ترقية حياتك

Book-Cover

 

مقدمة

هذا هو "بات ديفيلي"، سنة 2011 لم تكن سنته أبدًا، إذ أقيل من صالة الألعاب الرياضية التي كان يعمل بها، فحاول أن يصبح مدربًا شخصيًّا لأكثر من شخص، لكن مع الأسف ما كان يحصل عليه لم يكفِ مصاريفه، لذا اضطر إلى الاقتراض والعمل في وظيفة أخرى، لم يكن كل هذا كافيًا لدفع الإيجار حتى، واضطر إلى العودة إلى بيت أهله، كان مُفلِسًا لدرجة أن أباه هو الذي دفع له ثمن التذكِرة..

إذًا هل تحسّن وضعه بعدما عاد؟

يؤسفني أن أقول لك لا، فبمجرد عودته أصيب بالاكتئاب، عمل ديفيلي في مطعم بيتزا، لكنه لم يكن راضيًا بعمله، كان يسب العمل والظروف والرواتب القليلة والأحوال الاقتصادية!

وبعد مرور بعض الوقت بدأ ينتبه -الحمد لله- ووجد أن كثيرًا من المدربين أمثاله يكسبون من مجال اللياقة البدنية على الرغم من كل الأشياء التي كان يسبها، فتحمس وقال ما داموا قادرين فأنا قادر!

وقرر أن يبدأ دورة تدريبية للياقة البدنية على الشاطئ، ووزع إعلانات في كل مكان، وفي أول يوم في هذه الدورة اشترك 5 أشخاص فقط، وهنا كانت المشكلة، فهذا العدد ليس مناسبًا لأن يبدأ المدرب عمله، وكان من الطبيعي أن يُلغي كل شيء، لكنه أصر على أن يكمل ما بدأه، وبالفعل دربهم، وفي الشهر التالي اشترك في الدورة 20 شخصًا، وفي ما بعده 100! 

وحينها أدرك أن المحنة التي كان واقعًا فيها هي السبب الذي جعله مُدربًا أفضل وأكسبته الطموح، ولولاها لم يكن لينشئ الصالة الرياضية الخاصة به بعد سنة بالضبط من أول دورة تدريبية له، ولم يكن ليتابعه على الإنترنت أكثر من 100 ألف شخص، كما أنه وقّع عقد كتابه الأول الذي هو موضوع حلقتنا اليوم.. 

وعنوانه "ترقية حياتك.. كيف تستعيد السيطرة على حياتك وتحقق أهدافك؟" لِـبات ديفيلي، وسيشاركك فيه الدروس التي استفادها من رحلته، والخطوات العملية التي صنعت فارقًا وساعدته على أن يصل إلى الحياة التي كان يتمناها.

ويمكنك أن تقرأ وتسمع مراجعة الكتاب على تطبيق أخضر مع ملخصات آلاف الكتب التي ستساعدك على تنمية نفسك ومعارفك، حمّل التطبيق واشترك في الباقة المميزة لتسمع وتقرأ ملخصات الكتب في 15 دقيقة من دون إعلانات.

والآن لنرَ وصفة النجاح التي اكتشفها ديفيلي في رحلته..

1- وصفة النجاح

كل شيء في الدنيا له وصفة، النجاح له وصفة، وتحقيق الثروة له وصفة، حتى بسكويت العشر دقائق له وصفة، لكن المهم عندنا الآن هو وصفة النجاح، ولتعرفها يجب أولًا أن تتوقف عن الاعتقاد بأن أصحاب المليارات وُلِدُوا وفي أفواههم ملعقة من ذهب، لا شك أن بعضهم كذلك، لكن كثيرًا منهم بدؤوا من الصفر، وهؤلاء الذين سنركز عليهم لأنكم مشتركون في نقطة البداية ، وستجد أن ما حدث هو أنهم استخدموا كل ما يملكون مهما كان قليلًا، واستطاعوا أن يحققوا بهذا القليل أقصى استفادة ممكنة، وهذه هي وصفة النجاح باختصار.. استغلال كل المتاح. 

وسر نجاح الوصفة أن تخطو خطوة واحدة فقط إلى الأمام، واحدة فقط؟ واحدة فقط!

ديفيلي مثلًا قابل رجلًا تمنى أن يبني مستشفى للأطفال المصابين بالسرطان في نيبال، لأن ابنه كان مصابًا به وكان مضطرًّا إلى أن يسافر كثيرًا للعلاج، لكنه لم يعرف كيف يبدأ تطبيق الفكرة، وقتها قال له ديفيلي إن أول خطوة يجب أن يخطوها هي أن يتصل بمستشفى في الهند ويكلم أي طبيب عن فكرته وبالتأكيد سيدلّه على الخطوة التالية، وفعلًا فعل ما نصحه به، وبعدها بدأت الخُطة تتضح أمامه شيئًا فشيئًا حتى بنى المستشفى بالفعل. 

فالمهم أن تبدأ، واعلم أن رحلة النجاح تشبه السلم الحلزوني، ليس بوسعك أن ترى فيها إلا خطوة واحدة فقط في كل مرة، وهذه الخطوة هي ما يجب أن تفكر فيه الآن، ويجب أن تخطوها مهما كانت سهلة.

لكن لتبدأ رحلة النجاح يجب أن تحدد أولًا مفهومك عن النجاح، بمعنى ما الذي إن حققته ستشعر بأنك ناجح؟

2- معنى النجاح

تختلف فكرة النجاح من شخص لآخر، فبعض الناس يرون أن النجاح هو أن يشتروا سيارة 128 أو أن يسافروا إلى مكانٍ ما، وبعضهم يرون أن يحسّنوا حياة من حولهم ويعملون أعمال الخير بقدر الإمكان.

أيًّا كان مفهومك عن النجاح، فأنت تحتاج إلى أن تحدده أولًا وإلا فسيكون من الصعب عليك أن تصل إليه، كما أنك لن ترضى بأي شيء تحققه لأنك لا تعرف نهايته.

ونصيحة لوجه الله، النجاح ليس الشهرة والمال كما تتخيل بِناءً على حياة صُناع المحتوى الذين تتابعهم، ويجب ألا يكون هذا هو هدفك، النجاح عمومًا شعور ينتابك عندما تحقق الهدف الذي وضعته لنفسك أيًّا كان، أما الشهرة والمال فهي نتائج يمكن أن تأتي بشكل طبيعي عندما تفعل ما تحب وتنجح فيه، لكن من يكون هدفه الأوحد هو الشهرة والمال لا يصل إلى هذا ولا ذاك.

والآن ركز واسأل نفسك عن أهم 10 أشياء تمثل لك النجاح سواء في عملك أم في حياتك الشخصية، ومن ثم اكتب هذه الأشياء وضعها نصب عينيك.

ثم حدد قِيَمك الأساسية التي ستحقق النجاح من خلالها..

يقول ديفيلي إنه عندما قرر أن يؤسس شركته حدد قيم الشركة في الامتنان، والإيمان، والمعاملة بالمثل، والاتحاد، لذا عندما كان يقترح أحد عليه فكرة ما ويجد أنها تتعارض مع أي قيمة من قيمه كان يرفضها فورًا، فوجود هذه القيم مرجعًا لك هو ما سيسهل عليك اتخاذ القرارات الصحيحة وقت الضغط. 

وإليك تدريبان سيساعدانك على تحديد هذه القيم: 

1- أولًا التفكير في الأشخاص الذين تعتبرهم قدوة في حياتك وتحديد الصفات التي تحبها فيهم. 

يقول ديفيلي إن والده من الناس الذين فكر في أن يتخذهم قدوة، وكانت أكثر الصفات التي يقدرها فيه هي أخلاقياته في العمل، وأنه كان أبًا رائعًا، على عكسه هو الذي لم يكن مهتمًّا بعائلته بالقدر الكافي، لكنه قرر في ما بعد أن يصبح مثل والده.

 

2- ثانيًا تدريب أن تسأل نفسك:

- ماذا أحب أن يقول الناس عني في غيابي؟ 

- كيف أرى نفسي أصلًا؟

- ما نوع الحياة التي أتمناها؟ 

- ما نوع الحياة التي أعيشها بالفعل؟ 

 وهذه الأسئلة الوجودية ستوصلنا إلى نقطة مهمة جدًّا وهي طبيعة عَلاقتك بنفسك. 

3- العَلاقة بالنفس 

أي شيء نقوله لن يكون ذا فائدة إن لم تُحسن التعامل مع نفسك ولم تكن صادقًا معها، ليس من المفترض أن تزعجك الأسئلة التي سبق طرحها مهما كانت إجابتها، وإن وجدت مثلًا أنك لا تحب شكل الحياة التي تعيشها، فصدقك مع نفسك هنا مَيْزة، لأنك ستكون قد عرفت طبيعة موقفك ومن ثم تستطيع تحسينه. 

ومهم جدًّا هنا أن تمنع نفسك من عيش دور الضحية، فلا تقل إنك لا تعيش الحياة التي تتمناها بسبب أهلك والظروف، بل واجه الواقع وتحمل مسؤولية حياتك وغير منظورك وتقبل أنك لن تغير حياة المحيطين بك ولن تغير ما فات. 

وعلى النقيض ليس من المفترض أن تقسو على نفسك، لأنك لو أكثرت من قول أنا فاشل، فبالتأكيد لن تفعل ما يفعله الناجحون، قل لنفسك ما داموا قادرين فأنا قادر! 

حسنًا كيف أتخلص من الأفكار السلبية التي أقولها لنفسي؟

بأن تحوِّلها فورًا إلى شيء إيجابي، فمثلًا بدلًا من أن تقول أنا فاشل أو مشروعي قد فشل، قل لقد تعلمت من هذا المشروع أشياء كثيرة جدًّا.

وخذ المقاتل كونور ماكجريجور مثالًا على الثقة بالنفس، هذا الرجل دائمًا ما يقول صراحةً إنه الأفضل في مجاله، وهو مُعتقد هذا فعلًا، ولذا استطاع أن يحقق ما قال. 

وهذا لأن نظرتنا إلى أنفسنا تلعب دورًا خطيرًا جدًّا في تحديد أفعالنا، ومن ثم يجب أن نعرف حقيقة الأشياء التي تؤثر فينا، مثل البيئة المحيطة، فربما تكتشف أن معظم المعتقدات التي تعتقدها عن نفسك هي التي سمعتها من المحيطين، وربما تكون هذه المعتقدات خطأً تمامًا، لذا اجعل نظرتك إلى نفسك موضوعية وكلامك لنفسك إيجابيًّا.

جميل، هكذا أكون قد حددت معنى النجاح بالنسبة إليّ، وحددت القيم التي سأقيس بها كل شيء، وبدأت أحسن من نظرتي لنفسي، إذًا ما الخطوة القادمة؟

الخطوة القادمة يا صديقي هي تحديد الهدف.

4-تحديد الهدف

أهم وأول ما يجب أن تفعله إن أردت إحداث تغيير جذري في حياتك هو أن تحدد الهدف، وسأقول لك الآن كيف تحدده من خلال خمس خطوات:

 - تحديد الغاية النهائية 

يجب أن تحظى برؤية واضحة لما تريده بدلًا من أن تكون عشوائيًّا، حاول أن تحدد الهدف بدقة وحبذا لو حددت الميعاد النهائي أيضًا، ولا تركز على تفاصيل متى وأين، لأنها ستتضح لك في ما بعد، ركز في البداية على الصورة الكبيرة، وبعدها كل ما حولك سيساعدك ويدفعك ناحية هذا الهدف. 

يحكي الكاتب أن في بداية حياته قرر أن يجمع تبرعات قدرها 100 ألف يورو لمرضى التلیُّف الكیسي بأیرلندا، ولم يملك خُطة ولا فكرة عن كيف سيحقق هذا الهدف، وكل ما فعله في البداية أنه نشر مقطع فيديو على مواقع التواصل يعلن فيه نيته لجمع هذا المبلغ، وحدد ميعادًا نهائيًّا لتحقيق الهدف، وبعدها وجد أن كل شيء قد يُسِّرَ من حوله وجمع 165 ألفًا بدلًا 100 ألف فقط. 

- حدد السبب

بعدما حددت الهدف النهائي، تحتاج إلى أن تعرف السبب الحقيقي العميق وراءه، ولتعرف السبب اسأل نفسك لماذا؟ لماذا تريد أن تترقى؟ ولماذا تريد أن يزيد دخلك؟

يشبّه الكاتب هذه العملية بتقشير البصلة، طبقات متتابعة لتصل إلى الدافع الحقيقي، ويقول لك إن هذا الدافع سيجعلك تبكي حرفيًّا ومجازيًّا، لأنك تقشر بصلة! 😀

وواحدة من أجمل القصص عن أهمية معرفة السبب الحقيقي، هي حكاية الرياضي تيري فوكس الذي أُصيب بمرض السرطان سنة 1977، وفي رحلة علاجه اكتشف كمَّ الأموال التي تحتاج إليها أبحاث السرطان، ومع أنهم اضطروا إلى أن يقطعوا رجله، ركّب رِجلًا اصطناعية وبدأ يستعيد حياته، وقرر أن ينظم سباقًا للجري ليجمع تبرعات لأبحاث السرطان، وبالفعل جمع ملايين الدولارات، وما زال يجمع، لأن هذا السباق يتم سنويًّا حتى الآن!

 - انتبه إلى الفرامل

والمقصود بالفرامل هنا الصعوبات التي يمكن أن تمنعك من تحقيق هدفك، ومهم في البداية أن تحدد نوع هذه المعوقات وتضع تصورًا لطريقة حلها، لتكون جاهزًا من البداية.

 - اختر الأشخاص المحيطين 

حاوط نفسك قدر الإمكان بالأشخاص الذين يحفزونك لتحقق أهدافك، لأن المحيطين يؤثرون في الطريقة التي تفكر بها وفي ما تستطيع أن تحققه.

 - قسم الهدف أجزاءً 

إن كان هدفك كبيرًا فقسِّمه أجزاءً صغيرة حسب قدرتك حتى يكون تحقيقه سهلًا لا مخيفًا. 

فمثلًا إن أردت أن تخسر 24 كيلوجرامًا من وزنك في سنة، قسمهم واجعل هدفك أن تخسر كيلوجرامين في الشهر، هذا سيسهل عليك تحقيق الهدف النهائي.

هكذا نكون قد أنهينا خطوات تحديد الهدف، ويبقى أن أقول لك يا صديقي إنه ليس من المفترض أن تعلق سعادتك على تحقيق هدفك أيًّا كان، لأن السعادة ليست في النجاح المهني أو المادي الملموس فقط، بل إنها تضم أشياء كثيرة ولها وصفة وحدها سأخبرك بها حالًا.

5- الأسس الخمس لعيش حياة سعيدة راضية

وصفة السعادة يا صديقي تتكون من 5 أسس:

1- الصحة

ولتتمتع بصحة جيدة يجب أن تهتم بـ 3 أركان:

  1. الرياضة: يجب أن تبذل جهدًا، تتمشى، أو تجري، أو ترفع أثقالًا، المهم أن تصبح الرياضة جزءًا من يومك، لأنها ليست فقط مرتبطة باللياقة البدنية والصحة، بل إنها ترفع من مستوى نشاطك وتجعلك أكثر إنتاجية.

 باراك أوباما شخصيًّا كان يخصص 45 دقيقة في بداية يومه لممارسة الرياضة، هل أنت مشغول أكثر منه؟ وبيل جيتس يمشي ساعة على جهازه وفي أثنائها يحضر دورات تدريبية عبر الإنترنت! 

  1. الاهتمام بالغذاء الصحي: وذلك لأن كثيرًا ما ينبع شعورنا بالقلق والعصبية من نظامنا الغذائي غير الصحي.
  2. الاهتمام بالنوم: وهذا يجب أن يكون من أولوياتك لأنه يؤثر في مزاجك وعقلك طوال اليوم.

هكذا انتهى الأساس الأول للسعادة وهو الصحة، أما الثاني فهو

2- العلاقات والتواصل

تتحدد نوعية حياتك بدرجة كبيرة حسب نوعية علاقاتك بالآخرين، وتحتاج هذه العلاقات إلى أن تطور من نفسك فيها مثل العمل تمامًا، ولا تعدها أمرًا مُسلمًا به.

يحكي ديفيلي أنه كان يدرب عميلًا عنده مشكلات مع زوجته وأوشكا على الانفصال، فاقترح عليه أن يقدر زوجته ويمدحها بعدما تفعل أي شيء من أجله على مدار 90 يومًا، وبالفعل عاد إليه بعد هذه المدة وقال له إنه أنقذ زواجه! 

 3- المسیرة المهنیة والتثقيف 

أي مهنة في الدنيا تحتاج إلى دراسة واطّلاع على كل جديد فيها، ولو زودت من مهاراتك ومعارفك فستميّز نفسك عن منافسيك، فحاول أن تخصص ساعة في اليوم تدرس فيها أي شيء سواء بالقراءة، أم بسماع ملخصات الكتب الصوتية مثلًا. *الكاتب هو من يقول ذلك😇*

4- المغامرة 

أكتر ما يصعَّب علينا الدنيا هو أننا نوهم أنفسنا بأننا يومًا ما في المستقبل سنفعل ما نتمناه، في حين أننا يجب أن نفعله الآن، لماذا تؤجل رحلة القناطر الخيرية يا صديقي؟ اذهب الآن!

 5- المساهمة

مهما كان وضعك في الحياة فأنت دائمًا في مكان يسمح لك بأن تساعد غيرك، والحقيقة أن الشعور بالاكتمال والرضا يكون في أعلى مستوياته عندما تساهم في عمل الخير مهما كانت مساهمتك بسيطة، كأن ترسل ملخصات أخضر إلى أصحابك، فإنه والله لخير عظيم! 😇

ماذا تنتظر؟ قم الآن واخطُ أول خُطوة ناحية هدفك مهما كانت بسيطة، وسيطر على حياتك!