كتاب قوة الفشل

كتاب قوة الفشل (المؤلف: شارلز مانز)
أنت- كالجميع- اعتدت وتربيت على طريقة معينة للوصول إلى النجاح. هذه الطريقة باختصار هي أن تعمل كي تصل لهدفك، وكي تقيّم عملك على أنه مثالي يجب أن يخلو من الأخطاء قدر الإمكان.
الطريقة تلك تقدّر النجاح أكثر من التعليم.
المنظور الذي يكره الفشل ويراه عكس النجاح هو منظور سيئ؛ لأن الحياة لا تسير بتلك الطريقة. فالفشل جزء طبيعي من الحياة وعلينا أن نتقبله ونعرف كيف نتعامل معه.
أنت لتتطور على المستوى الفردي تحتاج أن تتعلم مهارات جديدة، ولكي تتعلم مهارات جديدة تحتاج أن تدخل ميادين جديدة، وكي تدخل ميادين جديدة عليك أن تجرب، وعندما تجرب هناك احتمال أن تفشل.
النظر للفشل من منظور مختلف
لذلك عليك أن تغيّر تعريفك للفشل.
التعريف القديم ينص على أن الفشل نتيجة نهائية وسلبية وحتمية تشير إلى عدم القدرة على أداء المهام وعدم تحقيق النجاح.
نحتاج أن نبدله بالتعريف الجديد، الذي يقول إن الفشل هو نتيجة غير متوقعة وقصيرة المدى تعكس تحديًا مستمرًا، وتمثل فرصة لاكتساب المعرفة والتطور.
الاستفادة من الفشل
مثلًا أنت أطلقت منتجًا وهذا المنتج فشل، لو تركت الإخفاق الذي حدث يؤثر فيك ونظرت للفشل بمعتقداتك القديمة؛ فالسلبية والنقد الذاتي سيضعفان معنوياتك والنتيجة أنك لن تتعلم شيئًا، وبالتالي فلن تستفيد شيئًا.
انظر لفشل المنتج على أنه بسبب أن لديك فجوة بين الخيال والواقع (أنت توقعت أمرًا ما، وهذا الأمر عندما طبّقته لم يتحقق، إذًا لديك فجوة بين الخيال والواقع عليك أن تملأها بالتعليم). النظرة بتلك الطريقة ستجعلك منيعًا ضد الإحباط، وستُطلِق المشروع التالي بفرص فشل أقل.
أي إن التحدي يكون في التحكم في معتقداتنا عن الإخفاقات. ركز على التعليم من مواقف الفشل وستتقدم للأمام.
الصبر مفتاح النجاح
كي تتعلم عليك أن تفهم العلاقة بين الإخفاقات قصيرة المدى والنجاحات على المدى البعيد، العلاقة هي الصبر.
لن تستطيع أن تستغل قوة الفشل لصالحلك إن لم تتحلَ بالصبر.
أي منتج أو عمل أو هدف يمر بثلاث مراحل:
- الرؤية
- الصبر
- الناتج
الرؤية والناتج هما أسهل ما في الأمر فمدتهما قصيرة؛ لذلك نستطيع أن نقوم بهما بسهولة، لكن مرحلة الصبر هي المرحلة الصعبة.
كي تسد فجوة التخيل والواقع، عليك بالتعلم كما ذكرنا، ولكن كي تتعلم فأنت تحتاج إلى الصبر. هذا هو السر!
فكر بواقعية
عندما تفكر بهذه الطريقة ستحمي نفسك من العجز غير العقلاني الذي يؤثر فيك في كثير من الأوقات، ويمنعك من النمو.
فأنت مثلًا قد تتجنب التجارب الجديدة، (تجربة القيام بنشاط جديد مثل التزحلق على الجليد أو لعب الجولف مثلًا، وذلك لأنك تخاف من الفشل).
خوفك من الفشل يُدخلك في حالة التفكير المحدود الذي يمنعك من النمو والتطور.
عندما تواجه هذه الأفكار المضللة وتتجاهلها وتهتم فقط بالأفكار المنطقية ولا تتهرب من شكوك أو من مخاوفك وتواجها بصدق، بذلك تكون قد بدأت بداية صحيحة.
من جميع الزوايا
عندما تواجه فشلًا فعليًّا أو فشلًا على وشك الحدوث، انظر إليه من جميع الزوايا وتأكد من أن الوضع الحالي إن كان ينطوي على خسارة صغيرة؛ فإنك إن تعاملت معه بطريقة مناسبة ستحقق من ورائه نجاحًا على المدى البعيد.
هناك طريقة قديمة لتعليم السباحة، وهي أنك تلقي الطفل بالماء بعد تعليمه قليلًا عن أساسيات السباحة، ليعوم رغمًا عنه. هو من خلال الصراع من أجل أن يحافظ على رأسه فوق الماء، سيتمكن من تصور السباحة وتعلمها بمفرده.
الحكمة الخاصة نفسها بالعضلات.
العضلات لا تنمو إلا لو طُبِق عليها جهد يفوق مستواها المريح. نحن كبشر لا نتطور إلا عندما نواجه تحديات، ومن المهم أن تكون تلك التحديات صعبة.
تخيل لاعبَ جولف جديدًا، يلعب لأول مرة على أرض غير ممهدة بشكل جيد للعب. اللاعب لا يستطيع إحراز النقاط، وقام بالعديد من المحاولات الخاطئة، ولكنه بدلًا من أن ييأس بسبب ما حدث معه، نظر للموضوع من جميع الجوانب، وقال لنفسه: "أنا أعلم بأن البيئة صعبة وإنها متعبة لي ولكنها ستُعلِمني اللعب، وسأتعلم منها أفضل بكثير من أن أتدرب في بيئة سهلة". أكمل اللاعب المحاولات رغم فشله، وبعد مرور الوقت جعلت التحديات والصعوبات مستواه أفضل.
عندما تنظر للمواضيع من جميع الزوايا بتلك الطريقة ستتعمّد بنفسك أن تختار التحديات الجديدة والصعبة ولن تهرب منها.
قبول الفشل
كي تستخدم الفشل كوسيلة للتقدم على المدى البعيد، يجب عليك أن تواجه الإنكار.
فقد تنكر الفشل، وتنظر للموضوع بكبر (لا تتحمل مسؤولية أخطائك، وترمي اللوم على أشخاص آخرين).
لو تجاهلت مرحلة القَبول تلك، فشلك الذي نتحدث عنه على أنه مرحلة انتقالية سيصبح فشلًا حقيقيًّا، لأن القبول هو الذي من المفترض أن يجعلك تتعلم مما حدث.
في المرة المقبلة أقبل، بدلًا من أن تحاول اختلاق الأعذار أو أن تحاول إخفاء الفشل تحت السجادة وتدعي البراعة.
كي تتعلم القبول تحتاج إلى أمرين:
- أن تتحكم في نفسك.
- ويكون لديك ذكاء عاطفي.
التحكم بالنفس
بعد المحاولات التي لم تنجح وخصوصًا لو كانت محاولات مؤثرة فيك؛ فهناك احتمال أن تفقد القدرة على التحكم بنفسك. لن تفكر باتِّزان، وقد تكون في حالة غضب أو قلق أو خوف.
الانفعالات السلبية تلك تدفعك لتصرفات غير عقلانية كي تتجنب المسؤولية أو تتجنب المعاناة.
التحدي هو ألا تدع الانفعالات الداخلية تلك تؤثر فيك، انظر إليها بإعجاب وكأنك متفرج وليس مشاركًا، تعامل معها على أنها عواصف ستنتهي من تلقاء نفسها (إن لم تتصرف بطريقة تفاقمها).
انفعالاتك وحالاتك المزاجية تشبه تمامًا العواصف ولكنها داخلية. لو حدثت عاصفة رملية مثلًا، فما الذي ستفعله؟ لن تفعل شيئًا، بل ستجلس منتظرًا انتهاءها كي تكمل حياتك.
إن استطعت ألا تنغمس في عواطفك الداخلية وتعاملت معها بالاستراتيجية نفسها ستقدر على التحكم بنفسك بشكل أكبر وستتعامل مع الخسائر بطريقة مفيدة أكثر.
الذكاء العاطفي
أيضًا الذكاء العاطفي له دور كبير في التعامل مع الفشل، فكلما كان لديك ذكاء عاطفي أكثر تمكنت من رؤية الفرص وسط المحاولات الفاشلة، وستتمكن من أن تتعامل معها بشكل أفضل.
الذكاء العاطفي يقوم باختصار على أن تتعود على أن تميّز بين عاطفتك وبين الأحداث.
على سبيل المثال أنت تقدم عرضًا في العمل وشعرت بأنك فاشل لأنك لم تقدمه بشكل مثالي وتقول: أنا فاشل.
لو كنت تتمتع بذكاء عاطفي ستفصل بين مشاعرك التي تشعر بها وبين الحدث، وستتمكن من رؤية الموضوع من كل الاتجاهات المختلفة.
فستقول لنفسك: لا لست فاشلًا لأنه لم يكن لديَّ سوى يومين فقط للتحضير، وبالرغم من ذلك فقد جهّزت عرضًا جيدًا.
المشكلة فقط هي أنني خلطت بين نقطتين في بداية الشرح وهذا ما سبب لي الارتباك وجعل العرض ليس أفضل عرض ممكن، لو تدربت مدة أطول ما كنت أخطأت ذلك الخطأ في البداية، في العرض المقبل سأتدرب مدة أطول.
التحليل الداخلي بهذه الطريقة سيمكنك من التحكم بأفكارك ومشاعرك السلبية التي تنتابك بعد المشكلة مباشرة، وذلك سيجعلك تتصرف بطريقة بناءة بعد المشكلة وبطريقة بناءة في التعامل مع الفشل عمومًا، وذلك سيؤدي لمزيد من النجاح في المستقبل.