لا تستطيع إفساد يومي
مقدمة
هذا واينشتين، وهذه زوجته جينين، هو متحدث معروف، وهي مؤلفة ناجحة، كانت حياتهما مستقرة إلى اللحظة التي خسرا فيها كل شيء، خسرا كل أموالهما اللي جمعاها في 30 سنة، نحو مليون دولار في يوم واحد في عملية احتيال.
من بعد المصيبة التي حصلت شعر الزوجان أنهما خسرا كل شيء في حياتهما وبدأت علاقتهما في التوتر، ولم يستطيعا التكيف مع البدء من جديد بعد الوصول لهذا العمر وبعد هذه الخسارة التي قسمت ظهريهما، وانهار كل شيء.
ثانية واحدة.. ليس هذا ما حدث، الحقيقة أن الزوجين استطاعا تجاوز الصدمة والبدء من جديد، حتى إن جينين ألفت كتابًا بعدها عن تجربتهما سمته lost and found وحكت عن أنهما خسرا أموالهما لكن كانت لديهما نِعم أخرى، كانا يتنفسان، يبصران الجمال حولهما، ويتمتعان بالصحة، وكان من كلام واينشتين "نعم لقد سرق "مادوف" مالنا، إلا أن الحرص على ألا يسرق ما تبقى من حياتنا كان أمرًا عائدًا إلينا".
الفرق بين السيناريو الأول والتاني في هذه الجملة الأخيرة، في الاختيار الذي اختاراه بألا يفسدا ما تبقى من حياتهما، و يتمسكا بما يملكانه بالفعل.
خلال كل الظروف والمواقف الصعبة التي نتعرض لها، ربما لم يكن في استطاعتنا أن نختار ألا تحدث، لكن في استطاعتنا أن نختار كيف نتعامل مع حدوثها، لكن ولأن الأمر ليس بهذه السهولة على كل حال، يضع لنا كتاب اليوم "لا تستطيع إفساد يومي" طرقًا نتعامل بها مع مشكلات الحياة وكيف نتجاوزها دون أن نسمح لها أن تفسد باقي حياتنا، ويمكنك أن تفعل ذلك من خلال ملخصات كتب تطبيق أخضر في قسم النمو الشخصي، اسمعها واقرأها وحملها دون إعلانات..
استيقظ
لنبدأ في آليات الحفاظ على حياتنا من أن يفسدها شيء..
تصحيح القصة
ونبدأ بقصة محمد ومحمدين، وهما صديقان، رسبا في السنة الأولى بالكلية وأعاداها مرة أخرى، وكانا يواجهان صعوبة كبيرة في التحصيل في الجامعة، محمد كان كلامه "إن أغلب الناس يواجهون صعوبة في بداية الحياة الجامعية"، أما محمدين فكان كلامه كله عن "أنه فاشل".. في ظنك من منهما قد نجح في هذه السنة ومن الذي رفد من الجامعة؟!
نعم بالضبط.. نجح محمد، ومحمدين لم يكمل، الفارق الذي حصل كان في اختلاف القصة التي حكاها كل منهما عن الموقف، على الرغم من أن الموقف واحد، وهذا تكنيك يسميه الطبيب النفسي تيمون ويلسون "تصحيح القصة"، ويقول إن تغييرًا بسيطًا تصنعه على قصتك الشخصية يمكن أن يغير حياتك تماًما..
وإنك حتى لو كانت طفولتك صعبة أو خسرت وظيفتك مثلًا، تستطيع أن تتجاوز كل هذه الأحداث من خلال إعادة روايتها بشكل مختلف، لأن محاولة فهم الأحداث السيئة مؤلمة، وأسئلة مثل: لماذا حدث لي هذا؟ أو لماذا خيبت ظنهم؟ أو أو… تكون مستنزفة ذهنيًّا وعاطفًّيا..
وهو ما كان مثالًا حيًّا عليه مدرب اليوغا الذي توفيت زوجته بمرض صعب، والذي يقول كيف انتبه لأنه يحكي نفس الحكاية لسنوات وفي كل مرة يزداد ألمه، ورغم أن القصة كانت حقيقية فقد كانت تعزز مأساوية الأمر كله بدلًا من مساعدته على التجاوز، وقال إن القصة عمقت شعوره بأنه ضحية في كل مرة يحكيها، لدرجة أنه أصبح يحدد هويته من خلال صراعه ذاك، وأدرك أخيرًا أنه لن يكون قادرًا على أن يكمل إلا لو توقف الألم، وأن القصة لا بد أن تتغير.. على الأقل لا بد أن يتغير المنظور الذي يرويها منه..
ومن وقتها كلما روى قصته أصبح يركز على جانب الحب في القصة، والمرونة التي تعامل بها ومقدار عطاء الحياة له، وبدأ عندها يرى إلى أي مدى الحياة ثمينة ورائعة، وعندها فقط تجاوز فَقْد زوجته، وعاش ممتنًّا للفترة التي قضاها معها..
ابحث عن الخبر الجيد
وهذا يأخذنا إلى آلية أخرى مهمة وهي البحث على الخبر الجيد في أي شيء، مثلًا طردك من العمل خبر سيئ لكنه يمكن أن يكون فرصتك للبحث عن وظيفة أفضل، وهذا ليس معناه إنكار الألم والحزن، ولكن معناه عدم السماح للأمور الصعبة أن تمنعك رؤية باقي النعم والأمور الإيجابية في حياتك.
وهنا يستشهد المؤلف بمدوّنة تشارك لحظة سرور كل يوم، حتى لو بسيطة جدًّا، تخيل حتى أنها في أثناء وفاة والدتها وجدت شيئًا طيبًا تشاركه! وهو شعورها بحب المحيطين لها وهم يشاركونها حزنها.. فحتى في الأوقات الصعبة سجد لحظات ثمينة ونعمًا تستحق أن تمتن لها.
كن ممتنًّا
والحقيقة أننا عندما نرغب في ما لا نملك فإننا نهدر ما نملكه بالفعل، فلو أردت نِعمًا أكثر في حياتك لا بد أن تكون ممتنًّا لما تملكه أصلًا، لذا أحضر مفكرة واكتب فيها كل يوم شيئًا واحدًا أنت ممتن لوجوده في حياتك، واحرص على عدم التكرار، وفكر دائمًا في إيجاد أشياء جديدة طوال الوقت.
اجعل منظورك محايدًا
وهناك قصة عن فلاح هرب حصانه فقال له الناس يا له من حظ سيئ! فقال لهم سوف نرى، وفي اليوم التالي عاد الحصان ومعه حصانان آخران من البرية، فقال له الناس يا له من حظ جيد! قال لهم سوف نرى، وفي اليوم التالي ركب ابنه حصانًا غير مُروّض فوقع وكُسر، فقالوا له يا له من حظ سيئ! فقال سوف نرى، وفي اليوم التالي جاء العساكر ليأخذوا الشباب للتطوع في الحرب، فتركوا الولد المكسور فبارك الناس له على هذه النهاية السعيدة.. فماذا قال؟! سوف نرى. ^^
وهنا يقول الكاتب اجعل منظورك محايدًا، لأن بعض الناس يعيشون حياتهم في دور الضحية ويشعرون أن الكوكب يتآمر عليهم وأن الحياة تقصد أذاهم، والناس يكرهونهم، توقف عن هذا أولًا لأنه لا أحد يراك أصلًا :D، ثانيًا لأنك تحصر نفسك في نظرة سلبية ضيقة، في حين أن تدبير الكون أوسع بكثير.
قيم المعنى
الآلية التالية للحفاظ على يومك هي تقييم المعنى، بعد أن عرفنا قصة محمد وحمادة في البداية دعنا نعرف قصة حمدي و حمدين، وهما جاران، تحدث معهما جارهما الثالث بشكل غير لائق، تغاضى حمدي عن الموقف وقرر أنه غير مهم لدرجة شغل حيز في حياته، أما حمدين فأخذ الأمر على كرامته وأعصابه وكيف له أن يفعل ذلك، أنا لا أستحق هذه المعاملة، من تختار أن تكون؟
الفكرة أن الأمور السيئة تحدث في كل الأحوال، لكن أنت من يعطي لكل موقف وزنه وتضيف عليه المعنى والأهمية.
لذا في حال ضايقك أحدهم أو وجدت نفسك على وشك الدخول في جدال، اسأل نفسك هل تريد أن تكون على حق أو تكون سعيدًا؟ أنا لو في مكانك سأختار السلام النفسي وأن أكون سعيدًا.
وإذا حدث شيء سخيف اسأل نفسك ماذا سيكون موقع الموقف الذي سأسمح له بإفساد يومي بعد خمس دقائق؟ أو خمسة شهور أو خمس سنوات، عندها سترى الأمر غالبًا من منظور مختلف وستراه في حجمه الحقيقي.
تقبل الأمور كما هي
الآلية التالية كي تعيش يومًا جميلًا هي تقبل الأمور كما هي، يحكي المؤلف أنه كان دائم الشجار مع والده على شيء معين يرى أنه يفعله بطريقة خاطئة، وكان هذا يفسد ما بينه وبين والده، إلى أن سلّم أنه لا يمكنه تغييره وتراجع خطوة وتقبله كما هو، بدأت وقتها علاقتهما بالتحسن وبدأ يضحك على الأمر الذي كان مُصرًّا على تغييره في والده.. وهذه قاعدة مهمة أن تتقبل عدم قدرتك على تغيير الآخرين، وتتقبل الناس والأشياء على ما هم عليه وليس على رغبتك أنت لهم.
التخلي
وتعلم التخلي كذلك، أتعرف عندما تبحث عن شيء ما ويظهر أنه قد اختفى، وعندما تشعر بالملل وتتوقف عن البحث تجد أنها ظهرت من حيث لا تحتسب! هناك أمور حلها أن تحررها، أو تتخلى عن محاولاتك فيها وتخرج خارج الصراع.
هناك مثل أيرلندي يقول "يتحتم عليك إفراغ الصندوق قبل إعادة ملئه"، لذا فأنت تحتاج إلى أن تفرغ نفسك من بعض الصراعات، ومن إحباطاتك القديمة ومشكلاتك السابقة والطريقة التي تراها بها، أفرغ مساحة حتى تجد مكانًا لشيء جيد وإيجابي..
ومن ذلك أن تغفر للآخرين، وهذا ما تفعله كي تحرر نفسك من عبء الكراهية والغضب، فعندما تسامح من آذوك فإنك تتحرر من سطوتهم على حياتك، والأهم من غفرانك للآخرين هو أن تغفر لنفسك..
تحل بالحكمة
كل ما سبق كانت أمورًا لإيقاظك وتغيير طريقة تعاملك مع الأمور، لكن لكي تحافظ على حياتك سعيدة تحتاج إلى أن تتحلى بالحكمة من خلال بعض الأمور، أولها أن:
اعقد العزم
تعقد النية أو العزم على ذلك +وتخطو خطوة حقيقة +وتكون صادقًا.
تخلَّ عن المثالية
كما تحتاج إلى أن تتخلى عن المثالية، لأنك لو كنت تسعى للمثالية في وظيفتك، في شكلك، في سلوك أطفالك، في شريكة حياتك، أو في أي شيء، فلن تكون راضيًا أو سعيدًا، وسيكون أقل شيء قادرًا على إفساد يومك، تقبل حقيقة أن النقص جزء من الحياة.
أعط ما تودّ أن يعود إليك
ولو أردت مزيدًا من السعادة في يومك، أسعد من حواليك، أردت رزقًا أكثر؟ كن كريمًا مع الآخرين، قدم لطفًا وامتنانًا ومساعدة، وتعاطف مع كل الناس، وتذكر أنهم جميعًا بشر، يشبهونك بشكل أو بآخر في أن لديهم مشكلاتهم ومعاناتهم الخاصة، فلو أن أحدًا ضايقك أو استفزك عامله بلطف وكن أنت الكلمة الطيبة التي مرت به في يومه.
طاقة الكلمات
واستفد من طاقة الكلمات، فغالبًا لو قلت لمريض إن الدواء يمكن أن يجعله يشعر بغثيان فسوف يشعر بغثيان فعلًا، حتى إن هناك علاجًا بالوهم، يعطون فيه أدوية وهمية للمريض، والفكرة أنه يتحسن فعلًا، فالحقيقة أننا كبشر نتأثر جدًّا بالكلمات، لذا فإننا نحتاج إلى أن نراقب كلامنا وأفكارنا والأشياء التي نراها ونسمعها، ونوجهها لأمور إيجابية لأننا سنتأثر بها لا محالة.
وانتبه لكلامك الذي تقوله لنفسك، وحوله إلى كلام إيجابي بدلًا من السلبية التي توجهها لنفسك، فربما لا نستطيع التحكم في أفكارنا دائمًا، لكن نستطيع دائمًا أن نتحكم في كلامنا، والتكرار يؤثر بدوره في اللا وعي، ووقتها سنكون قادرين على أن نسيطر على أفكارنا.
تخل عن كونك محقًّا
ومن التحلي بالحكمة أن تكون منفتحًا على الآخرين وتتعلم وتستفيد من كل شيء، وذلك بأن تضع احتمالًا لأنك ستتعلم من الآخر وأنه يمكن أن يكون على صواب، وتخلَّ عن فكرة كونك المحق وصاحب المعرفة باستمرار.
توقف عن التذمر
ومن الحكمة أيضًا أن تتوقف عن التذمر، يمكن أن تعبر عن ضيقك من بعض الأمور هذا أمر عادي، لكن الشكوى طوال الوقت من أقل وكل شيء، وهو ما أصبح منتشرًا، تجعل مزاجنا سيئًا طوال الوقت وتؤثر في صحتنا النفسية وتؤذي من حولنا أيضًا، غير أن المشكلة غالبًا لا تكون في الشكوى فقط، ولكن في الشكوى مع عدم فعل أي شيء لحل المشكلة!
الفكاهة والمرح
كنا نقول لك أن تتحلى بالحكمة صحيح؟ صحيح.. تحليت بها؟ تحليت.. جميل.. نريد منك الآن أن تفعل العكس تمامًا :D لا تأخذ الحياة بجدية، إننا نحتاج إلى أن نرجع أطفالًا كي نحافظ على سعادتنا.
اسمعني.. يحكي ممثل أنه كان يعاني اكتئابًا، وسأله ابنه الصغير ماذا تريد في عيد ميلادك؟ فقال له "السعادة" وهو شيء لن يستطيع أن يحضره له، وفي يوم عيد ميلاده وجد ابنه يعطيه ورقة هدية ومكتوب عليها كلمة السعادة، ويقول له كما ترى أنا اأستطيع أن أمنحك السعادة :D
إننا نحتاج إلى أن نحافظ على روح الطفولة بداخلنا كي نعيد البهجة إلى حياتنا، فلو أن أحدًا أغضبك أو وضعت في موقف سخيف فكر لبضع ثوانٍ، لو أن طفلًا في مكانك كيف كان سيتصرف؟ أو جرب أن تسأل طفلًا كيف سيتعامل مع مشكلتك، لو لم يقل حلًّا عمليًّا فعلى الأقل غالبًا سينجح في أن يضحكك^^
فعلى سبيل المثال يحكي المؤلف أن أمه عندما كبرت واحتاجت إلى عكاز للتحرك سمّته اسمًا لطيفًا، ولوعند تشغيل الموسيقى كانت تستخدمه كشريك للرقص، مع أنه كان من الممكن أن تعتبره شيئًا يذكرها بضعفها وعجزها!
فحاول أن تحافظ على المرح في حياتك، وتبحث عن الفكاهة في أي موقف صعب تمر به واسخر من أحزانك، فهذا يخفف من حدة الموقف عليك، واجعل شعارك "نضيف المرح إلى الغذاء" أقصد البكاء ^^..وكن مرحًا ولا تأخذ نفسك بجدية أكثر مما يجب.
أخيرًا
في النهاية أريد أن أقول لك عش حياتك كأنك تموت غدًا.. توقف عن سؤال لماذا حدث لي هذا، أو ماذا فعلت لأستحق عليه ذلك، واسأل بما أن هذا قد حدث بالفعل، ماذا في وسعي كي أفعله؟ فكرة أن اليوم يمكن أن يكون آخر يوم لك، ستجعلك لا تعطي أمورًا كثيرة أي حجم وستكون أقل قسوة على نفسك والآخرين.
وتذكر أن النهايات هي بدايات كذلك، وأنه إذا أغلق باب، فإن بابًا آخر يفتح، إلا أننا نظل ننظر بحسرة على الباب المغلق لدرجة أننا لا نرى الباب المفتوح!
وآخر شيء: اكتب رسالة حب.. للناس الذين تشعر بالامتنان لهم، ولا تنس أنك أيضًا تستحق رسالة حب.. "أنت تستحق التقدير، ببساطة لكونك أنت، لا تقلق إذا ما كنت قد استحققت الأمر، فقط اقبله، ومن أجل ذلك امنح نفسك تصفيقًا حارًّا".
سلام