كتاب الغيرة والخيانة

Book-Cover

ملخص كتاب الغيرة والخيانة (المؤلف: عادل صادق)

لا يوجد حب بدون غيرة.

الحب نوعان:

حقيقي؛ وهو الذي يخاف فيه الشخص أن يفقد حبه وهذا النوع غيرته طبيعية.

 زائف؛ وهو الذي يخاف فيه الشخص فقد الطرف الآخر وعنده يحاول الشخص السيطرة على من يحب وتملكه لنفسه فقط وهذا النوع غيرته غير طبيعية وفيها تكلفة.

 

الغيرة ثلاثة أنواع:

  1. غيرة الحب. (وهذه الغيرة الطبيعية)

وهذه تكون ملازمة للحب الحقيقي.

  1. وغيرة بدون حب. وهي (غيرة التملك)، أو (الغيرة الغير طبيعية).

وهذه من مسببات المشاكل وجلب الضرر لصاحبها.

وهذه الغيرة معناها أن كل طرف تحول إلى شيء يمتلكه الطرف الآخر بدون إرادته هو. ولكن عندما تنظر إلى الغيرة الطبيعية تجد أنها ألم رقيق مستعذب، على عكس غيرة التملك تجدها ألم غليظ ومزعج ومستنفر.

فالغيرة الطبيعية تدفع قارب الحب برفق، وغيرة التملك دوامات عاتية تجذب قارب الحب إلى قاع اليأس.

الغيرة الطبيعية تجذب الانتباه والاهتمام، والغير الطبيعية تذهب العقل.

وأحيانًا الرغبة القهرية في التملك والسيطرة من الممكن أن تنقل الغيرة الطبيعية إلى غيرة غير طبيعية؛ وهذا يزيد عندما تتجاهل الطرف الآخر، وأهدافه، وتنكر عليه حريته، وتحتكره لنفسك تمامًا، ولا تشعر بالأمان إلا بسيطرتك الكاملة عليه.

  1. الغيرة المتطرفة، (وهذه قليلة).

وهذه تقوم على الأوهام والضلالات وليس لها أساس من الصحة وتنبع من عقل مريض.

وكما أنها تؤلم المتهم فمن الممكن أن تؤدي إلى عواقب وخيمة.

فالزوج مثلا يشك في زوجته إلى أن يصل به الأمر إلى قتلها ومن الممكن أن تكون هذه الشكوك والمخاوف لا أساس لها وخالية من الصحة والصدق.

فهو يعطي الأشياء معاني غير صحيحة، ويصنع ارتباطات بين أمور ليس لها علاقة ببعضها ؛ ويربط هذا كله بالخيانة.

ويؤمن بأن هذه الضلالات إيمان مطلق، ولا تستطيع مناقشته فيها أو أن يتخلي عنها.

وهنا تتعرض الزوجة للصدمة؛ وانهيار حياتها العاطفية، وضياع حبها وعلى قدر الحب يكون الألم.

 

هناك علامات مبكرة للغيرة المَرَضية في بدايات الزواج أو حتى أثناء الخطبة، قبل ظهور الأعراض الفعلية للمرض بسنوات.

السمة الرئيسية للشخص مثلًا: الشك/ وسوء الظن/ والحساسية الزائدة/ وسرعة الغضب/ والشعور الدائم بالاضطهاد والتهديد/ ونقد الآخرين/ وتجريحهم/ والهجوم عليهم/ وأن الآخرين يقفون في طريقه بسبب حقدهم وغيرتهم منه/ وأنه يزعجها بكثرة أسئلته/ وينتقد سلوكها الطبيعي/ ولديه شكوك غير معلنة أو صريحة/ وكلماته تحمل معانٍ مزدوجة وجارحة/ أو تحاسب زوجها حساب عسير إذا أطال الكلام في مكالمة هاتفية.

هذه الدرجة من الغيرة تحتاج إلى علاج، وإذا كان هناك رصيد من الحب؛ فإن الشخص يقبل الخضوع للعلاج، أو أنه لا يوجد حب من الأساس؛ فيرفض: وهنا من الممكن  إنهاء العلاقة بدون شعور بالذنب.

وهذه الإشارات من الممكن أن تكون موجودة في الغيرة غير الطبيعية، ولكن بدرجة أقل.

* قبل أن نتعرف على أسباب الغيرة، مهم أن نعرف أن زيادة مشاعر الغيرة ليس معناه أنك مريض، أوأن غيرتك مشكلة، أو أنها  ستؤثر بالسلب على حياتك.

فمن الممكن أن تجد الغيرة بسبب زيادة احتياجنا للطرف الآخر، أو بسبب إحباطات الحياة اليومية، أو بسبب زيادة الحب، والرغبة في مبادلته بنفس القدر.

وهذا ما يدفعك للتساؤل؛ ما هو الخلل في علاقتكم، وما هو  سبب القلق؟

وهذا يدفعك لفعل شيء لإصلاح حبكم، والتواصل العميق، وطلب توضيح بعض الأمور وبهذا ترجع الطمأنينة لك.

أسباب الغيرة:

1- الشعور بالنقص.

أحيانًا تكون المرأة في أعماقها حفرة نشأت عن جرح قديم (غالبًا هي غير مدركة بوجود هذه الحفرة أو سببها)، وبأي إثارة لهذه المنطقة؛ تظهر مشاعر وأفكار عبارة عن إحساس بالدونية وعدم الجدوى وعدم القيمة وتظن أنها لا شيء، وأنها لا تستحق الحب، وغير جديرة بالاهتمام.

جذور الشعور بالنقص هذا هو (لومها لذاتها)، وهذا يعني الهجوم على نفسها حيث أنها تهاجم نفسها؛ لأنها غير قادرة على تحصيل الحب الكافي، وغير قادرة على استحواذ اهتمام زوجها بالكامل ولكن الغريب، أن هذه المشاعر تحس بها قبل لقاء زوجها وهذا موقفها من الحياة والناس.

* وأيضا تقييمها لذاتها يعتمد على حب وقبول الناس لها، فهي سيئة إن رفضها الناس، وحسنة إن أقبلوا عليها.

* وأكثر شيء يزعجها هجران الناس لها.

وهذا في الغالب يرجع إلى طفولتها؛ إلى أن أصبح لديها حساسية من نبرات الصوت وتعبيرات الوجه التي تدل على الرفض أو عدم الاهتمام. حساسية تؤدي إلى الشك؛ لأنها لا تأخذ الحب والاهتمام؛ لذلك فهي تحتاج إلى شخص يؤكد حبه واهتمامه لها، شخص يعطي جرعات زائدة ومركزة، يبقى بجانبها دائمًا، ويعطي إثباتًا على حبه واهتمامه، ويخضع لسيطرتها الكاملة، ويتحول لملكية مطلقة لها، وإلا فإنه لا يحبها.

2- السبب الثاني للغيرة هو: حب السيطرة.

إذا كان أساس الغيرة الشعور بالنقص؛ فحب السيطرة هو القاعدة التي تُبنى عليها مشاعر الغيرة وتتضخم؛ فالمرأة الغيور لا تكتفي بالصمت، بل إنها تصرخ بصوت مرتفع، وتتحدث في مواضيع حساسة من دون خجل أو حياء وإذا شعرَتْ بإهمال زوجها لها أثناء الحوار، من الممكن أن تثور وتقوم بتحطيم كل شيء حولها.

- فهي غير ديموقراطية، ولا تعطي فرصة للنقاش والحوار.

- وتعتقد أن رأيها هو الصواب المطلق، وتحليلاتها هي الصحيحة وهذه صفة من صفاتها مع الناس بشكل عام.

- غير عادلة وغير منصفة ولا تقدر مشاعر الآخرين.

- تعامل الناس على أنهم أقل درجة، يأتمروا بأوامرها، وليس لهم حرية في القول أو الفعل.

- حب التملك والسيطرة  يتولدان عن إحساسها الدائم بالتهديد، وخوفها العميق من الفقد؛ فتقوم بهما لكي تشعر بالأمان.

- عقلها يرسل لها هذا المعني:ان امتلكتَك؛ سأسيطر عليك؛ وان سيطرت عليك؛ فلن تستطيع أن تعطي حبك لأحد غيري.

3-  السبب الثالث من أسباب الغيرة هو: الأنانية.

وهي موجودة لدينا كلنا بقدر ما، وخصوصًا لو تعلق الأمر بحياتنا العاطفية.

وهناك قدر منها مقبول ومحتمل؛ لأن معناه الحرص على الحياة والدفاع عنها وحمايتها من تدخل الآخرين؛ من الممكن أن نسميه الاهتمام بالذات.

لكن الأنانية: هي أن تريد كل شيء لنفسك، وتتجاهل رغبات واحتياجات الآخرين.

بل لا ترى الآخرين، لكي تعرف أن لهم حرية أو رغبات أو احتياجات، وهذه عقلية الطفل الأناني الذي لم يتعلم المشاركة، وأنه لا يدفع مقابل للخدمات التي حصل عليها ولم يتعلم أن يضع اهتمامات الآخرين وآرائهم ورغباتهم في المقدمة بعض الوقت.

4-  السبب الرابع للغيرة هو: الخوف.

مثل خوف الأطفال تماما، يكون من أبسط الأشياء، خوف من تهديد، خوف من أي شخص أو أي شيء حتى لو غير مقصود.

وهذا الخوف عندما يتحول إلى عقدة مرضية من الممكن أن يجعلها تخاف من أشياء غير معقولة أو غير منطقية.

- تخاف من أي اهتمام يوجه لزوجها، بسبب شهرته، أو نجاحه.

- لا يوجد شيء يعطي لها الأمان، أو تجلب السلام لعقلها أو قلبها.

- وهذا يجعلها تفقد السيطرة وتندفع بتسرع،غير مبني على حقائق.

وفي الحقيقة هذه المخاوف نابعة من داخلها؛ تشعر بأن هناك أحد سينزل ويسرق منها أحبائها، أو حبهم واهتمامهم.

5-  السبب الخامس  هو: الشعور بالاضطهاد.

إنها تشعر دائمًا بالسخط والضيق، وأن الناس تتعمدها، ومغلوب على أمرها.

وتسأل لماذ الناس تهاجمني، أو يريدون تحطيم سعادتي، وتدمير حبي، وخطف حبيبي؟

وتغرق في الشعور بالشفقة ورثاء الذات، وتسيئ الظن بالناس، ومن الممكن أن تأخذ مواقف عدوانية تجاههم.

6- السبب السادس للغيرة هو: هزيمة الذات.

المرأة الغيور بدون بصيرة كل سلوكها يتميز بإيذاء نفسها وهزيمتها، وتصبح عدوة لنفسها.

من الممكن أن ترتكب حماقات لكي تجرحه أو تضايقه، وهي تعلم أنها من الممكن أن تفقده بهذ الفعل؛ لكنها تندفع وتتمادى.

وعقلها يرى الأمور كالتالي:

ابتعدوا عني لأنهم لا يحبونني،

إذن أنا لا أستحق الحب،

 ويجب عليَّ أن أكرهَ نفسي وأعاقبها.

7- عدم تحمل المسؤولية.

وهذه من الصفات البارزة في شخصية المرأة الغيور.

ترفض تتحمل مسؤولية غيرتها، وتلقي اللوم على زوجها أو الآخرين الذين ساهموا في تعاستها.

وترفض بعناد التراجع عن موقفها، أو مراجعة نفسها.

بشكل عام الغيرة تقوم على خمس أفكار أو مفاهيم، تتشكل في تصور الإنسان عن نفسه وعلاقته بالناس وبالطرف الآخر:

  1. أنا سيئ لو لم يوجد أحد يحبني، وأنا لا شيء بدون الحب.
  2. أنا أمتلك من أحب؛ ولذا يجب أن يفعل ما آمره به.
  3. لا بد أن أحصل على كل شيء أريده.
  4. أرفض الفشل في تحقيق أهدافي؛ لأن الفشل معناه أني غير جدير بشيء.
  5. أرفض منك أي خطأ، أرفض الضعف البشري، أريدك في الصورة المثالية التي أتصورك عليها.

وهذا يقود الشخص الغيور إلى الشعور بالذنب، والنقص، والاكتئاب، ورفض سلوك الطرف الآخر، بل لرفض بشريته.

وإنه لا يجوز أن يكون مخطئًا، أو ضعيفًا، أو يكون له مساحة شخصية. 

 

ولكن قبل أن نتكلم عن النصائح والحلول..

لا بد أن تفهمي وتعقلي التالي:

معنى أنكِ غيورة فستلاحظين الآتي:

  1. أنتِ تصري على اعتراف الطرف الآخر بأنه أساء إليكِ، أو سبب متاعب لك.
  2. ويترتب على هذا أنه لا بد أن يفعل شيئًا لكي يصلح هذا الموقف، أي: يتحمل المسؤولية الكاملة لإنهاء غيرتك.
  3. ولن تهدئي ولن تشعري براحة البال ولن يتراجع غضبك وعنفك إلا عندما يبذل هو كل المجهود.

ولكن يغيب عنك التالي:

1- أن الغيرة نابعة من طريقة تفكيرك، ولا أحد  دفعك لها، فأنتِ المسؤولة عنها.

2- وأن طريقتك في تقييم شريك حياتك ليست متعلقة بسلوكه فقط، بل تمتد لشخصه.

هناك تساؤل بريء: وهو لماذا لا تفعلين أنتِ شيئًا في غيرتك، بدلًا من إلقاء اللوم كله عليه، وتحميله مسوؤلية مشاعرك، وإصلاح كل الأمور؟

يعني لو أن لديك مشاعر حزن؛ لماذا لا تقبليها وتتعاملين معها عوضًا عن القيام بتحويلها للوم ومضايقة مبطنة، وإفساد علاقتكم؟!

3- كيف تتوقعين منه أن يفعل شيئًا في هذه الأزمة، بينما أنتِ لا تفعلين أي شيء؟

فعوضًا عن التفكير في أن زوجك سيستجيب لأي محاولة إغراء، فكري في أنه لن يقبل بهذا، ولن يسمح به، وأنك غير مضطرة أن تقلقي بسبب شيء عابر ينغص حياتكم.

إن فهمتِ هذه النقاط ستستعيدين قدرتك على التفكير المنطقي.

إذن، بالنسبة للحظات الاندفاع التي لا تستطيعين أن تكتمي عندها غيرتك، وممكن أن تفعلي سلوكًا خاطئًا؟

 

كيف تستطيعين التصرف في لحظات الغضب؟

- أن تعتادي على سؤال نفسك ومحاورتها.

- قبل أن تتخذي القرارات: اسألي ما الفائدة  وما الضرر؟

- بعد أن تتخذي قرارك، اسألي نفسك هل هذا أفضل قرار أم لا؟ وما هو القرار الصحيح؟

- اسألي نفسك مثلًا: الغضب الذي يخرج في علاقتكم ما هو مصدره؟ من الممكن أن تجدي خلفه اعتقادًا أن زوجك يخونك، وأن معاملته قد تغيرت.

لكن مع التركيز؛ ستجدين أنه لا يوجد دليل منطقي على هذا.

وبالتالي..

ستفهمين من أين يخرج هذا الغضب، ومحاولة تخفيفه، والتعامل بشكل أفضل.

 

أخيرًا: نصائح ومفاهيم صحية للتعامل مع الغيرة:

1- أحبي نفسك واقبليها.

2-  ليس من حق أي إنسان أن يمتلك إنسانًا آخر.

3-  لا يوجد إنسان كامل.

4- لا تكرهي عفوك، ولا ضعفك، ولا قبولك لبعض الأشياء على مضض.

5-  احذري كثرة اللوم لنفسك، أو للآخرين فاللوم معناه الرفض للأخطاء والعيوب، ولا ترفضي إنسانيتك وإنسانية شريك حياتك.

6- عدم الشكوى ستؤدي إلى راحتك وراحته، فليس من المعقول السير وراء الشكوك والظنون والقيام بتكدير الحياة والعيش، فهذا لا يُشعر بالأمان.

7- لا تأخذي كل الأمور على أنها شخصية، وموجهة لكِ، أو ضدك أنت بالذات.

8-  استمعي لزوجك إن قال لكِ إن مخاوفك غير حقيقية، وإنك غير محقة في شكوكك.

9- اتركي له بعض الحرية.

10- أسعديه بحبك.

وتذكري أن:

لا خيانة مع الحب، ولا حب مع الخيانة.

 

والسلام