كتاب قوة الانضباط

كتاب قوة الانضباط: ٧ طرق يمكنها أن تُغيِّر مجرى حياتك (المؤلف: براين تراسي)
إذا كنت لا تستطيع الالتزام مثلًا بجدول المذاكرة أو بجدول القيام بالتمارين الرياضية كما تخطط دائمًا، أو كنت تواجه صعوبة عمومًا في القيام بالأشياء التي تخطط لها، وكان عندك عادات مثل التأجيل والتسويف لآخر لحظة، خصوصًا في الأمور التي تشكل جزءًا رئيسيًّا من يومك؛ فأنت تعاني مشكلة "عدم الانضباط" في حياتك عمومًا.
إن امتلاك الانضباط ليس شيئًا ثانويًّا من الممكن تجاهله، بل يعدُّ أهم مبدأ من مبادئ النجاح، فلو كنت تمتلك ٩٩٩ مبدأً من مبادئ النجاح لن يؤتي أيٌّ منها ثماره لو لم تملك الانضباط الذاتي.
وحتى تنمي عادة الانضباط الذاتي لديك لا بدَّ أن تبدأ في الكلام مع نفسك بخصوص الأمور التي يجب أن تقوم بها، كأنك تفاوض شخصًا غريبًا وتحاول إقناعه بعمل شيء ما.
تغيير العقلية
حين تحاول إقناع شخص ما بعمل شيء فأول ما ستقوم به هو تشجيعه في غير قسوة ودون أن تصدر عليه أحكامًا مسبقة بالفشل، فهذا الشخص غالبًا ما يرى نفسه بصورة سلبية لعدم انضباطه، وكثيرًا ما يكون متشككًا حول قدرته على القيام بأي شيء، فالواجب عليك في اللحظات الأولى أن توضح له أن ما يقوم به مع نفسه ما هو إلا الدخول في حلقة مفرغة تنتهي به إلى الفشل.
وحتى تكون البداية صحيحة لا بدَّ أنَّ تصحح نظرة هذا الشخص إلى الانضباط الذاتي على أنه أمر طبيعي، أو أنه قدرة يكتسبها المرء ويستطيع تعلمها، بل ويكون ماهرًا فيها مع الوقت كأي مهارة أخرى تنمو مع الوقت، مثل الطفل الصغير الذي كان يسبب الإحراج لأهله لأنه لا يستطيع منع نفسه من طلب أي شيء من أي أحد، فمثلًا لو كانوا ضيوفًا عند أحد أقاربهم تجده يطلب أشياء غريبة بمنتهى التلقائية، فهو لا يعرف كيف يتحكم في نفسه حين يطلب شيئًا ما، ولكن مع الوقت يكبر وتزداد قدرته على التحكم في رغباته، وكذلك أيضًا الانضباط الذاتي، فالإنسان لا يستطيع مقاومة الممتع السهل والصبر على اﻷمور الصعبة المملة والتي تكون نافعة له، ولكنه مع الوقت يستطيع أن ينمي قدرته على ضبط ذاته ورغباته.
ثلاثة مبادئ
يقوم الانضباط الذاتي على ثلاثة مبادئ كبرى:
تحمل المسئولية
هناك علاقة مباشرة بين تحمل المسئولية والانضباط الذاتي والسيطرة على النفس على نحو عام، فتحمل المزيد من المسئوليات مثل مسئولية حياتك ومسئولية مشاعرك وعدم الاستسلام واختلاق الأعذار والشكوى والانتقاد ولوم الآخرين على أي شيء، كل هذا يساعدك على اكتساب القدرة على القيادة الشخصية، مما يسهل عليك الانضباط الذاتي.
فالناس قد تعودت الشكوى باستمرار واختلاق الأعذار ولوم الآخرين على عدم شعورهم بالسعادة في الحياة، وهذا حل سهل ولكن تداعياته وخيمة، فإذا كنت ممن يفعل ذلك فتوقف رجاء وراقب كيف سيساعدك هذا على توليد قدر كبير من الانضباط الذاتي.
إدارة الوقت
إدارة الوقت هي القدرة على اختيار تسلسل الأحداث اليومية بالشكل الذي تريده بدلًا من حصولها عشوائيًّا والاكتفاء باستقبالها، فعن طريق إدارة الوقت تستطيع أن تختار بنفسك ما ستقوم به، ومن ثم تقسمه على حسب الأهمية.
ومفتاح إدارة الوقت هو النظر باستمرار إلى التداعيات والعواقب المحتملة، ﻷن أهمية كل شيء تقريبًا تقاس بمدى التداعيات وحجمها والتبعات المترتبة على إنجازه أو عدمه، فمثًلا أنت تذاكر مقررًا تعليميًّا ليس فقط لحبك له، وإنما ﻷن له آثارًا كبيرة على حياتك على مدى سنوات مقبلة من عمل ودخل وحياة اجتماعية وغير ذلك، فلو قارنت تداعيات هذه المذاكرة مثلًا مع تداعيات جلسة سمر ولو مع الأصحاب أو تصفح الإنترنت بدون جدوى، والذي قد يساعدك على التغلب على الملل والاستمتاع، لو قارنت سوف تتجه تلقائيًّا ناحية المذاكرة ﻷن تداعياتها أكبر على حياتك.
وكذلك كل اﻷمور ذات التداعيات قصيرة المدى والتي لن تُحدث فارقًا كبيرًا في عملك أو حياتك؛ فإنها يسهل التضحية بها أمام الأمور ذات التبعات طويلة المدى، ولا بدَّ من عمل قائمة بالأشياء التي تحتاج إلى القيام بها من ناحية تداعياتها ومراجعتها بشكل مستمر، فهذا من شأنه أن يساعدك على محاربة التسويف الذي يعدُّ لبَّ مشكلة الانضباط الذاتي.
المخاوف
مواجهة المخاوف والخروج من منطقة الراحة هي المبدأ الثالث من مبادئ الانضباط الذاتي، فالشخص المفتقر إلى الانضباط ليست عنده شجاعة التعامل مع المواقف التي تبدو له مواقف صعبة وتسبب له الخوف.
والحل هنا أن تقنع هذا الشخص أن الخوف ليس شيئًا ثابتًا، وأننا نتعلم أغلب أشكال الخوف ولا نولد بها، ولذلك فإن أفضل طرق التعامل معها هو تجاهلها والبدء في العمل حتى لو لم يكن هناك شعور بالارتياح والأمان.
والشجاعة من الأخلاق التي يمكن اكتسابها بالتظاهر، فمهما كنت جبانًا تظاهر بالشجاعة أو ألزم نفسك بالقيام بأمور تحتاج إلى الشجاعة، ثم راقب نفسك بعد فترة وستجد أن تلك الصفة قد ازدادت عندك حتى يختفي الخوف تمامًا، أو جرب أن تفكر في الكوارث بطريقة عقلانية عن طريق الخطوات الآتية:
- حدد الموقف المسبب للقلق بوضوح.
- حدد ما أسوأ احتمال من الممكن حدوثه لو وقع هذا الموقف المقلق.
- اعقد العزم على تقبل أسوأ النتائج المحتملة لو حدثت.
- ابدأ على الفور في تحسين هذا الأمر المحتمل حدوثه، وخذ كل الخطوات الممكنة، حتى تتأكد أن أسوأ نتيجة محتملة لن تحدث أصلًا.
كتابة أهدافك على الورق
المبادئ السابقة كانت عن الانضباط بشكل عام، ولكنَّ ثمة أمورًا قد تساعدك على الانضباط بشكل محدد أكثر، فمن المهم مثلًا أن تحدد أهدافك وتكتبها، فكلما كان هدفك أكثر وضوحًا قلَّت فرص الانحراف عنه بسبب المشتتات التي قد تتعرض لها، والمشكلة الحقيقية أن أغلب البشر يعتقدون أن لديهم أهدافًا واضحة، والحقيقة أنها أمور لا تتعدى كونها آمالًا وأمنيات.
والفارق بين الأمنية والهدف أن الأمنية هدف ليس له أي طاقة تحركه، ليس له مسار ولا محرك، تمامًا مثل الطلقات الفارغة لن تصيب شيئًا، أما الهدف فله ثلاث خصائص يسأل عنها بـ "ما ومتى وكيف" ما الهدف بالضبط؟ ومتى سوف تحققه؟ وكيف تنوي تحقيقه؟
وحتى تتمكن من تحقيق أهدافك يمكنك عمل جدول زمني بالنقاط الثلاث السابقة الخاصة بالهدف، ما ومتى وكيف، وسجل هذا في مكان تراه باستمرار حتى تحافظ على مسارك الصحيح، فهذه النقاط الثلاث وتحديدًا الموعد الزمني لتحقيقه ستعمل كقوة دافعة ومحرك لك لتحقق هدفك.
توُّقع المشكلات المحتملة
أيضًا من الأمور التي تساعد على الانضباط هي توُّقع المشكلات بشكل مسبق ووضع خطط للتعامل معها من البداية، فلو قررت مثلًا الذهاب إلى التمارين الرياضية صباحًا وأنت تتوقع عدم القيام وإغلاق المنبه بمجرد سماع جرسه، فبإمكانك في هذه اللحظة حل هذه المشكلة المحتملة عن طريق إبعاد الهاتف مثلًا عن مكان نومك بحيث تُجبر على القيام لإطفائه ومن ثَم يمكنك الاستيقاظ، فأنت هنا توقعت مشكلة وعالجتها بحل جربته سابقًا وكان مجديًا معك، أما لو ظللت تعالج المشكلات بالطرق التقليدية نفسها فسوف تفشل مجددًا.
صفقة مع نفسك
إذا كنت شخصًا مماطلًا يمكنك أن تعقد صفقة مع نفسك بحيث تكافئ نفسك بحوافز كلما أنجزت شيئًا ما، ومن الممكن أيضًا أن تكون تلك الحوافز مختلفة حسب اختلاف المهمات والأعمال بحيث تكون واقعية وتحفزك بالفعل، ﻷنك تنتظر مكافأة ما.
قم بتغذية نفسك
بعض المواقف من الممكن أن تؤثر في مدى انضباطك بشكل سلبي، ﻷن التحكم في النفس والقدرة على الانضباط أمر يزيد وينقص خلال أحداث الحياة، لذلك من المهم أن تقلل الضغط العصبي الذي تتعرض له ﻷنه يؤثر في مدى انضباطك وتحكمك في ردود أفعالك.
فالانضباط يتغذى على الراحة والصفاء الذهني والاعتناء بالنفس، ويمكن الحصول على هذا بأمور سهلة كالتنزه في حديقة أو الحصول على قسط كافٍ من النوم أو غيرها (على حسب ما يناسب كل شخص).
اقضِ بعض الوقت في التنمية الذاتية
اقضِ وقتًا في تحسين عقليتك، وفي التنمية الذاتية خصوصًا، فالمعرفة قوة كلما اكتسبتها أكثر ساعدتك أكثر في حياتك، اقرأ كثيرًا استمع جيدًا، كن فضوليًّا في العلم فهذه من عادات الذين يمتلكون انضباطًا ذاتيًّا كبيرًا، لذلك ينصح الكاتب بأن تخصص وقتًا من يومك تثري فيه نفسك وتغذي عقلك كما تغذي جسمك.
عند التراجع
من المتوقع جدًّا بعد كل ما سبق أنك قد تفشل مع الأسف، قد تفقد القدرة على الانضباط، قد تتأخر في تحقيق أهدافك، قد تواجهك مشكلات صعبة، ولكن لا تجعل كل هذا يقف عائقًا أمامك، وإنما هي تجارب تستفيد منها وتستطيع تطويرها ومعالجة الأخطاء التي وقعت فيها في أثناء المحاولة.
الفشل والتراجع جزءان من أي تجربة، ولو استسلمت لهما لن تتغير ولن تطور من حياتك، ولكنك لو حاولت التعامل مع الفشل ومقاومته سوف تشعر بفرق هائل، ﻷنك سوف تجرب طرقًا جديدة للنجاح.
عندما تتراجع حاول أن تغير طريقة تعاملك مع الأمور، حاول أن تنظر للأهداف الكبيرة والمهمات الضخمة بطريقة لا تجعلك مرتبكًا دائمًا وقلقًا إذا ما كنت سوف تصل إلى هدفك أم لا، ﻷن الارتباك والقلق سيقلل الدافع بداخلك ومن ثم تترك العمل تمامًا وهذا ليس مطلوبًا، ولكن تعامل بأريحية وتلقائية وجرب كثيرًا ولا تستسلم.