كتاب لماذا أخشى أن أقول لك من أنا؟

Book-Cover

ملخص كتاب لماذا أخشى أن أقول لك من أنا؟ ( المؤلف: الأب جان باول اليسوعي)

المقدمة:

يجبرنا المجتمع على ارتداء قناع يخفي شخصيتنا الحقيقة، هذه الشخصية عبارة عن مجموعة من الأفكار والأحكام والمشاعر والالتزامات وغيرها، التي تتغير وتتطور بمرور الزمن والخبرات، ومن كثرة القيام بهذا الإخفاء المعتمد أصبحنا نصدق الكذبات التي نلقيها على مسامع غيرنا، وأصبحنا صعوبة في التفريق بين مشاعرنا الحقيقة ومشاعرنا التي نصدرها لغيرنا.

كيف نتعرف على نفسنا أكثر، وكيف نتعامل معها؟

حالات الأنا:

في الكثير من المواقف، نلعب أدوارًا كثيرة مختلفة، أو ننتحل حالات الأنا المختلفة؛ أي نتصرف في الموقف الواحد أكثر من تصرف؛ 

1- تصرف نلعب فيه دور الأب أو الأم، حيث يشعر الشخص أنه مسئول عن حماية الناس الذين هم بحاجة إليه، ويحاول أن يوفر لهم ما يحتاجوه، كما يفعل أي أب وأم.

 2- تصرف لعب فيه دور الشخص البالغ، الواثق من نفسه، القادر على الاعتماد على نفسه، ويعرف كيف يتعامل مع كل شيء.

 3- تصرف نلعب فيه دور الطفل، الذي يسيطر عليه شعور عدم القدرة على الاكتفاء بنفسه، وأنه دائما محتاج إلى من يسانده، ويساعده.

وما من إنسان يستقر أو يثبت على حالة واحدة من هذه الحالات، بل ينتقل من حالة لأخرى على حسب الموقف، وحاجته النفسية في هذا الوقت، فقد يلعب الشخص دور الأب مع ابنه، ويلعب دور البالغ مع أصدقائه وزوجته، كما قد يلعب دور الطفل مع زوجته مثلا حين يطلب منها قبل خروجهم معًا أن تختار له قميصًا جيدًا يرتديه بنوعٍ من التوسل العفوي؛ لانه هذه في اللحظة يحتاج لمن يساعده، وبسرعة جدا بعد هذه اللحظة يعود ليمارس دور البالغ أو الأب.

كيف تكونت هذه الحالات! ولم يحدث كل هذا لنا!

حالات الأنا الثلاثة لكل شخص تتكون بناء على ما عاشه في حياته، وطريقة تعامل أهله ومعارفه وأصدقائه في مواقف معينة، وردود فعله على هذه المواقف، وكأن عقل كل شخص آله تسجل كل كلام الأب أو الأم له، وفي الغالب حين نكون آباء أو أمهات نقلدهم تلقائيا، بل ونقول هذا الكلام لأنفسنا بعد أن نكبر بدون وعي.

 ولكي نتجنب الجانب السلبي لهذا حين يحدث علينا إدخال الشخص البالغ في الحوار لكي نتمكن من عيش حياتنا منفصلين عن الماضي. وكلما نضج الشخص، كلما كان عقله كان مسيطر أكثر، وينتقل من كونه مُبرمج على ردات فعل حصلت في الماضي، إلى كونه هو صاحب وسيد كل القرارات.

كيف نتجنب إظهار حقيقتنا؟

نمارس الكثير من الألاعيب والحيل لنتجنب إظهار حقيقتنا للناس، ونحاول حماية أنفسنا من الجرح، هذه الألاعيب وطرق الدفاع عبارة عن تعويضات بشكل أو بآخر عن أشياء نرى أنها تنقصنا.

مثل:

1- (الإبدال). حيث يعبر الشخص عن مشاعره بشكل غير مباشر، كإخراج الغضب على الزوجة في المنزل؛ لأنه يتمكن من إخراجه على صاحب العمل. فيبدّل الهدف الذين كان ينبغي عليه تسديد كرته فيه.

2- (الإسقاط). حيث يحاول الشخص إسقاط أشياء عن نفسه وينسبها لشخص آخر حتى يبعد اللوم عن نفسه، فغالبًا إن وجدت شخصًا ينتقد آخر خبيث بصورة كبيرة، ويشتكي من انتشار الخبث حوله، فهناك احتمال أن يكون هو خبيث، ويداري هذا حتى لا يظهر للناس.

3- (الإلباس). وفي هذه الحالة ينسب الشخص لنفسه أشياء ليست لديه، ويحبها عند من حوله؛ لأنه يرى أن قيمته تعتمد على ما يملكه، فيشعر بالفخر لمجرد أنه يعيش في مدينة معينة جميلة، أو أنه من عائلة معينة مشهورة.

4- (التبرير). وهذ أكثر حيلة دفاعية يستعملها الإنسان تقريبا كل يوم، لأن أغلب ما نقوم به في حياتنا له سببين: سبب حقيقي، وسبب نبوح به للناس، فالتبرير مش مجرد كذب على نفسك أو على الشخص الآخر، بل هو فقدك احترامك لنفسك، وتصديق لكذبك، حيث ستعمل أسبابك العاطفية وتحولها لتبريرات عقلية، كأن تقول لنفسك أن شرب السجائر مفيدة لك، بينما السبب الحقيقي أنك تشربها لأنك تحبها، وتساعدك على الوثوق بنفسك، والشعور برجولة خادعة.

ملحوظة

هذه الألاعيب كلها للأسف نستعملها حين نشعر أن هناك ما يجب إخفاءه عن حياته، فالهدف منها محاولة الحفاظ على صحتنا النفسية. فلا يصح رفع شعار تمزيق أقنعة الناس لكي يكشفوا عن حقيقتهم بالإجبار، لأن بعض الحقائق المختفية إن ظهرت، حياة أصحابها ستكون بائسة ولن يتمكنوا من التعايش معها، فتنهار حياتهم في النهاية.

والأولى من هذا أن نأخذ خطوات مع أنفسنا، ونواجه أفكارنا ومشاعرنا الحقيقة، ونكون صادقين، ونبعد عن الحكم على الآخرين، وهي ليست بالخطوات السهلة، وقليل من يتمكن من القيام بها، لكن الألم دائما شرط من شروط الحياة، وثمن أي معرفة.

وكل هذا في سبيل الوصول لأقرب درجة للإنسان الكامل.

ما هو الإنسان الكامل؟

الإنسان الكامل هو من لا يكبت مشاعره، ويسمح لها بالظهور قدر ما يستطيع، وبيون واعيًا لمشاعره وحاجاته، يعرف ما يكره، وما يحب، وما الذي يتسبب في شعوره بالضيق؟ ويتمكن من الوصول لسبب إحساسه بشعور ما، ويكون لديه اتزان بين عقله ومشاعره، فالتعامل مع المشاعر، لا يعني أننا سنستسلم لها بشكل كامل، لكن بإمكاننا التعامل معها مشاعرنا، من خلال:

  1. محاولة استيعاب المشاعر، وسؤال أنفسنا: ما الذي أشعر به الآن؟ 
  2. أيًا كان هذا الإحساس، فالمفترض أن نقبله لكي نتمكن من التعامل معه.
  3. السؤال عن مصدر المشاعر. فإن كنت تشعر بالغضب؛ اسأل نفسك ما مصدر هذا الغضب؟ ولم تشعر به على هذا النحو؟ (وقد لا يكون الأمر يستحق ردتك هذه)، وهو ما قد يدفعك للسؤال؛ هل هناك سبب خفي وراء مشاعرك هذه؟
  4. التعبير عن المشاعر، بدون أي تبرير لها، قل مثلا: "أشعر بالغضب أو الضيق، وهو ما دفعني لقول ما لا أقصده" … هذا التعبير عن المشاعر من المهم أن يكون خاليًا من الأحكام أو الاتهام لأي أحد موجود.
  5. أخيرًا، ترك فرصة للعقل كي يفكر فيما ينبغي له الحصول؛ كتأجيل الحوار مع الطرف الآخر حتى يذهب غضبك.

ولا ينبغي علينا القيام بـ: 

  1. تجاهل ردود فعل مشاعرنا بشأن ما يحدث.
  2. الاستمرار في إنكار المشاعر.
  3. البحث عن طرق دفاعية أخرى لاستعمالها.
  4. رمى اتهامات كثيرة على الطرف الآخر.

ورغم كل هذا ليس بإمكان أحد إنكار احتياجه الدائم وأمنيته بأن يفهمه الآخرون، وأن يجد الحب:

حاجتنا للإفصاح عن مشاعرنا الحقيقية:

ولذلك حين نشعر أن من نحبهم لا يفهمونا، تكون كل العلاقات الأخرى بها توتر وتعب، فلا حب بدون تفاهم.

ولأن كل شخص فينا لديه ماضٍ عاشه وحده، وأشياء يخجل منها، وأحلام ماتت، وآمال تحطمت، بالإضافة لاحتياجنا لمشاركة أسرارنا مع غيرنا، وأن يوجد من يفهمنا، فمن المهم أن نقارن بين الفائدة والضرر من البوح بالمشاعر وعدم البوح بها؛ لأن أسرارك أكثر شيء خاص بك، والتي يكون من الصعب على أحد فهمها، ومن المهم أيضًا اختيار الشخص المناسب للبوح له بكل هذا، وعدم الخوف من الانهيار أمامه، والبكاء كالطفل.

وأخيرًا:

حاول إيقاف البحث عن ضمانات لحياتك، وتقبّل أن الألم جزء منها، وأن المعاناة اختيارية، ولكل شيء ثمن، وأن ثمن اكتمال الإنسان وتطويره غالٍ جدا، وأغلى ما فيه الصدق مع النفس ومن حولها.

وعلينا أن نحاول الاستماع إلى بعضنا، وأن يفهم كل واحد فينا الآخر، وهو ما إن حدث؟ سنسمع الكثير من الصرخات التي تطلب النجدة لكي يفهمها أحد.

وبس كدا

سلام:)