كتاب زبائن مدى الحياة

كتاب زبائن مدى الحياة (المؤلف: كارل سيول)
عندما تعامل عميلك بطريقة صحيحة يكون الاحتمال الأكبر أنه سيعود ويشتري منك مرة ثانية وثالثة ورابعة، ويستمر على هذا الحال.
لدينا تسع قواعد لو التزمت بها ستتمكن من زيادة احتمالية جعل عميلك يصبح عميلًا مدى الحياة.
ساعد عميلك كصديق
القاعدة الأولى – ساعد عميلك كصديق
أي خدمة إضافية طارئة، إن كانت بسيطة اجعلها مجانًا.
لنفترض بأنك تمتلك شركة صيانة سيارات، وعمليك في أثناء عودته من السفر كُسِر مفتاحه، أصلحه له مجانًا.
هناك خدمات دورية اعتيادية- خدمات صيانة دورية عادية- تلك يمكنك أن تأخذ مقابلها أجورك العادية، ولكن خدمات الطوارئ التي لا تكلّفك الكثير لا تأخذ مقابلها أي أجر.
تستطيع تمييز ذلك النوع من الخدمات بسؤال نفسك هذا السؤال.
- هل هذه الخدمة ممكن أن يتقاضى الصديق أجرًا، إن كان الجواب لا، قدمها أنت أيضًا مجاًنا.
- هل لو أنك اتصلت بصديقك بعد أن كُسِر مفتاحك سيساعدك ويأخذ أجرًا؟
لا، لذلك عليك أنت أيضًا ألا تأخذ أجرًا.
المدفوعات تلك ضعها تحت بند الدعاية.
مثلًا، تكلفة الخدمة تلك ٥٠ جنيهًا وأنت قمت بها مع عشرين شخصًا أي المجموع ١٠٠٠ جنيه، هل ستضمن أن يأتيك ٢٠ عميلًا – يستمرون مدى الحياة- لو أنك أنفقت المبلغ نفسه على إعلان؟ لا. لكن بتلك الطريقة ستضمن.
وسّع استخدام هذا المبدأ، عامل عميلك كصديق، خاصةً وقت الأزمات وستجد أثر ذلك على عملك.
لا تسرف في وعودك وزد ما تقدمه
القاعدة الثانية هي: ألا تسرف في وعودك التي تقدمها للعميل، ولكن عند التسليم سلم أكثر مما كنت قد وعدت به.
يمكنك أن تطبق هذا المبدأ بأكثر من شكل.
مثلًا: كل مرة يأتيك العميل ليصلح شيئًا ما، في أثناء إعطائه التقدير المبدئي لقيمة القطعة التي سيتم تبديلها أضف نسبة ١٠٪ على السعر الذي تراه مناسبًا، فلو كانت تكلفة التصليح مثلًا ٩٠ قل ١٠٠، ذلك سيوفر لك عامل أمان، أولًا لأن التصليح يمكن أن يكون أكبر من تقييمك وإن طالبت ساعة التسليم بسعر أكبر سيكون تأثير ذلك سلبيًّا.
أيضًا، بتلك الطريقة يمكنك أن تسلّمه أكثر مما وعدته به، فلو أنك وقت التنفيذ وجدت أن تكلفة السعر الفعلي ٩١ سيكون العميل راضيًا أكثر لأنه وفر ٩ جنيهات.
بالإضافة لذلك، تلك الطريقة ستسمح لك أن تقدم شيئًا إضافيًّا للعميل بدون أن تتقاضى منه أجرًا.
مثلًا لو أنك وجدت في أثناء إصلاحك للسيارة أن مسّاحات الزجاج الأمامي تحتاج إلى تغيير، ثمنها ٧ جنيهات وثمن إصلاح القطعة الأساسية للمشكلة ٩١ جنيهًا. عندما يستلم العميل الفاتورة ٩٨ جنيهًا، شاملة تصليح العيب الأساسي وبالإضافة لذلك أخذ شيء إضافي وهو إصلاح المساحة المكسورة بدون أن يدفع أي مبلغ إضافي بذلك سيكون راضيًا جدًّا.
كيف تقدم خدمة جيدة كل مرة؟!
تتعلق القاعدة الثالثة بتقديم خدمة جيدة في كل مرة. الناس عندما تفكر في خدمة العملاء، يرون فقط في الأمور السطحية، مثل أنك كبائع يجب أن تقول للعميل من فضلك وشكرًا وتبتسم وهكذا؛ هذا مجرد جانب صغير من خدمة العملاء. اللطف والابتسامة هو مجرد الزينة التي توضع فوق الكعكة، لكن الكعكة نفسها يجب أن تكون موجودة.. تلك الكعكة هي النظام.
حتى تقوم بخدمة عملاء جيدة يجب أن يكون النظام الخاص يراعي أمرين:
- ضمان القيام بالخدمة بشكل صحيح.
- معالجة الأمور بشكل سليم عندما يحدث خطأ عند تأدية الخدمة.
وجود ذلك سيسمح لك بأن تقدم خدمة جيدة.
"ماكدونالدز" مثلًا حتى تضمن لنفسها تقديم خدمة بشكل صحيح، قامت ببناء نظام يضمن قيامها بالخدمة بشكل مناسب كل مرة. كرّست الوقت في الاهتمام ومراقبة ودراسة عمل منتج مثالي بدءًا من دراسة حامضية التربة التي تُزرع فيها البطاطس وتخزينها إلى درجة حرارة الزيت الذي تُقلى فيه. كتبت المعايير والمواصفات القياسية الخاصة بكل عملية بدقة، وألزمت نفسها بكل معيار في كل عملية كل مرة.
بذلك منعت أي انحراف يمكن أن يقلل الجودة.
إن كنت ترغب في تقديم خدمة عملاء بشكل مثالي عليك أن تبدأ بالنظام ومعاييره.
- ابنِ لنفسك نظامَ عملٍ، واكتب معايير مثالية لتتبعها في كل مرة لأنها ستضمن لك جودة الخدمة.
- ابحث عن المواقف التي يمكن أن يحدث فيها انحرافات وفكر كيف يمكنك أن تزيلها.
الاستعارة
تتعلق القاعدة الرابعة بتطوير الأنظمة أيضًا، وهي الاستعارة. الاستعارة طريقة مختصرة لتحسين أي نظام.
هل عليك أن تعيد اختراع العجلة؟ وتحل المشكلة بنفسك طالما أن هناك شخصًا آخر حلها؟! استفد مما وصل إليه الآخرون.
لو نجحت فكرة في مكان ما، فمن المؤكد أنها ستنجح في مكان آخر إذا طُبقت بذكاء لأن الناس هم نفس الناس.
أنت مثلًا تفكر في اختيار بلاط مناسب للمكان الخاص بك، تريد بلاطًا يتحمل الأوزان وشكله جميل، فلماذا عليك أن تدرس بنفسك وتجد المناسب، اذهب وأحضر البلاط الموجود نفسه في صالات ماكدونالدز مثلًا. استعر منهم المنتج الذي يستخدمونه؛ فهم بالتأكيد قد قاموا بزيارة كل مصانع البلاط في العالم وقيّموا المنتجات وتدارسوا وتناقشوا حتى استخلصوا أفضل نوع مناسب، قاموا بنفس ما تريد أنت القيام به.
عندما تواجه مشكلة أو ترغب في تحسين النظام الخاص بك، لا تُضِع الوقت في التفكير في حلول بنفسك. ابحث عن الحلول التي قام الآخرون باستخلاصها، خذ المنتج، مع مراعاة أنه ليس شرطًا أن يكون نفس مجالك، في الحقيقة يمكنك البحث في أماكن ليس لها علاقة بعملك. المطاعم، الفنادق، الملاهي، الحدائق، المتاحف. ركز وراقب الكيفية التي يقدمون خدماتهم بها، طريقة الإنارة، الموسيقى... استعر الأفكار التي تخدم عملك.
عندما يحدث خطأ ما
تتعلق القاعدة الخامسة بمواجهة الأخطاء.
عليك أن تنظر للخطأ على أنه أمر جلل، حدث مهم، سواء أكانت المشكلة صغيرة أم كبيرة بالنسبة لك؛ فهي قضية مهمة بالنسبة للعميل.
أنت مثلًا لو تملك محلًا لبيع بناطيل الجينز.
الطبيعي أنه من بين كل ١٠٠٠ قطعة ستجد ٣ أو ٤ قطع بها عيوب.
هذا العيب من وجهه نظرك ليس مشكلة كبيرة، وليس شيئًا مهمًّا، فأنت لا يزال لديك ٩٩٦ بنطالًا سليمًا.
أما بالنسبة للعميل فهو لم يشترِ ١٠٠٠ بنطال بل اشترى بنطالًا واحدًا، وشاءت الصدف أن يكون به عيب.
نسبة الخطأ عنده ١٠٠٪ وليس مثلك ٠.٤٪. انظر للأمور من منظور العميل، فهو لا يرى الأمور من منظورك.
ماذا عليك أن تفعل في حال وقع خطأ؟
من المفترض عليك أن تعتذر وتحل المشكلة.
أول شيء يريد العميل سماعه هو أن نعتذر له بإخلاص عن الخطأ، إذ عادة ما يكون الاعتذار الشفوي كافيًا، ولكن ماذا لو كانت القضية كبيرة؟!
- عندها يجب كتابة رسالة أو الاتصال هاتفيًّا. وعادة ما يكون الشخص الذي على علاقة مع العميل هو المسؤول عن الاتصال.
- أما في حالات الأخطاء الكبيرة فيجب على المدير شخصيًّا الاتصال والاعتذار.
بعد الاعتذار يجب أن تأخذ مشكلة العميل الأولوية في الحل، بدون انتظار، حتى وإن كان هناك ضغط في العمل يجب أن تكون مشكلته في أول ترتيب قائمة المهام.
العميل على حق أغلب الوقت
تقول القاعدة السادسة إن العميل محقٌ في معظم الأوقات.
الأمر يختلف اعتمادًا على مدى عدالة القضية بينك وبينه، ولكن هذا في حدود رقم مالي معين. يعني:
- لو أن المبلغ محل النزاع كبير فالموضوع هنا يعتمد على الحقوق والعدالة.
- أما لو مبلغ المال صغير فالعميل دائمًا على حق بغض النظر عن العدالة.
باختصار عليك ألا تجادل العميل عندما يكون المبلغ تافهًا.
أنت مثلًا تصلح السيارات، وعميل يدّعي بأنه نسيَ المضرب الخاص به وفقده عندما كانت سيارته موجودة عندك، بالرغم من أنه توقف في خمسة أماكن أخرى واحتمالية أن يكون فقدها هناك أكبر ولكن ما عليك فعله في هذه الحالة هي ألا تجادله.
اشترِ له واحدًا بدلًا من المفقود، طالما أن قيمة التعويض مبلغ قليل. دع العميل يكون على حق دائمًا.
مجاملة العميل طريقة مريحة ومربحة على المدى الطويل.
لا تدخل نفسك في محاولة معرفة الكذب أو الحقوق والعدالة، طالما أن الموضوع غير مكلف، حتى لا تخسره كعميل.
قارن ذلك مثلًا بأن تشتري له مضربًا جديدًا كتعويض مقابل الذي ضاع وأنه بعد فترة اكتشف بأنه- لم يفقده- كان قد نسيه تحت السرير. أنت هنا قد كسبت عميلًا مدى الحياة!
النظرة تلك بعيدة المدى، ولكن كما قلنا سابقًا هي تعمل فقط ضمن مبلغ مالي معين.
فرضًا، أن عميلًا قد اشترى قطعة غالية وعاد بعد شهرين يريد إرجاعها بدون سبب.
هنا لا يشترط أن يكون العميل محقًا، فنعود للقانون الأصلي الخاص بالعدالة والحقوق.
هل ما يقوم به هو حق من حقوقه؟ إن كان الجواب لا، قل له لقد قمنا بالصفقة معًا وأنت اشتريت تلك القطعة وسنتمسك بجانبنا من الصفقة، للأسف لا يمكننا تحقيق ما تريد.
الموظفون
تتعلق القاعدة رقم سبعة بالموظفين.
عليك أن تعلم بأن العميل يقيّم الخدمة
- بجودة المنتج نفسه.
- وأيضا يقيّمها بالطريقة التي يعامله بها الناس الذين يقدمونها.
فلو أن أمين الصندوق مثلًا كان جافًّا مع العميل والبائع غير متعاون، فهناك احتمالية كبيرة أن يعتقد العميل بأنه تلقَّى خدمة سيئة، حتى لو كان المنتج نفسه جيدًا.
لذلك من المهم أن تحافظ على نفسية الفريق الخاص، وتتأكد دائمًا بأنها عالية. لا يكفي أن تتوقع منهم أن يؤدوا العمل بأفضل ما يمكن أو أن يحبوا المكان لمجرد بأنك تدفع لهم مرتبًا.
فلو أنك أحضرت مجموعة عشوائية من الناس يعملون بأماكن مختلفة، وسألتهم لماذا تحبون وظيفتكم؟
ستجد بأن الإجابات كلها لا تشير إلى الراتب في المقام الأول، دائمًا مناخ العمل هو ما يأتي في المقام الأول.
لذلك، كما توجّه طاقتك للعملاء وجهها أيضًا للفريق.
- كما تشكر عملاءك على التعامل معك، أشكر فريقك علي قيامهم بعمل جيد وتعامل معهم بلطف
هناك أيضًا نقطة مهمة، اجعل مصالح الموظفين ومصالح الشركة متماثلة. يمكنك القيام بذلك بأن تشاركهم معك في الربح. اجعل جزءًا إضافيًّا من أجرهم بناء على العمولات. (العمولات تعدُّ مشاركة في الأرباح).
ذلك سيدفع العامل لأخذ المسؤولية الكاملة عن عمله. سيشعر بأنه مقاول مستقل وليس مجرد موظف.
- أيضًا، راقب الإنجازات وكافئ عليها، ذلك سيشجع المنافسة. الناس يحبون التنافس سواء كان عمرهم ستة سنوات أم ستين.
أبقِ عملاءك أحياء
القاعدة الثامنة – عامل عميلك بأفضل طريقة ممكنة.
حتى تحفز نفسك على التصرف بالطريقة تلك وتتأكد أنك تتعامل مع كل عميل بأفضل طريقة ممكنة، لا تنظر للعميل على أنه سيشتري منك لمرة واحدة.
تخيل أن عميلين أتيا إليك:
- واحد منهما سيشتري بنطال بقيمة ٢٠٠ جنيه.
- وآخر سيشتري منك بضاعة بقيمة ٢٠٠ ألف جنيه.
بدون وعي، ستجد نفسك تولي العميل الثاني اهتمامًا كبيرًا!
أريد منك أن تعامل العميل الأول بالطريقة نفسها. كي تفعل ذلك انظر له بالطريقة نفسها التي تنظر بها للعميل الثاني.
العميل الأول سيشتري منك بضاعة بقيمة العميل الثاني نفسها إن أصبح عميلًا مدى الحياة عندك.
عندما تتعامل مع عميل لا تفكر في حجم العملية الحالية، بل فكر في حجم العمليات التي ستحدث في المستقبل. إن قمت بذلك ستجد نفسك تعتني به جدًّا بطريقة ستجعله عمليك بصورة دائمة.
كقائد لا بدَّ لك من أهداف حقيقية
القاعدة التاسعة – هي عنك أنت – كقائد.
بالطبع كل ما تحققه أي مؤسسة يكون مجهود فريق وليس مجهود شخص واحد، ولكن وجود الرأس في أي مكان يحدث فارقًا في تحديد الاتجاه التي تسير بها الأمور.
فهو يعدُّ قدوة وكل من يعمل يراقبه، لذلك يجب أن يتّسق كلامه مع أفعاله، فلو أنه يكرر ترديد الأهداف ويكتفي بذلك ولا تظهر أفعاله إيمانه بها، فلن يلتزم بها أحد.
- لو أنك تقول لهم من المفترض أن نعامل العملاء باهتمام، وبعد ذلك يكتشفون بأنك أهملت أحد العملاء ولم تكترث له؛ فسينتهي بتلك اللحظة اهتمامهم الحقيقي بالعملاء.
- ولو أنك تخبرهم بأن هذه المؤسسة هي بيتنا وثم يجدونك غير مهتم بها ولا تتعامل معها على أنها بيتك عندها لن يتصرفوا على أنها بيتهم أيضًا.
قيم الشركات تُأسس بالفعل وليس بالكلام؛ لذلك طبق أنت الشعارات التي تنادي بها أولًا..