دليلك المختصر لبدء العمل عبر الإنترنت

Book-Cover

مقدّمة

هذا صديقنا إسلام، واسمه الحركي ابن الشركة، عندما كان في المواصلات عائدًا من عمله، ظلّ يتأمل يومه شِبْه المتكرر، وجد أنه يعود إلى المنزل لينام قليلًا ثم يستيقظ ليذهب مبكرًا في ميعاده حتى لا يخصم له المدير جزءًا من راتبه الذي بالكاد يكفيه، ولسان حاله آخر كل شهر يقول "سلّفونا سلّفونا". 

وفي الحقيقة هذا ليس حال إسلام وحده، إذ تقول دراسة -أجريت في أواخر عام 2013 من مجلة فوربس- إن من كل 3 أشخاص يعملون في وظيفةٍ ما، اثنين لا يحبان عملهما، غير أن 80% من البشر يعانون أمراضًا نفسية بسبب العمل، قد تكون عاملًا وتعاني مشكلة إسلام نفسها، وإن كنت لا تعمل فبالتأكيد تقول في نفسك "احمِنا يا رب"!

ومن أجل ذلك وفي ظل الظروف الاقتصادية الصعبة وقلة فرص العمل، قرر إسلام أن يحاول توسيع دخله ويعمل عملًا إضافيًّا إلى جانب عمله الأساسي، وحبذا لو جعله هذا العمل يستغني عن عمله الأساسي أصلًا، لذا بدأ يتذكر هواياته ومواهبه أو دراسته ويفكر كيف يستغلها بطريقة أخرى تناسبه.

وحلُّ مشكلة إسلام يا صديقي سنجده  في كتاب حلقة اليوم بعنوان "دليلك المختصر لبَدء العمل عبر الإنترنت" لعمرو النواوي، الذي سيأخذك إلى عالم العمل الحر أو المستقل ويعرفك كيف تبدأ فيه وإن لم تعلم عنه شيئًا، كما سيخبرك بالطرائق التي يمكن أن تعمل بها وأماكنها، فاستعد لتتقاضى راتبك بالدولار!^^

تستطيع أن تقرأ وتسمع مراجعة الكتاب على تطبيق أخضر مع ملخصات آلاف الكتب التي ستساعدك على أن تتميز في مجالات سوق العمل، حمّل التطبيق واشترك في الباقة المميزة لتسمع وتقرأ ملخصات الكتب في 15 دقيقة من دون إعلانات.

الآن نعود إلى عالم العمل الحر..

الوضع الحالي

على الرغم من أن عالم الإنترنت وهمي وافتراضي، فإنه يحتوي على فرص كثيرة حقيقية ساعدت أشخاصًا كثيرين -كانوا يعانون من البطالة- على العمل دون مقابلة شخصية أو خمس سنين من الخبرة.

ففي أمريكا مثلًا وصل عدد المستقلين إلى 43% من نسبة العاملين في سنة 2020، ومتوقع في سنة 2030 أن يصل عدد المستقلين إلى 80% من نسبة العاملين في العالم كله، بما في ذلك وطننا العربي.

وهذا يجعلنا نتساءل، لماذا اتجه كل هؤلاء إلى العمل الحر عن طريق الإنترنت؟

نمط العمل والحياة على الإنترنت

لهذا الاتجاه أسباب كثيرة، لكن قبل أن أخبرك بها، دعني أوضح لك أولًا كلمة freelancer التي تساوي تقريبًا كلمة مستقل، وهي عبارة عن أن شخصًا يقدم خدمةً يتقنها إلى عميلٍ ما سواء كان هذا العميل شخصًا أو شركة أو مؤسسة، بطريقة مباشرة من غير وسيط.

وfree هنا تدل على الحرية التي يمكن أن تتمتع بها، وفي الوقت نفسه تعتبر من أهم أسباب الإقبال على مجال الـfreelancing، تخيل معي يومك وأنت مستقل كيف سيكون، وعُدَّ معي المميزات: 

- ليس لديك مدير، أصبحت أنت المدير ورئيس جمهورية نفسك.

- لديك الحرية الكاملة في أن تختار المكان الذي ستعمل فيه، بالبيجامة في منزلك، أو على البحر أو في مطعم أو على مقهى مثلًا.

- تستطيع أن تحدد الميعاد الذي ستعمل فيه، في الصباح الباكر أو في المساء إن كنت كائنًا ليليًّا، بعد المدرسة أو الكلية وهكذا.

- غير أن بإمكانك أن تحدد عدد الساعات التي ستعمل فيها خلال اليوم، كما تستطيع أن تحدد أيام إجازاتك وتنزهاتك التي تناسبك.

- أما عن الحرية المالية، فأنت من يحدد مقدار دخلك وكم ستتقاضى كل شهر، وهذا على حسب مقدار عملك والخدمة التي ستقدمها إلى عميلك، كما تحدد هل ستتقاضى راتبك بالدولار أم بالدينار أم بالجنيه الإسترليني على حسب السوق التي تعمل فيها هل هي عربية أم أجنبية، وكلها اختيارات صعبة كتبها الله علينا وإياكم. 

- كما ستعرف أشخاصًا من ثقافات مختلفة كثيرة.

وهذه الحياة الجميلة نسميها نمط العمل والحياة على الإنترنت، ترتّب حياتك بالشكل الذي تحبه، ولا يقيدك غير الالتزامات التي تحددها.

عيوب العمل الحر

العمل الحر كأي شيء في الحياة، له ما له وعليه ما عليه، وما عليه مثل:

- أن تواجه صعوبة في تنظيم وقتك، لأن العمل الذي لا مواعيد له يمكن أن يؤثر في حياتك الشخصية.

- أن يعزلك قليلًا عن الكوكب الخارجي.

- أن معدل العمل غير ثابت أو وربما يقل في بعض الأوقات، ومن ثم تقابل تحديًا صعبًا وهو أن تحصل على عمل باستمرار.  

لذا فأول وأهم خطوة عليك أن تخطوها قبل أن تبدأ في هذا المجال هي خطوة "الاستعداد". 

ما قبل البداية

ستقول لي: حسنًا يا أخضر، كيف أستعد؟ 

سأقول لك يا صديقي:

1- اعرف اهتماماتك؛ لتحدد نوع العمل الذي يمكنك أن تعمل فيه.

ومن ثم تحدد الأشياء التي تستطيع أن تفعلها، سواء التي درستها، أو التي تعلمتها وحدك، أو مهارة معينة عندك، أو برنامجًا تستطيع استخدامه.

فإن كان مجال دراستك العمارة، فستكون عندك خبرة في مجال التصميم وتستطيع استخدام برنامج 3ds Max مثلًا، وربما تهوى التصوير، وكل هذه أشياء يمكنك أن تستغلها في العمل الحر.

كما يمكنك أن تحدد شغفك وهواياتك، مثل: الرسم، أو القراءة، أو الكتابة، والكتابة وحدها يمكن أن تجعلك كاتب محتوًى عظيمًا في فريق أخضر، وبالمناسبة ستجد رابط التقديم في وصف الفيديو. 😉

2- زود معرفتك عن الأشياء التي تهواها لتكون مُلِمًّا بكل جوانبها ويمكنك أن تبدأ دراسة دورات تدريبية فيها، فمثلًا إن كنت تملك مهارة تقليد الأصوات، يمكن أن تحضر وِرَشًا في تعلم مهارة الدوبلاج أو التعليق الصوتي، وإن كنت تحب الرسم فتعلَّم الرسم الرقْمي.. وهكذا.

3- طبّق واعمل بهذه المهارة لتطور من نفسك وتكوِّن خبرة حقيقية.

جميل، حددنا بعض الأفكار التي يمكن أن نعمل بها؟ نعم.

إذًا هكذا نحن جاهزون ومستعدون؟ لا! 

لماذا؟ اصبر قليلًا، بقي أن نتعلم المهارتين اللتين سنواجه بهما المشكلات التي ذكرناها سابقًا، وهما مهارتان لا غنى عنهما لأي شخص يعمل عبر الإنترنت:

- أول مهارة هي إدارة الوقت: ذكرنا في البداية أن لديك الحرية الكاملة في وقتك، لكن كيف ستنظمه وتوفِّق بين مواعيد التسليم والالتزامات وحياتك الشخصية؟

- أما المهارة الثانية فهي التسويق: أنت كمستقل تبيع خدمةً ما للعميل، تحتاج إلى أن تسوِّق لنفسك لتصبح مميزًا من غيرك وتكسب الزبون، أو لتسوق للخدمة التي ستقدمها، أو حتى  لتعمل مسوِّقًا لمنتجات غيرك على الإنترنت.

ومهارة التسويق مهمة وموجودة من قديم الزمن، فمثلًا في أيام العصر الجاهلي، وفي أشهر الأسواق مثل سوق عكاظ، كان الناس يجتمعون حول الشعراء ليسمعوهم، ثم يقف التجار حولهم بالبضاعة فيشتري الناس منهم، وفي هذه الحالة يعتبر الشعر أداة تسويق، تسويق بالمحتوى كما نفعل الآن، الفرق أننا الآن يمكن أن نجعل المحتوى رقميًّا عبر قناة يوتيوب أو مدونة.

وتطبيق أخضر يحوي ملخصات كثيرة عن هاتين المهارتين ستفيدك جدًّا.

طرائق العمل الحر عبر الإنترنت

إذًا هل أصبحنا مستعدين الآن؟ نعم يا صديقي، سنتكلم أخيرًا عن الطرائق التي سنكسب بها المال، لا تقلق.

وفي الحقيقة يا صديقي مجال العمل الحر عبر على الإنترنت واسع جدًّا، والعمل ليس الطريقة الوحيدة التي تستطيع أن تعمل بها وتكسب المال كما تتخيل، ولكن لدينا ثلاث طرائق أخرى سنكلمك عنها.

 - وأول طريقة هي "selling your own product" أو "بيع منتجك الخاص":
بمعنى أن تكون عندك خدمة أو منتج يحتاج إليه الآخرون، وهذا المنتج يمكن أن يكون ماديًّا أو رقْميًّا، مثل الأشغال اليدوية التي يمكن أن تبيعها على موقع خاص بك أو تبيعها لموقع وسيط مثل أمازون وسوق دوت كوم.

أما إن كنت ستبيع منتجًا رقْميًّا مثل برنامج software أو تصميم جرافِك، أو كتاب e-book ألفته مثلًا، فيمكن أن تبيعه على مواقع مثل ClickBank الذي يعادل أمازون، لكنه مختص بالمنتجات الرقْمية. 

وبيع المنتجات الرقْمية له مميزات كثيرة مثل:

- أن تكلفة عمل المنتج شِبه مجانية، كل ما نحتاج إليه "لاب توب" وبعض البرامج التي ستعمل عليها، ولا تتحمل أي مصاريف أخرى مثل التخزين والطباعة والشحن، أي إنك تصنع منتجك مرة واحدة فقط وتبيعه أكثر من مرة دون حدود.

- وأنك تستطيع تحديث منتجك بسهولة، وتطويره كل فترة دون إجراءات صعبة مثل المنتج المادي.

- وإن كنت لا أملِك منتجًا أبيعه يا أخضر؟
لا بأس يا صديقي، يمكن أن تساعد الناس في بيع منتجاتهم، وهذه الطريقة الثانية من طرائق العمل الحر عبر الانترنت، "التسويق بالعمولة" أو "Affiliate Marketing":

وكل ما تفعله هنا شيء من اثنين:

- إما أن تأخذ عمولتك بعد أن يشتري المنتج أشخاصٌ عن طريقك، وعمولتك هنا يمكن أن تصل إلى 75% من قيمة المنتج، وبعض الأماكن تصل نسبتك فيها إلى 90%، ونوع هذا التسويق اسمه Cost Per Sale أو عمولة مقابل البيع، وأشهر موقع يعمل بهذه الطريقة هو موقع أمازون للمنتجات المادية وموقع ClickBank للمنتجات الرقْمية.

- وإما تتجه إلى النوع الثاني من التسويق وهو الـCost per Action أو عمولة مقابل إجراء معين، ويعتبر هذا هو النوع الأسهل، لكن مكسبه أقل، يمكن أن يصل إلى خمسة دولارات مثلًا، وهنا تأخذ عمولتك عندما يفعل شخص أي شيء يخص المنتج عن طريقك، ملأ استبيانًا، أو حمّل التطبيق، أو أنشأ حسابًا على الموقع، وهكذا.
ومن أشهر المواقع الأجنبية التي تعمل بهذا النظام، موقع Max Bounty وCommission Junction، والموقع العربي المشهور حسوب.

 - ربما تستصعب أن توجه الناس إلى منتج أو موقع معين، لذا سأخبرك بالطريقة الثالثة وهي أنك تقدم محتوًى رقْميًّا وتعلن من خلاله عن المنتجات..

تنشئ مدونة شخصية أو موقعًا إخباريًّا مثلًا، وتنشر محتواك الطبيعي، ثم توفر فيه مساحة إعلانية، وهذه المساحة تستغلها:

-  في أن تبيعها لمعلنين مباشرة وتأخذ 100% من الإيرادات.

- أو تستعين ببرامج للإعلانات مثل Google Adsense أو إعلانات حسوب، والبرنامج هو الذي سيجلب إليك المعلنين، ويختار لك الإعلان المناسب لمحتوى موقعك ومتابعيك، وتحصيل الإيرادات، وسيأخذ في المقابل نسبة يسيرة.

لكن عليك أن تجعل محتواك متخصصًا في شيء معين، ويستهدف شريحة معينة، وبالطبع يجب أن يكون مستمرًّا وينُشَر بشكل منتظم، ومناسب للتريندات والأوضاع، مما سيساعدك أكثر على زيادة عدد زوار مدونتك أو موقعك.

طريق العمل الحر

وأخيرًا سنتكلم عن الطريقة الرابعة الشهيرة وهي العمل الحر..

وفي الحقيقة توجد هنا مجالات ووظائف كثيرة جدًّا:

- مثل الخدمات المصغرة، وأغلبها لا يحتاج إلى وقت كبير جدًّا، كأن تصمم logo أو template، تعلِّق تعليقًا صوتيًّا، أو تكتب مقالًا وهكذا، وبعض المواقع توفر هذه الخدمات، مثل: موقع خمسات وfiverr.

- أو تبدأ مشاريع تحتاج إلى وقت ومجهود أكبر قليلًا من الخدمات المصغرة، كأن تبرمج تطبيقًا، أو تصنع تصميمًا لمنتج، أو تسوِّق تسويقًا رقْميًّا، وأشياء أخرى كثيرة، وستجد مواقع لهذه الوظائف، مثل: مستقل، وشغل أون لاين، وموقع freelancer وUpwork وGuru.

- وإن أردت يا صديقي أن تعمل في مجال الكتابة، وهذا مجال واسع مطلوب جدًّا، مثل:

- كتابة المحتوى Content Writing.

- كتابة المحتوى التسويقي Copywriting.

- الكتابة الصحفية. 

- الترجمة. 

فعندك مواقع متخصصة مثل Ureed وموقع ProBlogger، يمكن تساعدك في موضوع الكتابة.

 - وإن كنتُ مهندسًا أو طبيبًا أو محاميًّا أو أمتهن أي مهنة أخرى، وأريد أن أعمل في نفس مجال دراستي، ماذا أفعل؟

يمكنك يا صديقي أن تعمل مستقلًّا وتستغل مجالك أيضًا، عن طريق تقديم استشارات مهْنية في مجالك، فإن كنت طبيبًا مثلًا يمكن أن تقدم جلسات أو استشارات طبية، وأيًّا كان تخصصك يمكن أن تنشر دورات تدريبية لموضوعٍ ما في مجالك على موقع Udemy مثلًا.
كما تستطيع أن تجد عملًا عن بُعد عن طريق شركة أو أن تتعامل مع العملاء بشكل مباشر، وبالمناسبة حتى المواقع مثل LinkedIn وBehance، يمكن أن تساعدك على إيجاد عمل مستقل في مجالك.

- وإن كنت مصممًا فعندك يا سيدي موقع تصميمي وموقع Dribbble وDesignCrowd.

- وإن كنت مبرمجًا فعندك مواقع مثل Smashing Magazine، وgetacoder.

الخاتمة

وهكذا يا صديقي نكون قد تكلمنا عن عالم العمل الحر عبر الإنترنت وطريق freelancing، والمهارات التي تحتاج إليها فيه.

وتكلمنا عن أغلب الطرائق التي يمكن أن تعمل بها وأماكنها، وربما توجد طرائق أخرى لم نتكلم عنها ، ووارد أن تظهر طرائق جديدة، لأن العالم الحر واسع جدًّا.

وإليك نصيحة مهمة، حاول في البداية أن تجرب غير طريقة، وجرب استراتيجية معينة في العمل، ثم جرب استراتيجية أخرى ورجح الأفضل.. وهكذا.

واعلم أن أي عمل يحتاج إلى جهد ووقت، ويمكن تقابلك صعوبات في البداية أو يكون دخلك قليلًا في الشهور الأولى، فلا تقلق واستمر بالسعي.

ولا تنسَ أن تخبرنا في تعليق عن المجال الذي ترغب في العمل فيه عبر الإنترنت، والراتب الذي تظن أنك ستتقاضاه أول مرة، أما لو كنت قد عملت من قبل في مجال العمل الحر أو المستقل فشاركنا خبرتك وتجاربك.