الثقة العاطفية.. خطوات بسيطة لبناء ثقتك
![Book-Cover](https://a5drmain.blob.core.windows.net/a5dr-prod/public/images/slider/1645019614.jpg)
مقدمة
هلا سمحت لي أن أذكر لك عددًا من المواقف المختلفة، وأريد منك أن تخبرني ما الذي يربط بينها؟
"لقد سيط الغضب عليّ.. ولم أشعر إلا وقد كسرت أقرب شيء إلى جانبي"
"توقفت حياتي من يوم وفاة صديقي المقرب"
"غالبًا عندما أتدخل تفسد الأمور، أنا حتى لم ألاحظ كيف كان قلقًا"
"كنت أحبه بجنون.. لدرجة أنه مهما آذاني كنت أسامحه"
هل خمنت الرابط؟ هذه المواقف على اختلافها يجمعها شيء واحد، وهو أن الشخص الذي يمر بها غير قادر على التحكم في مشاعره أو التعامل معها بشكل صحيح، بتعبير آخر لا يمتلك ثقة عاطفية، التي هي جزء من الثقة بالنفس، ونصل إليها عندما نكون مطمئنين لأننا قادرون على أن نسيطر على مشاعرنا بشكل كامل.
لو افترضنا بشكل مثالي الشخص الواثق عاطفيًّا، سنجد أنه لا يقلق من تحكم قلبه في عقله مهما كانت صعوبة ما يمر به، يفهم مشاعره، ويستطيع السيطرة على انفعالاته، والتعاطف مع الآخرين وفهم مشاعرهم، ويستطيع أن يعبر عن مشاعره في الوقت والمكان الصحيحين، ومن ثم يستطيع أن يكون الصداقات التي يتمناها، ويكوّن علاقات عاطفية متزنة، يكون قادرًا فيها على العطاء، وعلى الطلب، وقادرًا كذلك على الانفصال، احترامه لنفسه واحترام الآخرين له يزيد، ويكون قادرًا على الاستمتاع بحياته بالفعل على الرغم من الفترات الصعبة التي تمر عليه، وهو ما يحاول كتاب اليوم إيصالك له.
يقول الكتاب إنك لكي تبني ثقتك العاطفية تحتاج إلى 3 مفاتيح
المفتاح الأول أن تروض طباعك، أو تفهم طبيعة عمل مشاعرك وتسيطر عليها، والمفتاح الثاني هو علاج وتجاوز الجراح العاطفية، والمفتاح الثالث هو ترويض العادات أو التحكم في المشاعر السلبية.
ترويض الطباع
نتناول المفتاح الأول: ترويض الطباع
الاستجابة العاطفية تبدأ بمجرد استشعار حاسة من الحواس بوجود أي مؤثر، فيرسل المخ إشارة للجسم بأن يصدر رد فعل مناسب.
أحيانًا تكون استجاباتنا مرتبطة بذكريات وتجارب من مرحلة الطفولة، فلو أن شخصًا مر بتجارب كثيرة سيئة في طفولته، فإنه سيكبر وعنده مخاوف قد تبرمج عليها، كذلك الصدمات الشديدة والشخص في سن كبيرة تؤثر في استجابته.
لكن العاطفة عامة تستمر فترة صغيرة تقدر بدقائق، والعواطف التي تستمر فترة أكبر تكون نتيجة استجابات مختلفة متتالية، لكن العواطف التي تستمر لساعات وأيام نسميها حالة مزاجية.
أما الطبع فإنه يصف استعدادنا المسبق لعواطف أو حالات مزاجية محددة، ويتكون الطبع نتيجة: الجينات الوراثية، وتجارب الحياة.
ما العلاقة بين العاطفة والحالة المزاجية والطبع؟
الطبع يجعلنا نتصرف تصرفات معينة، فتحدث استجابات عاطفية متتالية تدخلنا في حالة مزاجية بعينها.
مثل سارة التي تتميز بطبعها المتفائل، فدائمًا ما تضع أهدافًا ليومها وتبدأ في التوجه نحوها بحماس، فقد أنجزت عددًا من الأهداف الصغيرة في أول اليوم، كخروجها للجري قليلًا والسؤال على جارتها، تكرار الاستجابات العاطفية الجيدة جعلها في حالة مزاجية سعيدة بقية اليوم، حتى إنها لم تلاحظ سوء أحوال الطقس أو لم تتضايق لذلك، لأن حالتنا المزاجية تؤثر حتى في طريقة ملاحظتنا للأمور.
مهارات السيطرة على الطباع
هل الطباع أشياء لا تتغير؟ الإجابة لا، إنها تتغير وقابلة للترويض جدًّا، ولكي تفعل ذلك تحتاج إلى العمل على 3 أمور
1- الاستجابة الجسدية
عندما تكون غاضبًا أو خائفًا ويكون نفسك سريعًا هل تستطيع تنظيم نفسك مرة ثانية؟ لو كانت إجابتك لا فعليك بتمارين التنفس، تحتاج إلى ممارسة الرياضة بشكل منتظم، وتجعل طعامك صحيًّا، وأن تجعل لك قدرًا من التنفيس الجسدي المقبول مثل كرة الضغط.
2- الاستجابة للدماغ
وأن تسيطر على الأفكار السلبية التي تهاجمك، بأن تسأل نفسك 3 أسئلة:
السؤال الأول هل أعمم؟ فلو كنت تقول أنا فاشل وحياتي كلها فاسدة، هل فعلًا حياتك كلها فاسدة أم أنك تواجه فشلًا في عملك في هذه الفترة فقط؟!
السؤال الثاني هل أبالغ؟ لا أحد يسمعنى ولا يهتم بي، هل هذا حقيقي أم أنهم مهتمون بك دائمًا وهذا موقف طارئ؟
الثالث: هل تتجه إلى احتمالات بعينها؟ فلو قالوا مثلًا ستحدث تغيرات في القسم في عملك، فأول ما يأتي في بالك أنك ستفصل، أم أنك ستقول احتمالات طبيعية أخرى؟
هذه أمور سلبية لا بد أن تتجنبها، فما الاستراتيجيات الإيجابية التي يفترض أن تستخدمها؟
لا بد أن تتعلم مهارات التفكير الإيجابي، التي من ضمنها تقنية التوكيد وهي عبارات صريحة تقولها لنفسك باستمرار وتغير بها برمجتك العقلية، بحيث تهدئك في الأوقات الصعبة، كذلك أسلوب التخيل الإبداعي، وأن تعدّ نفسك عاطفيًّا لموقف معين، أو تستخدم طرقًا تخرجك من التفكير بقلق مثل الرسم، ويمكن أن تقرأ ملخص كتاب (قوة التفكير الإيجابي) على تطبيق أخضر، وملخصات أخرى في النمو الشخصي ستساعدك على التفكير بإيجابية.
3- والأمر الثالث لكي تروض طباعك: الاستجابة السلوكية
تمرن على المواقف التي تقلق منها ولا تعرف كيف تتعامل معها، سواء كنت وحدك أو مع صديق مقرب لك أو حتى مع شخص متخصص، لو كان التوتر والخوف يأتيان من عشوائية حياتك فابدأ بالعمل على تنظيم وقتك.
كل هذا في المفتاح الأول..
2) الاستشفاء العاطفي
والمفتاح الثاني وهو الاستشفاء العاطفي
نحتاج إلى أن نعالج جروحنا العاطفية بسرعة وفاعلية، وكلما تجاهلناها أو تاخرنا فـإن:
- مقاومتنا للجراح الأخرى تكون أضعف، ونجد أنفسنا ننهار عند مواقف بسيطة كان يمكن تجاوزها في الوضع الطبيعي بسهولة جدًّا.
- كما أننا نخاف من الفرص المحتملة التي يمكن أن تكون جيدة فعلًا.
- ونفقد السيطرة لو حدث شيء أحيى الجرح غير الملتئم.
- وكذلك قدرتنا على أن نعيش المشاعر الإيجابية ونعبر عنها بثقل، ويمكن أن نفسد لحظات جميلة جدًّا بسبب عدم تجاوزنا لشيء منغص قديم.
ستقول لي هناك جروح لا تشفى، كما أن قدرات الناس على التجاوز متفاوتة، سأقول معك حق..
بعض الجروح لا تشفى تمامًا كموت شخص عزيز، لكن هدفك هنا ألا يكون تأثرك بفقده عائقًا لك عن ممارسة حياتك وتحقيق أهدافك والاستمتاع بها، وعلى الرغم من أن بعض الناس أكثر قدرة من غيرهم على مداواة جراحهم العاطفية، لكن الخبر السار أنها قدرة نكتسبها ونتعلمها.
استراتيجية المداواة العاطفية
لذا وضعت المؤلفة استراتيجية للمداواة العاطفية، تتكون من 7 مراحل، 5 أساسية و2 إضافيين:
1- المرحلة الأولى هي استكشاف مشاعرك، فليس الوقت وقت تحليل وتقييم أو معرفة وجهة نظر أي شخص آخر أو معرفة من المخطئ، ولكن المهم أن تستكشف ما تتذكره من الموقف، وبم شعرت وقتها، ردود أفعال الآخرين، ومشاعرك بعد الجرح وحاليًّا، افعل هذا وحدك أو مع صديق أو استشر متخصصًا.
2- المرحلة الثانية هي التعبير عن مشاعرك التي شعرت بها بصدق وبشكل كامل، وحدك أو مع صديق مقرب أو في مجموعة صغيرة، وكافئ نفسك بعدها.
3- المرحلة الثالثة التهدئة
لا بد أن تطلب الدعم من شخص واحد على الأقل، وكلما كان الجرح أعمق زادت أهمية هذه المرحلة، اختر الشخص المناسب وليس شرطًا أن يكون الأقرب إليك، ولكن الأكثر قدرة على الاستماع والتفهم ومنح الدعم، الذي يتقبل مشاعرك ولا يصدر أحكامًا، وغير الانتقادي، والقوي عاطفيًّا الذي لا ينهار بجانبك.
4- المرحلة الرابعة مرحلة التعويض
وهي الخطوة التي تبدأ فيها في ترك الماضي والتركيز على الحاضر والمستقبل، افحص مواطن الضعف أو الأمور التي تأثرت بسبب جرحك مثل: تقديرك لذاتك، وثقتك بالآخرين، ونقص مهاراتك الاجتماعية، وابدأ بتعويض هذه النقاط وتدعيمها.
فمثلًا لو اتعرضت لنقد، يمكن أن تعزي نفسك بعشاء لطيف في مكان تحبه، لو شعرت بالوحدة بعد طلاقك، ابدأ بتكوين علاقات جديدة واشترك في أنشطة اجتماعية، وهكذا.
5- المرحلة الخامسة هي المنظور: أن تبدأ في فهم سبب وكيفية حصول الجرح العاطفي، وتستخرج الإيجابيات منه، نعم الآن وليس في المرحلة الأولى التي دورها أن تتقبل حالتك الشعورية وتفهمها فقط، لكن في مرحلة المنظور نفهم ماذا حدث ولماذا حدث، ما السياق الذي أوصلنا إلى ذلك، ومن المسؤول وما جانب المسؤولية الذي عليّ، والأهم أن نستخلص الدرس ونتعلم منه لحياتنا القادمة.
ثم يأتي دور المرحلتين الإضافيتين
مرحلة توجيه طاقتك لقوة بناءة لمساعدة نفسك والآخرين، كأعمال الخير ودعم المارين بنفس تجربتك وهكذا.
وآخر مرحلة هي مسامحة الأشخاص الذين تسببوا في الجرح، اعتبر أنك قد سامحتهم أو سامحهم بالفعل.
3) ترويض العادات
لقد وصلنا بذلك إلى المفتاح رقم 3 وهو ترويض العادات، وهو ما تحتاج إليه عندما تكون هناك مشاعر معينة تواجهك صعوبة في التعامل معها، مثل الشعور بالذنب أو الغضب، وهنا تخبر الكاتبة باستراتيجية إصلاح سريعة للمشاعر السلبية:
- الخطوة الأولى فيها أن تتقبل المشاعر التي تشعر بها أيًّا كانت، فلا تنكر شعورك بالحزن أو الغيرة أو الحسد، وتتحمل مسؤولية تجربتك العاطفية الخاصة، ومسؤولية السيطرة على ردود أفعالك.
- الخطوة الثانية هي التحكم في استجاباتنا النفسية، كأن نستخدم استراتيجيات للتهدئة مثلًا.
- الخطوة الثالثة هي الترويض أن تعمل على العاطفة وتضع خطة للعمل وسنذكر مثالًا على ذلك بعد قليل.
- الخطوة الرابعة: لا تنس الاستمتاع بالرحلة.
نطبق هذه الخطة الطويلة بعض الشيء على شعورين:
كيف نتعامل مع الشعور بالذنب؟
نبدأ بالشعور بالذنب
- ومن العادات الضارة المصاحبة ليه:
القلق المفرط، واعتقادك بأنك لا بد أن تبذل أكثر طوال الوقت، وتخريب لحظات السعادة بالنظر إلى ما لم يتحقق بدلًا مما تحقق.
- ومن أسباب الشعور بالذنب بشكل متزايد في هذا العصر تحديدًا، أن العالم يتغير بشكل سريع وأن أفضل ما في وسعك دائمًا متأخر أو غير كاف.
- كما أن الحدود الأخلاقية أصبحت مطاطة جدًّا ولم تعد هناك حدود ولا مرجعية واضحة لأي شيء، وهو ما يجعلك دائمًا في وحدة وتوتر في أثناء اتخاذ أي قرار.
- بالإضافة إلى تجارب الطفولة كأن يكون الوالدان مفرطين في النقد أو المثالية.
- أو حتى عاداتك وأنت راشد كأن تضع أهدافًا أعلى من إمكانياتك، أو أن تكون محاطًا بأناس ناقدين طوال الوقت، أو تقارن نفسك بكل ما حولك أو تفكر كثيرًا في الأخطاء.
- ماذا أفعل إذًا حتى أسيطر على الشعور بالذنب؟
ضع قيمًا واضحة لنفسك واجتهد ألا تخرج عنها، وكن واقعيًّا في أهدافك، واجعل استجابتك سريعة، إن حدث خطأ اعتذر وأصلحه ولا تبقى في مجرد الشعور بالذنب، واطلب دعمًا من المقربين لك.
تمرين balm الرباعي
أريد منك أن تحضر ورقة وقلمًا وتقوم بتمرين اسمه balm
- B من benefits الفوائد: اكتب الفوائد التي ستحصل عليها عندما تسيطر على شعورك بالذنب مثل: سأتخد قراراتي بشكل أفضل، ستتحسن علاقتي بشخص قريب مني، وسجل الخسائر التي ستحدث لو ظللت على نفس العاطفة غير المتحكم فيها، وحدد الجائزة التي ستكافئ نفسك بها عندما تعملل على هذا الشعور لشهر مثلًا.
- وال A من attitude التوجهات: حدد الأفكار المسبقة عندك التي تغذي الشعور بالذنب، مثل جملة والدتك إن الزواج لا بد أن يستمر إلى الأبد.
واكتب ماذا ستقول لنفسك للرد على هذه الأفكار، مثل: أنا مسؤول عن حياتي، أنا من أحدد معاييري الأخلاقية وليس المجتمع، واختر طريقة تحفزك: كأن تحتفظ بشيء يذكرك بذلك، ميدالية مثلًا.
- بعد ذلك L من lifestyle: أسلوب الحياة: اكتب فيها التغيرات التي هتحدثها في أسلوب حياتك حتى تتأكد من أنك تقلل الشعور بالذنب، كأن تقول مثلًا، ستأخر في العمل يومًا واحدًا فقط في الأسبوع، سأخصص يومًا في الشهر لأحسن فيه علاقتي بشخص معين.
- وأخيرًا m من management الإدارة: وتكتب فيها الإشارات التحذيرية التي تصدر من جسمك عندما تشعر بالذنب؟ مثلًا، أتجمد في مكاني ولا أتخذ أي رد فعل، أقول آسف كثيرًا جدًّا.
- ماذا ستفعل لكي تهدأ في ساعتها؟
على سبيل المثال التأمل، وتمارين التنفس، أو إعادة صياغة الأفكار بصيغة إيجابية.
-كيف ستتصرف حتى تخفض شعورك بالذنب في هذا الموقف؟
مثلًا سأكتب رسالة شكر لفلان على تعبه، أو أعتذر لفلان من الكلام معه بأسلوب غير مناسب.
- وآخر سؤال، ممن ستطلب الدعم لو بدأ الأمر يتزايد؟
أنت الآن جاهز للتعامل مع الشعور بالذنب، والخطوات نفسها يمكن تطبيقها على أي مشاعر سلبية تواجهك مثل مشاعر الخزي.
كيف نتعامل مع مشاعر الخزي؟
ما يرتبط بالخزي: الإحراج والدونية، ويسبب ارتباكًا ووحدة.
- السبب الرئيس للخزي يكون تدني تقدير الذات بسبب أننا نقارن أنفسنا باستمرار بالآخرين، أو نتصرف بشكل يظهر شعورنا بالخزي، أو نتعامل بإفراط مع أناس نراهم وهم يرون أنفسهم أكثر رقيًّا، بالإضافة إلى أننا لا نحمي أنفسنا من الإساءة ونترك الآخرين يسخرون منا.
- ولكي تسيطر على مشاعر الخزي:
تحتاج إلى أن تداوي جراحك العاطفية أولًا بأول، وتعزز تقديرك لذاتك، وتجنب تمامًا أن تقلل من نفسك أمام أي شخص لأي سبب، إن أخطأت قل "أخطأت أنا آسف"، وليس "أنا غبي وأتصرف دائمًا بطريقة خطأ"، وتكلم عن نفسك بصيغة احترام دائمًا.
ولا تنس ممارسة تمرين balm الرباعي بالطبع..
وستجد في الكتاب خطوات عملية كثيرة لتجاوز مشاعر الغضب، والخوف، والغيرة، والحسد، والحب المفرط، واللا مبالاة.
وأخيرًا
ضع لنفسك خطة عمل وابدأ فيها فورًا، وكافئ نفسك باستمرار على كل إنجاز صغير تفعله، وتذكر أن كلفة بقائك هشًّا وجدانيًّا أكبر بكثير من مجهود اكتساب ال