللمس والشم والسمع والبصر وتقييمها، فعندما تتذوق السكر تقول إن طعمه حلو، وهذا يساعد على توجيه القرارات.

- أما الجزء الثاني فهو قشرة الفص الجبهي، وهو المسؤول عن اتخاذ القرارات العفْوية.

حسنًا.. هذا كلام علمي، فربما لا نتصور بشكل دقيق كيف يحدث، لذا سنلقي نظرة على.. 


* تجارب علم النفس:

1. أول تجربة أُجريت على أطفال رضَّع سنهم أقل من أربعة شهور، في بداية التجربة ربط الباحثون أيدي الأطفال بأوتار خفيفة كلما شدوها سمعوا نوعًا معينًا من الموسيقى، ثم قطع الباحثون هذا الوتر وأسمّعوا الأطفال، على فترات عشوائية، القدر نفسه من الموسيقى، وقاسوا مستوى رضا الأطفال وسعادتهم في الحالتين، فماذا تتصور أن تكون النتيجة؟

في الحالة الثانية عندما قطع الباحثون الوتر، تضايق الأطفال ولم يرغبوا في سماع الموسيقى؛ كانوا يريدون أن يحددوها ويختاروها كما يحبون.

 2. أُجريت التجربة الثانية سنة 1976، لكن هذه المرة في دار مسنين اسمها (Arden House)، تتكون هذه الدار من طابقين:

- في الطابق الأول:

 أعطوا لكل مسن نباتًا معينًا، لكن كُلِّفت الممرضات بالاهتمام به، وحددوا للمسنين مواعيد ثابتة لمشاهدة الأفلام والمسلسلات يومي الجمعة والسبت، وأعلمتهم الدار أنها مسؤولة عن رعايتهم.

- في الطابق الثاني:
كان الوضع مختلفًا، إذ يختار المسنون نوع النبات الذي يرغبون فيه، وهم الذين يهتمون به، بالإضافة إلى أنهم يحددون المواعيد التي يرغبون فيها في مشاهدة الأفلام يومي الجمعة والسبت، ووضحت لهم الدار أن هذه حياتهم وهم المسؤولون عنها.

وبعد ثلاثة أسابيع، لاحظ علماء التجربة أن المسنين في الطابق الثاني كانوا أكثر سعادة، وتحسن مستوى صحتهم بنسبة 90%، أما المسنون في الطابق الأول فقد تدهور مستوى صحتهم بنسبة 70%.
وبعد ستة شهور من التجربة، وجد العلماء أن المسنين في الطابق الأول كانت أعمارهم أقل من الموجودين في الطابق الثاني.

ومن كل التجارب والأبحاث السابقة نستطيع أن نقول إن الاختيار رغبة فطرية عندنا، وكلما شعر الإنسان أنه متحكم في حياته وقراراته أكثر أصبحت حالته النفسية أحسن.

تأثير الدين والمجتمع

ترى هل يؤثر الدين والمجتمع في اختياراتنا؟
لنطلع على التجارب ونحكم:

1. تأثير الدين:
دعنا نضع ادعاءً على سبيل الافتراض أن تعاليم الأديان والأوامر والنواهي تقيد حرية الإنسان، وأن الإنسان المتدين أقل سعادة من غيره لأن الدين يتحكم في قراراته، ثم نفحص صحة هذا الكلام من التجربة التي أجرتها الكاتبة بنفسها على 600 شخص ينتمون إلى تسعة معتقدات وملحدين وغير متدينين لمدة سنتين، وفي التجربة كانت تجعلهم يملؤون ثلاث استبانات مختلفة:
أول استبانة تسألهم عن مدى التزامهم بالدين في كل أمور حياتهم، وثاني استبانة تسألهم عن مستوى تفاؤلهم إن تعرضوا لمواقف صعبة، كأن يخسروا وظيفتهم مثلًا، أما الاستبانة الأخيرة فتسألهم إن كانوا قد تعرضوا لنوبات اكتئاب، أو فقدان في الوزن، أو انهيار عصبي وما شابه ذلك.
وإليك يا صديقي نتيجة التجربة، أصحاب الديانات الأساسية كانوا أكثر ليونة وتفاؤلًا وقدرة على مواجهة الصعاب من غيرهم، وتفسير الكاتبة أن فكرة القيود الموجودة في الأديان تقلل الاختيارات، لكنها تعطينا شعورًا أكثر بالسيطرة على حياتنا، وأن الدنيا ليست عشوائية ولا بد من بعض الحدود.

2. والمجتمع، كيف يؤثر فينا وفي اختياراتنا؟
في الحقيقة.. يؤثر المجتمع فيك جدًّا، ويملي عليك طريقة تفكير معينة ربما لا تشعر بها، وسنقسم المجتمعات نوعين: المجتمع الفردي، والمجتمع الجماعي.
سنعرفهما ونعرف الفرق بينهما من خلال التجربة القادمة.
أُجريت هذه التجربة في مدرسة ابتدائية في سان فرانسيسكو بين أطفال من أصل آسيوي وأمريكان من أصل إنجليزي، قُسِّم الأطفال ثلاث مجموعات، ودخلوا غرفة فيها طاولة عليها ست أوراق تحدد نوع الامتحان وستة أقلام يجيبون بها، ومعهم الآنسة سمِث مدرِّستهم:

-طُلِبَ من أطفال المجموعة الأولى أن يختاروا الورقة والقلم اللذين يريدونهما.
- أما المجموعة الثانية فحددت لهم الآنسة سمِث الامتحان والقلم الذي سيجيبون به.
- والمجموعة الثالثة تُركَت لهم حرية الاختيار مثل المجموعة الأولى، لكن أخبروهم بأن أمهاتهم يحببن أنواعًا معينة من ورق الامتحان والأقلام.
وفي النهاية كل الأطفال امتحنوا الامتحان نفسه والأسئلة نفسها، وكانت النتيجة كالتالي:

الأطفال الأمريكيون من أصل إنجليزي كان مستوى إجاباتهم في الامتحان في المجموعة الأولى هو الأفضل، أما الأطفال الآسيويون فكانوا الأفضل في المجموعة الثالثة، وأما أقل مستوًى لهم جميعًا كان في المجموعة الثانية.
والآن لنركز على المجموعة الثالثة، سنجد أن الأطفال الأمريكيين شعروا بالإحراج وتضايقوا عندما عرفوا أن أمهاتهم كُنَّ يرغبن أن يختار الأطفال شيئًا معينًا، على عكس الآسيويين، فقد رأوا أن اختيار الشيء الذي حددته أمهاتهم يعد وسيلة للتعبير عن حبهم وترابطهم.
وهذا تفسير نظرية المجتمع الفردي المتمثلة في الشعوب الغربية، ومعناها أن الفرد يعتمد على الاستقلالية عندما يتخذ أي قرار، على عكس المجتمع الجماعي الذي نحن -الشعوب العربية الشرقية- منه، الفرد فيه عندما يتخذ قرارًا يراعي المجتمع ويفكر في أهله ومحيطه وإن لم يكن القرار الذي سيتخذه هو الأفضل بالنسبة إليه، المهم أن يكون أفضل لعائلته، كأن يلتحق أحد بكلية لا يحبها من أجل أهله، أو يشتري ملابس تناسبه وتناسب إخوانه.

مؤثرات أخرى

والآن يا صديقي بعدما انتهينا من تأثير الدين والمجتمع في اختياراتنا، هل ترجّح وجود عوامل أخرى تؤثر في اختياراتك وطريقة تفكيرك وتوجهك إلى قرارات معينة دون أن تلاحظ؟

 نعم.. وقبل أن أخبرك بها دعني أوضح لك أنظمة التفكير، لدينا نظامان:
- نظام أوتوماتيكي سريع يتخذ القرارات على أساس المشاعر والعواطف.

- ونظام تأملي عقلاني يتخذ القرارات بعد وقت وتفكير.

وعندما يريد أحد أن يؤثر في قرارك يعتمد على طريقة تفكيرك للنظام الأوتوماتيكي.

كيف؟ توجد أربع طرائق احذرها:

1. أول طريقة: الإغراء
أن يُقدَّم إليك الشيء بطريقة تصعب مقاومتها، مثل تجربة المارشميلو، وضعوا بعض التسالي أمام الأطفال وخيروهم إما أنا يرنوا الجرس ويأكلوها الآن، وإما أن ينتظروا بعض الوقت ويأخذوا قطعة ثانية، أغلب الأطفال لم يستطيعوا أن ينتظروا أكثر من ثلاث دقائق، أما من استطاعوا أن يصبروا فقد شتتوا أنفسهم عن إغراء التسالي.

2. ثاني طريقة: طريقة تقديم المعلومات وصياغتها بشكل يشعرك أن هذا الأمر في مصلحتك وأن هذه فرصة لا تُفَوَّت.

3. ثالث طريقة: وضع أفكار ربما لا تكون موافقًا عليها وسط أفكار تقتنع بها، فتوافق على الكلام كله.

4. آخر طريقة: التقليد والتأثر برأي شخص مشهور أو شخص يحبه الناس.

خدعة الاختيارات

ووسط كل هذه المؤثرات التي تؤثر في قراراتنا واختياراتنا، هل تعتقد يا صديقي أننا نملك اختيارات كثيرة في عالمنا المعاصر فعلًا، خصوصًا بعد التكنولوجيا والاختراعات الحديثة والأشياء الجديدة التي تظهر بين الفينة والأخرى؟

في الحقيقة.. هذه الاختيارات الكثيرة خدعة، لأنها في الأصل شيء واحد، لكن شكلها يتغيّر بفوارق بسيطة، مثل المشروبات الغازية، إذ إن بعض الشركات تقدم الطعم نفسه، لكنها تغير شكل العلبة وتقلل السكر أو تزيده، وهكذا.

لكن دعنا نتساءل إن كان حولنا اختيارات كثيرة فعلًا، هل كلما زاد عدد الاختيارات زادت احتمالية أن نصل إلى الاختيار الصحيح أو الشيء الذي نريده ونشعر أنه خُلِق من أجلنا؟

سنعرف الإجابة من خلال تجربة المُربى:

اقترحت الكاتبة شيينا إينجار على صاحب حانوت في سان فرانسيسكو أن يكون لها كشك صغير قريب من المدخل، مرة تعرض فيه نكهات كثيرة من المربى، من 24 إلى 28 طعمًا، ومرة أخرى تعرض ست نكهات فقط، وتلاحظ سلوك المستهلكين في الحالتين:

- في الحالة الأولى كان عدد الناس الذين وقفوا عند الكشك ليجربوا النكهات أكثر من الحالة الثانية بنسبة 60%، لكن معدل الشراء في الحالة الثانية كان أعلى! 

والتفسير هنا أن زيادة عدد الاختيارات يجعل الأمر جذّابًا أكثر، لكن الدراسات أثبتت أن الناس عادةً يرتكبون أخطاءً عندما يحاولون التمييز بين ما يزيد على عددِ أشياءَ من خمسة إلى تسعة، وربما يفقدون القدرة على التمييز أصلًا إن زاد العدد على تسعة.

حسنًا.. اتفقنا أن الاختيارات الكثيرة مشتتة وتزيد احتمالية عدم وصولنا إلى قرار، لكن السؤال.. هل كثرة الاختيارات ووفرتها تجعلنا نشعر بسعادة أكبر وأننا نملك الدنيا وما فيها، وإن كان هذا على حساب القرار النهائي؟

في الحقيقة هذا ليس شرطًا، على العكس، يمكن أن يسبب مشاعر كالندم والحسرة، لأنك ربما تشعر أنك فوتّ اختيارًا أفضل مما هو معك، ويمكن أن يزيد هذا الشعور لدرجة أن يُضيّع فرحتك بما تملك.

اختيار الموت أم الحياة

واضح أن اختياراتنا تؤثر في مجرى حياتنا ونفسياتنا فعلًا، ولنتأكد بتجربة، وهذه المرة أريد منك يا صديقي أن تتخيل أنك أصبحت أبًا، وأنتِ يا صديقتي المشاهدة أصبحتِ أمًّا، وأول طفلة لكما سنسميها (جولي | Julie)، أعلم أن لا أحد يسمي جولي حاليًّا، لكن هذا من أجل التجربة، المهم أن جولي وُلدت قبل موعدها بوزن أقل من الطبيعي، وعندها نزيف دماغي، وهي في العناية المركزة متصلة بجهاز تنفس صناعي، ومع الأسف بعد ثلاثة أسابيع من العلاج لم يحدث أي تحسن في حالتها، وأمامك ثلاثة سيناريوهات:

1. أول سيناريو: يرى الأطباء أن الحل الأمثل لجولي هو أن ينزعوا جهاز التنفس وينقلوا إليك -الأب أو الأم- خبر الوفاة فقط.

2. ثاني سيناريو: يتكلم الأطباء معك عن وضع جولي، ويخيّرونك إما أن ينزعوا جهاز التنفس وتموت جولي مباشرة، وإما أن يتركوه، وساعتها يمكن أن تعيش بضعة أيام وتموت، وإن عاشت فستكمل حياتها بعجز تام في المشي، وفي التفاعل مع الناس، ثم يخبرونك أنهم بصفتهم أطباء يرون أن القرار الصحيح هو رفع جهاز التنفس عنها.

3.  ثالث سيناريو: هو السيناريو الثاني نفسه مع فرق أن الأطباء لن يقدموا إليك أي نصيحة، وسيتركون لك كامل الاختيار، هل ستنزع الجهاز أم تتركه؟

إنه موقف صعب جدًّا، فدعنا نرَ نتائج هذه التجربة مع الناس الذين كانوا في الموقف نفسه في دراسة بجامعة كولومبيا:

1. من تعرضوا للسيناريو الأول كانت حالتهم النفسية أفضل من جميع مَن كانوا في باقي السيناريوهات.

2. ومن كانوا في السيناريو الثاني وسمعوا نصيحة الأطباء كان مستوى تقبلهم للوضع جيدًا، ومستوى الضغط عليهم ليس عاليًا.

3. أما من كانوا في السيناريو الثالث فكانوا أسوأ حالًا، وأُصيب أغلبهم بالاكتئاب، ومن وافق منهم على نزع الجهاز شعر بالذنب والحسرة.

الخاتمة

وفي النهاية يا صديقي.. حياتنا فعلًا مليئة بالاختيارات والقرارت، منها المصيري ومنها العادي، واليوم عرفنا طبيعة الاختيارات وتأثيرها فينا نفسيًّا وعمليًّا، وكيف تتأثر الاختيارات بالعوامل المختلفة، وبعدما تفهم ماهية الاختيارات تستطيع أن تجد أفضل قرار مناسب لك.

أخبرنا في تعليق.. بِمَ كنت ستشعر في كل سيناريو من تجربة جولي؟ وماذا كنت ستختار في معضلة القطار؟