كتاب طرق مختصرة للاحتفاظ بهدوئك

Book-Cover

ملخص كتاب طرق مختصرة للاحتفاظ بهدوئك (المؤلف: جيل لندنفيلد) 

الأسد حيوان مفترس يمكنه الفتك بأي شخص قابله في الشارع، لكنه أيضًا وفي ظروف معينة قد يتحول إلى مجرد قطة؛ ففي السيرك، مدربو الحيوانات البرية يمكنهم ترويض الأسود وتحويلها من حيوانات شرسة ومفترسة إلى حيوانات وديعة تفعل ما يطلب منها، لأنهم يعرفون طبيعة الأسد كحيوان، ويعرفون كيف ومتى يمكن التعامل معه ويروضه، وهذه الطريقة ينبغي أن تكون طريقتك في التعامل مع الغضب، فالغضب حيوان مفترس، حتى تستطيع التعامل معه وترويضه لا بدَّ من فهم طبيعته.

ما الاستراتيجية؟

 لو استيقظت من نومك وقررت أن تصبح مدرب أسود فماذا ستفعل لتحقيق هذه الرغبة؟!

 لا بدَّ أن تكتسب المعرفة عن نفسك بحيث تتماسك مثلًا ولا تجرِ أمامه، إضافة إلى معرفتك كل شيء عن هذا الحيوان، وبعدها يمكنك أن تبدأ تدريب الأسود. هكذا هو الأمر مع الغضب، هيَّا نبدأ الأمر بك أنت أولًا.

أنت

تحتاج إلى فهم ذاتك وفهم لماذا تحدث استجابتك الغاضبة!

انظر في الاتجاه الصحيح

هناك سبب شائع جدًّا للغضب، دعني احكِ لك قصة صغيرة عن حياة رجل حصل على ترقية في العمل، وبدأ زملاؤه يحسدونه ويغيرون منه، لذا تعاملوا معه على نحو سيئ، وهو لم يعد ذلك إهانة بل التمس لهم الأعذار، فهم بالطبع يعرفون أنه أصبح مشغولًا عن ذي قبل، ولم يعطِ أمر زملاء العمل اهتمامًا، إلا أنه أصبح في البيت سريع الغضب جدًّا؛ مع زوجته وأولاده، وكثيرًا ما حاول علاج مشكلة الغضب هذه إلا أنه لم يتمكن، لأنه يظن أن الغضب سببه في البيت، مستبعدًا أن يكون سبب ذلك زملاءه وتحديدًا كبرياءه المجروح في العمل.

لذلك يخرج شحنة الغضب في منطقة أخرى، وهذه أول نقطة مهمة في التعامل مع الغضب. أنت تحتاج إلى معرفة أسباب الغضب وليس مسبباته، ولو تتبعت أغلب حالات الغضب ستجد غالبًا المثير الحقيقي وراءها هو الكبرياء المجروح، هو سبب فقد الناس هدوءها وثورتها وانفجارها، ولو عندك مشكلة مع الغضب، فحاول أن تنظر إلى تقديرك لذاتك.. هل يتم مهاجمتك، أو الانقضاض من تلك المنطقة، وساعتها ستعرف أن كبرياءك مجروح لسبب ما، وفهمك لهذه الجزئية سيجعلك أهدأ، وسيجعلك تعالج هذه المشكلة، لأنك عرفت أسبابها، وساعتها يمكنك معالجة كبريائك المجروح بالانشغال بزيادة تقديرك لذاتك على نحو منتظم، عن طريق زيادة عدد التجارب والخبرات الحياتية الناجحة التي تغذي إحساسك بقيمتك وكبريائك.

مضاد الحساسية

نأتي لثاني نقطة ويمكن شرحها  بمثال مريض الحساسية الذي تأتيه الحساسية في مواسم معينة، ويحتاج  إلى أخذ أدوية مضادة للحساسية للعلاج. نفس الموضوع قد ينطبق على الغضب، فهناك بعض الناس يفقدون هدوءهم على نحو متكرر للغاية، ولديهم حساسية مفرطة تجاه أخطاء الآخرين.

والعلاج من هذا الأمر لا بدَّ من تناولهم دواءً مضادًّا للغضب، عبارة عن اعتراف بينهم وبين أنفسهم أن لديهم أخطاء مثل الآخرين، وعمل كشف بهذه العيوب ونقاط الضعف والأخطاء التي قاموا بها خلال الفترة الأخيرة مثلًا، وتذكير أنفسهم بها عند الشعور بالغضب، وقتها سيحافظ كل واحد منهم على هدوئه عندما يخطئ أحد أمامه.

كسر المَرَايا

ثالث نقطة في العلاج هي كسر المرايا وهي آخر حاجة تثير أعصابنا بعد كبريائنا وحساسيتنا ، وهي تتمثل في غضب الآخرين.

كل البشر لديهم استجابة تلقائية لمواجهة غضب الآخرين، بمعنى أن كل واحد فينا يمتلك مرآة تعكس المشاعر، هذه المرآة غالبًا ما تنبهنا إلى أننا أصبحنا هدفًا لغضب شخص آخر، لذلك فإن عقولنا ترفع راية الخطر وتدخلنا في حالة غضب، ولكن ينبغي هنا ألا نصبح فريسة للاستجابات التلقائية، لأنه غالبًا ما تجعلنا هذه الاستجابات تحت رحمة الآخرين، وتسبب لنا مشكلات كثيرة. 

ولهذا فهناك طرق عدة يمكن بها امتصاص غضب الآخرين ويمكن استخدامها، فمثلًا يمكن الاتفاق على أرضية مشتركة لحل المسائل، أو إظهار تفهمك للموقف من جانبه، أو إبلاغه بمشاعرك نحوه لتلطيف حدة الغضب أو اقتراح وقت ومكان آخرين للنقاش حتى تهدأ، وهكذا.

الحيوان

بهذه الطرق السابقة وهذه الأساليب يمكننا القول إننا عالجنا الجزء الخاص بك كإنسان، ويتبقى الجزء الخاص بالحيوان المفترس، ونقصد به الغضب.

لا للأساطير

أوَّل نقطة مهمة خاصة بالغضب ألا  تصدق خيالات الناس وأوهامهم وأساطيرهم بسبب خيالهم وبسبب الجهل، فمثلًا سوف يقولون عن الغضب: إنه قوة كامنة غير قابلة للسيطرة، وهذه الفكرة ممكن أن تصدق لسببين إنها سوف تقلل الإحساس بالذنب المصاحب لاستخدام قوة الغضب بصورة سيئة، وأيضًا تجعلنا نلقي باللوم والمسئولية على الغضب، وكأننا نفسه، وكأننا ضحايا له لا حول لنا ولا قوة، وطبعًا هذا غير حقيقي ولماذا؟

طبعًا كلنا يعلم أن هناك ما يسمى بالاستجابة الغاضبة، وهذه مسألة طبيعية، وهي استجابة نفسية وانفعالية هدفها الدفاع عن النفس تلقائيًّا، تحدث للإنسان في ظروف وقتية معينة عندما يشعر بالغضب تجعل جهازه العصبي يشتغل بأقصى طاقة، وهذه الطاقة تعطي الإنسان جرعة زائدة من القوة والطاقة حتى يستطيع التكيُّف مع الموقف، وغالبًا ما يظن البعض أن هذه الاستجابة لها مسار واحد هو الاستجابة لها والانفعال واستخدام الطاقة في القتال، لكن وبنظرة أخرى يمكن أن يكون لها مسار آخر أكثر تعقلًا؛ هو أنه يستفاد من تلك الطاقة التي يولدها الغضب في خلق استجابة حاسمة.

درب الحيوان

ولهؤلاء الناس الذين يلجأون إلى المسار الأول نقول لهم دربوا أنفسكم على تفادي الغضب، لأنه يحتاج إلى تدريب، وهناك عوامل فردية موجودة بيننا قد تكون بسبب الجينات أو الثقافات المختلفة أو البيئة التي تربى فيها كل منا، ويساعد فهم هذه العوامل ومحاولة تطبيق مجموعة من التعليمات على إعادة برمجة نفسك تجاه الأحداث وتبديل استجابتك الغاضبة باستجابة جديدة حاسمة وآمنة.  

ولذلك هناك مجموعة تعليمات تستطيع بها تدريب نفسك والتحكم فيها، هذه التعليمات تتمثل في معرفة الأوقات التي تتزايد فيها احتمالية غضبك، والمواقف التي تفقد فيها هدوءك ومعرفة هذ الأمر سيخلصك من كونك تحت رحمة مثيرات الغضب على نحو مفاجئ، لأنك عرفت متى ولماذا تغضب، وهذا سيجعلك منبهًا، وسوف يدلك على مؤثرات معينة عندما تحدث سوف يعطي لك جرس تنبيه.

أيضًا أنت تحتاج إلى معرفة الطريقة التي يعبر بها جسمك عن غضبه، أو التي من المحتمل أن يعبر بها عن مشاعرك عندما ينفجر غضبك، وهكذا عندما ينطلق جسمك في استجابته الغاضبة ستعرف، وتعدُّ هذه الأمور إشارات تحذيرية (فرامل) سوف تساعدك على كبح جماح غضبك. 

ملطف الانفعالات

عرفنا موضوع الإشارات نأتي إلى مرحلة أخرى، هذه المرحلة تحتاج إلى ملطفات الانفعال، وتتمثل في أن تجعل بينك وبين مثير الغضب مسافة: مادية أو معنوية، على سبيل المثال يمكنك العودة للخلف حين الوقوف، أو الميل بالكرسي حال الجلوس أو حتى مغادرة المكان إذا استطعت.

أيضًا يمكنك أن تلامس الواقع والشعور بهذا الأمر بأن تضع  قدميك على الأرض، وتمسك أحد الأشياء الثابتة ككرسي مثلًا أو ترابيزة، وحاول أن تركز عليه بعقلك.. هذا الانشغال بالقيام بأي عمل مادي محسوس سيجعلك تبعد نفسك عن سيطرة الجانب الانفعالي من المخ عليك، ويمكنك أيضًا عدُّ الأشياء المحيطة حولك، وهذه الفرص ستجعلك تشتت الجانب الانفعالي في المخ.

أيضًا يمكنك التحكم في تنفسك، بمعنى قبل أن تتخذ أي رد فعل خد نفسًا عميقًا ببطء من الأنف، واحبسه لمدة عشر ثوانٍ وأخرج النفس من الفم ببطء، هذا الأمر سيقلل من غضبك.