كتاب الصورة الذاتية

Book-Cover

ملخص كتاب الصورة الذاتية (اسم المؤلف: أوسم وصفي)

قصة قصيرة

إحدى الفتيات منذ الصغر وهي ترى نفسها أقل من الآخرين، وأنها مليئة بالعيوب، ونتيجة لهذا فإنها لا تدخل مكانًا إلا وينتابها شعور أن الجميع ينظر إليها، وحين تسمع كلمات سلبية فإنها تميل إلى الاختفاء عن الأنظار وعدم الاختلاط بأحد، وإذا سمعت بعض الكلمات الإيجابية فإنها ترفض تصديقه، وبعد كل هذا وبصورة عامة يمكننا القول إن هذه الفتاة لديها مشكلات حقيقية مع صورتها الذاتية، فما هي الصورة الذاتية؟ وكيف يمكننا تصحيحها؟ هذا ما سنعرفه.

الصورة الذاتية

الصورة الذاتية تعني: كيف نرى أنفسنا؟ وكيف نقوم بتقييم قدراتنا وصفاتنا؟
وهذه الصورة الذاتية هي جزء أساسي من الشخصية، ولذا لا ننتبه لها، ولا نحاول معرفة مدى صدقها من عدمه، وإنما نتعامل معها على اعتبار أنها حقيقة لا يمكن مناقشتها، وهنا تكمن المشكلة؛ لأن الصورة الذاتية تحدد كيف نتفاعل مع أنفسنا؟ وكيف نتفاعل مع الآخرين؟ وأي خلل فيها سيؤثر بالسلب في تعاملاتنا اليومية.

مناطق الصورة الذاتية

تتكون الصورة الذاتية من ثلاث مناطق أساسية:

ما تعرفه عن نفسك: وهذه المنطقة توجد فيها الصفات القريبة من الواقع؛ لأنها معلومات موضوعية وليس لها علاقة بالتقييم الذاتي.

ما قمت باستنتاجه عن نفسك: وهنا يبدأ التقييم الذاتي والافتراضات الفكرية المسبقة، والتي يمكن تسميتها بالمعتقدات الخاصة.
كلمات مثل: أنا بدين ومن الصعب أن أخسر وزني. أنا ضعيف ولا أستطيع حماية نفسي.
هذه المعتقدات من الممكن أن يكون لها أساس حقيقي، كأن يكون هذا الطفل لديه مشكلة حقيقية مع وزنه، ولكنه مر بتراكم هائل من الافتراضات الخاطئة، أو غير الدقيقة؛ مما أدى إلى تحول هذا الاعتقاد إلى عقيدة أو خرافة يصدقها عن نفسه بدون مناقشة، وهذا الطفل لو حدث واستطاع خسارة الوزن سيظل يرى أنه يمر بمشكلة؛ لأنه حبس نفسه في إطار الصورة القديمة، ولا يريد تغيير فكرته عن نفسه.

ما قاله الآخرون لك عن نفسك: هذه المنطقة هي منطقة ردود أفعال بشكل كبير، فهي المسؤولة عن استقبال اعتقادات الآخرين عنك، وهذه الاعتقادات إذا كانت سلبية  فإنها تكون مصحوبة بمشاعر سلبية عادة كالحزن والإحباط واليأس، مثلًا إذا قال لك أحدهم إنك أناني أو غير مرحب بك فإنك ستشعر بالضيق، وبالتالي تظهر ردود الأفعال السلبية كالانسحاب أو التوقف أو التكاسل أو حُمّى التنافس وهي المحاولات المستميتة لإثبات الذات أو غيرها من ردود الأفعال السلبية، والتي توضح المشاعر السلبية التي نتجت بداخلنا تجاه الآخرين، وبالتالي تتأثر علاقتنا بهم. 

الصورة الذاتية الصحية

الصورة الذاتية الصحية هي أن يكون لدينا تقييم واقعي وإيجابي لأنفسنا، والإيجابية هنا تعني الإيمان بوجود الإيجابيات، والقدرة على تغيير العيوب ومواجهة مصاعب الحياة.

الصورة الذاتية الصحيحة الواقعية هنا معناها: قبول حقيقة وجود عيوب.

وإذا كان الأمر بهذا الوضوح، لماذا يفشل الكثيرون في تكوين الصورة الذاتية الصحيحة؟
للإجابة عن هذا التساؤل نحتاج أن نفهم أن الصورة الذاتية الصحيحة هي نتيجة لمجموعة من الاحتياجات التي تُلبى بشكل صحيح، وأي تشوه في تلبية هذه الاحتياجات يؤثر في صحة الصورة الذاتية.

احتياجات الصورة الذاتية

يتعرض المؤلف في هذا الجزء إلى الاحتياجات التي تشكل صورتنا الذاتية عن أنفسنا، ومنها:

  • الاحتياج للرؤية: تحتاج أن تشعر أنك موجود وموضعا لنظر الآخرين، ولذا فإن رؤية الآخرين لنا لها تاثير كبير علينا.
  • الاحتياج للحب والقبول: وهذا مصدره العلاقات الحميمة مع الأب والأم، والإخوة والأصدقاء، وكل الأشخاص القريبين الذين بإمكانهم منح الحب والقبول.
  • الاحتياج للاعتبار: الإنسان يحتاج أن يشعر بالقيمة، أن يشعر أن هناك من يقدره ويحترم وجوده.
  • الاحتياج للاستقلال: وهذا معناه الكفاءة أو الكفاية، بمعنى أن تشعر أنك قادر على أن تقوم بالأعمال وحدك دون الاحتياج لدعم أحد آخر، ولذلك من مصادر الصورة الذاتية السلبية: الحماية الزائدة للطفل. أن تدافع عنه في المشكلات، أن تختار له ما يلبس وما يأكل، وهذا بالطبع يؤذي الطفل لأنه يحتاج إلى قدر من الحرية حتى تكون صورته الذاتية إيجابية، وهذا لا يمنع أن تكون هذه الحرية بحدود وبقدر من المسؤولية.

 مسببات تشوه الصورة الذاتية

  • المقارنة والنقد: يحدث هذا حين نقارن أنفسنا أو يقارننا الآخرون بأقاربنا أو من هم في مثل أعمارنا، وهذا وإن كان دافعه الأساسي هو التحفيز إلا أنه يترك أثرًا سلبيًّا في الصورة الذاتية.
  • البيئة غير المرحبة: هي البيئة التي لا ترى الشخص ولا قدراته أو إنجازاته، وهذه بيشة غير صحية لأنها لا تملك أي تعبير عن الرأي أو احترام له.
  • التوقعات غير الواقعية: أن تعتقد أن الحياة خالية من المشكلات مثلًا، أو أنك لن تتعرض للأذى طالما لم تؤذ أحدًا، هذه كلها توقعات غير واقعية عن الحياة.
  • الإساءات القولية: تكرار الجمل المؤذية مثل: (لا فائدة من وجودك)، أو (لن تتغير أبدًا) تتحول مع مرور الوقت والتكرار لكيان داخلي من الممكن أن يستمر طوال العمر في ترديد هذه العبارات بصورة تلقائية مستمرة. هذه الانتقادات والإهانات التي نتعرض لها تتحول لذات ناقدة بداخلنا، بحيث نستمر في توجيه مثل هذه العبارات لأنفسنا، وفي هذه الحالة نتحول لخصوم لأنفسنا، ويصبح مصدر الإهانة بداخلنا، مما يجعل من الصعب جدًّا التخلص منه، بل ومن الصعب حتى إدراكه.
  • الإساءات الجسدية: مثل العنف الشديد والضرب المهين، مما يؤدي لإضعاف علاقة الإنسان بجسده.
  • الإساءات الجنسية: وهي تعتبر أشد الإساءات التي تؤثر في الصورة الذاتية.
  • حديث النفس السلبي أو الناقد الداخلي: دائمًا ما نخلط بينه وبين الضمير.
    فالضمير: هو الشعور الفطري الذي يجعلنا نميز بين الصواب والخطأ.
    أما الناقد الداخلي: فهو نمط تفكير سلبي يميل إلى رؤية الخطأ دون الصواب، يميل للوم والانتقاد على حساب الرؤية الموضوعية السليمة.
    فالناقد الداخلي هو الذي يقول لك مثلًا: "إذا لم تكن الأول دائمًا فأنت إنسان غير كفء"..
    ولكن الصواب أن تقول لنفسك: عليَّ بذل الجهد، والنتيجة مسألة منفصلة عني، فأنا أحتاج إلى مقارنة نفسي بنفسي، حتى أقيس مدى تقدمي، ولو قارنت نفسي بغيري فأنا أحتاج إلى ملاحظة الفوارق بيني وبينه حتى لا أطالب نفسي بأمور فوق طاقتي. 

صورة الجسد

يمثل مفهومنا عن أجسامنا، وتقييمنا لها جزءا من صورتنا الذاتية عن أنفسنا، فمثلا إذا كنا نتعامل مع أجسامنا بهوس مبالغ فيه، أو باهتمام مفرط بمظهرنا الخارجي أمام الناس، فإننا نحتاج إلى تذكر أربع حقائق صغيرة نغفل عنها حين نفكر في الجمال أو المظهر:

  1. الجمال ليس في المظهر وحسب بل في العين التي تنظر أيضًا، لأنه أحيانًا يكون الشخص جميلًا، ولكنه يشعر من خلال الآخرين أنه ليس كذلك، أو أقل مما هو عليه، وبالتالي من الضروري أن يكون على معرفة جيدة بنفسه، وألا يسمح لكلام الآخرين بالتأثير فيه، فالجمال نسبي وذاتي وليس مطلقًا وموضوعيًّا، وحين تكون صورتنا الذاتية عن أنفسنا سلبية سنرى أنفسنا قبيحين حتى ولو رأى من حولنا أننا على درجة من الجمال.

  2. الجمال الخارجي مثل لون العين، أو البشرة، أو الطول، فالناس يختلفون في معاييره، بعكس الجمال والقبح الداخلي فلا خلاف عليهما بين الناس.
    لم نسمع يومًا أن أحدًا يحب العنف والإهانة، أو الخيانة والغرور، بل نجد أن الجميع يقدر التواضع والأمانة والشهامة، لذا يجب أن نحاول قدر الإمكان ألا ننسى نصيبنا في الجمال الداخلي، أو نتجاهل وجوده أو نخرجه من حساباتنا.

  3. الداخل يؤثر في الخارج أكثر مما يؤثر الخارج في الداخل.
    لا خلاف أن مستحضرات التجميل والملابس الجميلة تجعل قلب الإنسان سعيدًا، ولكن القلب الحزين يجعل الوجه عابسا، أما القلب السعيد يجعل الوجه طلقًا.

  4. الخارج قد تم ولا يمكن تغييره، أما الداخل فمتغير ومتجدد.
    بعض الناس يلجأون لعمليات التجميل أملًا في تحسين صورتهم، ولكن الرضا لا يسكن قلوبهم، وهذه العمليات لا تنجح في تحسين صورتهم الذاتية عن أنفسهم، ولكن عندما يكون الإنسان أكثر صحة ونضجًا تتحسن صورته الذاتية؛ وبالتالي يقبل شكله الخارجي مهما كان ويفرح به.

تصحيح الصورة الذاتية

في القصة القصيرة التي بدأنا بها، لو أن هذه الطفلة تريد أن تصحح صورتها الذاتية فما الذي يجب عليها فعله؟

  1.  أن تتعرف على الأمور التي تهددها وتسبب لها الإحساس بالدونية أو الخزي، ثم تكتبها على ورقة بحيث تتعرف عليها وتستطيع التحكم فيها أو تجاهلها.

  2. أن تتمسك بمنظومتها الأخلاقية والقيمية، بمعنى أن تتمسك بالمعاني العامة، والقيم الكلية التي تعيش من خلالها؛ حتى تكون أفعالها متوافقة مع ذاتها، وما يمثلها من قيم وأخلاق.

  3. أن تشارك شخصًا آخر بالمشاعر والأفكار ضمن منظومتها الأخلاقية، وهذا الشخص يجب أن يكون أمينًا، حتى تتكلم معه عن نقاط خوفها وضعفها وصورتها الحالية التي ترى نفيها من خلالها.

  4. أن تشعر بالامتنان لما لديها وأن تتقبل ما تملكه وتبدأ في البناء عليه.

  5. الامتنان للأخطاء لأنها هي خطوات الطريق التي قطعته، وحين تنظر لأخطائها على أنها اختبار، وفرصة لتعلم درس جديد، حينها ستتغير صورتها الذاتية.

  6. أن تتعرف إلى نقاط قوتها، ومن الممكن أن تستعين ببعض من حولها في هذا.

  7. أن تتعامل على أنها شخص عادي سليم ليس به عيوب، وتبدأ في رفع رأسها، وتتجنب رثاء الذات. ولا تسمح لأحد بالتقليل من قدرها.

  8. أن تنفتح على النقد وتتجنب الانهزام أمامه أو الخوف منه، أو حتى التسليم به، بل وترفضه وتسخر منه إذا كان يتعدى عليها. من المهم أن تنظر إلى عمق النقد، وأن تصفي طريقة عرضه المؤذية لتتعرف على الرسالة التي يحملها، لأنه من المحتمل أن تكون معلومات النقد صحيحة ولكن بطريقة خاطئة.

  9. أن تتجنب المثالية لأنه لا يوجد بيننا إنسان كامل، وأن تتذكر دائمًا أن السبب الأول في فشل الأهداف وعدم الاستمرار بها هو رغبتنا في أن تتم على أكمل وجه.

  10. مساعدة الآخرين والتي سترى من خلالها أثرها في الناس، وبالتالي يزداد تقدير الذات عندها، وتتحسن صورتها الذاتية.

علاج الصورة الذاتية

هناك عشر أدوات من الممكن الاعتماد عليها في أثناء التعمق في تصحيح صورتنا الذاتية:

  1.  الجرد الشخصي الأمين: أن تعرف نقاط القوة والضعف لديها؛ حتى تكون على وعي صحيح بنفسها.

  2. تتبع حديث النفس السلبي: أن تركز مع الجمل السلبية التي تتردد بداخلها، ثم توقفها أو تستبدلها بجمل أخرى أكثر إيجابية.

  3. التوكيدات الإيجابية: هذه الخطوة تشبه تتبع حديث النفس السلبي، ولكن مع جمل إيجابية مثبتة (وليست منفية) مثلًا.. تقول لنفسها دائمًا: أنا جميلة، أو أنا ذكية. وتؤكد هذه الرسالة دي حتى تترسخ بداخلها بصورة معتدلة.

  4. تقنية المرآة: أن تنظر لنفسها بنظرة متراحمة، أو تخاطبها بجمل توكيدية مثبتة، أو تحاورها حوارًا متراحمًا، كل هذا أمام المرآة.

  5. قبول المسؤولية: أن تكون على قناعة أن التعافي هو مسؤوليتها الشخصية ولا تنتظر أي إنسان آخر ليقوم بذلك بدلًا عنها.

  6. التمثيل: إذا لم تكن تلك الفتاة تحب ذاتها بشكل كافٍ فالأفضل أن تبدأ في تصنُّع حب الذات، أن تمثل أنها تثق بنفسها وتحبها وتكرر ذلك حتى ينقلب الكذب حقيقة.

  7. العلاقات الصحية: الاهتمام بالعلاقات الصحية يساعد على الشفاء كما تساعد العلاقات السلبية في المرض تمامًا، لذا من المهم أن تبحث تلك الفتاة عن الذين يتقبلونها ويحبونها بصدق.

  8. فحص المعتقدات الشخصية وتحديها عن طريق ملاحظة وتسجيل العبارات التي تقولها باستمرار، والتي تعبر عن معتقداتها الراسخة، ثم تتأكد من الأدلة المنطقية على هذه الاعتقادات، فإن لم يكن هناك أدلة منطقية، وجب عليها أن تبدأ في تحدي هذه المعتقدات.

  9. الطقوس الشفائية: كتابة الرسائل السلبية التي وصلتها من الآخرين على ورق، ثم حرق هذا الورق.

  10. القيم الروحية: وهذه تتمثل في علاقتنا بالله، وطلبنا منه أن يوهبنا الشفاء، والتسليم بقضائه وقدره، وفي مقابل هذا الاعتراف بضعفنا وعجزنا البشري، وقبول عدم قدرتنا على السيطرة على الظروف المحيطة أو الناس.