كتاب إدارة الأولويات

Book-Cover

كتاب إدارة الأولويات (المؤلف: ستيفن كوفي)

هناك حكاية كانت منتشرة بشكل واسع تقريبًا في المنتديات قديمًا، عن مجموعة رجال أعمال من أمريكا وصلوا إلى جزيرة بعيدة ووجدوا عليها رجلًا يعيش في كوخ. استقبلهم الرجل وأحسن إكرامهم فأرادوا شكره؛ عرضوا عليه أن يجدوا له عملًا في المدينة لكي يحصل على مال كثير يكفيه عندما يكبر، مما سيمكنه من التقاعد وشراء منزل في مكان هادئ ليقضي بقية حياته بسلام.

لكن الرجل ردّ عليهم قائلا: أنا بالفعل لدي عمل ومنزل هادئ، لماذا أترك هذا العمل وأبحث عن عمل آخر. أليس من الغرابة العمل مدة عشرين عامًا من العمر حتى أستطيع الرجوع للمكان نفسه الذي أعيش فيه؟!

السرعة والكفاءة

في الوقت الحالي أصبحنا نقيّم النجاح بناءً على السرعة والكفاءة، طريقة تقييمنا تلك تجعلنا نهتم بالوقت ونعطيه أولوية كبيرة، نعتقد أن الوقت له التأثير الحقيقي والأكبر، فنرى أن الجزء الأكبر الذي يمنعنا من تغيير حياتنا للأفضل هو عدم توفر الوقت الكافي لتعلم لغة جديدة أو الاهتمام بالأشياء المهمة بالنسبة لنا، ولكن الحقيقة هي أننا لو وجدنا طريقة ما لزيادة ساعات اليوم من 24 ساعة إلى 30 ساعة فسيبقى يومنا مزدحمًا، ولن نستطيع أن نفعل كل ما نريده أو ما نخطط له.

الوقت ليس هو المؤثر الأكبر كما نعتقد، كل ما في الأمر أنه علينا إيجاد الأشياء المهمة على مدى اليوم، وإعطاؤها الأولوية للتنفيذ.

المشكلة تكمن في عدم إدراكنا للأمور المهمة سوى في وقت متأخر.

مثال:

شاب تخرج في كلية الهندسة، وحصل على عقد عمل في شركة مرموقة في بلد آخر، أثبت كفاءته مع الوقت واعتلى مناصب في الشركة وأصبحت أحواله رائعة، ولكن حدثت له مفاجأة جعلته نادمًا فيما بعد! إذ اكتشف أن عائلته تفككت بغيابه وأنه لا يملك أي أصدقاء، بالرغم من نجاحه في حياته العملية فإنه على صعيد حياته الاجتماعية لم ينجح، فبالرغم من أنه كان سعيدًا بالسرعة والكفاءة التي كان يسير بها فإنه لم يصل إلى النهاية التي كان يتمناها.

لماذا يقع بعض الناس في مثل هذه المشكلة؟!

لأنهم مدمنو طوارئ! هناك فرق بين الشخص السليم والشخص المدمن!

  • الشخص السليم: يقيّم الأمور على حسب الأهمية ويرتب أولوياته. 
  • الشخص المدمن: لا يستطيع تقييم الأمور بحسب أهميتها بل يتعامل مع الأمور المفاجئة والطارئة بأهمية مبالغ فيها.

مثال:

أنت وعدت أبناءك بالذهاب في نزهة، أو وعدت عائلتك بالخروج معًا لتناول العشاء عندهم، أو تخطط للذهاب إلى النادي الرياضي، وقبل أن تبدأ في أي من الأمور السابقة وجدت مديرك يتصل بك ليخبرك بموعد عشاء عمل مفاجئ، ماذا ستفعل؟؟

سوف تأجل المهمة الأولى ليوم آخر لأنها بعيدة عن الضغط ولم تأتِ بصورة مفاجئة، بعكس المهمة الأخيرة التي ظهرت بصورة مفاجئة ومعها إلزام. 

أنت أجلت المهم لصالح الطارئ؛ إذا لاحظت ستجد يومك كله مليئًا بالطوارئ، وأحيانًا قد تكون ما هي إلا أمور تافهة جدًّا مثل: هاتف المنزل الذي لا يتوقف عن الرنين ويجعلنا غارقين طوال اليوم في المهام العاجلة، ويدفعنا لتأجيل أمور مهمة مرة تلو الأخرى، وفي آخر الأمر نجد بأننا لا نملك الوقت الكافي لفعل أي شيء مهم.

مثال آخر:

أنت لديك إناء بداخله صخور كبيرة وبعض الرمال وأنا طلبت منك أن تملأ هذا الإناء بأفضل طريقة ممكنة. (الصخور الكبيرة تمثل الأشياء المهمة – الرمال تمثل الأشياء العاجلة).

إذا بدأت بالرمال وملأت يومك بالأشياء العاجلة لن يكون هناك مكان للصخور الكبيرة، ولكنك لو بدأت بالصخور الكبيرة أي الأشياء المهمة سيكون بين الصخور فراغات تملأ بها الرمال، بذلك تكون قد استثمرت وقتك بأفضل طريقة ممكنة.

إن لم تلتزم بهذا الترتيب ستجد نفسك تقدم تنازلات على حساب الأشياء المهمة؛ لذلك انتبه للطوارئ لأنها لن تنتهي، ستملأ يومك ولن يكون لديك الوقت للقيام بأشيائك.

اعرف كيف تميز بين الأشياء المهمة والأشياء العاجلة.

كيف تعزز معرفة الأولويات في حياتك:

أولًا عليك أن تعرف أنه لكل منا أربعة احتياجات أساسية، وهي:

  • احتياجات جسدية
  • احتياجات عقلية
  • احتياجات اجتماعية
  • احتياجات روحية

 التوازن مهم، ليس جيدًا أن تشبع احتياجًا على حساب احتياج آخر، ليس جيدًا أن تكون حياتك كلها موجهة ناحية احتياج واحد، وتتجاهل الاحتياجات الأخرى.

إن أمعنت النظر ستجد بأن كل فرد منا يقوم بأكثر من دور في حياته، فهذا الشخص هو طبيب، وهو فرد في عائلة، وصديق لأحدهم، ويحب لعب الشطرنج والسفر.

  • الاحتياج الجسدي: كونه يعمل طبيبًا فهو يتقاضى أجرًا "مرتب" ينفقه على المأكل والملبس. فيلبي الاحتياج الجسدي لديه.
  • الاحتياج الاجتماعي: لديه أشخاص يسألون عنه ويهتمون به وهو أيضًا كذلك، فهو بذلك يلبي الاحتياج الاجتماعي.
  • الاحتياج العقلي: يتعلم في مجاله ويطور حياته، بذلك يلبي الاحتياج العقلي لديه.
  • الاحتياج الروحي: يتمثل في علاقته بالله ورسالته في الحياة، وذلك يلبي الاحتياج الروحي لديه.

لكي نشعر بالرضا نحتاج إلى التوازن بين الأدوار الأربعة السابقة، وأن نعطي كل احتياج التعامل المناسب؛ أي حجمه الطبيعي.