كتاب كيف تقول لا

Book-Cover

كتاب كيف تقول لا (المؤلف: سوزان نيومان)

هناك نوعية من الشخصيات حياتهم عبارة عن مجموعة من الورطات التي يوقعون أنفسهم فيها، فتجدهم دائمًا متورطين في القيام بأمور لا يرغبون فيها. هم لا يستطيعون قول كلمة "لا" عندما يطلب منهم أي شخص أي شيء، إن رفضوا سيشعرون بالذنب.

لو كانت تلك حياتك؛ فعندي لك ثلاث حقائق عن وضعك الحالي. 

أمرٌ مسلم به

إن كنت تقوم بذلك لكي ترضي الناس فأنت لن ترضيهم كما تعتقد. عندما تدمن الموافقة على كل شيء، فالناس سيعطونك أقل عرفان وأقل إشادة ممكنة؛ لأنهم يتوقعون منك دائمًا تلبية طلباتهم، ولأن ذلك أصبح بالنسبة لهم أمرًا مسلمًا به.

لا تَلُمِ الآخرين

أيضًا، عليك ألا تلوم الناس على ما أنت فيه وعلى إضاعتهم لوقتك! لأنك أنت الذي سمح لهم بذلك وأنت الذي وافقت! عليك أن تحمّل نفسك أنت فقط اللوم، أنت المسؤول عن المحافظة على وقتك.

قول "لا" مهارة مكتسبة

الحقيقة الثالثة، قول كلمة "لا" هو مهارة مكتسبة، لا أحد يولد بها. أنت تستطيع تعلمها بكل بساطة مثلما تعلّمها الآخرون، وهذا ما سنتعلمه اليوم من خلال مجموعة من الأمثلة المتكررة في الحياة اليومية.

ولكن قبل أن نبدأ، أود أن أنوه أنني لا أطلب منك أن تقول "لا"، وترفض مساعدة كل الناس بالمطلق، ولكنني أطلب منك أن تقول "لا" عندما لا يسمح وقتك بالمساعدة أو عندما يكون الأمر غير مناسب لك، أطلب منك أن تقول "لا" للناس الذين يحاولون جعل حياتهم أسهل على حساب حياتك.

الأمثلة

السيناريو

شخص يقول لك: اكتب لي الإيميل الفلاني؛ لأنني حاولت أكثر من مرة البارحة ولم أنجح. 

  • تحليل الحدث

أول أسلوب معنا هو أسلوب الاستجداء. صديقك هذا دائمًا ما يستخدم هذا الأسلوب ويورطك به؛ فبالطبع أنت لا تستطيع رفض طلب مساعدة شخص محتاج إليك، ولكن هذا رابع إيميل تكتبه له للسبب نفسه.

  • الرد

طالما أن الموضوع يتكرر بهذا الشكل، فهنا عليك أن ترفض، يمكنك أن تقول له مثلًا: سأشرح لك النقاط الأساسية التي ستساعدك على الكتابة، وتتركه ليكتب الإيميل بنفسه.

السيناريو

شخص آخر يقول لك: هل يمكنك مساعدتي في تصليح المكتب؛ لأنك أنت أفضل شخص يستطيع تصليح الأشياء؟!

  • تحليل الحدث

الأسلوب الثاني، هو المديح والإطراء. المديح من أكبر نقاط الضعف التي تدفع الناس لقبول أي طلب يُطلَب منهم.

 احذر من لقب الخبير، ومن غرورك الشخصي.

  • الرد

أنت لست مطالبًا برد الجميل مقابل الكلام الجميل، المديح يرد عليه بمديح مماثل أو بالشكر، لا أكثر.

فتقول مثلًا: شكرًا على مجاملتك اللطيفة، ولكنك أنت أيضًا كُفء لذلك، إنك ستستطيع إصلاحه بطريقة أفضل مني، في الحقيقة أنا لا يناسبني أن أقوم بهذه المهمة في الوقت الحالي.

السيناريو

شخص ثالث، يبدأ معك الحديث كالآتي: أشعر بالخجل أن أطلب منك أن تذهب معي للمكان الفلاني لأنني أحتاج كذا…

  • تحليل الحدث

أولًا لو أنه يخجل فعلًا منك لما طلب عشرين خدمة، ولكن كل ما في الأمر أن هذه هي طريقته في الطلب كي لا ترفض.

أنت معتاد على مساعدة أي شخص يطلب منك المساعدة، تلك فكرة مترسخة في ذهنك وهو يستغلها لصالحه. بفرض أنك اليوم لديك أعمال إضافية كثيرة وما يطلبه منك غير مناسب أبدًا لك، ما الذي ستفعله؟

  • الرد

قل له: كنت أتمنى لو أنني أستطيع مساعدتك، ولكن اليوم غير مناسب، أعتذر!

ولكي تحمي نفسك من الظهور بمظهر الشخص عديم المراعاة، استخدم نبرة تنم عن تعاطفك عند رفضك لطلبه.

السيناريو 

يقول شخص آخر لك: لقد نسيت عمل الشيء الفلاني… بعد الاتفاق على تقسيم المهام فيما بينكما، هو نسي القيام بالقسم الخاص به أو تأخر بالتنفيذ ويطلب منك أن تقوم به نيابة عنه.

  • تحليل الحدث

صديقك أو زميلك غير المنظم يطلب منك أن تتحمل مسؤولية عدم تنظيمه، وهو يفعل ذلك دائمًا.

  • الرد

من المفترض ألا تقبل تحمل مسؤولية أخطائه طالما أنه يقوم بهذا القدر من الأخطاء قل له: لا أستطيع لدي مهام أخرى!

السيناريو

شخص آخر لديه مشكلة شخصية أخبرك عنها أربعين مرة، ودائمًا يخبرك بكل المصائب التي تحدث له.

  • تحليل الحدث

هو حياته متوازنة فيها الجيد والسيئ، ولكنه دائما يصدّر لك السيئ فقط، يجعل مزاجك سيئًا ويضيع وقتك بقصصه المحزنة.

  • الرد

أظهر له تعاطفك وقل له أنا أعلم أنك تتألم، ولكن ترديد المشكلة على مسامعي لن يجدي نفعًا، أنا لا يمكنني أن أفعل شيئًا حيال ما حدث!

السيناريو

وأيضًا من تقول لكِ مثلًا دعينا نذهب للمركز التجاري يوم السبت.

  • تحليل الحدث

هي صديقتك وأنتِ تحبينها ولكنكِ لا تحبين أسلوبها في التسوق! أنت- طبيعتكِ- تشترين مباشرة ما تحتاجين إليه وتعرفينه سابقًا، أما هي فتمسك كل قطعة حرفيًّا في المحل وتقيسها وتفكر إن كانت تناسبها أم لا، وفي النهاية لا تشتري شيئًا!

  • الرد

تجنبي الأمور التي تضايقكِ، أنتِ لستِ مطالبة بتحمل هذا الملل، أخبريها الحقيقة: ليس من الجيد أن نذهب للتسوق معًا، لأننا مختلفتان في هذا الموضوع.

السيناريو

هناك أيضًا من يقول: هل يمكنني أن أستعير سيارتك؟

  • تحليل الحدث

صديقك قد يكون في حاجة إلى سيارتك، ولكن لأي مدى هو يقوم بإزعاجك بطلبه أن يستعيرها منك

لو كان الطلب متكررًا؛ فقبل أن توافق أجب عن الأسئلة الآتية:

  • هل يعيد السيارة دائمًا وخزان البنزين ممتلئ كما أخذها؟
  • هل يعيدها نظيفة كما أخذها؟
  • هل الشخص الذي يستعير سيارتك يقدّر فعلًا الخدمة التي تسديها له؟

لو كانت الإجابة سلبية؛ فعليك التفكير مليًّا قبل الموافقة.

  • الرد

يمكن أن تقول له مثلًا: للأسف مبدئي هو أنني لا أُعِير سيارتي، أو: لا يمكنني الاستغناء عن السيارة في الوقت الحالي، أحتاجها.

السيناريو

هناك أيضًا، من يقول لك: سيتم افتتاح معرض الأعمال الفنية يوم الثلاثاء المقبل، ولقد حجزت لك تذكرة معي، سأقابلك هناك.

وأنت لو ذهبت يوم الثلاثاء ستضطر لإلغاء خطط أخرى.

  • تحليل الحدث

في حياتك ستجد أشخاصًا لا يخططون لحياتهم فقط، بل أيضًا يرون أنه من حقهم أن يخططوا لحياتنا بدون الرجوع إلينا، حان الوقت لكي تتحرر من هذا الأسر. 

  • الرد

يمكنك أن ترد عليه بأنك لن تستطيع الذهاب في ذلك الموعد لأنك مرتبط بموعد آخر، ونوّه له أنه في المرات المقبلة عليه أن يسألك قبل أن يفترض أنك ستكون غير مشغول، حتى لا تحدث هذه المشكلة ثانيةً.

السيناريو

هناك أيضًا صديقتك التي انتظرتها لمدة طويلة وهي الآن تتصل لتخبرك أن تنتظريها خمس دقائق أخرى!

  • تحليل الحدث

صديقتك تلك من النوع مدمن التأخير.

من المفترض أن يكون تسامحك في الوقت مع الأشخاص الذين يحترمون أهميته ويقدرونه. وهي ليست كذلك، هي ترى بأن وقتها أهم من وقتك ولا تقدّر وقتك بتاتًا. 

  • الرد

لا تسمحي للآخرين بأن يستهتروا بوقتك ويضيعوه أبدًا!

قولي لها لا يمكنني الانتظار أكثر من ذلك، وغادري!

السيناريو

أيضًا هناك عمتك التي تخبرك في كل مرة تلتقيان بها عن كيف أنها استطاعت إنقاص وزنها، ودائمًا تتحدث عن نظامها الغذائي وتحاول إقناعك به.

  • تحليل الحدث

الموضوع مزعج بالنسبة لك، ويحرجك لأن فيه لمزًا كثيرًا عن أن قوامك غير مناسب، وهي أيضًا تتعمّد فتح هذا الموضوع في المناسبات العامة أمام الناس!

  • الرد

قولي لها: مظهرك رائع يا عمتي، ولكنني لا أريد الحديث عن الأنظمة الغذائية، لا أجد أن الوقت مناسب لهكذا حديث!

دائمًا تجنبي الموضوعات التي تجعلكِ تشعرين بالضيق من خلال إعلان أنك لستِ مهتمة بها أو أن الوقت غير مناسب لكِ.

السيناريو

هناك أيضًا الشخص الذي يتصل بك في العمل ويسألك إن كان هذا الوقت مناسبًا للكلام؟

  • تحليل الحدث

وهو فعلًا لا يكون وقتًا مناسبًا ولكنك تشعر بأنك ستجرح مشاعره لو قلت الحقيقة، لذلك تقول لنفسك لا يهم وتجيب بأنه وقت مناسب بالطبع!

  • الرد

توقف عن ذلك الفعل، لو كان الوقت غير مناسب، قل له إنه غير مناسب، وأطلب منه معاودة الاتصال بك في وقت لاحق، أنت بذلك لن تجرح مشاعره.

السيناريو

هناك أيضًا مديرك الذي يقول لك لا تقفل هاتفك خارج أوقات العمل لأننا سنحتاج إليك.

  • تحليل الحدث

أنت لست طبيبًا ولا ضابطَ شرطةٍ ولا رجل إطفاء، أي إنك لا تعمل في خدمة يمكن أن يحدث بها طوارئ أو أزمات، لذلك أيًّا كان المطلوب منك فهو يمكن تأجيله لوقت العمل الطبيعي.

  • الرد

عليك أن تضع حدًّا للوقت الذي تريد إعطاءه للعمل، مكالمات العمل خارج الوقت المخصص للعمل تعدُّ تدخّلًا سافرًا في خصوصيتك. دعه يعرف هذه الجزئية بطريقة مستساغة. 

السيناريو

وهناك أيضًا زميلك في العمل الذي يقول لك: أعرف أنك لا تحبذ القيام بما سأقوله ولكن هل يمكنك أن تساعدني في تفريغ الشريط الذي سجلناه البارحة؟

  • تحليل الحدث

عندما يقول لك الطرف المقابل لك إنه متفهم لشعورك بعدم رغبتك في القيام بأمر، فبذلك يكون قد جرّدك من كل طرق الدفاع والمقاومة التي يمكنك أن تستخدمها كي تقول لا.

فتقول لنفسك هو شخص متردد بأن يطلب! كم هو شخص لطيف فتوافق رغمًا عنك.

  • الرد

انتبه من هذه الطريقة التي يتبعها في كل مرة، طالما أنها مهمته، وأنت مشغول قل له ذلك ولا تورط نفسك.

السيناريو

هناك العميل الذي يتصل بك قائلًا: لقد تغيّرت ظروفنا، أرسل لنا البضاعة هذه الليلة، يجب أن أُسلّمها في الصباح، ولن أقبل منكم أي أعذار.

  • تحليل الحدث

العميل يتّبع هذا الأسلوب منذ أول يوم تعاملت فيه معه، هو دائمًا يضغط عليك لكي يحقق أحلامه. من المفترض أن تتوقف قليلًا، وتفكر هل المال الذي تحصل عليه منه يستحق كل هذه المعاناة التي يجعلك تعيشها؟ ربما يكون من الأفضل الاكتفاء بالعملاء المريحين الذين يتعاملون بشكل لائق.

  • الرد

يمكنك أن تقول له: هذا الموعد غير مناسب معنا، وأنا كنت قد أخبرتك سابقًا أننا نحتاج إلى أسبوع كي نجهز لك البضاعة.

غالبًا ما يستخدم هذا العميل أساليب التهديد والتخويف ولكنه لا يطبقها. بتعاملك الحازم ستدفعه لتعديل أسلوبه والالتزام بالاتفاق، أو أن يلغي الصفقة، وأحيانًا يكون التخلص منه أفضل.

تقوية حدودك

وقبل أن نختم هناك بعض الأمور التي نحتاج أن نتحدث عنها:

  • أولًا، ليس من الجيد أن تكذب، وأن تغلف "لا" التي ستقولها بكذبة وأعذار غير حقيقية. قد تحمي نفسك بذلك من الغيظ الذي ستشعر به عندما تتحمل أمورًا فوق طاقتك أو تُستنزَفك، ولكنك ستستبدل ذلك بشعور الذنب بسبب الكذب، وهذا أمر لا نريد أن نصل إليه طبعًا.
  •  بصورة عامة لو أنك معتاد أن تقبل كل شيء، اجعل إجابتك الافتراضية على أي أمر، وأول كلمة تستحضرها في ذهنك هي "لا" حتى قبل أن تفكر في الأمر إن كان مناسبًا لك أم لا، قل "لا" ثم فكر في الخيارات المتاحة.
  • لا تصعّب الموضوع على نفسك، أول عملية رفض هي فقط التي تكون صعبة، وقد تشعر بعدها بالذنب، ولكن بعد ذلك سيكون الموضوع أسهل.
  • أيضًا لا تقلق من عواقب الرفض لو أحسنت التعامل مع الموقف لن يكون هناك أي عواقب سيئة، ومعظم الناس سيتفهّم ظروفك ويسامحك، أما بالنسبة للأشخاص غير المتسامحين فأنت لا تحتاج إليهم في حياتك.