كتاب كيف تجذب الناس كالمغناطيس
ملخص كتاب كيف تجذب الناس كالمغناطيس؟ (المؤلف: ليل لاوندس)
أنهى أحمد الثانوية العامة منذ وقتٍ قريب، والتحق بالجامعة؛ يشعر أن مجتمع الجامعة هذا غريب وجديد عليه؛ كان معتادًا على دائرة معارف ضيقة، أما الآن فيشعر أن المكان واسع جدًا، ولا يعرف كيف يمكنه بناء حياةٍ اجتماعية جيدة في الكلية، ولا يريد أن يُمضي سنين الجامعة في الدراسة وحسب بلا أي استفادة أخرى.
في حلقة اليوم سنتحدث عن مشكلة يواجهها أكثر الناس في أي مكان جديد أو مرحلة جديدة، سواء كان مدرسة أو جامعة أو عملًا جديدًا، وسنعرف كيف نستطيع كسب ود الآخرين لتكون صحبتنا مرغوبة، وكيف نكوِّن صداقات حقيقية في الأماكن التي نُمضي فيها فترات من حياتنا.
لكن قبل أن نبدأ في الخطوات العملية، هناك بعض الأمور التي علينا أن نفهمها أولًا:
1-طبيعة العلاقات بين الماضي والحاضر
في الماضي، في القرن التاسع عشر، كانت علاقات الصداقة بين الرجال عميقة جدًا، مليئة بتقدير أبسط اللحظات ومشاركة التفاصيل، حتى أنهم كانوا يرسلون لبعضهم رسائل شك. لكن الأمر الآن صار مغلفًا بشيءٍ من الذكورية، أي أنك تقول إن هذا صديقك بخشونة لأن الأمر لم يعد مقبولًا بنفس الأريحية التي كان عليها في الماضي،فإذا سألت أحدهم: "هل لديك صديق بُنيت علاقتكما على ما أهو أكثر من الكلام عن الفتيات والألعاب وكرة القدم؟ هل يفهمك صديقك ويعرفك حق المعرفة؟"؛ ستجد في معظم الإجابات استهجانًا، ونفيًا للاحتياج الفطري البشري بالقول إن الرجل ليس في حاجة لأن يُفهم كليًا أساسًا.
أما صداقات النساء فلم تحدث فيها تغييرات كبيرة على مر الزمان، بل أحيانًا تزيد مبالغاتهن في الكلام عن مشاعر الصداقة.
وسواء كانوا رجالًا أو نساء، ثمة أناس يستطيعون أن يكسبوا ود الناس في أي مكان، ويُكوِّنون لأنفسهم شعبية كبيرة، وتختلف تلك المهارة باختلاف طبيعة المكان، فالمهارات اللازمة للنجاح في العلاقات الاجتماعية في دائرة العمل نسميها مهارات التواصل، أما مهارات تكوين الصداقات الجديدة والتعرف على الغرباء نسميها مهارات اجتماعية، أما القدرة على كسب القلوب بالحب فنسميها الجاذبية.
__________________
وبعدما فهمنا طبيعة العلاقات، علينا أن نفهم ما الذي يساعد الناس في بناء حياة اجتماعية ناجحة:
2-محفزات التواصل الفعال:
نعود إلى أحمد، والذي حكى لزميل أكبر منه عن مشكلة طالبًا المساعدة، فأخبره زميله أن هناك خطوات عليه اتباعها إن أراد أن يكسب ود الآخرين في أول تعاملٍ بينهم:
١-أولًا: كن متفائلًا دائمًا، وامنح الناس أملًا في حل أي مشكلة وقدم لهم يد العون، كلما ساعدتهم كان ذلك كتسويقٍ لنفسك، تمامًا كما يقوم الممثلون بعمل دعايا لأنفسهم، سيجعلك هذا محبوبًا وسيُرغِّب الناس في وجودك والتعامل معك في أي مكان.
٢-ثانيًا: ضع نفسك مكان الآخرين، احكم على الأمور من منظورهم والتمس لهم الأعذار قبل أي شيء، فإن جاء أحد مثلًا طالبًا للمساعدة ارفع عنه الحرج وأخبره أنك تعرف أنه محرج لكنك ستكون سعيدًا بمساعدته، وإن جاءك شخص ليعتذر لك عن أمر بسيط فلا تتزمَّت، وأخبره أنك تعذره أو أنك تعرف أنه لم يتعمد، وأنك مقدِّرٌ اعتذاره.
٣- ثالثًا: عامل كل شخصٍ معاملة خاصة، أرسل رسائل عينية لا أنانية، أي لا تتعامل مع الناس وكأنهم مصالح مجسدة أو كأنهم آلات، قدِّر الناس بصفةٍ خاصة. إليك مثالًا: حين تذهب لشراء مشروب أو طعام من مقهى الجامعة فيمكن أن تحدث الشخص الذي سيُقدمه لك، انظر في عينيه وقل: "شكرًا، أنت تقوم بعمل رائع!"، ألا تظن أنه سيبتسم بعد هذه الجملة؟ وأنه سيتذكرك ويُقدم لك خدمة مميزة في كل مرة؟
يمكنك كذلك تكرار الأمر مع زملائك ومع أي شخص يقدم لك خدمة وإن كانت بسيطة.
٤- رابعًا: ابتعد عن أسلوبِ الرجل الجليدي واكسب قلوب الناس بالكلمة الطيبة، أي لا تُعامل الناس ببرود. إن ذهبت إلى صيدلية مثلًا وأعطاك الصيدلاني الدواء بدون أن ينظر إليك أو يحدثك بأي كلمة، ستشعر أنه لا يراك أصلًا وأنه يتعامل مع رجل جليدي، ستشعر بشيءٍ من الخواء في داخلك، والتصرف الصحيح في ذلك الموقِف هو أن تكسر الصمت، وتذيب الجليد قائلًا: "يبدو أنك مرهق من العمل طول اليوم، أرجو لك يومًا طيبًا!" حينها لن يفرح وحسب بل ربما يحكي لك عن يومه أيضًا، وبذا تكسب ود الشخص المقابل بأقل من عشر كلمات.
٥-خامسًا: التواصل الجسدي الخفيف بين الناس من نفس الجنس مطلوب، كأن تطمئني زميلة تبكي قبل بدء الامتحان بأن تمسكي يدها لبضع ثوان وتقولي لها "لا تخافي."، سيجعلها ذا تطمئن فعلًا ولن تنساها لكِ.
٦-سادسًا: كن حساسًا تجاه لغة جسد الشخص المقابل، وحدد مشاعره، ثم رد عليه بقدر حاجته، فإن رأيت مثلًا شخصًا يجلس وحده وينظر إلى جماعات الناس فيمكنك أن تستنتج شعوره بالوحدة فتذهب وتبدأ معه حوارًا بطريقة ودودة.
٧-سابعًا وأخيرًا: ابتسامةٌ صادقة بطيئة كفيلةٌ بكسر حواجز كثيرة بينك وبين الناس :)
_______________________
لكن لا بد أن نتنبه لأمر مهم:
هل ستعامل الشباب والفتيات بنفس الطريقة؟
لا شك أن حديثك مع شابٍ مثلك سيختلف عن حديثك مع فتاة، وكذلك الأمر بالنسبة للفتيات.
فمثلًا كلنا سنتعامل بأريحية أكبر مع نفس جنسنا، ولكن حين يتعامل الشاب مع فتاة فعليه ألا يتعامل إلا في الضرورة وليس مرارًا وتكرارًا بهدفٍ أو بدونه، وما من داعٍ للمزاح وإزالة الكلفة بينكما.
حاول كذلك أن تبتعد عن ألفاظ التفرقة بين الجنسين وعن الصيغة الأمرية سواء في العمل أو الدراسة واستبدلها بصيغة السؤال: "هل يمكنك فعل ذلك؟"
وحين تحضر لقاءً أو أي حديث لفتاة فسيتطلب الأمر طريقة معينة في الاستماع والتفاعل تختلف عن الشباب، أي أن عليك أن تُريَها إيماءاتك بالرأس وهمهاتك التي تعني أنك تستمع وتفهم، مثل: نعم، حسنًا، صحيح...
______
=أما إن كنتِ فتاة فعليكِ حين تتعاملين مع الشباب ألا ترفعي صوتكِ، وأن تكوني هادئة، تحدثي في لُب الموضوع بشكل مباشر، وكوني أقل ترددًا. قولي ما تريدين قوله بوضوح بلا قلق أو خجل، قللي الألفاظ المعبرة عن المشاعر واستخدمي الحقائق دائمًا، لا تعتذري ما لم تقتنعي، أظهري احترامك وثقتك حين يتطلب الأمر ولا تقللي من شأن أحد أبدًا. كما يجب عليكِ حين يتحدث أمامكِ شابٌ أن تستمعي له في هدوءٍ تام، لأنه سيعد همهماتك وإيماءتك مقاطعاتٍ وربما يسكت أو يتشتت بعكس النساء.
_______________________
وبعدما تختار الطريقة المناسبة للتعامل مع الطرف الآخر ينبغي أن تفهم العقبات التي تقف في طريقك وتؤخرك، لذا سنتكلم عن:
4-معوقات التواصل الناجح:
1- أولًا: عدم تقديرك بنفسك، وهذا من أكثر الأمور التي تُشعر الناس بأنك ضعيف، وتلك ليست صفة جذابة أبدًا؛ حاول أن تبحث عما يهدم ثقتك بنفسك، مثل كونك محاطًا بأشخاص ينتقدونك دائمًا فيقللون تقديرك لنفسك.
2- ثانيًا: الخوف من إظهار حقيقتك، ففي كثير من الأوقات مثلًا تنساقين خلف المعايير التي يضعها المجتمع للجمال. في الماضي كان الجسد الممتلئ هو الموضة، وكانت النحافة معبرةً عن الفقر، فكانت الفتيات يسعين إلى أجساد ممتلئة، أما الآن وقد أصبحت النحافة معيارًا للجمال صار الناس يسعون إليها، وذلك يدفع الناس إلى إخفاء حقيقتهم ويولد عندهم خوفًا من مواجهة المجتمع. الحقيقة أنك إن تقبلت نفسك ستستطيع فرض ذلك على الآخرين بابتسامتك ومشيتك وغياب شكواك من صفاتك وفخرك الكامل بنفسك.
____________________
وهذا يجعلنا ننتقل إلى نقطة مهمة وهي:
5- كيف أترك أثرًا طيبًا في قلوب الناس بأفعال بسيطة؟
- يبدأ الأمر بإلقاء التحية على الناس الموجودين في المكان، والسير باعتزاز مرفوع الرأس.
- ثمَّ المصافحة، والتي تقتضي أصولها أن تنظر في عينيّ من تصافح، وأن تمسك يده بقوة، وتربت بيدك الأخرى على ظهر يده بخفة؛ يمنحه ذلك شعورًا بأنك تهتم به وتقدره.
- ثمَّ العناق مع الأشخاص المقربين الذين تجمعك بهم علاقة طيبة، ولا بد أن يكون بإحكام لمدة ثانية أو اثنتين، لأن السلامات الحارة تُسعد الناس، بعكس السلامات الباردة التي تشعر الآخرين أنك لست مسرورًا بلقائهم أو أنك تستثقلهم.
- أما النقطة الأهم فهي الحوار، وهي ما يميز الناجحين اجتماعيًا عن الفاشلين. لا تدع فترات طويلة من الصمت تنشأ، ولتكن إجاباتك دائمًا طويلة لا مقتضبة، ومرر الكرة للشخص المقابل بطرح سؤال آخر، اختر مواضيعك بعناية وابتعد عن أي موضوع شائك أو شاذ.
_______________________
دعونا نعود إلى أحمد مجددًا، لأن لديه مشكلةً كبيرة حتى بعد معرفته هذه الخطوات كلها، ألا وهي خجله الكبير، والذي يصل أحيانًا إلى مرحلة الرهاب الاجتماعي، ولهذا طبعًا أضرار كبيرة كحرمانه من فرص الحب وتكوين الصداقات، بل وفرص العمل أيضًا، فكيف يمكنه التخلص من هذا؟
6-نظرية المِصعَد!
المصعد هو مكان يجمعك بشخص ما لفترة قصيرة، وسواء حصل بينكما تواصل ناجح أو فاشل فأنتما لن تلتقيا مرة أخرى، لذا يمكنك اعتبار نظرية المصعَد هذه تمرينًا وتجربة جيدة لبدء حديث مع شخص غريب بشكل ودود، تؤدي ذلك التمرين حتى تكسر الحاجز، وحينها ستشعر أنك قادر على التواصل مع أي شخص.
ربما سيكون الأمر محرجًا في البداية كتجربة التزلج على الجليد، ستنزلق وتقع مِرارًا، ولكنك بعدها ستتمكن من الانطلاق بكل حرية، المهم أن تحافظ على ابتسامة وعلى نبرة صوتٍ واثقة، وبعدها حاول أن تقوم بأيٍ من الخطوات التي سبق ذكرها.
وضع في اعتبارك أن كلامك سيكون مقبولًا، فمعظم الناجحين اجتماعيًا يحدثهم صوتٌ في داخلهم بأنهم إن بدأوا الكلام مع شخصٍ جديد سيكونون محببين بالتأكيد، وأنه لا يوجد فيهم ما يمنع من نجاحهم اجتماعيًا، ولذلك ينجحون فعلًا.
___________________
لنفترض أن أحمد اتبع كل الخطوات وتخلص من خجله لأنه يدرك أهمية تكوين الصداقات، يمكن أن يتحسن أحمد في كسب العلاقات لكنه ربما يفشل في الحفاظ عليها ناجحة، وهذا ما يقودنا إلى النقطة التالية:
7-كيف أحافظ على العلاقات التي كسبتها؟
- لا بد أن يتذكر أحمد قاعدة مهمة ويكتبها بالخط العريض وهي: "نحن نكسب الأصدقاء ولا نصنعهم" ولكي تكتسب أصدقاء وتحافظ عليهم فأنت في حاجة إلى منح بعض الأمور مقابل ما تأخذه، فإن كنت ستأخذ من الطرف الآخر اهتمامًا واحترامًا وصيطًا ذائعًا فلا بد أن تقدم مقابل ذلك أي شيء يفيد الطرف الآخر، هي منفعة متبادلة، وإن صارت منفعة من طرف واحد فلن تستمر.
- في الحب أيضًا لا بد أن تقدم مقابلًا، لكن الأمر ليس قائمًا بالكلية على التضحية وإنكار الذات كما تحسب، الشخص المقابل سيتعب من أجلك إن كانت لديك مقومات مثل: المظهر الجيد، المال، الهيبة، الذكاء، الشخصية، ومتطلبات أخرى تختلف من شخص لآخر، وهذا سيتطلب أن تطور نفسك وتنمي مواهبك كي تكون شخصًا مرغوبًا وغير ملل.
- الهدايا أيضًا شيء مهم جدًا، وستجعل الناس يتذكرونك دائمًا.
- ينبغي أن تعلم أن العلاقات الحميمة العامرة بالمشاعر تمر بأوقات تقل فيها المشاعر أو تعتاد عليها، لكن هذا لا يعني أن تنهيها، لا بد أن تدرك أن العلاقات لا تقوم على المشاعر وحدها، بل يمكن أن تستمر برصيد من الذكريات الطيبة والمودة والرحمة.
- فكر قبل أن تكلم كي لا تتفوه بكلام جارح.
- فليكن رصيدك من التسامح أكبر، أي تقبَّل أن الآخرين يمكن أن يخطئوا أو يغيبوا أو يتجاهلوك أحيانًا، نحن لا نسير بنظام عسكري.
- مهم جدًا أن تحافظ على وقت لنفسك بعيدًا عن الناس، تبتعد فيه عن الجد، أو تراجع نفسك وتتخلص من غضبك كي لا تصبه على الناس فتخسرهم.
- حاول القيام بنشاط مرح كل يوم مع شخص مختلف من أصدقائك، سواء كان مشاهدة شيءٍ ما أو تبادل أطراف الحديث أو أن تتمشيا معًا أو حتى أن تقرآ أو تستمتعا إلى مراجعات أخضر وتتناقشا فيها! :)
وفي النهاية،
بعدما تكلمنا عن طبيعة العلاقات بين الماضي والحاضر، وعن كيفية التواصل بشكل صحيح مع الناس والتفرقة في التعامل بين الذكور والإناث، وكسر الحواجز التي تعيق طريقنا للنجاح.
ينبغي أن نسأل أنفسنا سؤالًا مهمًا: هل أريد أن أكون محبوبًا أم مشهورًا؟ هل تهمني الشعبية أم المشاعر الصادقة؟
يمكنك ارتكاب أي فعل غبي تلفت به الأنظار وتمسي مشهورًا، أو تخرج عن قواعد المجتمع فيتحدث الناس كلهم عنك وتحقق الشهرة.
أما العلاقات الحقيقية والمشاعر لا يصل إليها أي أحد إن لم يكن صادقًا، يقترب من الضعاف والمنبوذين فيطمئنهم، فيكون منحه إياهم المشاعر كتسويق له، يجني محبة الناس بتواضعه وصدقه.
لا تنسَ يا صديقي أن تزرع بذورًا لصداقات جديدة طول الوقت وستكون بذلك فائزًا دائمًا.
وسلامًا عليكم.