كتاب الصحة النفسية للمرأة

ملخص كتاب الصحة النفسية للمرأة (لمؤلفه: محمد عبدالفتاح المهدي)
المقدمة:
ماذا يحدث بداخلها؟
هل من الصدفة أن أغلب من يذهبون إلى المعالجين النفسيين نساء؛ رغم أن صعوبات الحياة اليومية يواجهها كلاهما على حدٍ سواء؟ أم أن طبيعة المرأة النفسية والضغوط التي تواجهها في حياتها الاجتماعية هي السبب في لجوئها لطلب المساعدة النفسية، بالإضافة لشجاعتها في التعبير عن معاناتها، تطلب المساعدة الطبية للتخفيف منها وحلها!
الاعتراف باضطرابات المرأة:
دفعت هذه الأسئلة الكلية الجامعة للأطباء النفسيين بإنجلترا للاعتراف وتكوين فرع خاص بالاضطرابات النفسية للمرأة، وكلفوا مجموعة بالأبحاث اللازمة لهذا الفرع بداية من عام 1995.
وقبل كل كل هذا هناك تراث كبير من الأديان والحضارات المختلفة، يهتم بتنظيم مواضيع المرأة سواء في علاقتها بالرجل بالأخص، أو علاقتها بالمجتمع والحياة بشكل عام، كل هذا من شأنه الإجابة على السؤال الذي طرحناه في البداية.
المرأة والمرض النفسي:
في أغلب الحالات لا تكون المرأة من تتعرض للمرض النفسي بشكل غالب، ففي مرحلة ما قبل المراهقة تكون الفتاة أقل عرضة للاضطرابات النفسية المرتبطة بالنمو العصبي، لكن في مراحل نموها التي تلي ذلك، نجدها تمثل غالبية المرضى النفسيين، من يحتاجون لرعاية نفسية منهم، أو لعلاج بالأدوية النفسية، بالإضافة للاضطرابات التي تلتصق بالمرأة بصورة كبيرة جدًا مثل اضطرابات الأكل، والتي لا تختلف كثيرًا عن الاضطرابات التي ترتبط بالرجل بصورة أكبر مثل إدمان الكحول والمخدرات.
في عام 1991، وجد العالم مايكل أن نسبة الاكتئاب في المرأة ضعف النسبة في الرجل، ووجد أن هذه النسبة لا ترتبط بقدرة أو حاجة المرأة لطلب المساعدة، بل هي نسبة حقيقية، ووجد أن الزيادة تكون في النساء المتزوجات، وبين عمر 25 عام وحتى 45، حيث يكون لديهم أطفال، وهو ما نستنتج منه أن العوامل الاجتماعية لها تأثير كبير جدًا على المرأة وحالتها النفسية، بالإضافة للاضطرابات النفسية المرتبطة بسن اليأس. وحتى العلاج بالهرمونات في هذه الحالة يساعدها فقط على تحسين الحالة الجسمانية، ولكن تأثيره على الحالة النفسية ضعيف جدًا، وإن كانت أم؟ تكون نفسيا مرتبطة بكل من في البيت، فإن أصاب زوجها أو أحد أولادها اضطراب نفسي؟ فيقع حمل هذا الاضطراب عليها.
المرأة أكثر حظا من الرجل في تجنب الإصابة بالفصام، وإن كانت من النسبة الضئيلة اللاتي سيصبن بالفصام، فاستجابتها للعلاج تكون أسرع من الرجل.
لكن للأسف على الرغم من كل الاضطرابات التي تصيب المرأة دي، وسهولة طلبها للمساعدة، وسرعة استجابتها للعلاج، إلا أن هناك معوقات تمنعها من تحقيق علاجها.
العوائق التي تواجه المرأة:
- في المجتمعات الشرقية تحتاج المرأة إلى إذن من زوجها أو من عائلتها إن كانت غير متزوجة لطلب العلاج، ومع حالة الإنكار الجماعية الحاصلة للمرض النفسي، على اعتبار أنه وصمة عار أو ضعف إيمان أو ضعف شخصية. بالإضافة إلى أن أغلب هذه الاضطرابات النفسية المريضة فقط هي من تشعر بها، وما من علامات ظاهرة على الجسد ليقتنع الأهل. وإن سمحوا لها؟ فللأسف لا تتمكن من إكمال العلاج إما لأسباب مادية أو اجتماعية.
- انتشار أعمال الشعوذة بكثرة هذه الأيام، وقلة حيلة النساء أمامها وأحيانًا جهلهم ما يدفعهم للذهاب للمعالجين الشعبيين، وهو ما يحرمهم من فرصة الحصول على علاج نفسي، أو تأخر حالاتهم ويحولهم لحالات مزمنة.
- نقص أو عدم وجود المهارات لدى الأطباء في العموم للتعرف على الأعراض النفسية، حيث يزورهم الكثير ممن أثر المرضى النفسي على صحتهم الجسدية، ويعتقدوا أنهم يعانوا من مشاكل جسدية، وفي الحقيقة هي مشاكل نفسية، بسبب النقص في تدريس مادة الطب النفسي في كلية الطب.
- التعرض للاستغلال والابتزاز.
وكمحاولة للتخفيف أو إزالة هذه العوائق؛ ينبغي أن نبين بالتفصيل جزء من الاضطرابات النفسية التي تعاني منها المرأة، لنضعها في حجمها الحقيقي، ونبين أثر كل ما يحصل لها على التوازن النفسي الكلي لديها.
الاضطرابات النفسية للمرأة:
- اضطراب ما قبل الدورة الشهرية.
هناك من يرى أنه حدث شهري فسيولوجي طبيعي يحصل لمعظم النساء، وهناك من يرى أنه حدث شهري، لكنه حدوثه لنساء معينة يؤثر على قدرتهم على العمل والإنجاز وعلى نشاطهم الاجتماعي بدرجة كبيرة، لدرجة توصل هذا الحدث الشهري لمستوى المرض.
أظهرت الأبحاث أن 40% من النساء يعانوا من هذه الأعراض، في حين أن من 2 لـ 10% من هؤلاء النساء يحتجن لمساعدة طبية للتغلب على هذه الأعراض، التي تكون موجودة في الأسبوع الذي يسبق هذه الدورة، ويقل تأثيرها نزول الدورة، أو بعد نزولها بأيام قليلة.
هذه الأعراض هي:
- مزاج مكتئب بصورة واضحة جدا مع إحساس باليأس وتحقير النفس.
- قلق واضح جدًا وتوتر، والشد النفسي.
- تغيرات سريعة جدا في المشاعر، حيث تجد المرأة نفسها تبكي وفجأة تشعر بالحزن، وفجأة تشعر بالبهجة.
- حدوث الغضب بشكل سريع جدًا ودائم، وهو ما يسبب كثرة المشاكل.
- ضعف التركيز وعدم الاهتمام بالعمل والأصدقاء والهوايات + زائد انخفاض الطاقة.
- ظهور أعراض جسمانية؛ مثل تورم الثدي، صداع، وتعب في المفاصل والعضلات، وإحساس بالانتفاخ وزيادة الوزن.
- الاضطرابات النفسية ذات الشكل الجسدي.
نظرًا للصعوبة التي تعاني منها المرأة في إيصال معاناتها النفسية لغيرها، فتحاول التعبير عن معاناتها من خلال أعضاء جسدها.
فمن الاضطرابات الجسدية التي تعاني منها المرأة:
- شكاوى جسدية متعددة في وقت طويل من الزمن، مثل ألم الظهر أو الصدر، أو آلام الدورة الشهرية، أو مشاكل في الجهاز الهضمي كالغثيان أو التقزز من أنواع كثيرة من الطعام.
- اضطرابات جسدية غير خطيرة تحصل في مدة قصيرة جداً دون أن تعرف سببها.
- اضطرابات في الجهاز الحركي أو الحسي، مثل توهم المريض أنه مشلول أو أنه مصاب بالتشنجات أو لديه صعوبة في النطق أو أنه لا يرى.
- قد تكون لدى المريضة أم عضوي، لكن ألمها النفسي يزيد من شدة ألمها العضوي.
- خوف المريضة الدائم من تشوه جسدها، أو الشكوى الدائمة من كبر حجم أنفها، أو أن هيئتها سيئة في العموم. وفي غالبية الحالات لا يكون هناك أي عيوب في الشكل، وفي حالات أخرى يكون العيب بسيطًا جدًا، لا يستحق كل هذا الخوف.
والمريض النفسي حين يحول معاناته النفسية إلى معاناة جسدية، فكأنه شخصيا ينكرها، أو لا يتحمل فكرة اضطرابه النفسي من الأساس، أو يخاف من رفض من حوله له، لكن تحويل أعراض نفسية لجسمانية تجعل من حوله قريبين منه، ويحصل على الاهتمام الذي يحتاجه، لذلك تأخذ هذه الاضطرابات فترة علاج كبيرة جدًا؛ لأنها اضطرابات مخادعة، فأي علاج لها بالتأكيد سيكون مخادعًا.
- أزمة منتصف العمر.
"أزمة منتصف العمر"، تصيب المرأة في عمر الأربعين؛ حين تواتيها تساؤلات وأفكار لم تكن تخطر ببالها من قبل، نظرًا لانشغالها في حياتها من قبل بِخطبتها وأطفالها وزوجها، لكن حين يكبر الأطفال ولم يعودوا في حاجة لها، وينشغل عنها زوجها، وتبدأ في الشعور بالوحدة، بالإضافة للتغيرات الجسدية الواضحة جدا مثل قلة حيويتها وجمالها تظهر هذه التساؤلات والأفكار. بعض النساء يتقبلن حصول كل هذا بسهولة؛ لأنه في الوقت الذي تخسر فيه بعض الأشياء كأنثى، إلا أنها تكون قد ربحت أشياء أخرى مثل كونها أمًا حنونة، أو يحبها أولادها، أو أنها موظفة ناجحة.. وهكذا.
حل أو علاج اضطراب هذه المرحلة:
استعداد المرأة للأزمة قبل حدوثها، من خلال تحقيق إنجازات حقيقية ومتراكمة في مرحلة الشباب، وألا تدع سنوات الشباب تذهب هباءً، ومحاولة الموازنة بين ما تمنحه وما تتلقاه، من أجل ألا تشعر في هذه اللحظة أن كل ما قامت به ذهب هدرًا. بالإضافة إلى الحرص على أن تكون علاقتها بالله قوية كي تحميها من تقلبات الأيام وجحود البشر.
لكن إن كانت تمر بالفعل بهذه الأزمة؛ ينصحها علماء النفس بالتكلم عن مشاعرها بكل صراحة لامرأة قريبة منها تحبها أو صديقة تثق فيها، فالتنفيس بإمكانه مساعدتها على تجاوز هذه الأزمة دي، بالإضافة إلى وقوف أسرتها بجوارها، وقد يحتاج الأمر استشارة الأكبر خبرة أو معالج نفسي.
وختامًا:
فبالتأكيد هناك قائمة طويلة بالآلام غير ظاهرة، وأحزان مدفونة لا أحد يعرف بشأنها شيء، وإن تكلم أحد؟ سيفعل ببساطة لا تتناسب أبدا مع حجم ما تعانيه المرأة، وحتى إن كانت هذه المشاكل واضحة جدا في طرحها، إلا إن فهم البعض لها وتقبلها قد يكون صعبًا، كما أن المرأة قد تجد صعوبة في فهم امرأة غيرها، وليس مشاكل النساء والرجال هي التي لا يفهمونها.
فرفقًا بالقوارير. :)
وبس كدا.
سلام.