كتاب الحياة تخطيط

Book-Cover

كتاب الحياة تخطيط (المؤلف: ريك كيرتشنر)

مثلث الاختيارات

_____________________________________________

المثلث (نوعية الحياة – التكوين – الاختيار).

 نحن نولَد بمثلث قائم الزاوية. طول الضلع المقابل للزاوية القائمة يمثل نوعية حياتنا؛ فكلما طال ارتفعت نوعية الحياة التي نحياها، وكلما قصر انخفضت نوعية الحياة التي نعيشها.

ولكن كيف يمكننا أن نزيد من طول ذلك الضلع؟

بأن نزيد من طول أحد الضلعين الآخرين.

ولكن للأسف ضلع التكوين لا يمكننا التحكم فيه، فنحن نولد بنقاط قوة ونقاط ضعف وراثية.

الأطفال يأتون للحياة بعقول مختلفة وبمواقف متفاوتة، هناك ناس لديهم حظ أفضل من ناس آخرين، فقد يولدون في أسرة أعطتهم امتيازات معينة أو نشأوا في مجتمع ساعدهم على النجاح.

الضلع هذا يمثل العوامل الخارجة عن نطاق اختيارك.

حسنًا! هل معنى هذا الكلام أنه لا أمل في القيام بأي شيء حيال ذلك؟

  • لا..

هناك فرصة؛ الخط الثالث الخاص بالاختيار، موقفك من تجارب الحياة.

موقفك يزيد من طول خط نوعية حياتك، فيمكنك أن ترفع جودة حياتك للحد الأقصى، حتى وإن كان خط التكوين عندك قصيرًا، وذلك إن ركّزت على عوامل الاختيار.

عوامل الاختيار هي الأمور الواقعة تحت سيطرتك.

أنت مثلًا يمكنك: 

  • اختيار قرارات حكيمة بشأن العادات التي تنمّيها.
  • اختيار تحديات تساعدك وتدعمك لتحيا حياة ذات قيمة.
  • إحاطة نفسك بالأشخاص الداعمين فقط.
  • الابتعاد عن الأجواء السلبية.
  • النظر لحياتك على أنها ذات قيمة عالية.

كل تلك الأمور في متناول يدك، هذا ما يعبّر عنه بموقفك تجاه الحياة، وهو ما سيؤثر في نوعية حياتك.

مبدأ الشك

الفكرة الثانية لتخطيط الحياة هي اشتراكك في دروس محو الأمية- إن كنت محتاجًا لذلك-.

في الماضي كان الأمّي هو الشخص الذي لا يمكنه القراءة أو الكتابة، ولكن اليوم الأمّي هو الشخص الذي يتعلّم الشيء مرة واحدة فقط، ولا يقوم بإعادة التعلم بعد ذلك.

فمثلًا هناك شخص تعلّم شيئًا ما، ستبقى معرفته عن ذلك الشيء كما هي مدى الحياة، التعديلات والتغييرات تدخل في حياته مرة واحدة وبذلك يحتفظ بها ثابتة دون أي تغيير أو تحسين، ويكمل حياته منحازًا ذاتيًّا لأفكاره ويدافع عنها، ويصبح بعد ذلك هدفه الأكبر هو إثبات صحة وجهة نظره التي تعلّمها.

ذلك الأمر يسبب له أزمة شخصية على عدة مستويات:

– على مستوى تصوراته عن نفسه.

– وعلى مستوى تصوراته عن العالم.

مجموعة التصورات تلك لها أثر كبير في طريقة تعامله مع مستقبله، لأنها تؤثر في طبيعة ملاحظاته؛ لذلك علينا أن نراجع افتراضاتنا بصورة دائمة، وخصوصًا الافتراضات التي توضّح حدود تصرفاتك وتحد من انطلاقك.

  • تصورات الشخص عن نفس هي كأن يرى نفسه بأنه شخص غبي مثلًا أو أنه غير صبور.
  • وتصوراته عن الآخرين من ناحية درجة الثقة التي يستحقونها مثلًا.

تلك الأمور كفيلة بتعطيل طاقته بدون داعٍ.

اتخاذ موقف

الفكرة الثالثة هي "المخزن".

لو أنك راقبت إدارة مخزن من الداخل ستجدها قائمة على جداول تحدد كل شيء:

  • كيف تم إحضار المنتج
  • وكيف يخرج
  • من أوصله
  • وكم كانت التكلفة

وما إلى ذلك...

كل شيء مسجل بدقة.

وبين الحين والآخر، يقوم مديرو المخازن بما يسمى الجرد، أي عملية المطابقة بين ما هو موجود في المخزن وبين الجداول.

أنت تحتاج إلى تطبيق تلك الطريقة أيضًا.

فأنت تأتي للحياة ومعك ٥ قطع نقدية. فقط من عملة الحياة.

الخمس قطع تلك هي:

  • الوقت
  • المال
  • الطاقة
  • الموهبة
  • الفرصة

وأنت على مدى حياتك تتعامل مع تلك القطع.

  • فإما أن تخزّنها وتستخدمها وقت الحاجة.
  • وإما أن توجه تلك العملات للاستثمار في نشاط يضاعفها.
  • وفي أسوأ الاختيارات أن تبددها فتصرف منها بدون حساب وبدون فائدة.

إن لم تقم بعملية الجرد وتوضح الأمور لنفسك أين تصرف وقتك ومالك وطاقتك وموهبتك وفرصك؛ فأنت بدون شك ستبددها لأن التبديد ممتع.

التسويف الكاذب

أيضًا هناك نقطة مهمة متعلقة بسوء إدارة المخزن وهي التسويف الكاذب.

عندما يكون لديك مهمة عليك أن تنجزها، وتقوم بتأجيلها، بدون ألا تكون لديك النية بأن تقوم بها، وبدلًا من أن تتخذ قرارًا بإلغائها تقوم بتأجيلها.

تلك الطريقة تثقل الكاهل جدًّا وتزيد الأعباء عليك.

في موضوع التسويف بالذات حاول ألا تكذب على نفسك. المهمة، إما أن تقوم وتنفذها، وإما ألا تقوم بها وتنزلها من على كتفك.

في كل مرة تؤجل فيها القيام بشيء أنت أساسًا لا تريد القيام به تستنفد طاقتك وقوتك.

اشحذ طاقتك

الفكرة الرابعة متعلقة بالآلة والطاقة.

أفضل آلة امتلكها وستمتلكها طوال عمرك هي جسدك.

تلك الآلة تتطلب مقدارًا وفيرًا من الطاقة حتى تتمكن من مواجهة الحياة والتعامل مع الناس ومع المواقف عمومًا.

يمكن أن نقول إن أكبر التحديات التي تواجه الإنسان في الحياة هو ألا يمتلك الطاقة الكافية لكي يتحرك ويتقدم.

ولكن أين يمكننا الحصول على تلك الطاقة؟

الحياة نفسها هي التي توفّر لنا الطاقة التي نحتاج إليها.

الطاقة تأتي من التناغم عندما يشعر الشخص بالتناغم بين عاداته وقيمه وأفعاله وأقواله، (ينجز ويحقق أهدافه بذلك يزّود من طاقته).

راقب مستوى الطاقة الخاص بالآلة التي تمتلكها ودائمًا قم بتجارب على مستوى طاقتك كي تعرف العوامل التي تستنفدها لأن تلك العوامل ستزيد الكسل وستقلل العزيمة والتركيز، لذلك عليك أن تجد طرقًا للتخلص منها.

إذا استطاع الشخص أن يعرف المواضيع التي تمنحه المزيد من الطاقة واستفاد منها، وتمكن من تقدير الأمور التي تهدر وتبدد طاقته وتجنبها ذلك سيمكنه من الاستفادة من الحياة أفضل استفادة ممكنة.

وبالمناسبة حتى لو كانت تلك الأمور التي تستنفد الطاقة أمورًا بسيطة يمكنك استغلالها على نحو إيجابي.

تخيل مثلًا شخصًا يكره الازدحام، في كل يوم يعاني منه ويلعنه في طريق ذهابه للعمل صباحًا (هو يكره الازدحام لأنه يسلب وقته ويؤخره).

لو أنه راقب مستويات الطاقة لديه سينتبه لتلك الأنشطة التي يجد فيها مستوى طاقته منخفضًا، وهنا يستطيع أن يحاول إضافة طاقة إيجابية من مصادر ترفيهية مثلًا أو أنشطة تعليمية على هاتفه بحيث يمكنه استغلال الوقت الضائع في الازدحام.

بذلك يكون سبب كرهه للازدحام قد اختفى، أي إن مشكلة إضاعة الوقت قد حُلَّت!

هذه الاستراتيجية يمكن تطبيقها في التعامل مع المواقف التي تسحب الطاقة من الحياة.

العجز المكتسب

الفكرة الخامسة تدور حول قصة متداولة.

قصة التجربة

لو أحضرت ضفدعًا ووضعته في ماء تحت مصدر حرارة، وقمت برفع درجة الحرارة تدريجيًّا إلى أن تصل إلى درجة الغليان؛ فإن الضفدع لن يأخذ ردّة فعل (لن ينتبه لخطر ارتفاع درجة الحرارة وسيموت).

لو كررت نفس التجربة ولكنك رفعت درجة الحرارة بمعدل سريع أو حتى وجهت تنبيهًا كضربات شديدة على سطح الماء مثلًا؛ فالضفدع في هذه المرة سيبدي ردّة فعل مناسبة وسينتبه للتغيير في درجة حرارة الماء وسيقفز خارجها.

تلك القصة تشرح باختصار الطريقة التي نتعامل بها مع التغيير.

البشر لا يمكنهم ملاحظة التغيير إلا مع الأمور الواضحة (تلك الأشياء التي تدفعهم لكي يأخذوا رد فعل حولها)، لكن التغييرات البسيطة الصغيرة غالبًا الناس لا تراها وتتكاسل عن التصرف واتخاذ أي رد فعل حولها حتى وإن كان الناتج الخاص بها هو نفس الناتج الخاص بالتغييرات الواضحة التي سيخافون منها.

الحياة نفسها يُطبّق عليها نفس المبدأ! فتجد الناس يصرفون أعمارهم بمنتهى السهولة والاستهتار، لأن التغييرات في الحياة بطيئة، فهم لا يشعرون بشيء بشكل مباشر ولا يشعرون بالخسارة المباشرة، لذلك لا يحاولون تغيير أنفسهم ولكن، عندما تحدث مشكلة كبيرة (تنبيه عنيف) ستجد ردة الفعل. يستيقظ الشخص من سباته! ويبدأ يتذكر أهمية حياته الغالية.

ليس عليك انتظار حدوث كارثة لكي تفتح عيونك! قاوم القناعة والرضا الذاتي إذا كنت تحس به.

راقب نفسك وتعرف على سلوكياتك الآلية الكسولة التي تقوم بها بحكم العادة واكسر هذا الروتين.