كتاب الإلمام بالحقيقة

ملخص كتاب الإلمام بالحقيقة (المؤلف: هانس روسلينج)
العالم مليء بالدوشة … دوشة معلومات … المعلومات التي لو تعرضت لها كلها طول الوقت ستصيبك بالشلل … لذلك لديك مصفاة … فلتر انتباه … بين دماغك وبين هذا العالم … هذه المصفاة هدفها حمايتك من الدوشة وبدونها ستغرق في وابل من المعلومات.
المشكلة أن مصفاة الانتباه هذه فيها عيوب … فيها مجموعة ثغرات غريزية.
هذه الغرائز تمرر معلومات بشكل مغلوط لم يكن يفترض بها أن تمر.
المعلومات التي تعجب غرائزنا مثلًا نجعلها تمر … المشكلة أن هذه الثغرات تجعلنا نفكر بطريقة خاطئة … هذا بالإضافة إلى أنه من الممكن استغلالنا من خلالها كثيرًا … لذلك من المهم أن نعرفها.
غريزة الإلحاح
الغريزة الأولى هي غريزة الإلحاح …
يستغل الناس هذه الغريزة لأنها تجعلك تتصرف بسرعة وبشكل انتقادي أقل … يقولون مثلًا الحق العرض … اشتري الآن واحصل على خصم أسبوع او اخسر الفرصة للأبد.
هذه الغريزة موجودة لدينا لأنها ساعدتنا قديمًا… كان تتفعل لدى الإنسان إذا ما كان هناك أسد مختبئ في الحشائش.
فيجري بدون تحليل كثير.. وبهذا يكون حمى نفسه.
أفادتنا قديمًا لكنها تضلنا الآن… لأنها تزيد من صعوبة السيطرة على نفسنا.
بتشجعنا للقيام بعملٍ متطرف، بدون تفكير كثير وتزيد من صعوبة القيام بالتفكير تحليلي.
السيطرة على الغريزة
بإمكانك السيطرة عليها إن تعلمت كيف تميزها.
بإمكانك التعرف عليها من خلال كلمة الآن … حين يقول لك شخص: يجب أو ينبغي أن نتصرف الآن.
فهذا مؤشر يجعلك تشعر بالتردد؛ وأنه يتم استغلال هذه الغريزة لديك، ويتم منعك من التفكير بوضوح … وحينها استرخِ.
في معظم الأحيان ما يقال غير صحيح والأمر غير ملح لهذا الحد.
بإمكانك التعرف عليها حين يظهر لك من أمامك نظرة درامية بشكل مبالغ فيه.
مثلًا نحن بحاجة للقيام بشيء حازم حالًا أو مثلًا الأمر كله ميئوس منه ينبغي أن ننسحب حالا … حالا هذه تجعلنا نتوقف عن التفكير ونستسلم للغريزة ونأخذ قرارات سيئة.
حينها التقط أنفاسك واطلب وقتًا للتفكير؛ لأنه غالبًا هناك خيارات أخرى غير الخيارين المعروضين عليك.
غريزة الحجم
أحيانًا نهول الأمور أو لا نقدرها بحجمها الطبيعي … وهذا شيء طبيعي نقوم به كبشر … بداخلنا غريزة قد تخطئ في تقدير أهمية حالة فردية أو ضحية واحدة.
والصديق الصدوق لهذه الغريزة هي وسائل الإعلام … الصحفيين كيف يجعلون أي حدث أو حقيقة رقم كبير.
تخيل مثلا حادثتين: امرأة قتلها زوجها وأخرى قتلها كلبها … توقع أيهما تكون على صفحات الجرائد الرئيسية؟
كلاهما حوادث مأساوية وأنا لا أقلل من واحدٍ فيهما على حساب الآخر - لكن الأول يحصل 500 مرة في السنة بينما الثاني يحصل ٥ مرات كل خمس سنوات - أيهما يستحق أن تحدث له حملة توعية مثلا؟ ويستحق أن تفرد له الصحافة مساحة أكبر؟
مشكلة هذه الغريزة أنها تجعلنا نوجه انتباهنا ومواردنا (المحدودين أصلا) تجاه الحالات الفردية ونتجاهل الحالات المنتشرة بشكل حقيقي
السيطرة على الغريزة
بإمكانك السيطرة عليها إن تعلمت كيف تميزها.
حين يكون هناك رقم وحيد مبهر … صغير جدًا أو كبير جدًا … تذكر أنك بحاجة لرقم آخر تقيم به الرقم الأول؛ هل هو كبير أم صغير؟
حادثة واحدة هي شيء كبير لو في الناحية الثانية صفر.
أما لو لو كان في الناحية الثانية ألف حادثة يستحق الرقم حينها الاهتمام.
وتكون بهذا واضعًا للأمور في نطاقها الصحيح.
الأرقام وحدها قد تكون مضللة … لذلك دائما قارن الأرقام ... كن مرتابًا واسع دائما للمقارنة مع نموذج آخر ... هذا سيجعلك تتغلب على غريزة الحجم وسيعطيك إحساس بالواقعية.
غريزة الخوف
انظر مثلا لهذين العنوانين: حالات الملاريا مستمرة في الانخفاض حول العالم. وغدًا سيكون الطقس معتدل.
أما العنوان الثاني: زلازل في أفريقيا وحروب في آسيا وأمراض وفيلضانات في أمريكا وسمكة قرش هجمت في مكان ما.
لو كنت رئيس تحرير أي عنوان ستختار … على الأغلب الثاني … لأن كلما كانت القصص درامية أكثر كلما كان بإمكانها الاستحواذ على انتباهنا بشكلٍ أكبر.
الأحداث الغريبة لها أهمية إخبارية كبيرة أكثر من الأخبار اليومية الطبيعية العادية … والأخبار أو القصص هذه ترسم صورًا في دماغنا … إن لم ننتبه لها سنصدق أن الغريب هو المعتاد، وأن هذه هي الصورة التي يبدو عليها العالم فعلا.
بمعنى آخر غريزة الخوف بإمكانها أن تشوه رؤيتنا للعالم بشكلٍ منهجي.
السيطرة على الغريزة
لذلك من المهم أن نتعرف على هذه الغريزة ونميزها بأن لا نصدق كل ما يقال بسرعة، وحين نرى عنوانًا رئيسيًا كبيرًا ودرامي نحاول النظر للحقائق التي وراءه.
أيضًا من المهم أن نتعلم التفريق بين المخيف والخطر.
الشيء المخيف يشكل خطرًا متصورًا والشيء الخطر يشكل خطرًا حقيقيًا.
حوادث الطيران شيء مخيف لكن ليس شيئًا خطرًا … لو تعاملنا معاها على أنها شيء خطر فبالتأكيد سنفرغ طاقتنا وانتباهنا في الاتجاه الخطأ.
الأشياء المخيفة ليست بالضرورة أشياء خطيرة … خوفنا منها هو ما سيجعلنا نبالغ منهجيا في تقديرها.
لذلك دائما حين تشعر بالخوف احسب مع نفسك الخطورة التي سيسببها هذا الشيء لك.
لكن لا تعتمد على مدى إثارته للخوف في نفسك ولكن على أنه حاصل ضرب شيئين = مدى خطره مضروبًا في مدى احتمالية حدوثه لي؟
لو أردت أن تتعمق قليلًا في جزئية الخوف والتعامل معه؛ ستجد لها صور انفوجرافيك كثيرة في قسم الانفوجرافيك الجديد على تطبيق اخضر تحت هاشتاج #مشاعر_سيئة
غريزة اللوم
تخيل أنك تستحم في فندق ووجدت أن مقبض الماء الساخن والماء لا ينزل، فلففته حتى نهايته، وهبط الماء مرة واحدة وحرقت يدك بماء ساخن جدًا.
هل بإمكانك توقع رد فعلك؟
سأخبرك أنا: ستسب الرجل الذي ركب هذا الصنبور، وسترغب في ضربه. ثم ستشعر بالضيق من الذين في الغرفة التي بجوارك؛ لأنهم بالتأكيد فتحوا الماء البارد لذلك حرقت، وقد تسب أيضًا أصحاب الفندق.
عشرون كبش فداء … ولا واحد فيهم مستحق للوم.
لم يتسبب أحد منهم فيما حصل لك، ولم يتعمد أحد إيذائك.
أنت من أذيت نفسك؛ لأنه لم يكن لديك الصبر الكافي للف صنبور الماء الساخن بشكل تدريجي.
غريزة اللوم هي غريزة إيجاد سبب واضح بسيط وراء كل أمر سيئ …
غريزة إيجاد كبش فداء، وهي موجودة في جوهر الطبيعة البشرية.
نحن شبه مجبرين على تقرير أن الأمور تسير بشكل خاطئ … وأنه حتمًا ولابد هذا بسبب وجود شخص سيء لديه نوايا سيئة.
هذه الغريزة تجعلنا نبالغ في شيطنة أفراد أو مجموعة محددة … وتجعلنا نبحث عن طرفٍ مذنب.
ومشكلة التفكير بهذا الشكل أنه يضعف من قدرتنا على حل المشكلات والذي من شأنه منع حصول هذه المشكلات مرة أخرى.
قد وجدنا السبب فلم نبحث عن تفسيرات أخرى، ويصبح شكل العالم بداخل دماغنا مشوه … هناك بعض الأشرار سبب كل المصائب في الدنيا وانتهى الأمر.
السيطرة على الغريزة
اكتشف لعبة اللوم التي تلعبها …
هل توجه أصابع الاتهام لرجال الأعمال الأشرار، الصحفيين الكذابين، الخ؟ غريزة اللوم تجعلنا ننسب للأشرار قوة ونفوذ أكثر مما يستحقوا في الشر والخير. أغلب القادة لديهم نفوذ أقل بكثير من ذلك الذي نعتقد أنهم يستغلوه.
هذه الغريزة لدينا، كما أنها تجعلهم ينسبوا لأنفسهم نفوذًا أكبر من حجمهم.
إن كنت ترغب حقًا في تغيير عالمك؛ فينبغي أن تفهم أن اتباع غريزة اللوم لن يفيدك بشيء… لأن إلقاء اللوم على شخص واحد غالبًا ما سيجعل تركيزك ينحرف تركيزك لتفسيرات أخرى، وسيعيق قدرتك على منع مشاكل مماثلة في المستقبل.
لتتحكم فيها بشكلٍ قاطع، ابحث دائمًا عن الأسباب لا الأوغاد.
حين تجري الأمور بشكل خاطئ لا تبحث عن فردٍ أو مجموعة وتلقي عليها باللائمة… بل تقبل أن الأمور السيئة قد تحصل بدون نية سيئة.
وبدلًا من هذا، اصرف طاقتك على فهم الأسباب المتعددة المتفاعلة أو النظام الذي أحدث هذا الوضع.
غريزة المنظور الفردي
قد تواتينا لحظة بصيرة، نشعر معها بالإثارة؛ وكأن هناك لمبة أنارت في دماغنا.
دعني أضرب لك مثالًا أوضح به هذه اللحظة.
هذا الرجل كان يجلس في اجتماع مع أناس يتناقشوا عن اختراع جديد اسمه طائرة، وبينما يستمع، أنار شيء في دماغه … فكرة … فقال لهم من المستحيل أن تكون هناك طائرة من معدن …. وأمسك بقطعة معدن ورماها في الجو، وقال انظروا، لقد وقعت. من المستحيل أن تطير.
نحن نستمتع جدًا بالشعور أننا فعليا نفهم أو نعرف كل شيء … وهذا ما يجعلنا نستخدم معرفتنا وفهمنا المحدودين في محاولة تفسير كل شيء… دائما لدينا حلول بسيطة إن تمت سيكون العالم أجمل.
كل المشاكل لها سبب واحد هو التدخل الحكومي في السوق - كل المشاكل لها سبب واحد هو تخفيض الضرائب - كل المشاكل سببها عدم المساواة بين الجنسين.
هناك مثل يقول أعطِ طفلًا مطرقة وحينها سيرى كل شيء على أنه مسمار … حين تمتلك خبرة قيمة في مجال ما … ترغب في رؤيتها مستخدمة ف كل شيء … وهذا سيجعلك تبحث عن طرق لاستخدام معرفتك ومهاراتك هذه خارج نطاق فائدتها الفعلية.
هذه هي غريزة المنظور الفردي.
السيطرة على الغريزة
الحل هنا أن نميزها.
لتتغلب على هذه الغريزة اصحب معك دائما صندوق الأدوات كلها.
لا مطرقة وحسب.
المشاكل لها زوايا عديدة.
كن متواضعًا بشأن ما تعرفه، واعرف ما هي حدود خبراتك، وحدود خبرة الآخرين.
لا تدعي الخبرة خارج نطاق اختصاصك.
وأعرف أنك إن كنت متقنًا لأداة ما .. فقد ترغب في استعمالها في كل وقت.
وسينتهي بك الأمر إلى عدم تحليل الأمور بشكل عميق.
وستبالغ في أهمية استخدام أداتك.
أما إن وجدت أن رؤيتك وحلولك بسيطة … ابحث عن آخرين لديهم أدوات أخرى … وابحث عن بقية الأدوات.