كتاب الفوز مع الناس

Book-Cover

كتاب الفوز مع الناس (المؤلف: جون ماكسويل)

كان هناك رجل عجوز يجلس عند مدخل مدينة، مرَّ بجانبه شابان. سألاه عن حال الناس في المدينة قبل أن يدخلاها حتى يعرفا أفضل طريقة للتعامل معهم، فما كان جواب العجوز إلا أن سألهما عن حال الناس في الأماكن التي أتيا منها.

  • الشاب الأول سيقول: "إن الناس في المدينة التي أتى منها كانوا سيئين وليسوا أهل للثقة"؛ فسيرد عليه العجوز: "الناس هنا أيضًا في غاية السوء، وليسوا أهل للثقة". 
  • الشاب الثاني سيقول له: "الناس في مدينتي كانوا أناسًا طيبين، وكرماء لأبعد حد ومخلصين"؛ فسيرد عليه العجوز: "هنا أيضًا الناس طيبون وكرماء". 

يوجد لدينا ٨ مبادئ للتعامل مع الناس، أولها هو:

مبدأ العدسة

الذي ينص على أن الأشياء المحيطة بنا ليست هي التي تحدد ما نراه، بل ما بداخلنا هو الذي يحدد ما نراه. 

إطارك المرجعي، افتراضاتك وتوقعاتك هي التي تشكِّل طريقة رؤيتك لكل شيء، بما فيها رؤيتك للناس. 

لو أن حياتك مليئة بالأشخاص الأغبياء، قد تكون المشكلة فيك أنت وليس في الناس. 

توقف عن لوم الناس وانظر لنفسك، في كثير من الأحيان تكون أفكارك وتصوراتك هي أكبر العقبات التي تواجهك في التعامل مع الآخرين. هذه النقطة هي التي تحتاج أن تصلحها وليس أن تصلح الناس كما كنت تعتقد. 

مبدأ الارتداد

المبدأ الثاني للتعامل مع الناس هو مبدأ الارتداد. "أنت عندما تساعد الآخرين فبذلك تساعد نفسك". 

هناك ثلاثة أنواع من الناس: 

  • الآخذون: وهؤلاء يكون كل تركيزهم حول أنفسهم ولا يحاولون فعل أي شيء للآخرين. 
  • التجار: الذين يرون العلاقات مثل المقايضات التجارية؛ فهم مستعدون للعطاء، لكن دافعهم الأساسي ليس مساعدة الآخرين إنما مكسبهم الخاص.
  • المستثمرون: وهؤلاء يركزون على الناس ويحاولون جعل كل شخص يتعامل معهم ليكون نسخة أفضل؛ فهم يمنحون بدون أن يفكروا في المقابل. لو عُرِض عليهم شيء ما في المقابل يأخذونه، ولكن بدون أن تكون نيتهم المتاجرة في البداية. 

أنت عندما تقدم شيئًا بدون توقع مقابل، ستستفيد عاطفيًّا وروحيًّا. 

في كل مرة تتغلب فيها على ميلك للجشع وتكون أقل أنانية وأكثر صبرًا، أنت بذلك تنمي شخصيتك وتبني لنفسك شخصية سليمة قوية ستمكنك من التعامل مع الحياة بشكل أفضل. 

إضافة إلى أنك عندما تنظر للأمور بأنانية ومن منظور مصلحتك الشخصية فلن يساعدك سوى شخص واحد (أنت)، بينما مساعدتك لعشرة أشخاص، ستمنحك عشرة أشخاص مستعدين لمساعدتك. 

مبدأ الألم

ستجد من حولك كثيرًا من الناس المتألمين، الذين يتميزون بصفتين: 

  •  كثيرًا ما يجرحون الآخرين. 
  • وكثيرًا ما يجرحهم الآخرون. 

تخيل شخصًا دخل بإصبعه شوكة، والشوكة جعلت إصبعه يتورّم. عندما يأتي شخص ويلمس إصبعه لمسة خفيفة ستجد صاحب المشكلة يصرخ ويقول له: لقد آلمتني، وسببت لي الكثير من الوجع!! بالرغم من أن اللمسة كانت عادية. (المشكلة في المكان المتورم).

الشخص المتألم عاطفيًّا حاله يشبه ذلك الوضع، فهو يستجيب بصورة مبالغ فيها كرد فعل لأي تصرف يبدو عاديًّا.

عندما تتعامل مع شخص متألم عاطفيًّا لا تزد الجرح سوءًا. كن مدركًا للوضع الذي يمر به هذا الشخص، لا ترد على هجومه بهجوم مضاد، ولا تأخذ الأمور بشكل شخصي.

انظر لما وراء الموقف، اسمُ فوق الهياج العاطفي، وحاول أن ترى السبب الحقيقي وراء رد فعله، لو فعلت ذلك ستكون أكثر تعاطفًا معه وهذا سيجعلك تتواصل معه بشكل أفضل.

مبدأ المطرقة

المبدأ الرابع للتعامل مع الناس هو مبدأ المطرقة. 

الكثير من الناس يستخدمون المطرقة طوال الوقت. حتى عندما لا يكون الموقف مستدعيًا لذلك. 

لكي تمنع نفسك من استخدام المطرقة هناك أربعة أمور عليك مراعاتها:

  • الحرارة

اجعل رد فعلك وخصوصًا السلبي بدون حرارة عاطفية، فعندما تثور الأعصاب، يميل الناس لاستخدام العنف أكثر مما يتطلبه الموقف، وهذا سيسبب المتاعب لأن حجم المشكلة غالبًا ما يتغير بناء على كيفية التعامل معها بوجه عام. 

  • التوقيت

أيضًا، عليك أن تراعي التوقيت المناسب. سوء التوقيت عادة ما يكون السبب وراءه هو الأنانية. 

هل تعاملت سابقًا مع أطفال صغار؟ عادة ما يكون توقيتهم سيئًا، ودائمًا يريدون ما يرغبون فيه دون مراعاة أي اعتبارات أخرى، لأنهم أنانيون وكل تركيزهم يكون حول ذواتهم فلا يفكرون إلا في أنفسهم.

انضج وكن مسؤولًا، ولا تجعل كل تركيزك حول نفسك وقاوم إحساسك بأنك محور الكون. 

  • انسَ الماضي

من المهم أن تنسى الماضي. اسأل نفسك هل رد فعلك المبالغ فيه يمثل جزءًا من المشكلة أم أنه جزء من الماضي؟

عندما تكون استجابتك كبيرة أكبر من المشكلة نفسها؛ فهذا يعني أن الاستجابة متعلقة بشيء آخر! 

  • لا تسمح للموقف أبدًا بأن يصبح أكثر أهمية من العلاقة

أخيرًا، تذكر بألا تسمح أبدًا للموقف بأن يكون أكثر أهمية من العلاقة، وانظر له دائمًا بحجمه الطبيعي.

مبدأ الموقف

في الأوقات الصعبة ما الذي يكون أكثر أهمية بالنسبة لك الموقف أم العلاقة؟ 

لو أن ابنك مثلًا عاد إلى البيت وحصل على درجة سيئة في الامتحان، أو أن صديقك نسي أمرًا مهمًّا بالنسبة لك عن غير قصد، هل تستطيع أن تنظر للموقف بحجمه الطبيعي مقارنة بعلاقتك بهم؟ هل تنظر للصورة الكبيرة بجانب الصورة السيئة أم أنك لا تستطيع فعل ذلك؟ 

مهما بلغ مدى السوء، دائمًا الناس والعلاقات أكثر أهمية من المواقف. 

أغلب المواقف التي تحولها لمواقف حياة أو موت هي في الحقيقة لا تستحق الحجم الذي تعطيه لها!

اختر معاركك بعناية! لو جعلت من كل مسألة قضية تستحق الشجار، سيجعلك ذلك تدخل في الكثير من المشادات، ولن تتمكن من تطوير أي علاقة صحية مع أي أحد.

مبدأ المواجهة

المبدأ السادس هو مبدأ المواجهة. 

الصراع أمر لا مفر منه في التعامل مع الناس، بالرغم من ذلك تجد أن الناس يتعاملون معه بطريقة غير ناضجة. 

  • في الصراع، ستجد من يريد أن يفوز بأي ثمن. 
  • وستجد من يتظاهر بعدم وجود صراع أساسًا.
  • وستجد من يشتكي من الصراع ويلعب دور الضحية. 
  • ومن يسجل النقاط طول الوقت ويحتفظ بالأخطاء، ليستفيد منها في المساوامات لاحقًا. 
  • ومن يخاف من الصراع نفسه ويرفع الراية البيضاء ويستسلم. 

كل الاستراتيجيات تلك لن تساعد على تسوية أي صراع بشكل صحيح.

كيف تتعامل مع الصراع؟

  • واجه الشخص الآخر فقط إذا كنت تهتم به

يجب أن تكون مهتمًّا! عندها ستكون فرصة انتهاء المواجهة بشكل إيجابي أكبر بكثير. عليك أن تدخل الصراع بعقلية المهتم بالطرف الآخر، وتحاول مساعدته مثلما أنك تحاول مساعدة نفسك. 

  • وضّح المشكلة

بعد ذلك عليك أن توضّح المشكلة. حاول تجنب الاستنتاجات والعبارات التي تصف دوافع الطرف الآخر، لأن ذلك سيتحول لمهاجمة ونحن لا نريد أي سخونة عاطفية. 

  • شجّع الطرف الآخر على الاستجابة

أيضًا لا تواجه أي شخص بدون السماح له بالرد. امنح للطرف الآخر فرصة كي يرد، هذا سيمنحه الفرصة لكي يعالج المشكلة عاطفيًّا. 

عندما تواجه الناس سيكون لديهم ردود فعل عاطفية، عليك أن تشجعهم كي يخرِجُوا استجابتهم تلك وبصدق، ذلك أمر مهم لأنهم إن لم يعبّروا عن رأيهم لن يتمكّنوا للانتقال نحو إيجاد حل للمشكلة، وسيظل تركيزهم منصبًا على استجابتهم تلك وممكن أن ينحبسوا داخلها. 

مبدأ الانفتاح

 المبدأ السابع هو مبدأ الانفتاح.

هناك من يفوت فرصًا مناسبة كثيرة للارتباط بالناس وبناء علاقات أكثر عمقًا معهم؛ لأنهم لا يكونون منفتحين كفاية. 

حتى تكون منفتحًا أنت تحتاج إلى أربع صفات: 

  • ثبات المزاج

لو تعاملت سابقًا مع شخص متقلب المزاج فبالتأكيد أنت تعرف صعوبة التعامل معه. "الناس كلهم يتهرّبون منه ويتعاملون معه بأقل حجم ممكن". 

من الصعب الاقتراب منه والتعامل معه على عكس الشخص ذي المزاج الثابت، والمفهوم الذي يمكن التنبؤ بتصرفاته فهو يعطي إحساسًا بالارتياح في التعامل معه.

الأشخاص المنفتحون يكونون ثابتين عاطفيًّا، ولكن ذلك لا يعني بأنهم يتوقعون من الآخرين أن يكونوا نسخًا منهم. إن تمكنت من أن تكون ثابتًا انفعاليًّا؛ فالآخرون قد لا يستطيعون فعل ذلك. 

  • الحساسية تجاه مشاعر الناس

الصفة الثانية، هي أن تكون حساسًا تجاه مشاعر الناس، فتستطيع أن تنتبه لحالتهم المزاجية وتعدل بسهولة كيفية الارتباط بهم بناءً على تلك الحالة. 

  • فهم نقاط الضعف البشرية

أيضًا الأشخاص المنفتحون يفهمون نقاط الضعف البشرية لذلك هم لا يضخّمون المسائل بل يكونون متواضعين، ويطلبون السماح بسرعة عندما يُخطئون ويمنحونه بسرعة. 

  • الصدق

المنفتحون صادقون ولا يتظاهرون بأنهم أشخاص آخرون غير أنفسهم ولا يحاولون أن يخفوا الأشياء التي يفكرون بها؛ فهم يشعرون بالارتياح مع أنفسهم، وذلك يجعل الآخرين يشعرون بالارتياح معهم. 

مبدأ الصبر

 المبدأ الثامن للتعامل مع الناس هو مبدأ الصبر. 

هناك ثلاثة أمور متعلقة بالعلاقات والصبر عليك أن تعرفها:

  • أولًا بناء علاقات طيبة يحتاج إلى وقت. أي شيء له قيمة في الحياة يتطلب وقتًا لبنائه والوضع نفسه بالنسبة للعلاقات، فكن صبورًا.
  • أيضًا الأشخاص في حياتك الذين يكونون مصدر سعادتك، يمكن أن يكونوا أيضًا أعظم مشكلاتك. التعرّف على الناس صفقة شاملة لا يجوز أن تحصل على الأشياء الطيبة فقط وتترك السيئة. كل إنسان لديه مشكلاته الخاصة ومناطقه العمياء وعاداته السيئة. لذلك عليك أن تتقبل الناس على عيوبهم ونقائصهم كما يتقبلونك، وكي تفعل ذلك فأنت تحتاج إلى الصبر. 
  • الأمر الثالث هو أنه حتى في العلاقات المثالية الخالية من العيوب، تمر بأوقات صعبة، كل العلاقات تمر بأوقات صعبة، لذا عليك أن تصبر عليها حتى تحصل على العائد في النهاية.