كتاب التغيير للأفضل

Book-Cover

 ملخص كتاب التغيير للأفضل (تأليف: فريق أخضر)

مقدِّمة

لو كنت أحاول تعلم الألمانية منذ سنتين عن طريق هذا الهاتف، ثم تفاجأت بانتهاء السنتين مع عدم إنجازي شيئًا من الخطة التي رسمتها، على الرغم من امتلاكي لكل مصادر تعلم اللغة، وعدم مفارقتي لأدواتي (بيظهر نوت بوك وأقلام) و.. ( لسه هيكمل كلام فبيظهر صوت نوتفكيشينز كتير يقطع الكلام).. ثانية واحدة (بيبص في الموبايل وبعدها بيرجع يبص للكاميرا تاني بريأكشن مختلف).. 

لو أكملت بهذا الشكل فلن أتغير وسأظل كما أنا ولن أصل إلى أهدافي، لكني عثرت على صديق جديد (الكتاب بيظهر) سيساعدني، في ظنكم ماذا يقول صديقنا الجديد؟! 

 

هذه سارة، فتاة انطوائية جدًّا وتخاف من التجمعات، بسبب شعورها بأنها غير محبوبة، وبأن كل الناس يرونها سيئة، وإذا انتقدها أحدهم فإنها تستسلم لشعور أنها شخص سيئ، وإذا مدحها أحدهم فإنها لا تصدقه، أما هذا فهو صديقنا مجدي، شخص لديه أحلام كثيرة يريد تحقيقها، لكنه دائمًا يشعر بالعجز وعدم الإنجاز، وبأنه مهما حاول فلن يصل.

سارة ومجدي كلاهما يريد أن يكون نسخة أفضل من نفسه، وكل منهما ينظر إلى وضعه الحالي بطريقة معينة، ولكن هل الصورة التي يرونها صحيحة؟ وما السبب المحتمل لوجود هذه الصورة لديهم؟ وكيف يستطيعون الوصول إلى صورة أفضل من نفسهم؟

تعالوا لنبدأ رحلتنا إلى التغيير للأفضل، ونعرف ما الذي سنغيره، وكيف سنغيره، وما التحديات التي سنواجهها.

 

أول خطوة في رحلة التغيير أن تعرف الشيء الذي ستغيره وتفهمه جيدًا، هذا الشيء هو ذاتك، لذا فإن أول شيء سنتحدث عنه هو معرفة الذات، وعندما تفهم ذاتك فإنك ستكون أكثر قدرة على التعامل مع الآخرين، وعلى التعبير عن مشاعرك، والاستجابة بشكل أفضل.

 

أولًا: معرفة الذات

لو تذكرون كيف كانت سارة تتخيل أن كل الناس يرونها شخصًا سيئًا، هذا لأن لديها مشكلة حقيقية في صورتها الذاتية، أي في تصورها عن نفسها وتقييمها لقدراتها وصفاتها.

 وما يكوّن هذه الصورة الذاتية السلبية لدى سارة أو لديك مصدران:

  1. أولهما استنتاجك عن نفسك، كأن تحكم على نفسك بالفشل بسبب تجربة فشلت فيها.
  2.  أو تتكون من كلام الآخرين عنك، كمدرسك الذي كان يصفك بالغباء باستمرار.

 

هذه هي مصادر أو مكونات الصورة الذاتية السلبية، أما أسبابها فهي:
أسباب تشوه الصورة الذاتية:

  • أن تكون احتياجات الشخص النفسية الأساسية غير ملباة، كاحتياجه لأن يكون مقدرًا، أو محبوبًا ومقبولًا من أهله وأصحابه، وأن تكون البيئة المحيطة به غير داعمة له.
  • المقارنة التي لا تراعي الاختلافات والفروق الفردية بين شخص وآخر، أو النقد السلبي باستمرار. 
  • توقعات الشخص نفسه عندما تكون مثالية وغير واقعية، فمثلًا يتوقع أن يستطيع تحدث لغة أجنبية بطلاقة في شهرين فقط! 
  • بالإضافة إلى الحديث مع النفس بشكل سلبي وناقد باستمرار والتركيز على العيوب، وتجاهل أي شيء إيجابي = كل هذا يشوّه صورة الشخص عن ذاته.

 

ولا بد أن تكون لدينا صورة صحية عن أنفسنا، هذه الصورة الصحية تجمع بين الواقعية والإيجابية، بمعنى أنك تؤمن بالإيجابيات الموجودة في شخصيتك وفي حياتك، وبالقدرة على مواجهة العيوب والحد منها.

 

تصحيح الصورة الذاتية
إذا أردنا أن نجعل سارة أو أي أحد يصحح صورته الذاتية عن نفسه لتكون صحية، فما المطلوب؟

أولًا: تحدد سارة الأمور التي تسبب لها شعورًا بالنقص، وتحدد نقاط قوتها وضعفها، ويمكنها أن تطلب دعم شخص مُحِبٍّ أمينٍ في هذه الخطوة.

ثانيًا: مُهِمٌّ أن يتقبّل الشخص مسؤوليته الشخصية عن التعافي وعن تغييره لنفسه بنفسه، وبالتالي يجب أن ينتبه لكلامه السلبي مع نفسه ويستبدله فورًا بكلام إيجابي.

ثالثًا: يحتاج الشخص إلى أن يرسم صورة جديدة لما يحب أن يكون عليه مستقبلًا ويبدأ بالسعي لها، وإن كانت هذه الصورة مصطنعة قليلًا في البداية، فسوف يصدقها وتصبح حقيقة فعلًا.

رابعًا: يجب أن يتجنب المثالية ويتقبل أننا بشر لسنا كاملين، مما سيجعله أكثر قدرة على مراجعة أفكاره الشخصية ومواجهة الخطأ منها.

خامسًا: أن يتمسك بقيمه وأخلاقه ويسعى إلى أن تكون أفعاله متفقة مع هذه القيم والأخلاق حتى لا يشعر بالتناقض.

سادسًا: يحتاج الإنسان إلى أن يهتم بالقيم الروحية ليقوِّي علاقته بربّه ويطلب منه العون على التغيير. 

 

بعد أن تعرف نفسك فسوف تتضح لك بعض عيوبها أو نقاط ضعفها، وهذا طبيعي جدًّا لأنك إنسان يحتاج إلى أن يدعم شخصيته ويقوّمها بالتدريج، بينما عيب واحد سيجعلك غير قادر على التقدم أو التغير، وهذا هو نفس عيب مجدي. 



ثانيًا: تدعيم النفس/ الانضباط الذاتي

في كل مرة يضع مجدي جدولًا للمذاكرة، تنتهي المدة دون أي إنجاز، كذلك الحال مع حجز النادي الرياضي الذي انتهى ولم يذهب إليه سوى مرتين، فمشكلة مجدي تكمن في "الانضباط الذاتي"، وهي مشكلة خطيرة لأنها تؤثر في كل جوانب وفرص حياته. 

 

وغالبًا فالشخص الذي يعاني عدم الانضباط يكون محبطًا من نفسه، ويكون عنده شك في قدرته على إنجاز أي شيء، لذا فإنه يحتاج إلى أن يدرك أن الانضباط مثل أي مهارة أخرى يستطيع أن يكتسبها ويتقنها، ويبدأ هذا بثلاثة مبادئ مهمة:

  1. تحمل المسؤولية، بدلًا من إلقاء اللوم على أي شيء.
  2. إدارة الوقت بشكل جيد والنظر إلى النتائج التي سوف تترتب على عدم أداء المهام في الوقت المناسب. 
  3. المبدأ الثالث للانضباط الذاتي هو مواجهة المخاوف، وما يفرق الناجحين عن غيرهم ليس كونهم لا يخافون ولكن كونهم يؤدون المطلوب منهم على الرغم من مخاوفهم، وتذكر دائمًا أن الشعور بالأمان لا يكون بالاطمئنان لما هو موجود، بل بقدرتك على التعامل مع فقده أو عدم وجوده. 

 

ومن أكتر الأمور التي تساعدك على الانضباط ما يلي: 

  • أن تكون أهدافك واضحة ومكتوبة بشكل مفصل وبأوقات محددة، فلا تقل مثلًا "سأذاكر جغرافيا هذا الأسبوع"، لكن قل "أنا سأذاكر جغرافيا يوم الأربعاء مثلًا من الساعة 4 إلى الساعة 6".
  • أن تتوقع المشكلات المحتملة لتكون مستعدًّا للتعامل معها ومتحسبًّا لأي ظروف طارئة، وتعرف كيف تعيد ترتيب مهامك حسب الأولوية دون تسويف.

 بعد كل ذلك لو فشلت في أول مرة فلا مشكلة لأنك ما زلت تتعلم، المهم هو أن يكون عندك صبر وأن تستمر في المحاولة، إلى أن تكوّن عاداتك التي تشكل الصورة الكلية للنجاح. يسألني أحدهم "كيف يمكنني أن أبني عادة جيدة"؟

 

ثالثًا: بناء العادات

 دعنا نجيب على سؤالك بسؤال: كيف يمكنك أن تأكل فيلًا؟ الإجابة هي أن تأكل كل يوم جزءًا.. بهذه البساطة!

يبدأ أغلبنا رحلة التغيير بخطط صارمة تهدف إلى تحول كبير، ثم يفشلون ويتوقفون تمامًا، لكن الحل أن تخطو خطوات صغيرة ومريحة وتثبت عليها وتستمر، خطوات صغيرة بما يكفي لجعلك لا تفشل فيها، فمثلًا لو كنتِ تريدين تقليل مشترياتك من التسوق، في كل مرة اختاري أقل شيء تحتاجينه من مشترياتك وأعيديه مكانه، واستمري على فعل ذلك فترة وسوف تجدين نفسك بالتدريج أكثر قدرة على التخلي عن غيرها، وتتكون عندك عادة في الشراء ألَّا تشتري إلا ما تحتاجين إليه.

 

ولكن لو ظللت أبني عادات مع وجود عادات سيئة عندي فلن أستطيع أن أوفق بينها، وسيكون عليَّ ضغط كبير كي أمارس هذه العادات معًا، غير أن العادات السيئة تشغل حيزًا يمكن ملؤه بعادات أكثر إيجابية.. فكيف أتخلص من عادة سيئة؟ 

مهم كي تتخلص من عادة سيئة أن تفهم دائرة العادة. 

لو أن شخصًا معتادًا أن يتناول وجبات خفيفة غير صحية في أثناء مشاهدته للتلفاز، فمشاهدة التلفزيون هي ما يعطيه "الإشارة" لتناول الوجبات الخفيفة، و"الروتين" الذي يحدث وقتها هو أنه يستجيب للإشارة ويتناول هذه الوجبات، و"المكافأة" التي يحصل عليها أنه يكون مستمتعًا بالطعام والمشاهدة، فتولد عنده "الرغبة" في تكرار هذا الفعل.

 الحل هنا أن يغيّر الروتين السلبي بآخر إيجابي مع الحفاظ على المتعة أو المكافأة، فيستبدل الفاكهة بالأطعمة السريعة، فتظل عنده متعة تناول الطعام مع المشاهدة لكن دون ضرر، وهكذا مع كل العادات التي يحتاج إلى تغييرها.

 

بينما نتحدث قد يبدو الأمر سهلًا، لكن الطريق لا يكون ورديًّا في محاولات التغيير وبناء عادات أو التخلص من غيرها، وقد تقابلك فيه معوقات كثيرة، فتبدأ في شد خيوطك وتجعلك عاجزًا عن التغيير، سنتحدث الآن عن أهم المعوقات والتحديات وكيفية التغلب عليها.

 

رابعا: إزالة المعوقات   

  • أول عائق هو التشتت الرقمي 

 

تخيل أنك عاكف على عملك وأنا أقاطعك باستمرار أو أُحْدِثُ ضجيجًا بجانبك، مجرد التخيل يمكن أن يثير غضبك، لكن الحقيقة أن هذا ما يحدث معنا في أثناء عملنا على الإنترنت، أو في أثناء عملنا ووجود الهاتف بجانبنا وتوالي وصول الإشعارات، أو عند البحث عن معلومة معينة وبلا وعي تجد نفسك قد فتحت مئة موقع لا علاقة لهم بموضوع البحث، بالإضافة إلى الإعلانات الكثيرة التي تظهر خلال البحث، وربما تجد نفسك تشاهد فيديو 10 حيل لصبغ الملابس بطرق مبتكرة وأنت لا تعلم كيف وصلت إلى هنا! مشكلة التشتت الرقمي ليست فقط في كونه يؤثر في عملنا وإنتاجنا، بل في تأثيره في علاقتنا بنفسنا وبالآخرين.

ولتحل هذه المشكلة

  1.  فأول خطوة عليك اتخاذها هي غلق كل المشتتات، لا تترك هاتفك بالقرب منك وتدعي أنك ستتجاهل الإشعارات، إن تجاهلتها مرة أو مرتين فلن تتجاهلها في المرة الثالثة! والتصرف الحكيم في هذه الحال أن تغلقه تمامًا أو تتركه بعيدًا عنك. 
  2.  الخطوة الثانية هي أن تحدد موعدًا لنهاية المهمة، لأنك تكون أكثر قدرة على إلزام نفسك به أكثر من التزامك عندما يكون الوقت مفتوحًا لك.
  3.  أما عن الخطوة الثالثة للتخلص من التشتت الرقمي هي أن تحدد أكثر ثلاث مهام لها الأولوية في اليوم وتبدأ بها ولا تؤدِّ أي مهمة أخرى إلا بعد الانتهاء منها.
  4. عندما تقيم نفسك قيمها على النتيجة التي وصلت إليها وليس على الوقت الذي قضيته في المهمة، فلا تفرح بأنك ذاكرت 3 ساعات أنهيت فيها فصلًا واحدًا كان يمكن إنهاؤه في ساعة بتركيز. وهذه هي رابع خطوة ستساعدك على التخلص من الشتت الرقمي.
  5. أضف إلى ذلك الخطوة الخامسة وهي أن تغلق الدائرة، بمعنى أنك إن بدأت مهمة فعليك إنهاءها قبل أن تنتقل إلى غيرها.
  6.  وسادس خطوة بخصوص التشتت أن تصنف المهام المتشابهة مع بعضها، فإن كان جزء من عملك أن ترسل إيميلات، فاجمعها وأرسلها كلها في وقت واحد.

 

  1. ثاني عائق يواجهنا في التغيير هو سباق الزمن

العصر الذي نعيشه سريع جدًّا ويصور لك أن الانتظار معناه وجود خلل، وأن كل شيء يجب أن يكون فوريًّا وهذا خطأ، الحقيقة أن الانتظار جزء من طبيعة الحياة، لأن الانتظار يجعل للشيء الذي تحصل عليه بعد صبر قيمة وفرحة بالإنجاز، أما إن حصلت على كل ما تتمناه فورًا فستفقد الشعور بالرضا والفرحة بما تحصل عليه كله، فتقبّل أن بعض الأمور تستحق الانتظار، وبدلًا من أن تسابق الزمن شكّل إيقاعك الخاص له، وقلل من الأمور الهامشية وركز فقط على أدوارك الجوهرية في حياتك.

 

أما عن مشكلة العوائق الخارجية التي تؤثر فينا فقد وجدنا حلولًا لها، لكن كثيرًا ما تكون العوائق في دماغنا نفسه وتمنعنا من أخذ خطوة في التغيير بشكل سليم، وهذا ما نسميه انحرافات التفكير، ومهم جدًّا أن نعرفها لنكون واعين بها عند حدوثها لنتداركها، ومن أبرز هذه الانحرافات:

انحرافات التفكير

 

  • نظرية العالِم والمحامي:

 

حاول ثور الوصول إلى التفاح الموجود على الشجرة لكنه لم يستطع، فقال: "التفاح أصلًا لم ينضج بعد وبالتأكيد طعمه مُر، وأنا لا أحب التفاح المر"، وبدلًا من أن يعترف بأن قدراته لم تكن كافية للحصول على التفاح، أخذ دور المحامي وأعاد تأويل الموقف وخدع نفسه، وهذا خطأ يقع فيه كثير منّا. لم يحصل على وظيفة معينة فبدلًا من إعادة تقويم كفاءته والاستعداد أكثر، يقول إنه أصلًا لم يكن يريد هذه الوظيفة أو إن الـ HR يريد إفشاله.

 

  • انحياز المصلحة الذاتية:

 

ويظهر هذا بوضوح وقت الخلاف بين الزوجين وكل منهما يرى أنه يقدم لعلاقتهما أكثر بكثير من الثاني وينحاز إلى نفسه ولا يكون منصفًا.

 

  • القياس بحجم النشاط: 

الناس تقيس معرفة الطبيب مثلًا بعدد الأجهزة التي استخدمها في أثناء الكشف وعدد الأدوية التي أوصى بها، مع أن الحالة لا تستدعي كل هذا لكن إن لم يفعل هذا تقل الثقة في أدائه.

  • انحياز السفينة الناجية: 

ترك شخص دراسته ليصبح لاعب كرة يجمع الملايين، في حين أنه من بين مثلًا 10 آلاف لاعب وصل إلى هذه المكانة 50 لاعب فقط، والمرجح أنه سيصبح لاعبًا عاديًّا جدًّا بدخل منخفض لكنه ينحاز إلى أنه بالتأكيد سيكون من ال50 لاعب المحترفين.

لذا من المهم أن نرى الوضع بصورته الحقيقية، ونتعامل معه بموضوعية حتى لا نقع في أخطاء تصدنا عن التفكير في التغيير. 

 

وعلى فكرة.. كل نصائح تطوير الذات التي تتعلمها مهما كثرت ومهما كانت جيدة، فلن تكون مفيدة لو لم تأخذ الخطوة فعلًا، وبدأت واستمررت على خطواتك، فابدأ واجعل ما تتعلمه لك لا عليك. 

ولا تنس، ستجد نسختك من أول كتاب مطبوع من أخضر وهو كتاب هذه الحلقة: كتاب (التغيير للأفضل)  في جناح دار الكرمة بمعرض القاهرة للكتاب 2021، وتستطيع الحصول عليه من المكتبات المختلفة بعد انتهاء المعرض في كل دول العالم، والمزيد من التفاصيل تجدونها في الوصف أو  على موقعنا. 

انتهى.