كتاب ابني لا يكفي أن أحبك

Book-Cover

ملخص كتاب ابني لا يكفي أن أحبك (المؤلفة: سلوى يوسف المؤيد)

 

لو سألنا معظم البالغين الآن عن علاقتهم بأهلهم سيقولون إنهم أحسنوا إليهم في أمور كثيرة، وقدموا لهم الحب والحنان والاهتمام.

ومع ذلك، سيقولون إنهم قصروا في أمور كثيرة، وإنهم كانوا ينتظرون من أهلهم أن يفعلوا أمورًا معينة لكنهم لم يفعلوها.

وذلك -ببساطة- لأن الحب وحده لا يكفي.

مثلما لا يكفي توفير الاحتياجات المادية أو الأمان.

لأن وجود شعور الحب، أو توفر الاحتياجات المادية، لا يعني أن الأمر انقضى وأني أديت ما علي.

لو  لم يُبنى على الشعور فعل، يُعد الشعور  ناقصًا.

الآباء يحتاجون أن يبذلوا مجهودًا تربويًا كي يفهموا نفسيات أبنائهم، ويدركوا قدراتهم، ويحترموا شخصياتهم، ويجعلوا أولادهم قادرين على تحمل المسؤولية.

ببساطة، معرفة الأولاد واحتياجاتهم وطرق إشباعها والتعامل السليم معها لا بد أن تكون على رأس أولويات أي زوجين.

مُلخص اليوم عن التعامل السليم مع الأطفال.

ما الذي نقدمه لأولادنا، وكيف نعاملهم.

وهذا من خلال ثلاث نقاط:

  1. فهم الطفل والتعامل مع مشاعره.
  2. مساعدة الطفل على تطوير سلوكه من خلال النقد.
  3. مساعدة الطفل على تحمل المسؤولية.

هيا نبدأ!

النقطة الأولى: فهم الطفل والتعامل مع مشاعره

كي نصل إلى قلب وعقل الطفل، نحتاج أن نقترب من مشاعره ونفهمها.

الطفل لا يستطيع أن يخفي مشاعره، وأكثر ما يؤلمه أن يستخف بها أحد أو يتجاهلها، هو يحتاج أن يفهم والداه  شعوره، وإن لم يجد تجاوبًا؟ يثور عليهما.

وللأسف يظن  الوالدان في هذا الوقت  أن هذا عِناد من الطفل أو قلة أدب، لكنه  في الحقيقة يحتاج أن يشعر به أحد.

هذه البنت  مثلًا راجعة من المدرسة غضبانة، تشتكي لوالدتها من سوء معاملة المُعلمة.

تقول لها: أنا أكره المَدرسة.

المُعلمة وبختها لأنها نسيت دفتر الحساب.

فأمها سألتها: هل ضايقك تصرفها ذا؟ 

فردت البنت: نعم، لأن بنتًا أخرى نسيت دفترها أيضًا لكنها لم توبخها.

فردت أمها عليها: وأنتِ شعرتِ  أن  تصرفها غير عادل؟

فردت البنت: نعم.

فقالت الأم، وهي تمتص غضب بنتها: كلامك يدل على أنك غاضبة منها.

هنا بدأ غضب البنت يقل، وبعد لحظات خرجت تلعب مع أخيها، بعدما نسيت غضبها تمامًا.

البنت أرادت أن تفهمها والدتها، وأن تعترف بمشاعرها ناحية المدرسة، وبالفعل أعطتها الأم  ما أرادت.

لكن الأمهات في موقف هكذا  غالبًا يلمن الطفل على إهماله، أو يقولون له إنه يستحق العقاب، وإنهم سيقفون بجانب المدرس لو عاقبه!

والحمد لله أن هذا ما لم تفعله أم البنت  هنا.

لم تحكم عليها، ولم تتجاهل مشاعرها، وفهمت أنه لا فائدة من إعادة  كلام المعلمة، لأنه أثر في البنت بالفعل.

لكنها احتوتها، بعد ما حصلت على التأديب المطلوب من المعلمة.

 وبعدما أفرغت شحنة الغضب مع والدتها، راحت تلعب مع أخيها.

 ما الذي يحتاجه منك الطفل الغاضب كي يستعيد هدوءه وتوازنه النفسي؟

  1. تستمع باهتمام لما يقوله.
  2. تحاول تشكيل وتَصور ما يريد أن  يعبر عنه في ذهنك.
  3. تعيد ذِكر مشاعره أمامه   بتعبيرك وأسلوبك الخاص.

وقتها  يدرك الطفل أنك فهمت مشاعره؛ لأنه سيسمعها منك.

وإذا أراد حلًا أو نصيحة سيخبرك.

فليس من الضروي أن تبادر بالنصيحة أو التوجيه أو تذكره بإنجازاته قبل ذلك أو إنجازاتك.

افهم كا يشعر به، وأوصل له فهمك ذا، وخذ مشاعره بجدية، ودعه يعبر عن نفسه.

وبعدما تفعل ذلك يمكن أن تنصحه بعدها، إذا رأيت أنه محتاج لذلك.

أهم شيء، أن تفعل ذا بشكل واعٍ وعن رغبة في فهم ابنك.

لأنه سيكتشف لو فعلته بشكل آلي أداءً للواجب وحسب!

 من حقه أن تسمعه بتركيز وأن تطلب منه أن يحكي لك وأن تعرف مشاكله واحتياجاته، لا أن تسأله عن يومه في المدرسة وذهنك مشغولٌ بما تشاهده على شاشة التلفزيون.

الأمر الثاني الذي سنقدمه لأولادنا: هو مساعدتهم على تطوير سلوكهم من خلال النقد

استعمال النقد في التعامل مع الطفل لتحسين سلوكه غالبًا يفشل، ويترك أثرًا غائرًا في شخصية الطفل، وخصوصًا إذا كان بشكل أو قدر غير المناسب.

والمشكلة أن أسلوبًا كهذا متجذر في اللاوعي عندنا، ونتعامل به بشكل طبيعي بدون أن نشعر.

وفي أحيان كثيرة لا ندرك أثره الجارح، ولا إلى أي مدى يمكن أن يصل!

فينبغي أن نكون  واعين وأن نفهم أهداف وأساليب النقد قبل أن نفتح أفواهنا.

ببساطة، الهدف من النقد مساعدة الطفل على تطوير سلوكه، وعدم ارتكاب الأخطاء أو عدم تكرارها.

ما الذي نحتاجه كي نحقق هذه الأهداف؟

  1. استخدام النقد الإيجابي؛ الذي يحرك عند الطفل المحرك الذاتي لتطوير نفسه، بدلًا عن انتقاد أخطائه فقط، وطلب تغييرها.

بدل عن وصفه بالفاشل والقول إنه لا يفعل أمرًا مفيدًا  في حياته، وجعله يأخذ  تلك الانتقادات  بشكل شخصي، انقده نقدًا بناءً، لا نقدًا سلبيًا.

النقد البناء يكون موجهًا لأمر كان ينبغي أن يفعله، فأنت توجهه له كي يفعله بعد ذلك، أو ألا يكرر الخطأ ثانية، إن كان أخطأ، وترشده للصواب.

نقد يدعم ثقته بنفسه، ويجعله يريد أن يكون أفضل.

فمثًلا: إذا أوقع الطفل النقود وهو ذاهب للشراء تنبهه إلى أن يُحِكم وضعها في جيبه وأن يتأكد من وجودها وهو يسير في الطريق وهكذا.. 

لا أن تصب انتقادك على شخصيته، وتحقره، وتصفه بأوصاف قبيحة؛ بزعم أنك تريده أن يكون أفضل.

أو أن تضربه لأن النقود وقعت منه؛ لأنه بالتأكيد لم يوقعه متعمدًا.

ولا أن تقول له إنك مهمل، لم يطلب منك شيء إلا أهملته، وأنك لا تستحق الثقة.

بهذا الشكل  لن  يتوقف أبدًا عن إضاعة النقود، ولن يكون أبدًا أكثر انتباهًا.

كل ما فعلته أنك أخفته  أكثر وأهنته.

نعم، أنت أردته أن يكون  منتبهًا وأردت مصلحته، لكن بأسلوب خاطئ صببت فيه غضبك عليه.

  1. الأمر الثاني الذي ينبغي أن تنتبه له أثناء عملية النقد هي: نقد السلوك، لا الشخص.

انتبه جدًا لهاتين النقطتين وفرق بينهما في التعامل خاصة مع الطفل.

لأن نقد الشخص جارح، ويجعله يأخذ الأمور بشكل شخصي، ويتعامل معها على إنها هجوم.

عندما يوقع كوبًا على الأرض ويكسره، صوتك العالي وإهانته ووصفه بأنه غبي، ولا ينظر أمامه لن يجعله اكثر انتباهًا بعد ذلك.

سيتذكر الإهانة فقط.

اطلب منه أن يجمع الزجاج المكسور، وأن يكون منتبهًا لاحقًا وأن يضع الكوب في مكان آمن؛ كي لا يؤذي نفسه ومن حوله.

هو لن يتوقف عن كسر الأكواب بعدها، ولكنك بذا لم النقد لشخصه، وأخبرته أيضًا بما عليه فعله، بدلًا عن جرحه أو إهانته أو صب غضبك عليه.

  1. الأمر الثالث الذي ينبغي أن تكون حريص عليه أثناء النقد هو: لا تنتقص من شخصية ابنك وأنت تنتقده.

وهذا يحدث كثيرًا للأسف.

عندما يخطئ الطفل يخطئ المسؤولون عنه بالانتقاص من شخصيته وإطلاق صفات قبيحة عليه، يصعب على الطفل نسيانها فيما بعد.

أنت مهمل، أنت لا تفهم، لم تفعل شيئًا صحيحًا في حياتك!

يا ليتني لم انجبك،وهكذا.

هذه الانتقادات تجعل شخصيته مضطربة وضعيفة، وأثرها كالسهام المسمومة في جسمه.

وتوصله إلى أن يصدق تلك الأوصاف التي تطلق عليه. 

من الأفضل أن يكون النقد  بعيدًا عن تحقير شخصية الطفل أو الانتقاص منه.

 

*لماذا يكون نقد الوالدين جارحًا ومهينًا، بدلًا عن تفهم مشاعر الأطفال؟

السبب الرئيسي لذا:

عدم احترامهم للطفل وقدراته، وعدم رغبتهم في فهمه أو مساعدته.

لوأراد الطفل مثلًا أن يجرب لعبة جديدة أو أن يجرب شيئًا صعبًا، الرد غالبًا يكون من نوع: أنا أعرف أنك ستفشل، أنت جربتجربت عدة أمور من قبل ولم تنجح.

أنت لم تفلح أبدًا في إنجاز شيء، وهكذا.

كل هذه التعليقات  الهدف منها انتقاص من قدر الطفل وقدرته، وهذا يترك أثر سيئًا في شخصيته.

يحتاج الطفل ألا يقلل من شخصيته أحد، يحتاج إلى من يحترمه، لأن هذا يجعله واثقًا بنفسه.

ذا ضروري أصلًا لنمو صحي لشخصيته.

يمكن أن تكون محبًا لابنك فعلًا، وترى أن هذه هي طريقتك في تربيته وتوجيهه.

لكن كما رأيت، ذا مضر لشخصيته.

وكما قلنا في أول الحلقة، الحب وحده لا يكفي.

لا يكفي أنك تحب ابنك وأنت تمطره بالنقد السلبي وتسيء إليه ليل نهار!

ثمة

ثمة أساليب كثيرة يمكن أن تتعلموها لمساعدة أطفالكم على تطوير شخصيات سليمة، ستجدون اقتراحات لكتب وأفكار على مدونة أخضر.

وسنخبركم بأحدها الآن:

جعل الطفل يتحمل نتائج قراراته

لو أراد الطفل أن يرتدي سترة ثقيلة وهو ذاهب إلى الخارج، والجو حار، وطلبت منه أن يخفف ثيابه لكنه رفض، دعه يرتدي ما يريده.

عندما يخرج ويحس بالحر، سيدرك عناده ويتحمل نتيجته.

وسيكون ذا درسًا يتعلم من خلاله كيف يختار ملابسه بطريقة تناسب الجو.

لكن الغرض من ذا هو التعليم، لا الشماتة واستعراض الحكمة.

أي لا تعاتبه بقولك "ألم أقل لك!" 

"لو استمعت إلي من البداية ما حدث هذا!"

دعه يتعلم بنفسه، وساعده على الاستقلال عنك وتحمل المسؤولية.

أنت لن تظل بجانبه دائمًا كي تتحمل مسؤوليته.

كيف تفعل ذا؟

  1. هذا ما سينقلنا إلى النقطة الثالثة وهي: مساعدة الطفل على تحمل المسؤولية

المسؤولية ليست فقط أن تطلب من الطفل إنجاز فروضه االمدرسية، أو ترتيب سريره؛ لأن ذا غالبًا يكون بصيغة الأوامر، التي تعامل فيها الطفل على أنه مجبر على طاعتك.

وذا يمكن أن يثير في نفسه الغضب أو الاستياء.

وأيضًا بن يجعله راغبًا في أن يتحمل المسؤولية؛ لأن الرغبة لا تنمو بالفرض والإجبار.

ولكنها تنمو بشكل طبيعي، من خلال ما يتلقاه الطفل من قيم أخلاقية واجتماعية إيجابية في البيت والمجتمع المحيط به أثناء نمو شخصيته، وهي التي تزرع في نفسه الإحساس بالمسؤولية تجاه أسرته ومجتمعه.

 تنمية إحساس الطفل بالمسؤولية يبدأ من عند الآباء، وذا ما لا يفهمه كثير من الآباء.

إنهم قدوة لأبنائهم، وإن تصرفاتهم وإحساسهم بالمسؤولية يغرس في أبنائهم.

ولو أنه غير موجود عندهم فلن يتعلمه الأبناء.

هذا ليس الخطأ الوحيد الذي يقعون فيه، ثمة أخطاء أخرى مشابهة.

  1. تحمل المسؤولية عن الأبناء.

أن تنجز الأم واجباته المدرسية بدلًا عن ابنها مثلًا، أو أن تختار له ثيابه بدلًا عن تركه يختار لنفسه.

وذا له مظهر سلطوي:

وهو عدم ترك الفرصة للأبناء للتعبير عن الرأي، والمناقشة، وعرض الحجج،

وتنفيذ كلامهم في النهاية إن كانوا على صواب.

والذي وضحنا أنه ينطلق من عدم رؤية الابن كشخصية مستقلة عن شخصية الوالدين وأن له حقوقًا وينبغي التعامل معاه باحترام.

  1. الخطأ الثاني هو: عدم ترك الأبناء يتعاملون مع مشاعرهم السلبية.

لو أن الطفل مثلًا لا يحب شخصًا ما، ستجد الأب يقول للولد مؤكد أنك تحبه، لكنك غير منتبه لذا.

أو يفعل شيئًا يلهي الولد عن مشاعره، بدلًا عن تركه يشعر بها ويتعامل معها.

أو يهدده، لو سمعت أنك تقول هذا عن أخيك سأقطعك إربًا.

الطفل المحترم لا يكره أحدًا.

وللأسف، كل ما يفعله الأب يدور حول الإنكار.

ما الطرق التي نستطيع من خلالها  أن نزرع في أبنائنا الإحساس بالمسؤولية؟

الإجابة على هذا السؤال تتطلب وضع خطة تربوية منسجمة مع تصرفات الأولاد اليومية العادية.

أول خطوة فيها، الاهتمام بأفكار ومشاعر الأطفال الداخلية، وعدم الاكتفاء بالتصرفات الظاهرية.

وأن نجعلهم يشعرون باهتمامنا بما يدور في نفوسهم من مشاعر، من خلال جمل تعبر عن المشاركة، ولا تحمل روح الانتقاد أو اللوم.

الطفل الذي يتعرض للانتقاد دائمًا لن يتعلم تحمل المسؤولية، سيتعلم فقط كيف يُدين غيره ويحكم عليهم، أو يحاول اكتشاف أخطاء الآخرين وانتقادهم.

وسيتعلم أيضًا كيف يشك في أحكامه الخاصة وقدراته وألا يثق في اهتمام الآخرين به.

الانتقاد السلبي سيجعله أيضًا يتوقع الإهانة والإحباط من والديه طول اليوم.

الخطوة الأولى تتلخص في أن نستمع إلى أطفالنا باهتمام وإحساس.

أما الخطوة الثانية، تجنب توجيه أي تعليق أو كلمة للأبناء من شأنها خلق جو من الكراهية والإحساس بالقهر في نفوسهم.

والخطوة الثالثة، أن يقوم الأهل بواجبهم ناحية أبنائهم بإرشادهم وتوجيهم للصواب حين يخطئون، وأن يقوموا بدورهم في تعليمهم الصواب والخطأ، كل ذا بدون مهاجمة لشخصياتهم ولا استباق للأحداث، بتعاطف ورحمة.

أما الخطوة الرابعة فهي مساعدة الطفل تدريجيًا على تنمية الإحساس بالمسؤولية كتحمل مسؤولية التوفير من مصروفه والمشاركة في مصروفات البيت وإحضار المشتريات، وشراء ملابسه وكتبه وهكذا، كل طفل حسب سنه.

لأن شخصيته تتشكل من خلال تجاربه الخاصة، وليس من اقتدائه بوالديه فقط.

ودعنا نتذكر دائمًا أن واجبنا هو توفير الراحة والتأييد لأولادنا، أكثر من التعليمات أو المساعدة أو التأنيب.

أن ندلهم على الطريق الصحيح وندعهم يجربون ويتعلمون وأن نتوقع منهم تحقيق ما يريدونه وأن نؤمن بقدراتهم، وأن نساندهم حين يحتاجوننا.

وسلامًا عليكم!