مُت فارغًا

Book-Cover

المقدمة

لو أني سألتك ما أغلى الأماكن الموجودة على الأرض؟

الأراضي المليئة بمناجم الذهب والألماس والمعادن؟

أم الأراضي الغنية بالنفط؟

أم الأماكن الزاخرة بالآثار والأحجار الكريمة..

هل أخبرك بشيء صادم؟ 

المقابر هي أغلى الأماكن الموجودة على الأرض.. أتعرف السبب؟ لأن الإنسان نفسه الذي يصنع الثروات هو الموجود بها.

تخيلوا كم من اختراع لم ير النور في هذه؟ كم رواية لم تكتب؟ وكم كتابًا كان من الممكن أن يصنع ثورة معرفية ويغير تفكير الناس؟ كم اكتشافًا كان من الممكن أن يغير مصير البشرية كلها؟ كم فكرة حبست في دماغ شخص ولم تخرج؟

تخيل يا صديقي لو أن شخصًا عظيمًا كأحمد زويل مات دون أن تخرج أفكاره وأعماله الجميلة إلى النور، أو أن شخصًا كنيوتن مات دون أن يكتشف الجاذبية، تخيل كم النظريات العلمية التي لم نكن لنعرفها وكم الاختراعات التي لم تكن لتظهر، تخيل لو مات كل هؤلاء دون أن يخرجوا أحسن ما فيهم، كيف كان حالنا سيكون؟

صديقي الإنسان، هل راقبت الناس حولك من قبل وسألت نفسك: هل فلان الذي يعيش حياته بين الورق والروتين اليومي كان يحلم أن يصبح في هذه؟ هل حياتك الآن كانت حلمك قديمًا أم أن طموحك كان أكبر من ذلك؟ 

 هل تشعر بأنه ما زال لديك ما تقدمه لكن تنقصك الفرصة؟ هل توجد طريقة لتغيير حياتك ومنحها معنى كالذي كنت تحلم به؟

حلقة اليوم ستجيبك عن كل هذه التساؤلات، وستقول لك كيف تخرج أحسن ما فيك، وكيف يمكن ألا تموت وأنت قادر على تقديم شيء ما.. وهذا بناء على كتاب (مُت فارغًا) لـ تود هنري، تستطيع سماع وقراءة ملخصه في 15 دقيقة على تطبيق أخضر.. وبالمناسبة، لقد طورنا لك التطبيق كي تستطيع الاستمتاع بتجربة أكثر متعة وراحة.. نزّل التطبيق وأخبرنا رأيك في التحديث الجديد.

تعال لنرى ما يقوله تود هنري.. 

كانت هناك فتاة فقدت شخصًا عزيزًا عليها، وبدأت تواجه مشكلات وجودية وتقول لماذا نعيش أصلًا؟ وما الغرض من الحياة؟ وعندها كتبت على سبورة كبيرة في الشارع "قبل أن أموت أريد أن…." وتركت أقلامًا كثيرة للناس، وبالفعل تفاعل الناس مع هذه الجملة، وكتب كل منهم ماذا يريد أن يفعل قبل أن يموت، وأي شيء يمثل الوصول إليه الحياة بالنسبة إليه، وهنا جمعت الفتاة أفكارًا جميلة عن معنى الحياة، وهذه هي فكرتنا الرئيسة اليوم.. إننا مع الأسف نعيش الحياة بعشوائية.. وليحدث ما يحدث!

وهذه مشكلة البشرية..  

تخيل لو أن حياتك ستنتهي اليوم.. ما الذي سترغب في فعله؟ مشكلتنا الكبيرة أننا نقول دائمًا هناك "غدًا": سأعمل عندما أستيقظ، سأذهب إلى الجيم من الشهر القادم، سأصالح أهلي وأصحابي في يوم من الأيام، بالتأكيد سيأتي يوم وأصنع إنجازًا كبيرًا، دائمًا ما ننسى الحاضر و مطمئنين إلى أن هناك غدًا، لذا فنحن لا نفعل شيئًا.

فنحن نستمر في تضييع الفرص إلى أن تنتهي أعمارنا، ثم نتفاجأ في نهاية الرحلة أننا لم ننجز شيئًا!

ما الحل إذًا في هذا التسويف؟

الحل ببساطة أن تعتبر اليوم آخر يوم لك، وتفعل الأشياء التي ترغب ألا تموت إلا وقد حققتها، لا تفكر في الغد، عش كل يوم كأنه آخر يوم.

لكن انتبه..

ما لا تعنيه جملة "مت فارغًا"

ليس معنى كلامي أن تستهلك نفسك في العمل، ولا معناه أن تستمع للمديرين المستغلين.. هذه مشكلة أخرى يا صديقي وستصبح كاروشي جديدًا، ألم نتكلم عن كاروشي من قبل؟ عُد لملخص كتاب (في مديح البطء) على تطبيق أخضر وستذكر ما حكيته لك من قبل..

- وبالطبع ليس معنى قولي "عش يومك كأنه آخر يوم" ألا تنتبه لنتائج أفعالك وألا تهتم لتأثير أفعالك في حياة الآخرين وأن بيدك أن تسهل لهم الحياة وبيدك أن تجعلها لا تطاق!

- وبالتأكيد لا يجب أن تعيش آخر يوم لك في نزواتك وتخيب ظن الناس التي تنتظر منك نتيجة جيدة، سواء في عمل أو علم أو حتى علاقات إنسانية.

ما تعنيه جملة "مت فارغًا"

بينما ما يجب أن تفهمه جيدًا:

- أن معنى جملة مت فارغًا أن أيامك معدودة وستنتهي فجأة، وإن الطريقة اللي تؤدي بها عملك هي غالبًا طريقتك في كل ممارسات حياتك، فلو كنت مهملًا في عملك وتسوفه، فمعنى هذا أن حياتك وعلاقاتك كلها مليئة بالإهمال والتسويف، ولو كنت منتجًا وتحاول التطور كل يوم، فغالبًا حياتك كلها بهذا الشكل.

- إن لديك شيئًا مميزًا في عملك لا يستطيع غيرك فعله مثلك، لديك شغف وموهبة ولمسة خاصة تجعل أي شيء تفعله مميزًا، ولو تكاسلت في أداء عملك فإن ثمن الندم سيكون كبيرًا ولن تقدر عليه.

- في ثقافتنا الحالية هناك تركيز مفرط على حب الشهرة والتلميع، فتجد الكثيرين لا يفعلون شيئًا إلا السعي للوصول إلى هذه الامتيازات، لكن اعلم أن هناك من يعملون في الظلام ولا يعرف عنهم أحد شيئًا، ويقدمون إنجازات ويتركون أثرًا أفضل من كثير من المشهورين، فالأفضل لك لو كنت تريد الإنجاز ألا تضع الشهرة وإعجاب الناس هدفًا رئيسًا في حياتك، لأن تركيزك كله غالبًا سيكون من أجل هذا الهدف وستموت دون أن تفعل شيئًا صادقًا وحقيقيًّا.

- انتبه من "أصفاد الذهب"، ماذا تعني؟ إنها كل ما يقيدك ويوقف حركتك تمامًا ويعميك بالرفاهية الكاذبة، مثل أغلب المؤسسات الآن، ستقدم لك راتبًا مستقرًّا نوعًا ما، ولقبًا وظيفيًّا جيدًا، ويقولون لك هذه هي حياتك، لا تتطور في عملك ولا حياتك ولا تفعل شيئًا سوى الروتين الذي نطلبه منك، لا فرصة للإبداع أو الخروج خارج منطقة الأمان، ومع الأسف، حب الراحة هو عدو العظمة، فلا ينبغي أن تجعل الراحة هدفك الرئيس رغم أنها مطلوبة كهدف ثانوي وحق للنفس، إلا أن الأعمال العظيمة تحتاج إلى إقدام

- تذكر أن كل القوى الكبيرة تريد منك أن تبقى متوسطًا في كل شيء، هناك الكثيرون ممن لا يريدون منك أن تفعل شيئًا عظيمًا، لأن ذلك يضع على عواتقهم حمل أنهم لا بد أن يكونوا مثلك، أو أن يحققوا نجاحًا على الأقل، فمن الطبيعي أن تجد المحبطين كثيرين، وأن تجد صعوبة في كل خطوة، ولكن اعلم أنه لو كان إحداث تغيير جوهري أو نجاح أو أي عمل عظيم سهلًا، لكان كل الناس ناجحين، فالنجاح عزيز ولا يناله إلا من يتعب.

- لا تحاول أن تكسب عملك وعلاقاتك بالنفاق والتلون، اجعل مبادئك تتحدث عنك، لا تكن مرآة تعكس أولويات الآخرين بكل سلبية، واجعل ضميرك هو المتحكم الأول في أفعالك.

- لا يولد أحد وهو يعرف الهدف من حياته، فلا أحد يملك لافتة مكتوب عليها فلان هذا سيكون طبيبًا ناجحًا ويساعد المرضى، ولا فلان هذا مطلوب منه أن يفعل كذا في حياته، لا أحد يحدد لنا هذه الأمور، بل أنت من يجب أن تتعب حتى تصل إلى الرسالة التي يجب أن توصلها إلى الناس، كي تجد الهدف الذي تعيش من أجل تحقيقه، وكلها أمور تتضح مع الطريق، مع كل شيء تتعلمه وكل شخص تعرفه وكل عمل تؤديه سكتشف لماذا أنت هنا وما الذي ينبغي أن تحققه قبل الرحيل.

السعي إلى الكمال

ستيف جوبز المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة آبل كان يسأل نفسه كل يوم سؤالًا: لو أن هذا آخر يوم في حياتي هل كنت سأفعل ما أفعله كل يوم؟ وكانت الإجابة دائمًا لا! لا أريد أن يكون آخر شيء أفعله في حياتي هو هذه الأعمال العبثية.

لذا لا بد أن نضع الموت أمامنا دائمًا، هو الأداة التي ستساعدنا على اتخاذ قرارات في حياتنا، لأن الأشياء التي تعيق تقدمنا في الحياة هي الخوف من الفشل والإحراج أو الغرور، وكلها أشياء تتلاشى أمام فكرة الموت، ويتلاشى معها إحساس أن لديك ما تخسره.

لا بد أن نتحرى الاجتهاد في أعمالنا كلها، ومعنى الاجتهاد أن تؤدي عملك بأسلوب لن تندم عليه فيما بعد، وأحد أكبر فوائد الاجتهاد أنه يفرغ كل ما بداخلك ومع الوقت تشعر أن القيمة الفريدة التي أتيت الحياة كي تقدمها قد أصبحت واضحة قدامك.

يسألني أحدهم أليس من الأنانية أن أبحث عن المثل العليا وتحقيق ذاتي، وألا أكون راضيًا بروتين العمل في وسط مجتمع لا يجد عملًا؟

أقول له بالطبع لا، هذه ليست أنانية، لأن المشكلات الكبيرة في الحياة لن يحلها أناس يعملون بنصف طاقاتهم، وعلى قدر التغيير والأثر الذي ترغب في إحداثه في الحياة لا بد أن تبذل مجهودًا.

الفكرة كلها أننا جميعًا في مرحلة الشباب يكون بداخلنا طموح وحماس كبيرين، ونريد أن نفعل كثيرًا من الأشياء ولدينا أهداف كبيرة، نجد وظيفة براتب مناسب، مما يجعلنا في حالة من الركود، ونشعر أن هذه هي الحياة، لا نريد تغيير شيء ولا السعي لشيء، فتشعر أن روتين الحياة العادية يقتل الطموح والأفكار ويجعلك تعيش الأمس مثل اليوم دون أبداع أو سعي للتغيير.

تسألني وتقول لي: هل معنى كلامك أنك تدعو الناس ليكونوا جميعًا خارقين وأبطالًا ويتركوا أثرًا؟ لا يجب أن يعيش أحد حياة روتينية عادية؟

أقول لك لا ياصاحبي، ليس هذا معنى كلامي، بل بالعكس، ستجد أننا في حلقات كثيرة نقول إن كونك عاديًّا تفعل أمورًا صحيحة دون أي شيء خارق للطبيعة، تأكل وتشرب وتذهب إلى عملك ومرتاح في علاقاتك وتعود للنوم، ولا تقدم اختراعات ولن تنال جائزة نوبل في يوم من الأيام، لكنك تسير أمورك كل هذا قمة التميز.

فلا أريد منك أن تشعر بضغط لو كان هذا هو المتاح أمامك وهذه هي قدراتك، لكن قدراتنا متفاوتة، ولو كنا عاديين وراضين، فهناك غيرنا غير عاديين وبداخلهم طاقات جبارة وذكاء لو استغلوه سيفيدوا البشرية كلها، وكلامي موجه إليهم، أن يستغلوا قدراتهم ويتموا رسالتهم على الأرض قبل أن يموتوا.

وربما يكون أغلبنا ناسًا عاديين غير مطالبين بعمل تأثير فظيع في الأرض، لكن كل واحد منا يستطيع أن يترك ولو أثرًا طيبًا في شخص غيره أو أن يعلم شخصًا شيئًا.

أما بالنسبة إلى أصحاب القدرات العالية، فلا بد أن يسأل كل واحد نفسه عن القدرات التي يمتلكها، هل استغلها في خير أم شر؟ هل استغلها أصلًا أم تركها؟ومات بها!

تخيل يا صديقي لو أن طبيبًا بخل بعلمه على المرضى.. كم مريضًا تدهورت صحته بسببه؟ وكم طبيبًا غيره كان سببًا في شفاء مرضى كثيرين وتغيير حياتهم.

كم أستاذًا جامعيًّا رفض إعطاء الطلاب المعلومات كاملة بحجة أنه تعب في معرفتها، وعلم تلاميذه هذه الخصلة السيئة جعلهم يبخلون بالمساعدة والعلم على زملائهم؟ كم مرة رفض شخص يسبقك في العمل مساعدتك بحجة "هل تريد معرفة ما تعلمته أنا في سنين في ثوانٍ؟" تخيل أن هؤلاء سيموتون وهم يكتمون الخير بداخلهم، فيم سينفعهم هذا الخير؟ فيم سينفعك الحب الذي تكتمه بدلًا من منحه لصديقك الذي تقاطعه؟ أو المرّة التي تكبرت فيها ولم تسأله عن سبب  حزنه منك؟ 

الخروج من منطقة الراحة

لكننا نحب الراحة، وأي شيء نشعر أنه سيشغل تفكيرنا أو يأخذ مجهودًا ولو بسيطًا نصرفه بعيدًا.. حتى لو كانت نتائج هذا المجهود البسيط عظيمة في ما بعد. 

الكاتب يقول لنا إن هناك دراسة قد أجريت على مجموعة كبيرة من الموظفين، فسألوهم أتحبون أن تكونوا أشخاصًا مبدعين في عملكم وفخورين بما تعملون، أو أن تنهوا أعمالكم اليوم بسرعة وتغادروا؟ وكانت أغلب الإجابات "نننهي العمل باكرًا ونغادر" وقليلون من اختاروا الإبداع، وهذا مع الأسف نابع من ضغط العمل، فالناس يفكرون في إنجاز عمل اليوم ثم نفكر في الإبداع غدًا، لكن المشكلة أنك ستظل في هذه الدائرة كل يوم ولن تطور من نفسك ولن تتعلم شيئًا جديدًا أو تخرج الأفكار الجيدة بداخلك، وستفاجأ متأخرًا أنك أصبحت عالقًا في هذه الدوامة، وستشعر بالقهر لأنك تعرف أنه كان بإمكانك فعل المزيد!

يمكن تلخيص الأمر كله في أن تلغي الأمور التي ربما تكون روتينية وتهدم قدرتك على الإبداع، وتحاول أن تبني عادات أخرى مفيدة تشجعك على إخراج أفضل ما فيك، وهو ما سيتم بالتخطيط ثم الإقدام على الفعل الذي يحتاج إلى عزيمة ومتابعة، ثم التفاعل مع من حولك لأنك من دون تفاعل ستكون مثل الآلة، وتذكر يا صديقي أن تستغل الممكن لأنه من المحتمل ألا يكون متاحًا غدًا! ومن المحتمل ألا يكون هناك غد أصلًا.

- ولا بد أن تجد هدفك وتجعله واضحًا أمامك كل لا يتحول مجهودك إلى "كفاءة دون فاعلية" أو كفاءة دون هدف،كمن يحقق نجاحًا بعشوائية ولا يعرف ما الخطوة القادمة أو إلى أين يذهب الآن، أو أين يصب هذا النجاح؟

وفي النهاية..

الموت يأتي فجأة، ولا يعرف أحد موعده، فعش كل يوم كأنه الأخير، ولا تستقبل رسالة الموت بسلبية وتوقف حياتك، يجب أن يجعلك استحضار فكرة الموت تعيش حياتك بأقصى قدر ممكن، وفكر اليوم قبل أن تنام.. هل أنت راضٍ عن نفسك؟ هل بداخلك مشاعر امتنان أو أسف أو حب لم يذهبوا إلى أصحابهم؟ هل كنت ستنام وأنت راضٍ عن مجهودك اليوم أم تشعر بأنه كان من الممكن أن يكون هناك أفضل وأنك قصرت؟

 وتخيل لو عرفت أنك ستموت في ميعاد معين.. هل ستكتب "قبل أن أموت أريد أن…"؟

أكمل وأخبرنا في التعليقات.. 

 

سلام