كتاب إرادة الإنسان في علاج الإدمان

ملخص كتاب إرادة الإنسان في علاج الإدمان (لمؤلفيه: آرنولد واشنطن- دونا باوندي)
سلوكيات سلبية مستمرة مثل الرهان بالمال رغم معرفة أن الخسارة هي النتيجة الأكيدة، والاستمرار على أمل تدارك ما فات وتعويضه.
أو شرب المخدرات رغم الحالة المادية والصحية السيئة.
أو العمل على نحو أكثر من المطلوب لدرجة الاحتراق النفسي وإهمال الحياة.
بينها أمر مشترك، وهو الجانب القهري.
حيث يظهر الشخص أمام نفسه وكأنه مجبر على تكرار السلوك، وأنه اعتاد عليه أو قد أصبح جزءًا منه.
لكن في الحقيقة هو غير مجبر، هو مدمن.
(التعريف بالإدمان)
المدمن لديه:
- منظومة معتقدات خاطئة.
- ويقوم بسلوكيات انهزامية، يكون من الصعب عليه التوقف عنها، رغم معرفته بنتائجها العكسية.
- كما يكون غير قادر على تحمل الإحباطات.
- ونلاحظ افتقاره للمهارات اللازمة للتعامل مع المشكلات المعتادة في الحياة.
- ودائمًا ما يكون أهم شيء بالنسبة له .. الإشباع الفوري والمباشر لرغباته.
الإدمان لا يقتصر على الفئات الفقيرة فقط، أو على أفراد لهم صفات معينة.
لكن الإدمان من الممكن أن يصيب أي حد. جميعنا عرضة لهذا الوباء.
وباء له أشكال كثيرة، مثل..
إدمان الجنس، أو القمار، أو المخدرات، أو العمل، أو الطعام، أو الكحول، أو النيكوتين الذي يوجد في أشياء كثيرة منها السجائر.
لو نظرنا لهذا الوباء كمرض، فله خمس عوامل:
مرض الإدمان
- العامل الأول: منظومة معتقدات إدمانية.
مثل:
- اعتقادك أن من حقك الاستمتاع كما تريد بغض النظر عن الأضرار التي تسببها لمن حولك، أو بغض النظر عن إهمالهم.
- أو أنك غير كفء وغير قادر على حل مشاكلك.
- أو أن هناك أشياء لديها حلول سحرية لمشكلاتك.
أشياء خارج نفسك.. (مثل المخدرات، أو الناس، أو القمار).
- العامل الثاني للإدمان: الشخصية المدمنة.
نتيجة لوجود المعتقدات التي بالأعلى، تبدأ تظهر بعض السمات أو الصفات الإدمانية في شخصية الإنسان.
مثل: السعي للكمال، السعي للاستحسان والقبول، الهروب من المشاعر، الحساسية المفرطة للنقد والرفض، العجز عن تحمل الإحباط وخيبة الأمل، ومشاعر قلة الحيلة، وإهمال الذات، والميل إلى العيش في الخداع الذاتي.
- العامل الثالث للإدمان: عدم كفاية المهارات للتعامل مع المشكلات المعتادة.
نتيجة للحياة المتسارعة التي نعيش فيها، لا نتعلم سوى القليل جدًا من مهارات حل المشكلات ومواجهتها.
من المهارات التي لم نتعلمها: تحمل الغموض والإحباط، وتقييم الخيارات، والتواصل المباشر الأمين والصادق، التي تعلمنا التعاون واتخاذ الإجراءات البناءة.
يعد غياب هذه المهارات دي أحد أسباب اللجوء للإدمان؛ لأن الإدمان يوفر حلول سريعة بدل حل المشكلات- والذي يحتاج لوقت وجهد.
- العامل الرابع للإدمان: وجود احتياجات عاطفية واجتماعية وروحية غير مُشبَعة.
والتي يسبب غيابها وجود مشاعر سلبية مزمنة وحالات نفسية سيئة..
والتي تزداد مع افتقادنا لمهارات مواجهة المشكلات وحلها، وعدم تحمل الفشل والإحباط أو البحث عن مصادر للإشباع.
- العامل الخامس للإدمان: الافتقار إلى المساندة الاجتماعية.
غياب الإحساس بالانتماء لشبكة من شبكات المساندة- سواء أكانت أسرة صغيرة، أو كبيرة، أو مجتمع، أو جماعة حتى- يزيد من جاذبية الدعم والراحة التي يقدمها الإدمان.
وتذكرجيدًا أن من الأشياء التي يتغذى عليها الإدمان (الوحدة).
العلامات الرئيسية للإدمان..
للإدمان 4 دلائل أو أعراض أساسية.
تفرق بين الحد المقبول للسلوك/ أو العادة، وبين الإدمان.
لو اجتمعوا لديك، اعرف أن هناك مشكلة!
دلائل (أو أعراض) الإدمان الأساسية:
- الاستحواذ الفكري.
عدم امتلاك القدرة على منع النفس من التفكير في الشيء محل الإدمان، أو منع النفس من التخطيط للحصول عليه.
- النتائج السلبية.
التي تظهر في العمل أو الدخل المادي أو في العلاقة بالأسرة أو الصحة النفسية أو الجسدية، وما إلى ذلك.
- فقدان السيطرة.
فمن أول مرة يدخل فيها الشخص هذا الطريق والمادة أو النشاط الذي يدمنه هم من يتحكمو فيه، لا العكس.
- الإنكار.
مع بدء المشاكل في الازدياد بسبب الإدمان والإهمال، يزيد الإنكار لأمرين..
- أن المخدر أو النشاط الذي تمارسه مشكلة صعب التحكم فيها أو السيطرة عليها.
- أن النتائج السلبية التي ظهرت في حياتك سببها الإدمان.
ومشكلة الإنكار أنه يمنعك من تصحيح المشكلة.
لأن لا ترى أن هناك مشكلة أصلًا!
ونتيجة لأن المدمن يعيش مع آخرين، فهو يؤثر على 10 أشخاص تأثير مباشر = هم من يتفاعل معهم بصورة منتظمة.
والسؤال هنا:
ما الذي يستفيده الشخص من إدمانه/ أو من تعاطي مغيرات للحالة النفسية- أيًا كانت؟
المغيرات تفي ببعض احتياجات الشخص، أي تقدم له خدمة، وإلا لن يعاود الرجوع لها.
من هذه الخدمات:
- الخلاص من العزلة.
لأنها تعمل على تخدير وتغييب الشعور بالوحدة- حتى ولو مؤقتًا.
لأنها تجعل الشخص يشعر بالانتماء، والمشاركة الجماعية.
إن لم يكن يشعر أيضًا بالألفة والمودة مع المدمنين الآخرين.
- الابتعاد عن المشاعر والانصراف عنها.
حيث ينشغل الشخص بأنشطة وطقوس الإدمان، فلا يشعر بالمشاعر التي بداخله ولا بالفراغ الذي يسببه الإدمان.
كما تعزله عن اليأس وتبعده عنه، وتعزله عن المعنى العميق لحياته والهدف منها.
- اللذة الكاذبة.
فيتخلى الشخص المدمن عن اللذة والفرح الحقيقين مقابل لذة مؤقتة يعطيها له الإدمان؛ يتخلص فيها من وعيه وإحساسه بالزمن.
- وهم التحكم والسيطرة.
"الإدمان يعتبر إشارة (للبحث عن القوة في المصادر الخاطئة)".
في الوقت الذي يعاني فيه الشخص من ضعف السيطرة على حياته وضعف التحكم فيها، توفر له مغيرات الحالة النفسية مشاعر السيطرة والكفاية والقوة.
أو بمعنى أدق تمنعه من الشعور بالعجز وقلة الحيلة.
كيف يكون لدى الإنسان إرادة لعلاج الإدمان؟
الفشل في التعامل مع الإدمان أساسه ليس المادة التي يتعاطاها الشخص أو الممارسة التي يقوم بها، فمجرد امتناعه عن هذه الأمور لا يعني أنه متعافى.
المشكلة الحقيقية هي رغبته في تغيير حالته النفسية أو التنفيس عن ما بداخله أو الحصول على لذة.
وهو ما يحاول تحقيقه بأي طريقة.
وبالتالي الإرادة للشفاء من الإدمان تبدأ بإحداث تغييرات داخلية في نفس الشخص وفي الأسلوب الذي يعيش به حياته.
أن يغير الطريقة التي ينظر من خلالها للعالم.
يغير منظومة معتقداته وطرق معالجته للمشكلات.
ويغير طرق إشباعه لاحتياجاته البدنية والعاطفية والاجتماعية والروحية أيضًا.
حتى لا يخرج من إدمان، ويدخل في إدمان آخر.
والشفاء من الإدمان، يكون على 3 مراحل:
- التخلص من الإدمان.
وكما قلنا: تغيير أسلوب الحياة.
أن يبتعد الشخص عن المادة المخدرة ويتعرف على الإدمان في حياته- في نظرته لنفسه، ومعتقداته، وطريقة اهتمامه بنفسه وعلاقته بالآخرين-، ويستبدل كل هذا بأمور صحية.
وهو ما يمكن أن يقوم به الشخص من خلال:
- قطع دائرة الإدمان والتوقف عن المخدرات أو الأنشطة أو العلاقات التي يقوم بها؛ كي يخدر مشاعره.
ولا يكون هذا بالتوقف المجرد، بل الابتعاد التمام.
ولكي يقوم الشخص بهذا بشكل صحيح، هو بحاجة إلى أن يعترف أمام نفسه بأنه مدمن، ويعترف بعجزه عن السيطرة على حياته أو التحكم فيها.
يحاجة إلى اختراق الإنكار الذي يجعله لا يرى الواقع على حقيقته، ويتحمل مسؤولية حياته.
وفوق كل هذا يقبل ذاته كما هي، ويقبل حقيقة إدمانه.
- تجنب المثيرات.
لأن القرب منها ستجعل الشخص يصرف طاقته ومجهوده في التعامل مع الأعراض الناتجة عن الاقتراب من المخدر، وليس تأسيس وبناء شفاء طويل الأجل.
- اتخاذ خطوات حقيقية ناحية الشفاء.
وهنا يترجم الشخص قراراته لأفعال واقعية محددة، تدور حول إعادة تشكيل حياته اليومية بشكل جديد يستبعد فيه طقوس الإدمان، ويكسر دائرة الإدمان كلها.
ومن هذا:
- التعرف على شبكة المساندة (الأهل مثلًا أو الأصدقاء أو جمعية من جمعية المساعدة الذاتية؛ مثل زمالة المدمنين المجهولين) الذين بإمكانهم مساعدته، وبإمكانه اللجوء لهم لو زادت لديه رغبة الإدمان، كي يسمعوه بدون أن يحكموا عليه، ويقدموا له المساندة والتشجيع.
- أو يتقاسم سره مع شخص أمين.
- أو أن يطلب مساعدة متخصص.
- أو يبتعد عن أي شيء له علاقة بالمخدر أو تذكره به.
- أو أن يقاطع كل الأشخاص الذين يوفرون له المخدر أو يسهلوا حصوله عليه.
- أو أن ينظم وقته.
- أو يخلق لنفسه حياة مشبعة، تشتمل على الترفيه، والترويح، والهوايات، والمرح.
- الابتعاد عن الإدمان.
الابتعاد يعني أن يستمر الإنسان في بُعده عن المخدر ويأخذ خطوات فعلية ناحية الشفاء.
لأن مجرد التوقف عن تناول المخدر ليس مرادفًا للتعافي.
فالشخص بحاجة لأخذ خطواتٍ عكس اتجاه الإدمان، ولا يظل واقفًا في مكانه؛ لأنه من السهل جدًا الرجوع للعادات القديمة.
= هذه المرحلة من الابتعاد صعبة جدًا؛ لأن من السهل على الإنسان التوقف، وليس من السهل الاستمرار في التوقف والبناء فوقه.
ف الشخص بحاجة إلى أخذ خطوات إيجابية ومحددة ناحية الشفاء.
كما أنه بحاجة إلى أن يرحم نفسه؛ حتى يتقبل طبيعة الإدمان ويتقبل حقيقة أنه من الممكن أن يسعى للرجوع لمغيرات الحالة النفسية ثانيةً.
فلا يجلد نفسه أو يغرق في رثاء الذات.
الرحمة ستساعده على قبول مرضه والتسليم به، ومعرفة ما يسبب له التوتر والضغوط ويجعله يعود ثانيةً للإدمان.
وهو ما سيغير غالبًا نظرته للإدمان من: (أنا شخص سيء يتحول للأفضل)، لـ (مريض يتماثل للشفاء).
كما سيساعده على قبول التعثر والتعلم من أخطائه إن تعثر.
- التحسن.
وفيه يقوم الشخص بأكثر من شيء:
- إدخال مصادر للإشباع الإيجابي في حياته؛ كي يقضي على البريق الكاذب الناتج عن الحلول السريعة مثل الإدمان ويتغلب على اللذة الوهمية قصيرة الأجل والارتياح قصير الأمد.
- الالتزام بمبادئ إيجابية في حياته؛ مثل الصدق والأمانة بدلًا من الإنكار والخداع، وتحمل المسؤولية بدل الهروب منها.
ونقل تجربة التعافي لشخص آخر ومساعدته.
بإمكاننا اعتبار كل هذا تغيير تدريجي للقيم؛ فالأفكار والأفعال التي كانت مهمة لدى الشخص مثل الكمالية وتناول المخدرات أصبحت غير مهمة وحل محلها قبول النفس والتعافي.
الخاتمة:
آخر رسالة نرغب في إيصالها من خلال الحلقة؛ معلومة استفدناها من الكتاب، موجهة لكل الأشخاص والعائلات، المدمنين وغير المدمنين. وهي أن:
"الإدمان يزدهر في ظروف الحرمان، ومفعوله يمكن إبطاله عن طريق البيئة المشبعة والمساندة".
والتي تعتبر حقيقة تم إثباتها معمليًا.
وبس كدا.
سلام.