كتاب داء إرضاء الآخرين

Book-Cover

ملخص كتاب داء إرضاء الآخرين (المؤلف: هاريت ب. بريكر)

يسعى المرءُ في صِغره لنيلِ رضا أبواه عنه، وينتظر منهما -وحدهما- الثناء على أفعاله، وترتبط ثقته بنفسه بهذا الرضا والثناء؛ لكنَّ بعضَ الناس لا يستطيع الانفكاكَ عن ربط شعور الثقة بالنفس بالرضا والثناء من الآخرين، لا سيّما إذا كان هذا الربطُ متعلقًا بالناس أجمعين لا بالأبوين فقط.

فتراه:

1- يخالف مبادئه الأخلاقية.

2- دائم الخوف من الرفض أو النقد، فيترتب على ذلك محاولة التلطف مع الناس ليتجنب ذلك النقد.

السعي لإرضاء الآخرين شيء مقبول؛ لكنَّ اعتياد ذلك له ثمنٌ غالٍ تدفعه ونتائج مترتبة عليه، ومن نتائجه:

1- تقديم احتياجات الآخرين على احتياجاتك، فتخجل من قول (لا).

2- عدم انتقاد الآخرين؛ حتى لا ينتقدوك.

3- التعرض للاستغلال نتيجة (التلطف) الزائد.

- هذا التلطف الزائد يعميه عن رؤية الحقيقة، ويمنعه من إظهار مشاعر الغضب والاستياء.

يمكننا التعبير عن مرض إرضاء الآخرين بمثلث:

الضلع الأول: طرق تفكير خاطئة.

الضلع الثاني: سلوكيات أو عادات قهرية اعتدنا عليها.

الضلع الثالث: مشاعر مرتبطة بإرضاء الآخرين، أو الخوف من إغضابهم.

كل ضلع عبارة عن سبب ونتيجة في الوقت ذاته؛ بمعنى:

- السلوكيات القهرية -على سبيل المثال- تحصل نتيجة تجنب بعض المشاعر بدعم من أساليب التفكير المشوهة التي تتسم بالخلل والنقص.

- كذلك مشاعر القلق بداخلك تؤدي لظهور بعض سلوكيات التجنب التي ترتبط بأساليب التفكير الغير صحيحة.

هذا الترابط بين الأضلاع يساعد على شفائك؛ لأن إحداث أي تغيير بسيط في طريقة تفكيرك، سيغير من متلازمة إرضاء الآخرين، وهكذا...

 لنتكلم عن كل ضلع بالتفصيل:

الضلع الأول: طرق التفكير الخاطئة.

وهي عبارة عن أنماط عقلية انهزامية؛ أفكار محددة مفادها:

- أنك تحتاج حب كل شخص تقابله، بل ولازمٌ عليك السعيُ للحصول على ذلك.

- أن تجعل احترامك لذاتك مرتبطًا بما تبذله للآخرين، وما تفضلهم فيه على نفسك.

من هذه الأنماط العقلية:

1- الآخرون دائما لهم الأولوية؛ كتضحيتنا باحتياجاتنا حتى نكون جديرين بحب الآخرين، أو نتجنب الوصم بأننا أنانيين. أو احتياجات الآخرين مقدمة على احتياجاتنا، أو الاهتمام برأي الآخرين أكثر من رأينا.

دور (المعطاء) الذي يمنح أبدًا؛ يمنعك من الحصول على احتياجاتك ويجعل الآخرين يعتادون الكسل، ويحرمهم السعادة والمشاعر التي تصاحب العطاء المطلوب منهم.

 

2- التشوهات المعرفية

وهي كثيرة، لكن أهمها: استخدام عبارات الوجوب والإلزام، مثل:

«يجب أن أجعلهم يحبونني»

«يجب أن أثير إعجابهم، وإلا سأكون فاشلًا»

«لا بد أن ينبهروا بجمالي، وإلا سأكون قبيحة»

« عليَّ أن لا أظهر أي حزن أمام الآخرين »

ونتيجة هذه التشوهات: الإحساس بالذنب، وإلقاء اللوم على نفسك؛ لأن الآخرين لم يرضوا عنك بالشكل الكافي، ولأنهم لم يعاملوك بما تتوقع.

والحل: أن تستبدل تلك العبارات بأخرى تناسب رغباتك وأمنياتك، فتقول مثلًا: «أتمنى أن يحبني الآخرون». حينها ستفهم أن حب الآخرين لك ليس واجبًا عليهم، وهذا حقهم. وهذا أفضل من إلزام نفسك بوجوب حب الآخرين لك.

 

3- اشتراط المثالية في كل شيء.

نتيجة لعدم شعورك بالاستحقاق والجدارة، فقيمتك محل شك دائم، وتحاول إرضاء الآخرين بكل الأشكال، ولو فشلت في شيء تلوم نفسك.

يسيطر عليك الإحساس بالتقصير، فيكون الكمال هدفك لتغطي على إحساسك بالشك وعدم القيمة، لكنك لن تبلغ هذا الكمال الذي تنشده،

والحل: أن تعزل قيمتك عن أعمالك، وتسمح بوجود مساحة من تقبل النقص.

 

الضلع الثاني: سلوكيات أو عادات قهرية.

احتياجك المفرط -الذي يصل أحيانًا لحد الإدمان- للحصول على قبول واستحسان الآخرين لك، يدفعك للقيام بهذه السلوكيات.

والذي يحولها للإدمان: محاولتك تجنب الرفض، أو تعرضك للنقد، أو الظهور بمظهر غير الكامل.

خذ موقفًا؛ لأن هذا سيوفر لك التقدير والمدح والقبول والحب -حتى لو كان كل هذا زائفًا- أو سيمنع الآخرين من تقييمك تقييمًا سلبيًا.

من هذه السلوكيات:

1- إدمان القبول والاستحسان.

أن تفعل شيئًا حتى يقبلوك. وأن تتكلف إبهارهم، أو تتبرع بتنفيذ شيءٍ طلبوه، حتى بقدموا لك الإحسان.

في الحقيقةً، رغبتك في تقبل الناس لك أو الثناء عليك احتياج طبيعي، لكن:

- المهم ألا يتحول إلى هوس.

- ألا تقابل رفض الآخرين على أنه كارثة.

- ألا تجعل استحسان الآخرين لك واجبًا عليك تحقيقه؛ لأن ما ستحصل عليه اليوم من قبول ستفقده غدًا بزوال سببه.

لكن، لماذا يفعل المرء بنفسه هكذا؟!

هناك معتقد راسخ وصامت بداخلك أثناء تقديم شيء للآخرين: (أتوقع منهم الاستحسان والثناء). وإذا لم يفعلوا؟ يكفي أنك حاولت وانتظرت المكافأة.

فالحل: التوقف عن انتظار الثناء والقبول والاستحسان من الآخرين، والأفضل انتظار الثواب من الله، بدل انتظار المدح المستمر من الناس.

 

2- تقديم الحب بأي ثمن.

ويظهر هذا واضحًا في سلوك النساء اللائي يقدِّمْنَ الغالي والنفيس في سبيل الحفاظ على العلاقة مع الرجل، معتقداتٍ بذلك أن المنح يمنع الهجر، ولكن للاسف يحدث العكس، لأنهن عندما يمنحن بكامل القلب، تنسى رغبة الرجل في أن يحتاج إليه من قبل امرأة، فيهجرها لامرأة أخرى.

الحل: معرفة الحدود الجنسية والعاطفية واحترامها، وعدم التنازل عنها، وإلا ننهي العلاقة.

 

الضلع الثالث: مشاعر مرتبطة بإرضاء الآخرين.

 هذه المشاعر إما مريحة ومرتبطة بالقبول والاستحسان الذي نسعى إليهم، وإما مرتبطة بالخوف من غضبهم أو نقدهم لنا، أو القلق من مواجهتهم وفقد حبهم.

ببساطة: نعتقد أننا نهرب من النقد بالمعاملة اللطيفة.

نحن نحاول إرضاء الآخرين للحصول على مشاعر معينة أو تجنبها، لكن -وكما تلاحظ- أننا في النهاية نعيش بذات مزيفة، ونقع  في متاعب بسبب تأخيراحتياجاتنا عن احتياجات الآخرين، وتزيد مخاوفنا، ولا نتعلم إدارة الصراعات مع الآخرين بفعالية، ولا نتعلم كيف نتعامل مع الغضب.

حل هذه المشكلة: أن تتعرض للمشاعر.

لا أعدك بحل سحري وسريع، لكن:

- كما عودت نفسك على تجنب نقد الآخرين أو السعي لقبولهم = فأنت تحتاج أيضًا أن تسمع النقد وتفيد منه، وتحس بالمشاعر السلبية الناتجة عنه.

- من الطبيعي ألا يقبلك كل الناس أو يحبوك.

 

علاج داء إرضاء الآخرين 

1- لا تقل (نعم) حينما تريد قول (لا).

فحينما يطلب منك أحد شيئًا ما ولا تريد فعله، لا تخشى من فقدان العلاقة أو غضبه عندما تقول (لا).

2- قدم عرضًا مقابلًا.

أنت معتاد دائمًا على تقبل أي طلب يُطلب منك، لكن أنت متاح لك خياران، القبول أو الرفض، فإذا كان الرفض هو الأنسب لك، ارفض.

مثال: طلبت منك زوجتك أن تأخذها لنزهة طوال الليل، لكن الذي تقدرعليه ساعتين فقط، فبدل أن ترفض مطلقا، قدم عرض الساعتين.

3- استخدم تقنية (الساندوتش)

لو كان اختيارك هو الرفض واتصلت بصاحبك لتبلغه رفضك، فهذه ردود لطيفة:

- اتصلت بك من أجل طلبك الذي طلبته مني، أشكرك على اختيارك لي دون غيري، ولكن مع الأسف لا أستطيع.

- شكرا على دعوتك اللطيفة، لكن مع الأسف لا أستطيع.

- لديَّ موعد في ذات الوقت.

هذه أساليب جيدة للرد، لكن أسلوب الساندوتش يختلف قليلًا، واسمه أسلوب الساندوتش لأن معنته تغليف ردك السلبي بجملتين من المدح.

تقول مثلا:

- أنت صديق رائع، لكن اتصالي بك لإبلاغك أنني لا أستطيع تنفيذ طلبك أو تلبية دعوتك، كنت أتمنى فعله حقيقةً، لكن أنا آسف، أشكر لك سعة صدرك.

4- التوقف عن استخدام تشوه الوجوب والإلزام.

يجب أن ينبهروا بعلمي. يجب أن يحبوني.

وغيرها من العبارات التي تُلزم نفسك بها، وتتوقع نتيجة محددة من الناس.

(هناك حلقة لأخضر فاتح عن التشوهات، ورابطها في وصف الفيديو).

5- توقف عن إدمان البحث عن القبول.

أن تربح نفسك أهم من ربح قبول الآخرين. وقيمتك تنبع من داخلك وليس من استحسان الآخرين لك.

6- اقبل نفسك.

قدر ذاتك وارضَ عنها وأثنِ عليها وتنازل عن الكمال. ولا تتركها تحتاج إلى الثناء من الغير، أنت ولا بد تفعل شيئًا جيدًا يستحق أن تفخر بنفسك.

7- خد استراحة.

عندما يحدث صراع بينك وبين شخص ما، ابتعد عن الموقف لفترة من الوقت حتى تستطيع السيطرة على غضبك، أو تشجع الطرف الآخر بطريقة غير مباشرة أن يسيطر على غضبه.

8- تصرَّفْ كما لو كنتَ...

لا يتأتَّى التغيير بين يومٍ وليلة، فهذه الخطوات وإن كانت سخيفة لأنك تعودت على عكسها، فما عليك فعله:

- تصرف كما لو كنت لست بحاجة لقبول الآخرين الدائم.

- تصرف كما لو كنت قادرًا على رفض تقديم الآخرين عليك دائمًا.

- تصرف كما لو كنت لا تخاف من فقد حب الناس لك وثنائهم عليك.

 

وأخيرًا:

 احتفل بشفائك

احتفل أنك أصبحت أكثر وعيًا بمثلث إرضاء الآخرين، وأنك تعرف الأنماط العقلية التي تقف وراء سلوكياتك لتحصل على رضا الآخرين.

احتفل بتحررك من ربط قيمتك بتقدير الناس لك أو ثنائهم عليك.

والسلام.