كتاب الأسرار الكاملة للثقة التامة بالنفس

Book-Cover

كتاب الأسرار الكاملة للثقة بالنفس (المؤلف: روبرت انتونى)

مشكلة الثقة بالنفس هي مشكلة تقدير ذات مُتدنٍ! وقبل أن نتكلم عن تقدير الذات؛ هناك نقطة مهمة يجب أن نوضحها وهي أنك قد تعتقد أنك ذكي بشكل استثنائي أو ترى نفسك غبيًّا، قد تكون مدمن مخدرات وقد تكون مواظبًا على العبادات، قد تكون غشاشًا، أو أمينًا! 

كل ما مضى من صفات لا تعبر عن حقيقة ذاتك التي تراها أنت، هذه مجرد أوصاف تصف التصرفات التي تقوم بها، أما تقدير الذات فلا علاقة له بالأوصاف إنما هو شعورك بقيمتك.

إن مشكلة الشخص الذي يمتلك تقديرَ ذات متدنيًا ليست مشكلة إنجازات ناقصة، بل مشكلة وعي، وعندما يحل مشكلة وعيه سيحل مشكلة ثقته بنفسه.

الوعي يمكن أن نعرّفه على أنه الوضوح الذي يمكن من خلاله فهم الأشياء وإدراكها ومجموع تجاربك وخبرات حياتك ومعارفك وعقلك وحدسك وغرائزك، إجمالي كل ذلك يكوّن وعيك.

وعيك هو الذي يحدد مفهومك عن الواقع؛ ولذلك فأنت مقيد بوعيك ولن تتمكن من التصرف بشكل أفضل من ما يراه وعيك.

الموضوع يشبه الكاميرا، من الممكن أن تسجل الكاميرا السلبيات، تسجل عدم أهليتك، أو عجزك حتى لو كانت إنجازاتك كثيرة.

الأسباب

يبدأ انخفاض تقدير الذات دائمًا من الطفولة، ولأسبابه أكثر من شكل: 

  •  الأهل مثلًا إن كانوا أساسًا يشعرون بعدم الكفاءة أو الدونية؛ فإنهم ينقلون ذلك لأطفالهم تمامًا كما تنتقل عدوى الأمراض؛ فيشعر الأطفال بعدم القيمة والأهمية.
  • إن تعامل الأهل مع أطفالهم باستخفاف واعتادوا على مقارنتهم بغيرهم والتقليل من شأنهم ذلك أيضًا ينمي لديهم إحساسًا بتدنّي تقدير الذات. 
  • أو لو كانوا لا يمنحون رغبات ومشاعر أطفالهم اهتمامًا حقيقيًّا ويصدونهم دائمًا بجمل مثل: "ممنوع هذا الأمر لأن للأشخاص الأكبر منك يرون ذلك"، بدون أن يفسروا لهم رد فعلهم وسبب المنع بتفسير مقنع. 
  • أو لو أنهم يتعاملون مع الخلاف على أنه إهانة شخصية لهم ويعتبرونه سوء أدب وعدم احترام من الطفل لو أنه اختلف معهم. 
  • أو لو أنهم يعيشون الحياة نيابة عن أطفالهم ويريدون تحقيق إنجازاتهم الشخصية التي لم يتمكنوا هم أنفسهم من تحقيقها، والطفل لا يختار شيئًا في حياته. 
  •  أو لو أنهم يبدون قيمة كبيرة للمال أو الممتلكات، الطفل سيكون حينها سجينًا لأسلوب حياة مادي، والمادية ستدمّر حسه بقيمته وأهميته. 

الأسباب الستة تلك تنتج شخصًا لديه تقدير ذات مُتدنٍ ينمّي وسائل وعادات تسمح له بتجنب الواقع والهروب منه.

شدة هروبه تتناسب مع شدة شعوره بعدم الأهلية وعدم الكفاءة. 

من وسائل الهروب مثلًا:

  • اللوم والشكوى من كل شيء.
  • تصيّد الأخطاء. 
  • الحاجة الدائمة إلى الانتباه والاستحسان. 
  • الحاجة العدوانية إلى الفوز.
  •  أو الانغماس بشكل مفرط في عادات كالمخدرات والتبغ أو حتى الأكل، ذلك الانغماس يغطي على آلام عاطفية يشعر بها الشخص. 
  • أو الإحساس بالاكتئاب والإحباط بصورة دائمة.
  • وقد تجده غير قادر على أخذ القرارات ودائم التردد، لديه خوف غير طبيعي من ارتكاب الأخطاء.
  • أو أنه يتظاهر ولا يظهر طبيعته، هو يشعر أنه أقل من الآخرين، ويحاول أن يحيّد هذا الشعور بأن يتظاهر بشخصية غير شخصيته، ويتفاخر بسلوكيات متكلفة مثل استخدام الممتلكات المادية ليؤثر في الآخرين ويثير إعجابهم. 

الحل

كيف تزيد ثقتك بنفسك؟

وصلنا للجزء المهم، كي تتمكن من زيادة ثقتك بنفسك عليك أن تعمل على أربعة محاور: 

  • لا تسمح للآخرين بالتحكم بحياتك. 
  • لا تستخف بنفسك أو تقلل منها بسبب عيوبك وأخطائك وتقبّل الواقع. 
  • تخلص من مشاعر الذنب. 
  • توقف عن المناورة والخداع. 

تحرير نفسك من الآخرين

أول أمر يجب عليك فعله هو أن تحرّر نفسك من الآخرين. الشخص غير الواثق دائم النظر للآخرين، يتطلّع إليهم لتحقيق سعادته ورفاهيته، داخله إحساس عميق بأن رأي الناس الآخرين مهم، أهم من رأيه. هم أكثر حكمة وذكاء منه، لذلك يتّكل عليهم نفسيًّا.

عندما يكون شخص ما مسئولًا عن سعادتك، إن فشلت ستستطيع أن تلقي اللوم عليه، ذلك شيء مُغرٍ ويشعرك بالأمان، ولكنك في الحقيقة تجعل نفسك تحت سلطته.

مشكلة هذا المبدأ هو أنه يجعل دافعك الأساسي هو البحث الدائم عن القبول والاستحسان من الناس، دائمًا تحتاج إلى أحد يقف بجانبك ويخبرك بأنك قمت بعمل جيد ودائمًا تبحث عن المجاملات. 

الشخص الذي يتهرّب من مسئولية صنع حياته الشخصية يحوّل نفسه لعبدٍ للآخرين؛ فيكون دائم الشعور بالحاجة إلى إثبات قيمته وجدارته للناس، لو ارتكب خطأ أو قام بتصرّفات لا تفي بمعايير شخص آخر سيشعر بالذنب وسينزعج كثيرًا. 

هو حرفيًّا تحت رحمة الناس لا أحد يستطيع أن يجرح مشاعرك أو يجعلك تعيسًا أو محبطًا أو يمنحك أي شعور سلبي إن لم تكن معتمدًا عليه بتزويد رفاهيتك أو إلهامك أو تحفيزك من البداية.

توقف عن المقارنة – المنافسة

من ضمن الأمور المهمة أيضًا لتحرير نفسك من الآخرين هو التوقف عن المقارنات والمنافسات. 

الشخص الذي يقارن نفسه بالآخرين يعيش في حالة من الخوف، ويتصوّر أن الطريقة الوحيدة للتقدم في الحياة هي هزيمة الناس، هو يشعر بأن فلانًا أفضل منه ويحاول إثبات العكس.

لذلك إذا كنت تستخدم المنافسة كدافع لك في الحياة انتبه لأنها دائمًا ستعمل ضدك وستهزمك، مع المنافسة يوجد افتراض ضمني "أنك غير واثق بنفسك وبقدراتك". 

قبول الواقع

الأمر الثاني هو تقبّل الواقع، أنت ستكون سعيدًا وتعيش بسلام بالقدر الذي تتقبّل فيه الواقع.

إن أمعنت النظر ستجد أن معظم مشكلاتك هي نتيجة لرفضك للواقع (رفضك لواقعك الشخصي أو واقع شخص آخر). معظم إخفاقاتك وإحباطاتك سببها مقاومتك لشيء ما لم تتمكن من تغييره بشكل فوري وهذا ما سبب لك الشعور بالإحباط. 

إن تعلمت أن تحب وتقبل واقعك ستتوقف عن إصدار الأحكام عن نفسك وعن الأشياء، فلن تقول إن هذا الأمر جيد وذاك سيئ أو هذا أمر صحيح وذاك خاطئ، هذا عادل وذاك ظالم. مشكلة عدم تقبل الواقع أنه يوصلك في النهاية إلى شعور أن الظروف تتآمر ضدك، وتجعلك تعيش في عالم التفكير الرغبوي القائم على التمني والرغبة. عالم يرى أن الأشياء يجب أن تكون بشكل معين ولكنها ليست كذلك. 

أنا لا أطلب منك أن تحب واقعك، ولكن اقبله في اللحظة الحالية بقيامك بذلك سيكون لك السيطرة على تصرفاتك وأفعالك وردود أفعالك. 

التخلص من الشعور بالذنب

الأمر الثالث هو أن تتخلص من شعورك المبالغ فيه بالذنب، الشعور بالذنب أحد أكثر أشكال الضغط انتشارًا في مجتمعاتنا الحديثة.

كل شيء يحيط بنا من العائلة والأصدقاء، المدرسة، المجتمع حوّلونا بوعي أو من دون وعي إلى آلات للشعور بالذنب غير الضروري.

الذنب يبدأ من الطفولة، إذ يستخدم الأهل مشاعر الذنب كي يسيطروا على الطفل، مثل أن تقول له أمه "إن لم تفعل ذلك سأشعر بالحزن بسببك".

 ممارسة الذنب بهذه الطريقة تنمّي عند الطفل الصغير سلوكًا قائمًا على إرضاء الآخرين، وتنمّي داخله أمرًا لا نهاية له لترك انطباع جيد عند الناس. سيظل قلقًا بشأن ما سيقوله أو يظنه الآخرون عن تصرفاته وأفعاله، فيقضي عمره كله يشعر بالذنب، ذنب هو فرضه على نفسه في محاولة إرضاء كل الناس. 

المشكلة في الشعور بالذنب المفروض على الذات هو أنه يولّد العقاب، هذا العقاب يمكن أن يكون اكتئابًا أو مشاعر عدم كفاءة أو نقص ثقة بالنفس أو ضعف تقدير الذات، أو عدم القدرة على حب النفس.

لو أنك تبرر إحساسك بالذنب في الوقت الحالي بأنك تعتبره تعلمًا وعبرة من أخطاء الماضي، فتوقف عن توبيخ نفسك بسبب الماضي ولا تضيّع وقتك وطاقتك في شعور بذنب لا فائدة منه (فهو ليس درسًا للتعلم من الماضي)، بمجرد أن تحدد المشكلة لا تدين نفسك بسببها بل تخلص منها. 

تحمل مسئولية حياتك

رابع وآخر نقطة هي جزء المسئولية. عندما كنتَ صغيرًا اكتشفت آلية قوية من آليات التلاعب والخداع (تأثير البكاء). لو بكيت سيأتي شخص كبير يساعدك، حتى لو تصنّعت البكاء أيضًا ستجد شخصًا يأتي للاهتمام بك. 

تمرين بسيط من المناورة والخداع وضع لك معايير استمرت معك لبقية حياتك. فعندما تعاني أمرًا ما ستشتكي وسيأتي أحد ما لينقذك ويهتم بك. 

هذا السلوك كان مبررًا في طفولتك ولكن أنت الآن راشد، هذا السلوك لن يساعدك، ولكنه سيجعلك سجينًا للآخرين وسيسبب لك مشكلات أكثر بكثير من المشكلات التي سيحلّها. 

لو أنك تشتكي بسبب عملك أو زواجك أو مستقبلك توقف عن ذلك. تحمل مسئولية حياتك! أنت من اخترت سواء أكنت مدركًا أو بدون وعي أن تعيش بهذا الوضع، لأنك سمحت لبيئتك الحالية بتقييد تفكيرك واخترت أن تترك شخصًا أو ظروفًا أو موقفًا يملي عليك سعادتك. أعطيت شخصًا خارج نفسك الحق في التحكم بحياتك . 

اختيار وجهتك

الخطوة التي تأتي بعد تحمل مسئولية حياتك هي أن تبدأ تختار بوعي أهدافًا لنفسك (أهدافًا وأحلامًا تريد تحقيقها).

الأهداف تغير حياة الناس بشكل إيجابي، الرضا النابع من تحقيقها سيعطيك حافزًا قويًّا كي تنمّي تقديرك لذاتك. 

نظرية "بَعد"

ولكن عليك أن تنتبه من عالم التمني- الذي تموت فيه الأهداف- واحذف كلمة "بعد" من قاموسك. 

فلا تقل مثلًا:

  • بعد أن يكبر الصغار.
  • بعد أن أغير وظيفتي.
  • بعد أن أشتري سيارة جديدة.
  • بعد أن أنتهي من دراستي.

لا تستمر في تقديم الوعود لنفسك بهذه الطريقة، الوعود حيلة هروبية.

مصادقة الفشل

أيضًا صادق الفشل، رؤيتك للفشل تخلق حواجز تجعلك عاجزًا عن الحركة، صادق الفشل وانظر إليه على أنه جزء مهم من النمو.

جزء كبير من خوفك من الفشل غير نابع من الخوف من المواجهة نفسها أكثر من ما هو نابع من خوفك من شكلك أمام الناس لو فشلت، قلل سلطة نظرتك الناس وستستطيع أن تصاحب الفشل ولن تتعامل معه بحساسية مبالغ فيها.