كتاب القائد بالمصادفة

Book-Cover

كتاب القائد بالمصادفة (المؤلف: مايكل فينلي)

في كل مجموعة صغيرة كانت أو كبيرة يمكن أن يحدث، وتجد الشخص المسؤول قد أُقيل أو انتقل (لم يعد موجودًا)، ووقع عليك الاختيار لتحل محله.

بالطبع قد يكون الأمر مبهجًا، وسيشعرك برضا أكبر لأنه تطورٌ وظيفيٌّ.

ولكن في نفس الوقت من المؤكد أنه سيكون هناك اضطراب وفوضى. أنت لست مستعدًا وهذه هي المرة الأولى تستلم فيها القيادة ولا تعرف ما الذي يجب عليك فعله.

هناك بعض الأفكار يمكن أن تساعدك في هذا الموقف.

التصالح مع المسؤولية

التحدي الأول الذي ستواجهه كقائد جديد يكون بداخلك أنت، هويتك.

أنت في أعماقك قد تخاف وتشعر بأن الأمر خارج نطاق قدرتك وطاقتك، وقد تتساءل إن كنت تصلح للقيادة أم لا.

لكن لا تقلق، فهذا الخوف أمر طبيعي، لا يمكن الاعتماد عليه، عليك أن تتعامل معه على أنه خوف مرحلي وليس خوفًا حقيقيًّا.

امنح نفسك بعض الوقت كي تستجيب للتحدي الجديد الذي تخوضه ولا تتسرع بالخروج باستنتاجات، معتمدًا على شعورك الحالي.

ولكن انتبه لأنك لا تمتلك الكثير من الوقت!

إن استطعت أن تظهر الكفاءة خلال أول مئة يوم، فأنت بذلك تجاوزت المرحلة الحرجة، ولكنك لو تجاوزت أول مئة يوم بدون أن تقدم دليلًا أو تظهر فرقًا حدث بعد مجيئك سيكون وجودك في منصبك الحالي مهددًا.

اللقاء بالفريق

قد تمر بمديح للنفس بسبب التطور الذي حدث، وهناك احتمال كبير بأنك ستعبّر عن ذلك بالكلام عن نفسك والبدء بسرد قصة حياتك، ولكن هذا ليس الوقت المناسب! الموظفون غير مهتمين بقصة حياتك.

انظر للأمور من وجهة نظرهم، هم يرون أن هناك تغييرًا قد حصل، ومن الممكن أن يؤثر في مستقبلهم، ولذلك فهم يريدون أن يعرفوا كيفية تأثير ذلك فيهم.

عندما تنظر للأمر بتلك الطريقة وتراعي تلك النقطة وتطمئنهم ستحافظ على استقرار المجموعة.

حاول في أول لقاء لك معهم أن تحرص على الاستماع لكل شخص منهم. بذلك ستطمئنهم بأن وجهات نظرهم مهمة، وبأنك ستأخذها في الحسبان في المستقبل، وهذا أيضًا سيساعد على استقرار المجموعة.

ولكن عليك الانتباه من خطأ يقع معظم الأشخاص الذين يتولّون القيادة حديثًا فيه وهو تقديم وعود لا يمكن الوفاء بها.

أنت تريد أن تطمئن الأشخاص الذين توليت قيادتهم، لذلك تعدهم بتحقيق ما يقولونه بغض النظر عن ما يقترحونه، وبعد فترة ستجد نفسك أمام أمرين أحلاهما مر:

  • هل ستلتزم بالوعود غير الممكنة التطبيق؟
  • أم أنك لن تلتزم بها ولن تحافظ على شرف كلمتك.

وفي كلتا الحالتين أنت ستؤذي انطباعهم عنك.

التخطيط للنجاح

بالطبع، التخطيط مهم، ولكنْ هناك خطأ نموذجي عادة ما يقع فيه القائد الجديد وهو المبالغة في التخطيط، فينظر له بأهمية كبيرة ويستثمر فيه موارد كثيرة.

طريقة التفكير تلك نابعة من الخوف، إذ إنه من السهل الاختباء خلف خطة.

الخطة قائمة على التحدث عن عمل، لا ننفذه. بهذه الطريقة نحن بأمان من الوقوع بخطأ.

الخطط الطويلة الأمد ستسبب الإحباط، وستجعل الناس تتشكك في قدراتك.

حتى لا تقع في هذا الخطأ عليك أن تدمج في خطتك مبدأ التقاط الثمار القريبة، إذ يقوم هذا المبدأ على الانتصارات الصغيرة.

خطتك كي تكون خطة جيدة يجب أن تكون عبارة عن سلسلة متلاحقة من اللحظات التي ستؤدي للحظات أخرى، وليس هدفًا نهائيًّا سيتحقق بعد سنة مثلًا.

بوعي منك وعن عمد ضع أهدافًا ومكاسب سريعة يمكن إنجازها في وقت قصير، حققها وبعد ذلك احتفل مع المجموعة.

بذلك ستعزز مكانتك كقائد، وستدفع فريقك للاعتقاد بأن الفوز تحت قيادتك هو أمر قريب وممكن.

تحفيز العاملين

أيضًا أنت كقائد ستواجه تحديًا مهمًّا، وهو أن الكائنات البشرية لديها إرادة حرة.

فالعاملون معك ليسوا خواتم في أصابعك.

من البداية عليك أن تتفهم أن لكل شخص منهم دافعًا مختلفًا عن دافعك، ولذلك يجب ألا تتفاجئ من احتمال تعرضك للإحباط أو خيبة أمل.

إن جعل أحد ما يقوم بأمور تريدها أنت تحديًا ليس باليسير.

لكي تتمكن من مواجهة هذا التحدي عليك أن تبحث عن المصباح أي المعنى، وترفعه عاليًا حتى يراه كل العاملين.

من المهم أن تبحث عن المعنى والهدف من العمل الذي تقوده.

إن المعنى الكبير خلف الهدف سيجعل الفريق يحترم هذا الهدف، وسيجعلهم يحترمون أنفسهم لأنهم يسعون خلف هدف جدير بالاحترام وذي مغزى.

أيضًا ينبغي عليك أن تشرك الفريق في حمل المسؤولية، فتشركهم في عملية الصيد نفسها، ولكي تتمكن من فعل ذلك يجب أن تكون منفتحًا وشجاعًا.

لا يوجد قائد يقود بمفرده، هذا خطأ آخر يقع فيه القادة الجدد.

القائد الجديد يعتقد بأنه لا ينبغي عليه أن يستشير الآخرين؛ فيعزل نفسه ويقوم بكل شيء بنفسه.

لأنه:

  • يرى بأن لجوءه للآخرين وطلب النصيحة دليلٌ ضده؛ أي إنه شخص غير كفء.
  • أو أنه يرى بأن مشاركة الآخرين في اتخاذ القرارات والأفكار ستجعلهم السبب في النجاح، ولذلك يسعى لجعل النجاح نابعًا عنه شخصيًّا فقط.

وطبعًا كلا الاستنتاجين خطأ، وكلاهما يضرّان روح الفريق.

روافع التغيير

من ضمن الأمور التي ينبغي للقائد التعامل معها أيضًا هي التغيير.

كل يوم وفي كل المجالات تظهر تقنيات جديدة ومنافسون جدد.

المنتجات تتغير، العاملون يتغيرون، التغيير يحدث ولذلك أنت كقائد عليك أن تتعامل معه بحكمة.

التغيير يعدُّ تحديًا لأنه يسبب الضغط والارتباك، بسبب دفعه للشخص بالخروج من منطقة راحته.

مبدئيًّا؛ لا يصح منك أن تواجه الفريق بأن تقول مثلًا: نريد أن نعيد بناء العمليات وهندستها لأن هناك مستشارًا في المركز الرئيسي يقول بأن ذلك أمر ضروري.. لن يتحمس أي أحد لقولك!

كي تجعل الفريق يتحمّس للتغيير عليك أن تقدمه بشكل يجذب اهتمام الفريق وانتباههم.

وبصورة عامة يمكنك دفع الفريق للتغيير بطريقتين:

  • الخوف أو القناعة
  • التخويف أو الإلهام
  • الخوف: مثل أن تظهر لأفراد الفريق أن التغيير هو الضمان الوحيد الموجود بين أيديهم للمحافظة على مصدر رزقهم، أو مثلًا أن توضّح لهم فكرة أن عدم التغيير ستؤدي لخسارة المنتج في سوق العمل، ومن ثم خسارة العمال لوظائفهم.
  • القناعة: مثل أن تظهر لفريق العمل أن التغيير هو ممر نحو أرباح أكثر وضمان وظيفي أفضل، وأن التغيير ممتع بحد ذاته.

التعامل مع الآخرين

أنت كقائد سيكون لديك فرصة أفضل لإقناع الناس بشرط أن تفهم نوعية من تتعامل معهم وتكلمهم باللغة التي يفهمونها.

من الناحية العملية يمكننا أن نقسّم الناس بفريقك لأربعة أنماط من الشخصيات:

 

  • العاملون
  • المفكرون
  • الاجتماعيون
  • المبدعون

 

العامل: العاملون هم الأشخاص الذين يرغبون في أن يصبحوا قادة؛ يحبون المسؤولية، يحتاجون إلى قليل من التوجيه، لأنهم متحمّسون بطبعهم. يمكنك أن تجعلهم يسيرون بطريقك وتحفّزهم بأن تعطيهم صلاحيات أكبر ومسؤولية مع كل تقدم يحققونه.

المفكر: أما بالنسبة للمفكر فهو شخص مثالي أكبر مخاوفه أن يرتكب خطأً؛ عيب المثاليين الكبير هو إبداؤهم مقاومة كبيرة للتغيير، يمكنك أن تجعلهم يسيرون بطريقك بأن تحدثهم بأسلوب عقلي وباحترامك لمخاوفهم، فلا تحاول أن تتودد لهم بأسلوب عاطفي.

الاجتماعي: هؤلاء هم الأشخاص الذين يحبون التعامل مع الآخرين، ويشعرون برضا وسعادة كبيرة في التواصل. ستتمكن من جعلهم يسيرون بطريقك بأن تكون لطيفًا معهم وتعاملهم كصديق بشكل محب ولطيف. اهتم بهم كصديق وهم سيكافئونك بولائهم.

المبدع: المبدعون يخلقون الأفكار ووجهات النظر الجديدة ويحبون التشجيع قبل أي شيء آخر. حتى تتمكن من جعلهم يسيرون بطريقك عليك أن تتعامل معهم بحسب شروطهم، اجعلهم يشعرون بالتقدير إلى اللفتات الفكرية التي يبدعون فيها، لا تتعامل معهم وكأنهم مجرد أشخاص ثانويين، احترم عطاءهم وتفكيرهم وستمتلك روحهم.

رد الفعل

أيضًا من ضمن التحديات التي ستواجه القائد الجديد هي مسألة تقييم العمل.

إعطاء رد فعل يعدُّ أمرًا صعبًا عن بعض الناس. طبعًا هنا لا نتحدث عن رد الفعل الإيجابي بل عن السلبي.

يعد القيام بإخبار العاملين عن الطريقة المناسبة التي يجب أن يقوموا بها لأداء عملهم بشكل أفضل منطقة مشحونة بالاحتمالات والكثير من القادة يرتبكون عندها. ومنهم من يؤجلون ردة فعلهم فيصلوا بالعاملين لطريق مسدود، لكنها مهمة غير قابلة للتأجيل.

اطلاع العاملين على التقييم بشكل يومي:

  • سيمنع تراكم هذا التقييم، وسيمنع المشكلة من أن تتحول إلى عادة سيئة غير قابلة للحل.
  • أيضًا سيمنح العاملين الحق في الاحتجاج في مرحلة مبكرة، وسيتمكنون من التعليق على رأيك وسيتناقشون معك فيه.

من المهم أن يكون التقييم مباشرًا إلى جانب كونه يتم بشكل دوري؛ على سبيل المثال، تقييمك: أشعر بالقلق حيال طبيعة عملك في المتابعة، لأن أكثر من عميل تقدم بشكوى حولها ونريد أن ننهي هذه المشكلة قبل أن تتحول إلى مشكلة حقيقية!

بطريقتك تلك قد تشعر الموظفة التي تتحدث إليها بالإحراج أو الخوف أو الحزن، ولكن من المؤكد أنها أيضًا ستفهم تمامًا الأداء المتوقع منها والمطلوب منها أن تؤديه.

هذا الوضوح سيساعدها على البقاء لأنها في هذه الحالة مطالبة بدفع حساب خطأ لأسبوع واحد، ولكن التأجيل سيصل بها إلى الدمار، عندما تكتشف بعد ٣ أشهر بأن عملها القديم كله خطأ، وهي مطالبة بدفع حساب ثلاثة أشهر من الخطأ.