كتاب كيف تبني شخصية قوية وإيجابية
كتاب كيف تبني شخصية قوية وإيجابية (المؤلف: فينكاتا أيار)
من يتعاملون مع التماثيل يقومون بتشكيلها عندما تكون طرية، فهي عندما تكون صلبة يصبح من الصعب جدًّا تشكيلها، ولكن هذا لا يمنع أنه يمكن إعادة صهرها مرة ثانية بالحرارة وإعادة تشكيلها.
المبدأ نفسه ينطبق على شخصياتنا أو ذواتنا.
نحن في لحظة الميلاد تكون شخصيتنا طرية، وبعد ذلك نتعرض لعوامل تشكلنا على نحو معين، وتلك العوامل هي التأثيرات المحيطة بينا.
كل شيء يتواصل معنا، وكل الظروف التي مررنا بها في مرحلة الطفولة تؤثر فينا، ومع الوقت تتشكل ذواتنا بتأثيرها، ومن ثم نصبح بشخصية معينة (تعودنا على الحياة بتلك الطريقة).
الطرق التي اعتدنا عليها وأصبحت شبه مقدسة ولم يعد بإمكاننا تغييرها بسهولة، أصبحت معتقدات تقف خلف سلوكنا البشري.
بناء شخصية قوية أو حتى بناء الشخصية على نحو عام يقوم على فهم هذه الفكرة "المعتقدات".
فهمك لذلك سيجعلك تمتلك المرونة في التعامل معها، المرونة ستمكنك من إعادة تذويب شخصيتك وتشكيلها مرة جديدة.
أي شخصية تتكون من مجموعة من التوجهات –وحدات صغيرة– بتغيير هذه التوجهات ستتغير شخصيتك
والتغيير هنا قائم على قانون الإحلال.
تخيل الشخصية على أنها خزان ماء كبير، هذا الخزان فيه ماء غير نظيف (التوجهات السلبية) يمكنك تنظيفه بضخ مياه نظيفة بقوة (توجيهات إيجابية)، ستدخل وتحل محل الماء غير النظيف.
تطوير الشخصية
إن لدينا ١٢ توجهًا للشخصية القوية:
البعد عن الأعذار
أصحاب الشخصيات القوية يعلمون جيدًا أن أسوأ ما يواجههم هو الأعذار.
العذر ما هو إلا كذب على النفس، لذلك هم لا يضيعون أوقاتهم في التفكير -مثلًا- بأن الظروف لم تكن مناسبة. بدلًا من الشكوى ينخرطون في التخطيط والعمل والتعلم والتحسن.
البعد عن القلق
القلق رد فعل سلبي طبيعي يحدث عندما يكون هناك حاجة ملحة إلى فعل أمر محدد، مثلًا حدث شيء معك ويجب عليك أن تأخذ رد فعل تجاهه، إن لم تأخذ رد فعل وتركت عواطفك تتحكم به سيدخلك ذلك في حالة أكبر من التوتر السلبي، وفي هذه الحالة يكون القلق مدمرًا ومحطمًا للحالة الذهنية.
إن أصحاب الشخصية القوية يتعاملون مع القلق بحجمه الطبيعي، يرونه أمرًا طبيعيًّا، وعندما يحدث يفكرون في ما عليهم القيام به، (وبالإجراءات التي عليهم اتخاذها) دون الدخول في دوامات درامية بدون فائدة.
علاقات تقوم على الاستقلالية
أيضًا أصحاب الشخصيات القوية غير اتكاليين يمكنهم إدارة أنفسهم بشكل مستقل، في العلاقات دورهم مستقل غير معتمد على أي أحد.
الكف عن البحث عن الاستحسان
من ضمن الصفات التي تجمع أصحاب الشخصيات القوية أيضًا أنهم لا يبحثون عن الاستحسان، ولا يشعرون بأنهم بحاجة إلى تغيير أفعالهم كي يحصلوا على تكريم الآخرين وتقديرهم، فهم يشعرون من داخلهم بأنهم جديرون بالتقدير، ولذلك لا يهمهم الركض خلف أي رأي!
هم يعلمون بأن الاستحسان الحقيقي هو ما بداخلهم ومقتنعون بأن استحسان الآخرين مخادع للذات ومؤقت، يمكن أن ينهار بأي لحظة.
راحة البال في تقبُّل الواقع
هم أيضًا يتقبَّلون الواقع، يدركون بأنه ليس مطلوبًا منهم أن يكونوا مثل نجمهم المفضل في السينما مثلًا، فهم يتقبلون أنفسهم بصورتهم الحالية، لأن عدم التقبل غباء لن يُحدِث أي فرق، سوى إحساس سلبي ومزعج.
البعد عن المعارك التي لا طائل منها
إن الناجحين يبتعدون عن المعارك التي لا تهمهم، إذ يشغلون أنفسهم بحل مشكلاتهم الخاصة، وليس مشكلات الناس، فهم لا يحاربون طواحين الهواء.
صاحب الشخصية القوية يعرف متى يحارب ومتى ينسحب، يعرف متى يكون القتال مناسبًا ومتى يتجنب القتال.
عدم الخوف من الفشل
أيضًا الناجحون لا يخافون الفشل، فهم يعرفون أنه لا يمكن التعلم في الحياة بدون المخاطرة والفشل.
لذلك هم لا ينظرون إلى الفشل على أنه جريمة تستدعي الخجل مثلما يفعل معظم الناس، بل يرونه جزءًا من خبرة التعلم.
النبوءات التي تحقق ذاتها
هناك نقطة مهمة متعلقة أيضًا بأصحاب الشخصيات القوية، وهي أنهم يعرفون تمامًا أهمية النبوءات التي تحقق ذاتها.
إن أسلوب التوقع من الناس أو من النفس، يعدُّ بشكل ما شكلًا من أشكال النبوءة التي ستحقق ذاتها،
الشيء الذي تتوقعه من الآخرين ومن نفسك سيؤثر في أداء الآخرين وفي أدائك، كلاكما ستميلان لفعل ما هو متوقع منكما القيام بها؛ لذلك لا تنتظر أي نتيجة مرتفعة وأنت بادئ بتوقعات منخفضة.
إن أردت أن تكون شخصيتك إيجابية اخلق النبوءات التي تساعدك على ذلك، وانتبه من النبوءات التي تبعدك عن ذلك.
صورة الذات
تعكس صورة الذات أيضًا الاتجاه الذي يتخذه الشخص- صورة الذات هي مجموعة من الفرضيات التي كونتها عن قدراتك. وهي تتضمن أفكارك عن الطريقة التي ينبغي أن تؤدي بها الأدوار المنوطة بك في كثير من المواقف؛ لذلك من المهم أن تنمي صورتك لذاتك، لأنها السقف الذي ترسمه لنفسك ولن تتمكن من تخطيه.
النمط الحاسم
صفة أخرى مهمة تميز الشخصية القوية، وهي التعامل مع الحياة بشكل حاسم.
هناك ثلاث استجابات ممكنة للحياة:
النمط العدائي
من يتبنون النمط العدائي يعبرون عن مشاعرهم غالبًا على حساب مشاعر الآخرين، يرون أن احتياجاتهم أكثر أهمية من احتياجات الآخرين.
النمط السلبي
النمط السلبي معاكس له، الأشخاص السلبيون يشعرون بأن هناك قوى خارجية مسيطرة عليهم. هم لديهم احترام منخفض للذات وصورة ذاتية سلبية، ويرون أن احتياجات الآخرين أكثر أهمية من احتياجاتهم.
النمط الحاسم
النمط الحاسم لا يرى أن هناك أحدًا أكثر أهمية منه، ولا بأنه أقل أهمية من أحد. هو محترم حقوقه كإنسان وحقوق الآخرين في الوقت نفسه.
أهم عنصر تجاه النمط الحاسم هو المسؤولية تجاه الذات. أن يكون لديك قواعد لرعاية أمورك وأن تتقبل عواقب أفعالك، تحدد ما الذي تريده ولا تترك حقك، بدون التعدي على حدود الآخرين.
ثاني عنصر للنمط الحاسم هو المعرفة. إن أغلب الناس غير واعين بالطرق التي من الممكن أن يعبروا بها عن حقوقهم بشكل سليم وفعال، وهذا ما يجعلهم عدوانيين أو سلبيين!
لذلك معرفة الحقوق وتطبيقها تصنع فرقًا، لكن من المهم أن تتذكر أن الحقوق والواجبات بينهما ارتباط وثيق؛ فكل مرة تعبر فيها عن حق لك عليك أن تتقبل الواجب الذي يوجبه هذا الحق عليك.
أمثلة على بعض الحقوق
- أنا لديَّ الحق في تحمل مسؤولية القيام بسلوكياتي وأفكاري ومشاعري، وأتحمل مسؤولية العواقب التي من الممكن أن تنتج من القيام بذلك.
- لدي الحق في تغيير رأيي.
- لدي الحق في ارتكاب الأخطاء، وأكون مسؤولًا عنها وأتعلم منها.
- لدي الحق في أن أحظى بتعامل محترم.
- لدي الحق في أن أقول "لا" دون الشعور بالذنب.
- لدي الحق في طلب ما أريده، وللطرف الآخر الحق في الرفض.
تطوير شخصية حاسمة
كي تطوِّر شخصية حاسمة عليك الانتباه إلى ثلاثة مفاهيم أساسية:
- بناء احترام الذات
كي تنمي شخصية حاسمة عليك أولًا أن ترى نفسك بشكل إيجابي، أي تسمح لنفسك بالشعور بالرضا عندما تفعل أقصى ما لديك، و تقر بنقاط قوتك، وما تمتلك من قدرات وتقر بنقاط ضعفك.
- تحمل المخاطرات
الحسم يحتوي على مخاطر، الجهر بما تؤمن والمطالبة بما تريد وبحقوقك يحتاج إلى شجاعة وتحمل للمخاطر.
- معرفة كيفية قول "لا"
ثالث مفهوم عليك الانتباه إليه هو قول "لا"، فقول "لا" لما لا تريد من المهام، بدون هذه القدرة ستنهال عليك المهمات إلى ما لا نهاية.
إرشادات عن كيفية قول "لا" على نحو مناسب
- قُل "لا" بشكل هادئ وحازم بنفس الوقت بدون أن تضيف "أنا آسف"، لو لم يتطلب الموقف ذلك.
- قل "لا" وبعدها يمكن أن تذكر تفسيرًا صريحًا دون الحاجة إلى الشعور بالذنب.
- قل "لا"، وبعد ذلك ضع خيارًا أو بديلًا أو جملة لتعاطفك مع الطرف الآخر.
إعطاء تقييم إيجابي
لدى أصحاب الشخصيات القوية القدرة على إعطاء التقييمات بشكل إيجابي وبناء، عندما يرون مثلًا أشياء لم تعجبهم، وهم بحاجة إلى إخبار صاحبها برأيهم، يفعلون ذلك بشكل بناء.
التقييم البنَّاء:
- يُقال بكلمات محددة وليست كلمات غامضة (مرتبطة بالمكان والزمان الحاليين وليست بكلمات عامة أو كلمات تعبر عن الماضي).
- يتجه نحو السلوكيات وليس الأشخاص.
- يرصد الحدث ولا يطلق الأحكام (لا يستنتج ما وراء الكلام ويقيّمه، هذا جيد وهذا سيئ).
- يركز على تحسين الآخرين وليس التقليل من شأنهم.
- يسمح للمتلقي أن يحل مشكلته بنفسه، ويكون حرًّا ويضع الحل في ضوء أهدافه، ولا يُجبر على طريق محدد.
التعامل مع النقد
الشخص القوي يتعامل مع النقد بهذا الشكل:
إذا وجد تقييمًا تصحيحيًّا وسط النقد، يقبله. لا يأخذه كهجوم شخصي عليه، أيضًا سوف يسأل الشخص القوي عن المزيد من الشرح ويقدم حسن النية.
إذا لم يكن كذلك، يحدد الشخص نوع ما يواجهه من النقد، ويتصرف على أساس ما يراه.
فبعض الناس يقولون النقد لمجرد أن يشعروا أنهم متفوقون، ويبررون لأنفسهم مضايقتهم لنجاحك، وهناك ناس آخرون يفعلون ذلك لشعورهم بالإحباط، ويقومون بالنقد كوسيلة للتخلص من تلك المشاعر السلبية.