تخلص من عقلك

مقدمة
تخيل لو رميت عقلك لمدة دقايق ايه اللي ممكن يحصل؟
أكيد مش هتعرف تكمل الحلقة، فاستنى بس وهنرميه سوا في الآخر إن شاء الله…
طبعا كلنا عارفين إننا بلد ال 7 الاف سنة حضارة، والحقيقة مش مصر بس، ولكن الوطن العربي عامة ليه تاريخ عريق، زي حضارة اليمن وبلاد الرافدين، وغير الحضارة الإسلامية اللي تقدمت بشكل مبهر في جميع المجالات، غير العلوم اللي حطينا أساسها، يعني حرفيا كنا بنبني قواعد المجد لوحدنا.
نيجي بقى لدلوقت.. أين ذهب المجد؟ وكيف وصلنا إلى هنا؟(تتقال بشكل درامي) وليه المجتمع الغربي اتقدم وسبقنا بمحطات كتير؟ ولا السؤال المفروض يكون: ليه إحنا اتأخرنا؟
والحقيقة إنه تعددت النظريات في أسباب تقدم وتأخر الشعوب.. اللي يقولك الجينات وإن في سلالات أرقى من غيرها، وده كلام عنصري وفشنك طبعا، واللي يقولك المكان الجغرافي وطبيعة المناخ البارد، وده برده مش كلام واقعي، وأصلا أغلب الحضارات نشأت في الشرق الأوسط اللي مناخه حار..
طب إيه يا ترى السبب فعلا؟
السبب عزيزي المشاهد هو في عقليتنا الحالية، المينتالتي على قول صلاح^^، والحواجز اللي اتبنت من معتقدات فاسدة اتمسكنا بيها، فأخرت تفكيرنا وتقدمنا، عشان كده شريف عرفة في كتاب حلقتنا النهارده "تخلص من عقلك" كان هدفه إننا نعرف الحواجز دي عشان نهدها تماما ونستعيد المجد،
أمجاد الماضي
وخلينا نبدأ بأول حاجز، وحاول تفتكر معايا أحد التجمعات العائلية لما سألت جدك عن أيام شبابه، فحكالك عنها وعن أيام الزمن الجميل، وقد إيه زمان كنا أحسن من دلوقتي..
الفكرة إن الموضوع مبيقفش عند حالة النوستالجيا دي لأ، ولكن بنلاقي إن دي طريقة تفكير فريق من الناس فعلا، متمسك بالماضي وبيحاول يكرره، وبيعتمد في حل مشاكله على طريقة هذا ما وجدنا عليه آباءنا، من غير مراعاة تغيرات العصر اللي عايشين فيه، والحاجز ده بيمنعنا من التفكير في حلول جديدة ومبتكرة لمجرد إنها مش في أجندة الماضي.
في المقابل بقى بنلاقي فريق مبهور بكل حاجة جاية من الغرب، وعنده احتقار لماضيه وتاريخه وعاوز يتبرى منهم، الغرب عملوا أي حاجة يبقى نعمل زيهم، طيب يا عم ده مش مناسب لثقافتك ولا بيئتك، لأ هو الغرب متقدم وإحنا متأخرين..
طيب والحل؟
الحل في الاعتدال، إنك تنطلق من مرجعيتك وثقافتك وأفكارك، وفي نفس الوقت تتعلم من كل اللي حواليك وتاخد منهم كل اللي ينفعك بوعي، واتعلم من طريقة تفكير أجدادك اللي مكانتش بتعتمد على التقليد الأعمى، بل بتعتمد على الابتكار واستعمال حلول جديدة بالنسبة لعصرهم.
في مدح الفقر
نيجي للحاجز التاني وهو مدح الفقر، هتقولي بس على فكرة الفقر مش عيب، وأكون فقير عند ربنا أحسن ما أكون غني ونصاب وحرامي وباكل مال اليتيم.
هقولك وهو ده بالظبط اللي بنتكلم عليه، والحقيقة في معتقدات كتير غلط حولين موضوع الغِنَى، منها معتقد إجتماعي زي: لو بقيت غني فهبقى وحيد، والمال أصلا مش بيشتري السعادة، وإنه لازم أضحي بمبادئي عشان أبقى غني!
بل وفي ناس بتفتخر بالفقر، وبتعتبره معنى للشرف والنزاهة مع إنه ممكن يكون نتيجة للكسل وسوء التخطيط مش أكتر.
وفي الحقيقية الفقر مش عيب فعلا، لكن العيب إن حد يستسلم للحال ده من غير ما يسعى ويثابر أنه يغيره، وبدل ما يحاول يقدم لنفسه وأسرته حياة أفضل، بيفضّل إنه يتأقلم مع فقره
وفيه برضو معتقدات دينية زي إن الفلوس هتبعدني عن ربنا، رغم إن فيه طاعات الغني يقدر يعملها أكتر زي: الزكاة، والصدقات، والحج، غير إن الشخص الغني كتير بيكون تأثيره أكبر في المجتمع وقدوة كمسلم ناجح، ده غير إن العشرة المبشرين بالجنة كلهم كانوا أغنيا، وسيدنا عمر بن الخطاب قال: "لو كان الفقر رجلا لقتلته".
الدجل والشعوذة
بس سيبك من موضوع الفقر عشان كلنا دلوقت على باب الله، وخليني اسألك سؤال محرج شوية، شيلت مادة قبل كده؟ عادي أكيد كنت محسود، طب اتأخرتِ في جوازك؟ لأ أكيد معمولك عمل!
لو عندك أي مشكلة متترددش كلم الشيخة فلانة الفلانية لجلب الحبيب وأكل الزبيب على طول!
تقريبا كده خمنا إيه الحاجز التالت: هو الاعتماد على الدجل والشعوذة.
والإحصائيات بتقول إن فيه ربع مليون مشعوذ في الوطن العربي، وإن العرب بيصرفوا حوالي 5 مليار دولار سنويا على أمور السحر!
وعامةً الدجل والشعوذة مش ظاهرة جديدة دي موجودة من زمان في إفريقيا، وفي العصور الوسطى في أوروبا.
- بس على فكرة المشعوذين مهمين في حاجات، زي لو حد عنده مس شيطاني.
هقولك لأ يا صاحبي، أعراض المس الشيطاني المتعارف عليها أغلبها بتصنف طبيا تحت مرض نفسي اسمه الشيزوفرينيا، وبتتعالج كمرض نفسي.
- هتقولي بس على فكرة أخو جوز بنت خالة أمي الأعراض عنده خفت بعد ما راح لمشعوذ !
هقولك والله وارد، لكنه غالبا خف تحت تأثير حاجة اسمها " البلاسيبو placebo"، يعني العلاج بالوهم، لو صاحب المرض صدق إنه هيخف بسبب حجاب معمول من رجل سلمندر أعزب وريشة نعامة، فهو هيخف فعلا!
- طب ليه الناس بتروح لمشعوذين؟
ببساطة عشان أريح نفسيا، ويعتبر مبرر مقنع ورا أي فشل بدل الأسباب الحقيقة زي الكسل أو قلة المعرفة.
وصدقني يا صديقي الإيمان بالله، والأخذ بالأسباب بيشفي المرض فعلا، وعمرنا ما شوفنا مشعوذ نفع نفسه وبقى مثلا أقوى وأغنى رجل في العالم يعني؟! :D
الفرد والآخرين
نيجي بقى للحاجز الرابع، وليه علاقة بمفهومين منتشرين في ثقافة المجتمع العربي.
أول مفهوم منهم هو إن النجاح بيتحقق عن طريق الفرد -وهنسميه نموذج البطل المغوار- اللى الناس بتمشي وراه، متجاهلين فكرة العمل الجماعي، وده بنشوفه في الأعمال الفنية، فمثلا سلسلة روايات الرجل المستحيل اللي بتقوم على البطولة الفردية لأدهم صبري كان ليها شعبية أكتر من سلسلة ملف المستقبل اللي بتقوم على العمل الجماعي لفريق المخابرات العلمية، رغم إن كاتبهم واحد.
غير القصص الشعبية زي علي بابا والأربعين حرامي.
ونفس المفهوم كان منتشر في الروايات والقصص الأجنبية، زي قصة zoro، وروبن هود، لكن الفكرة دي اتغيرت عندهم وبقى الأدب الحديث بيعتمد على البطولة الجماعية زي مسلسل سلاحف النينجا و The Incredibles.
وبالنسبة لتاني مفهوم، وهو رأينا عن غيرنا سواء من الأشخاص أو المجتمعات، فالأغلب بيكون يأما خوف أو كره أو عدم تقبل، وده نتيجة قلة المعلومات اللي عندنا، فعقلنا بيكمل المعلومات الناقصة عنه على شكل أساطير عن حياتهم ونواياهم، وبيخلينا ممكن نصدق أي حاجة عنهم زي إنهم بيتآمروا ضدنا طول الوقت.
وفي الحقيقة الإنسان عدو ما جهل، والأمور قبل ما نعرفها ممكن تكون حمادة وبعد ما نفهمها حمادة تاني خالص، فمثلا كلمة الغرب مفهومها عندنا الخواجة اللي جاي من أمريكا أو فرنسا أو إيطاليا وغيرهم، وكلهم زي بعض، ولكن الحقيقة هما مختلفين عن بعض من حيث اللغة والطباع.
وإحنا محتاجين نفهم ونتقبل غيرنا عشان نقدر نتعامل معاه، ومش القصد هنا بتقبل الآخر هو إنك توافق على رأيه أو فعله، لكن القصد إنك تتفهم وجهة نظره.
- هتقولي طيب إزاي أقدر أفهم غيري؟
ببساطة حاول متاخدش المواقف من منظورك بس، بل تاخده من 3 أبعاد، يعني تخيل إنك راجع من الشغل وزوجتك لسة محضرتش الغدا، وجهة نظرك أنها غلطانة، لكن لو حطيت نفسك مكانها، هتلاقي إنها كانت مرهقة طول اليوم وشايفاك مش بتقدر مجهودها، وبعد كده خد الموقف كأنك واحد تالت مالهوش دعوة بحاجة أساسا بس شاف الموقف وقال ياه زوجين بيتعاركوا، المفروض يحلوا مشاكلهم بسلاسة أكتر.
تحديد الأهداف
الكاتب بقى بيقولك إن الحاجز الخامس هو إن الناس معندهاش أحلام وأهداف محددة، وأنا بقى اختلف معاه في دي، لأن لما كان هو بيكتب عن إن الناس معندهاش أحلام أنا كنت طفل بيحلم إنه يكون رائد فضاء .. وحاليا كبرت أهو وعايش بلا هدف، فلو تعرف تقولي إزاي يبقى عندي أهداف أكون شاكر جدا..
وواضح إن الراجل كان معاه حق بصراحة، لكنه بيقولك بقى إنه عشان نقدر نحدد أهدافنا بطريقة بيرفيكتو هنعدي على مرحلتين، بس الأول هات ورقة وقلم، ويلا بينا:
المرحلة الأولى هي تحديد الأحلام:
وفيه 5 طرق مختلفة تساعدك في النقطة دي:
1- أول طريقة: تخيل إنك لقيت مصباح علاء الدين، ومتاح إنك تتمنى عدد لا نهائي من الأمنيات مش تلاتة بس، اكتب كل اللي جه في بالك.
2- تاني طريقة: فكر في مثلك الأعلى وحاول تكتب الأسباب اللي وصلته للنجاح لدرجة إنه بقى مثلك الأعلى.
3- تالت طريقة: تتخيل لو مفيش فشل في العالم؟ واكتب كل اللي هتقدر تعمله وأنت حاليا ضامن النجاح.
4- رابع طريقة، تخيل إنك مت! إيه النعي اللي تحب يتكتب عنك، سواء إنجازاتك أو الناس اللي أثرت فيهم؟
- آخر طريقة: اكتب سيناريو عن فيلم قصير لحياة شخص ناجح شبهك بالظبط، ويا سلام لو خليت نفسك البطل أصلا، اكتب كل الأحداث والتفاصيل.
وبعد كده هندخل على المرحلة التانية وهي تحويل الأحلام لأهداف:
وخلي معاك الورقة والقلم عشان لسة محتاجينهم.
في المرحلة دي هنطبق تكنيك SMART، وهو ببساطة اختصار لكلمات انجليزية بتجمع الصفات اللي مهم تتوفر في الأهداف، وعن طريقها هنعرف إيه هي الأحلام اللي قابلة للتحقيق.
- وأول كلمة هي Specific
يعني خلي هدفك مُحدد ومش عايم، يعني مثلا متخليش هدفك إن تاخد مرتب كبير، طب أمتى أقدر أقول على المرتب كبير؟ فممكن تخلي هدفك إنك تاخد مرتب كبير يكفي احتياجاتك.
- وتاني كلمة هي Measurable
وهي إنك تخلي هدفك قابل للقياس وملموس، زي إنك تحدد الرقم اللي عايز مرتبك يوصل ليه.
- أما تالت كلمة فهي Ambitious
بمعنى خليك طموح في هدفك، مثلا حدد إن مرتبك يبقى بدولار، وتبقى ملك العالم!
- الكلمة الرابعة بقى Realistic
بحيث تخلي طموحك واقعي برضو، يعني عادي خلي مرتبك بالدولار، وتكون مدير للشركة بس.
- آخر كلمة بقى هي Timed
وهي إنك تحط حدود زمنية لهدفك، فمثلا هدفي إن مرتبي يكون عشرتاشر دولار، وأكون مدير للشركة في 3 سنين مثلا.
تحقيق الأهداف
طب الحمدلله حددنا أهدافنا، نحققها إزاي بقى؟ يمكن مرتبنا يبقى بالدولار فعلا :)
طيب خلينا نمشي مع مراحل دورة تحقيق الأهداف..
واللي بتتكون من أربع عناصر أساسية
- أول عنصر فيها هو جمع المعلومات:
بحيث تعرف كل حاجة عن هدفك، وممكن تستعين بناس حققوا الهدف فعلا، و تسألهم إزاي حققوه، وإيه المشاكل اللي قابلتهم، وإيه أفضل طريقة تبدأ بيها.
- ثاني عنصر هو إنك ترتبط بالهدف، وتفكر فيه دايما، وتتخيل نفسك حققته وتحس بمشاعر لحظة تحقيقه، وكمان تدعي وتثق إن ربنا هيوفقك لتحقيقه.
- وتالت عنصر هو إنك تحط خطة للتنفيذ، وتخليها واضحة وفيها طريقة الوصول للهدف، وطرق بديلة كمان.
- وآخر عنصر هو الالتزام، والعنصر ده مهم جدا عشان متفقدش الشغف في نص الطريق.
- طب لو فقدت الشغف تعمل إيه؟
حاول تحط أكتر من دافع مش بيعتمدوا على حماسك بس، ممكن تطلب من صديق أو حد قريب منك إنه يتابعك ويشوف مثلا إنجازاتك الأسبوع ده.
وممكن تخلي أهدافك مكتوبة على نتيجة متقسمة لشهور أو تستخدم Google Calendar، بحيث تتابع إنجازك يوميا لمدة شهر.
- طب الدنيا عمرها ما كانت وردي، وأكيد هواجه صعوبات أو حواجز تانية تعطلني..
حصل يا صاحبي، وأنا جايلك من المستقبل وهقولك عن شوية مشاكل ممكن تقابلها:
- أولها التسويف، وبكرة إن شاء الله هكسر الدنيا، صدقني أحسن وقت تبدأ فيه أي حاجة هو دلوقتي.
- ومن أسباب التسويف وهو المشكلة التانية في نفس الوقت: الخوف، سواء خوف من الفشل، أو الخوف من النجاح ومن تغير الحال لحاجة مجهولة، والخوف ده بيحرمنا من الفرص وبيمنعنا نتقدم.
- وتالت مشكلة ممكن تقابلك هي عدم تنظيم الوقت، وده ممكن تظبطه بترتيب أولوياتك وهيساعدك إنك تصنفها في جدول مكون من أربع خانات:
أول خانة هي مهم وعاجل، وتاني خانة مهم وغير عاجل، وتالت خانة مش مهم وعاجل، وآخر خانة مش مهم ومش عاجل.
- نيجي بقى لآخر مشكلة، وهي الأفكار السلبية زي أنا العالم كله ضدي، وأنا نصيبي من يوم ما اتولدت إني أفشل، حظي يحزن بس معلش هي دي عيشتي وهو ده حالي، مفيش حاجة في إيدي أعملها.
بس خلينا نسأل هل فعلا مفيش في إيدك حاجة تعملها؟
والصراحة المشكلة دي تعتبر الحاجز السادس والأخير معانا النهاردة، وهي الفهم الخاطئ للقضاء والقدر.
القضاء والقدر
الفهم الغلط ده بيخلينا نتعامل مع الأمور بعقلية إحنا مش في إيدينا حاجة، كل حاجة كانت متحددة قبل كده، فنكسل ومنعملش حاجة فعلا!
وده يعتبر نفس تفكير البعض في أوروبا في العصور الوسطى، وقت ما انتشر الطاعون، ففيه ناس اتصابوا ورفضوا ياخدوا العلاج، عشان ميكونش اعترضوا على مشيئة الله!
الحقيقة إن اختياراتنا في الحياة إحنا المسئولين عنها، وهي اللى بتشكل مصيرنا بمشيئة الله، وفكرة القضاء هنا هي معرفة الله سبحانه وتعالى باختياراتنا مسبقا، وده بيدينا نوع من الإطمئنان لأن كل شيء مقدر بعلمه، لكن لو استسلمنا للمفهوم الخطأ وللظروف هنبقى شبه الريشة في مهب الريح، ففي النهاية الإنسان هو اللي بيختار لنفسه السعي ولا الفشل، الجنة أو النار.
الخاتمة
وبكده نكون اتكلمنا عن أغلب الحواجز الموجودة في عقليتنا، وحاولنا نتخلص منها، بحيث نتعامل مع الحياة بعقل جديد قادر يبتكر ويبدع ويتطور، وعرفنا ازاي نحدد أهدافنا، ونحققها، ونهد الحواجز اللي ممكن تعطلنا..
ممكن يكون في حواجز تانية متكلمناش عنها، أو حواجز تانية جواك، شاركها معانا في كومنت وقولنا إزاي واجهتها وعرفت تتغلب عليها، وإيه الحواجز التانية اللي محتاجين نهدها؟
وبس كده ..سلام