بطاقات أخضر

كتاب بداية الرحلة

ملخص كتاب بداية الرحلة (لمؤلفيه: إلين باس، ولورا ديفيز)

مقدمة

لا يوجد ما هو أجمل من الاستيقاظ صباحًا وأنت تثق أن ما من أحد بإمكانه جرحك إلا إذا سمحت له بهذا، ولأننا لم نكن قد استوعبنا هذا في طفولتنا حيث كنا أضعف مما نحن عليه الآن، فقد مر الكثير منا بتجارب سيئة تم استغلاله فيها جنسيًا وشكلت هذه الحوادث علامات فارقة في حياته حتى اليوم.

(مراد) عندما كان لديه 10 سنوات كان يرتجف كلما سمع صوت خطوات أحد يقترب منه وهو نائم، حتى إن كان هذا الشخص يسير خارج الغرفة ولم يقترب منه. قد نعتقد أنه طفل ومن الطبيعي أن يخاف، لكن الحقيقة أنه تعرض لاعتداء جنسي من شخصٍ أكبر منه، كالعديد ممن تعرضوا لاعتداءات مشابهة؛ فهناك واحد من كل 7 أولاد وواحدة من كل 3 فتيات توجه لهم إساءات جنسية قبل بلوغهم سن الـ 18.

ما معنى الإساءة الجنسية؟

قد تكون الإساءة الجنسية جسدية أو غير جسدية:

الإساءة الجسدية

إجبار شخص ما لطفل على لمس أعضائه الخاصة أو على لمس أعضاءه.
التعرض لموقف تقبيل أو ملاطفة من شخص بشكل مريب.
الضغط بأي شكل من الأشكال للقيام بعلاقة جنسية.
الإجبار على مشاهدة أفلام إباحية أو رؤيتها أثناء وجود الطفل.
الاستغلال جنسيًا مقابل مال يأخذه أحدهم نظير تسليمك لشخص آخر.

الإساءة الجنسية لا تقتصر على حدوث شيء لجسدك إجبارك على القيام بشيء أو رؤية شيء، لكن قد تكون..

إساءة غير جسدية

كأن أحد أقربائك مجرد تمامًا من ملابسه، سواء تعامل معك بشكل طبيعي أو أخبرك بكلام جنسي عن جسدك.
أو تكلم معك أحد أفراد أسرتِك عن مشكلة جنسية لديه أو حكى لك عن حياته الجنسية بشكل أو بآخر.

لو تعرضت لموقف من هذه المواقف سواء:

سبب لك عقدة في حياتك وأصبحت على إثرها شخصًا آخر.
أو لا تزال ترى أنها أشياء لا تستحق أن توصف بالـ "إساءة" وأنها حدثت لمرة واحدة ولم تتكرر ظنًا منك أنها ينبغي أن تكون أبشع من هذا لكي نصفها بالإساءة.

ففي كلا الحالتين هي إساءة بغض النظر عن كيفية حدوثها أو عدد مراتها أو درجة قوتها، المهم كيف كان شعورك حينها كطفل، وأن المسيء حطم ثقتك وأن العالم لم يعد مكانًا آمنًا بالنسبة لك من بعدها.

الشفاء من الإساءات الجنسية

افهم الشفاء

الإساءة الجنسية حتى لو لم يكن لك يد فيها فهي جزء من تاريخك وتكوينك، فليس بإمكانك الرجوع لتغيير تاريخك الماضي، لكن بإمكانك تفويت الفرصة على الماضي حين قرر حرمانك من حياة سعيدة.

الشفاء من الإساءة الجنسية في حقيقته عملية ليس لها نهاية محددة، لكن ستجعلك تعيش بطريقة أكثر متعة، لكن لن تحذف الإساءة وتضعها في سلة المهملات وكأنها ملف على حاسوبك المحمول وسيمحى من الذاكرة، الشفاء طريق مستمر طالما تسير فيه ستعيش حياتك على نحو طبيعي بدلًا من الجحيم الذي تعيش فيه بسبب الإساءات.

الشفاء من الإساءة يعتبر مواجهة عنيفة مع المشاعر، وهو ما جعل أحد الناجين من الإساءة الجنسية يعبر عن شراسة مرحلة الشفاء بقوله: "لو كنت أعلم أنه يوجد ما يؤلم ويُحزِن إلى هذا الحد، ما كنت لاتخذ قرار البدء بالشفاء أبدًا. ولكن لم يعد الرجوع ممكنًا".

هل الشفاء من الإساءة يستحق كل هذا العناء؟!

نعم، فأنت كشخص أُسئ إليه جنسيًا بين خيارين:

1- دخول طريق التعافي الملئ بالأشواك في البداية حتى تجاوزها وتخّيلد نفسك كأحد الناجين من الإساءة والعابرين للحياة.

2- تقرير عدم دخول الطريق والهرب من ألمك.

ولو اتخذت القرار الأول.. فعلى جميع السادة ربط الأحزمة والاستعداد لبداية الرحلة!

مرحلة الطوارئ

في بداية التعافي، تدخل مرحلة طوارئ مؤلمة حيث تشعر بالإنهاك وأن الشفاء من رابع المستحيلات، وتبدأ في كره نفسك، وتحاصرك ذكرياتك ويتردد في ذهنك فكرة الانتحار. هذه المرحلة لحسن الحظ مؤقتة وستمر مهما كان.

وحتى يحصل هذا وتتجاوز آثار الإساءة بسلام وأمان فينبغي أن نفهم:

كيف نتعامل مع الطوارئ بشكل سليم؟
وكيف نتعامل مع الجروح والمشاعر اللي سببتها الإساءة؟

كيف نتعامل مع أنفسنا في مرحلة الطوارئ؟

أولًا: روشتة للتعامل الجيد مع مرحلة الطوارئ

لا تحاول القيام بأي أذى بدني لنفسك بأي شكل، فكما تمكنت من الصمود والعيش رغم الإساءة ستتمكن من مواصلة صمودك في الشفاء منها.
افهم المرحلة التي تمر بها وأنها طبيعية تمامًا، وليست ضربًا من الجنون.
لا تفكر في الإساءة إلا بالقدر الذي تحتاجه في الشفاء؛ فلا تسمح لها بالسيطرة على كل تفكيرك ولا تتجاهلها كل التجاهل. وكلما تمكنت من التركيز على شيء آخر؛ قم بهذا.
اختلط بالناجين من الإساءة وبآخرين تتمكن من التحدث إليهم ومن شأنهم دعمك بقوة.
ابتعد عن أي كحوليات أو مخدرات لأنها لن تعالجك بشكل نهائي، كل ما ستقدمه لك تخدير زائف لمشاعرك وبالتالي ستظل في مرحلة الطوارئ ولن تجتازها.
أجل التغييرات الكبيرة التي ترغب في القيام بها في حياتك مثل الزواج أو الإنجاب أو مشروع معين حتى تنتهي المراحل العصيبة من الشفاء.
الروحانيات والإيمانيات سند ودعم كبير لك، فهذا أكثر وقت تكون مفتقرًا فيه للأعلى والأقوى والأعظم منك وترجو فيه مدد السماء.

المشاعر المصاحبة لمن تعرضوا للإساءة جنسيًا

ثانيًا: افهم مشاعرك كشخص مٌساء إليه واعرف كيف تتجاوزها.

مشاعر الغضب والرغبة في إيذاء النفس وإنهاء الحياة مشاعر حقيقية لا يصح أن تنكرها أو تحولها لأفعال وتصرفات، فكر في أنك تستحق الحياة وأن من أنهوا حياتهم لم يحلوا مشاكلهم ولم يذوقوا طعم الانتصار على الإساءة وإلحاق الهزيمة بالمسيئين. لا تدعهم ينتصروا عليك لأن معركتك ليست أن تكون بلا إساءة، المعركة الحقيقية أن لا تتركهم يدمروك. وانتصارك يحتاج منك أن تعرف كيف تحققه أو بالأحرى كيف تتعامل مع مشاعرك كشخص تعرض للإساءة الجنسية.

الإحساس بالذعر

1- أول شعور مصاحب للشخص الذي تعرض للإساءة هو الإحساس بالذعر والخوف. وحين يحصل لك هذا:

(التغلب على الذعر)

تجنب أخذ قرارات أو القيام بتصرفات مثل قيادة السيارة، حيث أن كل ما ستقوم به في هذا الوقت سيكون نتيجة اختيارات غير حكيمة.
وحاول أن تعرف ما الذي من شأنه تهدئتك، اخرج للتمشية في مكان هادئ بعيدًا عن الناس إن كان من شأن هذا أن يريحك، تنفس بعمق إن كان هذا سيجعلك أفضل أو اكتب أو صلَّ وهكذا.
وسيكون من المفيد أن تجهز قائمة بالأشياء التي من شأنها مساعدتك على الاسترخاء كي تستخدمها في هذه الأوقات.
اتصل بشخص قريب منك يفهمك ويدعمك.

تذكر الإساءة

2- تذكر الإساءة يختلف من شخصٍ لآخر في عملية الشفاء، لكن في النهاية هناك نقطتان مُتفق عليهم تقريبًا فيما يخص التذكر:

الأولى أن التذكر أداة من أدوات التعافي؛ فعقلك يحاول حمايتك بنسيان الإساءة حتى يأتي الوقت المناسب وتتذكرها رغم أنك من الممكن أن تعاني من الحزن والخوف من كل من حولك بدون أن تتمكن من تحديد السبب. فحين يحصل التذكر تبدأ في وضع يدك على الجرح ومعرفة ما أنت بحاجة إليه، وهو ما سيجعل التذكر جزءًا من الشفاء.
النقطة الثانية أن التذكر أشبه بـ أحجية "puzzle " حيث يكون أشبه بصور غير واضحة ومختلفة وليس لها ملامح قوية فتتجمع هذه الصور المتفرقة دي لدرجة تشعر معها أنك بداخل موقف الإساءة للمرة الثانية.

التعامل الأمثل مع التذكر

حين تتذكر الإساءة:

تواجد في مكانٍ آمن.

واسمح للتذكر بالحصول، ولا تحارب ذكرياتك. دعها تأتي مرةً تلو الأخرى، وكما قال أحد الناجين عن ذكريات الإساءة: "لابد لها من الخروج، وإلا سأستمر في حملها معي للأبد".
حاول استدعاء شخص من الداعمين لك.
افهم جيدًا أن ما حصل مجرد تذكر لإساءة حصلت وانتهت، لا إساءة جديدة تحصل لتوها.
التذكر عملية مؤلمة فمن الطبيعي أن تدخل في حالة من مزاج سيء يؤثر عليك مدة، فاستعد لهذا جيدًا.

النوع الثالث من أنواع المشاعر الذي قد يواجهك هو: الشعور بالخزي.

لم نشعر بالخزي؟

إما لأن المسيء زرع بداخلك أن الخطأ خطأك.
أو يقنعك أنه لم يجبرك.. هو سألك وأنت لم ترفض!
رغبتك في التقرب من المسيء، وقد تكون أنت من طلبت منه في مرة أن يمسح على شعرك أو اقتربت منه.. كطفل يحتاج للحنان والحب ويفتقدهم، وهو ما كان يلغ أي شعور يدفعك للمقاومة نظير العناية والانتباه الذي قد يمنحه لك المسيء.
بعض من تعرضوا للإساءة لم يمروا بأي ألم أثناء الاعتداء عليهم، بل بالعكس شعروا بلذة كما لو كان ما حدث بإرادتهم وعن وعي. وهو ما يجعلهم يشعروا بخجل أكثر من أنفسهم ويستغربوا كيف سمحت لهم أجسادهم بهذا رغم الاعتداء!
لكن في الحقيقة من الطبيعي أن تشعر بهذا أن لمسك أحدهم بطريقة جنسية، وهو ما لا يعنى أنك كنت ترغب في حصول هذا أو أردت أن يتم الاعتداء عليك! لكن أجسادنا تعمل وفق غرائزها في وفي غيرك ممن مروا بنفس الشيء، كما أن فرصة حدوث هذا تزيد كلما كان المعتدي يستخدم أساليب أقل حدة وأكثر تحايل وخدعة.

كيف تتجاوز الخزي؟

التغلب على الخزي

حتى تتغلب على الخزي ينبغي أن تفهم جيدًا أن الإساءة ليست خطأك أنت، لكن المسيء استغل ضعفك وعدم نضوج فكرك وأنه ليس لديك أي معرفة تتمكن من التمييز على أساسها هل تختار بشكل صحيح أم لا، أو كيف تقاوم حتى!
جرب أن تكون وسط مجموعة من الناس الذين تعرضوا لإساءات جنسية، اسمعهم وهم يتكلموا عن قصصهم والتي قد تكون أبشع مما حصل لك، وسيتم دعمك من مجموعة كاملة ستواسيك وتسمعك؛ لأنهم منك وأنت منهم.
حين تختلطي بأطفال حاولي استكشاف كيف أن هذا الطفل مخلوق ضعيف وصغير لدرجة لا تجعل معها أحد يقول أنه مسؤول عن اختياراته وقراراته.

وأخيرًا .. مهما كان سنك وقت حدوث الإساءة ومهما كانت الظروف فما من مبرر للإساءة الجنسية ولا شيء يدفع لسؤالك عنها، لكن هذا ما حصل ولا يصح أن تعيش ما تبقى من عمرك كله تحمل بداخلك ما يؤذيك، ولم يكن من اختيارك الواعي.

خاطر وانج بنفسك، صحيح أن مواجهة المجهول مرعبة لكن الراحة كل الراحة في التوقف عن الهروب من الألم..

وبس كدا.

سلام :)