قوة الصبر

Book-Cover

ملخص كتاب قوة الصبر (المؤلف: إم جيه رايان)

يحتاج اكتساب أي عادة جديدة إلى جهد مستمر، وحتى تستطيع الحفاظ على وجود هذا الجهد لابد أن تملك دافعا قويا، والدوافع لا تأتي إلا حين نعرف فائدة هذه العادة وأثرها الإيجابي على حياتنا، فما الفائدة التي قد تعود علينا من عادة الصبر؟

فوائد الصبر

كثيرة هي الفوائد التي قد تعود عليك من أن تكون صبورا، ولكن سيركز الكاتب على أربعة جوانب رئيسية:

  1. التفوق: حتى تصبح خبيرا أو متميزا ومتفوقا في مجال ما فأنت تحتاج إلى سنوات من التدريب والممارسة، وهذه السنوات تحتاج بالطبع إلى صبر طويل.
  2. الحكمة في اتخاذ القرارات: أسوأ القرارات هي تلك التي يتخذها الإنسان سريعا تحت ضغط نفسي وبطريقة عاطفية، أو حين يطلق العنان لخياله وبالتالي يتخذ قراره بناء على أوهام، أما حين يكون الإنسان صبورا فإن قراراته ستكون أفضل.
  3. طول العمر: قد تبدو هذه الفائدة غريبة بعض الشيء ولكن الصبر يحررنا من الضغوط، الضغوط التي يتعامل معها جسدنا بإفراز هرمونات التوتر المتعلقة بضعف المناعة والعديد من أمراض القلب، وحين نتحرر من تلك الضغوط فإننا نحافظ على أعمارنا وسلامتنا البدنية.
  4. العلاقات القوية: عدم الصبر يجعل الإنسان يفقد الأمل فيمن حوله سريعا، وهذه الطريقة في التفكير تجعل الإنسان يخسر العلاقات سريعا، على عكس الصبر الذي يساعدك في الحفاظ على العلاقات وزيادتها.

مفاهيم مهمة عن الصبر

الاستجابات التي يطلقها الجسم والعقل تجاه ما يحدث حوله ما هي إلا انعكاس طبيعي للمفاهيم المتأصلة بداخله، والصبر باعتباره رد فعل لما يحدث حولنا يعتمد على بعض المفاهيم الراسخة بداخلنا، وهي التي تشجعنا على التحلي به أو الانفعال وعدم الصبر، ومن حسن الحظ أن هذه المفاهيم يمكن تغييرها والتحكم فيها، وسنذكر بعضها فيما يلي.. 

لازلت أتعلم

أول المفاهيم التي نحتاج اكتسابها هي الاعتراف بضرورة التعلم وحاجتنا الدائمة إلى تغيير نظرتنا نحو الأمور، هذا يساعدنا كثيرا في التهيؤ لاكتساب عادة الصبر، وعندما تفقد أعصابك في موقف ما فأنت حينها تتذكر أنك لا زلت في مرحلة التعلم بدلا من الانتقال إلى اتهام النفس بعد الصبر.

الانتظار جزء من الحياة

من المفاهيم الخاطئة المنتشرة في عصرنا الحالي أن الانتظار يعبر عن وجود خلل ما، فالانتظار مثلا في قائمة ما عند مصلحة حكومية يعبر عن فشل في المنظومة، وهذا من الخطأ بمكان، لأن الانتظار حالة طبيعية من صميم الحياة الإنسانية، والإنسان يمارس هذا الانتظار منذ اللحظة الأولى لوجوده على الأرض، فقديما مثلا كان المزارع ينتظر الطقس لزراعة محاصيل بعينها، وكان الناس ينتظرون البحارة لحين عودتهم، والفارق الوحيد بيننا وبين القدماء أن الأمور التي نحتاج انتظارها قد تغيرت أشكالها، ولكن حتمية الانتظار لا تزال قائمة.

وتقبل حقيقة عدم القدرة على إزالة الانتظار من الحياة يساعدنا أن نكون أكثر سعادة، لأن الجانب الأكبر من الحياة يفرض علينا الصبر والانتظار، وحين نتعايش مع هذه الحقيقة ونشعر بالرضا أثناء الصبر والانتظار فإننا نصبح أكثر سعادة.

الملل في عقولنا فقط

الملل من المفاهيم التي تحتاج التخلص منها في سبيل اكتساب قوة الصبر، ولكن من أين يأتي الملل؟
الملل يأتي من شيئين:

عدم القدرة على تأجيل الشعور بالرضا والبهجة حتى لحظة الانجاز الكبرى.

ضعف القدرة على تحمل الإحباط.

والحقيقة أن الانتظار ليس مملا بالضرورة، وأن الملل موجود في عقلك فقط، الكتاب الذي تقرأه والفيلم الذي تراه والوظيفة التي تعمل بها، كلها مملة لأن عقلك يراها مملة وليس لأنها مملة فعلا.
الكثير من التجارب البشرية من الممكن اعتبارها مملة، مثلا هناك قدر كبير من الوقت الذي ينفق في عملية تربية الأبناء وفي العلاقات وفي العمل، وإلى جوار هذا الوقت الهائل نشعر أن لا شيء يحدث، وكما أنه من الممكن أن ننظر لهذه اللحظات على أنها لحظات مملة فمن الممكن أيضا أن ننظر إليها على أنها فرص يجب استغلالها، وحتى تنظر إلى هذه الأمور بعمق أكثر جرب أن تتوقف عن وصف كل تجربة تصادفها بالملل، ومع الوقت سيبدأ عقلك في تغيير نظرته للأمور وسيتلاشى تدريجيا شعورك بالملل.

أكثر من طريقة صحيحة

في كثير من التعاملات في العمل والبيت نحاول حمل الآخرين على التصرف بالطريقة التي نراها صحيحة، والطبيعة البشرية ترفض أن تتصرف بطريقة لا تقتنع بها، بمعنى أنك لن تستطيع إجبار الطرف الآخر على التصرف إلا حين يفعل هو ذلك من تلقاء نفسه، وكلما زاد إدراكنا لحقيقة أننا لا يمكننا السيطرة على وجهات نظر الآخرين، وكلما ازداد إدراكنا لوجود أكثر من طريقة صحيحة للتصرف وأن التصرف الصحيح ليس حكرا علينا، فإن هذا يساعدنا أن نكون أكثر صبرا، وبالتالي يمكننا الاستماع إلى الآخرين وتقبل وجهات نظرهم.

بعض الأشياء تستحق الانتظار

لو أن الإنسان كلما أراد شيئا حصل عليه سيشعر بالتخمة والامتلاء سريعا، ولن يكون راضيا حين يحصل على ما كان يتمناه، على عكس حتمية الانتظار التي تجعل من حصولك على ما تريد إنجازا كبيرا وتصاحب ذلك مشاعر كبيرة تحقق لك الإشباع النفسي الذي تحتاجه كإنسان، وحين تتقبل أن بعض الأشياء تستحق الانتظار ستتخلص من العجلة وسيصبح الصبر حليفك. 

تعلم الصبر

تعرفنا على فوائد الصبر والمفاهيم التي يجب أن نضبطها حتى نتحلى بالصبر، وفي هذا الجزء يتحدث الكاتب عن تعلم الصبر بشكل تجريبي:

متى تكون صبورا؟

جهز قائمة بالمواقف التي تكون صبورا فيها بشكل فطري وطبيعي دون أن تحتاج إلى التكلف والتصنع، وفكر جيدا في هذه الأمور ولماذا تجد من نفسك هذا الصبر على عكس بعض المواقف الأخرى، ومن خلال معرفة العوامل التي تساعدك على الصبر يمكنك استصحابها معك في المواقف الأخرى.

إشارات الإنذار المبكر

الغضب والانفعالات العنيفة لها مؤشرات مسبقة، لذا جرب أن تراقب نفسك وتسترجع بعد كل نوبة غضب ما الذي حدث قبلها مباشرة؟ وفي المرة المقبلة حين يحدث نفس الأمر يمكنك ضبط نفسك لأنك تعرف أنك على وشك التعرض لنوبة غضب.

الصورة الأكبر

الغرق في التفاصيل الصغيرة يجعل الإنسان ينفعل بشكل غير مبرر في مواقف بسيطة، وعندما ينظر للأمر في إطار الصورة الكبرى سيجد أن الموقف لا يستدعي كل ذلك الغضب، مثلا تخيل أن الزوج قد رفض القيام بإصلاح شيء داخل المنزل، هذا من شأنه أن يثير غضب الزوجة، لكن إذا نظرت إلى هذا الموقف في إطار الصورة الكبرى لمسؤوليات هذا الزوج ودوره الرائع في الأسرة ستصبح أكثر صبرا وستتجاوز هذا الموقف بسهولة.

صياغة الموقف

تخيل أن إدارة مصنع ما أرسلت أحد موظفيها لاستطلاع منطقة نائية في إفريقيا لإنشاء مصنع أحذية، فكتب في التقرير أن هذا مشروع ميئوس منه لأن الناس هنا لا يرتدون أحذية، وبعد فترة أرسلت الإدارة موظفا آخر فجاء في تقريره أن هذا مكان مناسب وبيئة خصبة لإقامة مثل هذا المشروع.
كلا الرجلين قد ذهب إلى نفس المكان ولكن المنظور الذي شاهد كلاهما منه الموقف مختلف، وهذه العملية تسمى إعادة الصياغة، وهي وسيلة قوية للتغلب على مشاعر اليأس وعدم الكفاءة والغضب، تستطيع استغلالها حين تواجه مسألة صعبة بأن تسأل نفسك: كيف يمكنني النظر إلى هذه المسألة بحيث أحصل على نتائج طيبة؟

ابحث عن شيء آخر لتفعله

لا تترك نفسك فريسة للانتظار، لأن أي إنسان يضطر إلى الانتظار لوقت غير معلوم حين يركز على هذا الوقت سيصاب بالملل ويشعر ببطء شديد وضجر، لذا أفضل ما تفعله في أي موقف تنتظر فيه هو أن تنشغل بشيء آخر لتفعله، فكر في شيء مثير للاهتمام حتى يمر هذا الوقت.

استجب من كل قلبك

عندما يتعلق الأمر بالصبر على الآخرين فأفضل شيء يمكننا فعله على الاطلاق هو التحكم فيما بداخلنا من شفقة وعطف وحنان، وحين نستجيب للآخرين انطلاقا مما يمليه علينا العقل فقط سنظل على الدوام ننتقدهم و نطلق الأحكام عليهم، ولكن حين نفتح قلوبنا ونتعامل معاهم بعطف وشفقة ونتذكر أن لكل منا نقائصه وأن الكمال ليس من صفات البشر سنكون أكثر صبرا في تعاملنا معهم.